تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 29 من 29

الموضوع: تحت العشرين

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    تحت العشرين - 1168
    الفرقان



    الأُخوَّة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان
    الأُخوة الإيمانية من أوثق عُرى الإيمان، وتحقيقها عبادة من أعظم العبادات، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه -؛ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ؛ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ» صحيح - رواه أبو داود. فدل على أنَّ مَنْ لم يُحِب لله، ويُبْغِض لله، لم يستكمل الإيمان.
    وقد كَثُرَ التعبير عن المسلم بالأخ في القرآن الكريم، وفي سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى إنَّ الله -تعالى- سمَّى وَلِيَّ القتيل أخًا للقاتل، فقال -سبحانه-: { فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ } (البقرة: 178)، وسمَّى أهلَ الجنة إخوانًا، فقال: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } (الحجر: 47). وقال -تعالى-: { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } (الحجرات: 12)، ويقول النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
    لذلك فإنَّ أعظمَ رابطة تَجْمَعُ الناسَ هي رابطة الدِّين، ليس بين المسلمين فحسب، بل بين كُلِّ قومٍ يجمعهم دين واحد، ولكنَّ المسلمين يمتازون عن غيرهم بأنهم على الحق، وأنهم على صراطٍ مستقيمٍ من الله -تعالى-، والمؤمنون إخوةٌ في جميع الأزمان من أوَّلِ الخليقة إلى آخرها، كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَ ا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (الحشر: 10)، وهم إِخوةٌ في جميع أقطار الأرض، وإنْ تباعدت ديارهم، يدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض، ويُحِبُّ بعضهم بعضًا، ويُعِينُ بعضهم بعضًا على البِرِّ والتقوى، وينصح بعضهم بعضا، ويحترم بعضهم حقوقَ بعض؛ لأنَّ اللهَ رَبَطَ بينهم برابطة الإيمان.
    الأصل في الأُخُوَّة الإيمانية
    قال الله -تعالى- {)قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون} (يوسف 69)، وقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ والمؤمنُ أخو المؤمنِ يَكفُّ عنهُ ضيعتَه ويحوطُه من ورائِهِ»، فالأصل في الأخوة الإيمانية أن يُذهِب الأخ عن أخيه البؤس والحزن، ويبعث في نفسه الطمأنينة بالود والقرب منه، ويعينه على طاعة الله، وما أجمل الحياة حين تضيق بك الدنيا فتجد فيها أخاً عزيزاً أو صديقاً حميماً يشاركك أحزانك و يُواسيك في همومك! وأجمل من ذلك حين يُقاسمك، الشراكة في العمل الصالح! {اشدد بهِ أزري وأشركهُ في أمري كي نُسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا}؛ فالتعاون على البر والتقوى والإعانة على الطاعة والتذكير بالله أجمل معاني الأخوة.
    من صور
    الأخوة عند السلف
    كان السلف مثالاً وقدوة لغيرهم في الأخوة والحب في الله والتعاون على التقوى، ومن هذه النماذج: في كتاب الزهد لأحمد بن حنبل، أن عمر - رضي الله عنه - كان يذكر الأخ من إخوانه بالليل، فيقول: «ما أطولها من ليلة!»؛ فإذا صلى الغداة غدا إليه، فإذا لقيه، التزمه أو اعتنقه.
    مقتضيات الأخوة الإيمانية
    قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: الأخوة الإيمانية التي رتبها الله -تعالى- في القرآن، ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - في السنة يجب أن يكون لها مقتضاها، وهو النصيحة التامة لإخوانك المؤمنين، والقيام بحقوقهم، وأن يكون الأخ المؤمن لك كأنه أخوك من النسب، ولقد بيّن النبي - صلى الله عليه وسلم -، حقوق المسلم على أخيه. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
    من حقوق الأخوة الإيمانية
    قال الشيخ صالح الفوزان: من حقوق الأخوة الإيمانية والإسلامية، التعاون بين المسلمين على البر والتقوى، والتعاون على تحصيل مصالحهم ودفع المضار عنهم، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).
    واجبات الأخوة في الله
    من حقوق الأخوة الإيمانية ما يلي:
    • إعانة أخيك في قضاء الحوائج: قال رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ».
    • زيارة أخيك ولا سيما عند المرض: «كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل على مَن يعودُه قال: لا بأسَ، طَهُورٌ إنْ شاءَ اللهُ».
    • إهداء النصيحة لأخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا: لِمَنْ؟ قالَ: لِلَّهِ ولِكِتابِهِ ولِرَسولِهِ ولأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعامَّتِهِمْ».
    • حفظ عرض أخيك: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ»، التماس الأعذار؛ فالتماس الأعذار للإخوان من أفضل الأمور التي يمكن أن يفعلها الإنسان، فكما يقول الناس: التمس لأخيك سبعين عذراً.
    مَثَلُ الأخوة في الله
    قال ابن تيمية -رحمه الله-: مثل الأخوة في الله، كمثل اليد والعين، إذا دمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها .

    كيف تعرف ود أخيك؟
    - سئل حكيم: كيف تعرف ود أخيك؟
    فقال: يحمل همي، ويسأل عني، ويسد خللي، ويغفر زللي، ويذكرني بربي .
    فقيل له: وكيف تكافئه؟
    قال: أدعو له بظهر الغيب .

    من قصص الصالحين
    - جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له، فخرج إليه فقال: ما جاء بك؟
    قال: عليّ أربعمائة درهم، فدخل الدار فوزنها، ثم خرج فأعطاه، ثم عاد إلى الدار باكيا، فقالت زوجته: هلا تعللت عليه، إذا كان إعطاؤه يشق عليك؟
    فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله، فاحتاجَ أن يقول ذلك.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1169

    الفرقان



    اغتنم خمسًا قبل خمس
    عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يَعِظُه-: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».
    هنا يُوصينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوصية من أعظم الوصايا، ويحضُّنا أشدَّ الحضِّ، ويدعونا إلى اغتنام الفرص في زمن المهلة، ويخبرنا أنَّ مَن فرَّطَ في ذلك قد يأتي زمان يتمنَّاه، وقد حيل بينه وبينه، فبعد كل شباب هَرَم، وبعد كل صحة سَقَم، وبعد كل غِنى فقر، وبعد كل فراغ شغل، وبعد كل حياة موت، فمن فرَّط في العمل أيام الشباب لم يدركه في أيام الهَرَمِ، ومَن فرَّط فيه في أوقات الصحة لم يدركه في أوقات السقم، ومَن فرَّط فيه في حالة الغِنى لم يدركه في حالة الفقر، ومَن فرَّط فيه في ساعة الفراغ لم يدركه عند مجيء الشواغل، ومَن فرَّط في العمل في زمن الحياة لم يدركه بعد حيلولة الممات، وعنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ»؛ رواه البخاري، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزول قَدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسألَ عن عُمُرِه فيمَ أفناهُ، وعن عِلْمِه فيمَ فَعَلَ، وعن مالِه مِن أينَ اكتَسَبَه، وفيمَ أنفَقَه، وعن جِسْمِه فيمَ أبْلاه».
    لذا كان لزامًا على كل شابٍّ أن يغتنم هذه الخمس، وأن يعتبر بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تذهب هذه الخمس، وقبل أن يأتي يوم يتمنَّى فيه الإنسان أن يقدم لنفسه ما يحب من خير وبِرٍّ وصدقة وتطوُّع، وما يرفع منزلته في الدنيا والآخرة فلا يستطيع.
    الآ داب الشرعية السامية
    التحلي بالآداب الشرعية السامية، والأخلاق النبوية العالية، التي تجمل شخصيتك، وتكسبها التميزَ والتفرد، كالاتصاف بالصدق في الأقوال والأفعال، الذي هو مناط الصلاح، ومآبُ الفلاح، فقد ذكر ربُّنا -عز وجل- في كتابه الحكيم: مُدخَل الصدق، ومُخرَج الصدق، ولسان الصدق، وقَدَمَ الصدق، ومَقعد الصدق، وكأنَّ الصدق يحيط بالمؤمن من كلِّ جانب، فلا مكان للكذب في حياته، ولا موطنَ للتحايل في سلوكه، وقد حثَّ رسولنا - صلى الله عليه وسلم - على ضرورة التنزه عن الكذب وقال: «اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ»، بل جعل الكذب اضطرابًا في الشخصية، ومَجلَبةً للحزن والقلق، فقال: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ»؛ وجعل جزاء المترفع عن الكذب بيتًا في وسط الجنة، فقال: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ».

    الرجوع إلى الحق
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:

    كثيرٌ من الناس ينتصر لنفسه، فإذا قال قولًا، لا يمكن أن يتزحزح عنه، ولو رأى الصواب في خلافه، ولكن هذا خلاف العقل وخلاف الشرع، والواجب أن يرجع الإنسان للحقِّ حيثما وجده، حتى لو خالف قولَه فليرجع إليه، فإن هذا أعزُّ له عند الله، وأعز له عند الناس، وأسلَمُ لذِمَّتِه وأبرأُ ولا يضره، فلا تظنَّ أنك إذا رجعت عن قولك إلى الصواب أن ذلك يضع منزلتك عند الناس؛ بل هذا يرفع منزلتك، ويعرف الناس أنك لا تتبع إلا الحقَّ، أما الذي يعاند ويبقى على ما هو عليه ويرُدُّ الحق، فهذا متكبِّر، والعياذ بالله.
    مواقف مشرقة لشباب
    الصحابة في تحمل المسؤولية
    تميَّز شباب صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحمل المسؤولية، والأعباء، وبتقلد الأمور، وهم في السن المبكرة؛ لأن هذه النفوس الوثابة، كانت تريد فعلاً نصرة الله ورسوله، كانوا يريدون عز الإسلام، وطاعة الرحمن، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأحدهم: «يا زيد، تعلم لي كتاب يهود؛ فإني والله ما آمن يهود على كتابي»، قال زيد: «فتعلمت كتابهم، ما مرت بي خمس عشرة ليلة حتى حذقته، وكنت أقرأ له كتبهم إذا كتبوا إليه، وأجيب عنه إذا كتب»، فهذا تعلم لغة بأكملها، تعلم لغة في خمسة عشر يوماً لحاجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحاجة الإسلام، وهكذا استمرت معه هذه الخصلة ليقال له بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا زيد» لكن القائل أبو بكر هذه المرة، «إنك رجل شاب عاقل، ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتتبع القرآن فاجمعه»، وهكذا يقول زيد، وهو يشعر بثقل هذه المهمة، والعبء الذي كُلفه: «فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن…، فقمت، فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع، والأكتاف والعُسب، وصدور الرجال»، وهكذا كُلِّف زيد - رضي الله عنه - رئاسة اللجنة التي شُكِّلت من الصديق والفاروق لجمع القرآن الكريم، فأيُّ مهمة تلك التي قام بها ذلك الشاب! نفعت أجيال الأمة إلى أن تقوم الساعة، وكانت من أسباب حفظ الله لكتابه.
    عظم أمنيات الصحابة
    شباب الصحابة كانت أمنياتهم تدل على ما فيه نفوسهم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لشاب صغير من الصحابة، وهو ربيعة بن كعب الأسلمي: «سل» اطلب ما تريد، فقلت: أسألك مرافقة في الجنة، قال: «أو غير ذلك؟» قلت: هو ذاك، قال: «فأعني على نفسك بكثرة السجود».
    فساد الخلق

    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: كل من يعبد غير الله خُلقه من أفسد الأخلاق، فأين الخُلق في رجل خلقه الله، وأمدَّه بالرزق، وتفضل عليه بالنعمة، وأمده بالعطاء والصحة والعافية، ثم يلجأ إلى غير الله، ويصرف العبادة لغيره ؟! ولهذا فإن فساد الخُلق ملازم للشرك؛ فكل مشرك فاسد الخلق؛ لأن شركه جزء من فساد الأخلاق، بل هو أشنع ما يكون في فساد الأخلاق، فلا يُغتر ببعض المعاملة الحسنة التي يكون عليها بعض الكفار؛ لأنها لمصالح دنيوية ومقاصد آنيَّة، لا يرجون عليها شيئًا عند الله وثوابًا يوم لقاه -سبحانه وتعالى.

    الشباب هو فترة عمرك الذهبية
    الشباب هو فترة عمرك الذهبية التي لا تعوضها فترة، كنت طفلاً لا تستطيع أن تقوم فتمشي، ثم قمت لكن لتحبو، ثم سرت لكن لتسقط، ثم أصبحت فتى تسير تهد الأرض، تسرع في مناكبها، وتمشي في طرقها، وتصنع وتصنع، لكن لا تنس أن لك مثل الأولى، ستعود إن أذن الله شيخاً كبيراً هرماً لا تستطيع الركض، بل لا تمشي إلا على عكاز، ثم قد تعود بعدها لا تمشي إلا حبواً، ثم قد تصير بعد ذلك لا تستطيع الحراك، وقد ترهّلت عضلاتك، وضعفت قوتك، وذهب سمعك وبصرك، تذكّر أخي الشاب أن الشباب وقت البناء الحقيقي، وقتٌ تستغله في طاعة الله، ووقتٌ تستثمره في عبادة الله، وأفضل سنين عمرك، فلا تُضيع الشباب.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1170
    الفرقان


    رمضان فرصة للشباب
    أخي الشاب، إن تجار الدنيا لا يألون جهدًا، ولا يدّخرون وسعًا في اغتنام أي فرصة، وسلوك أيِّ سبيل يدرُّ عليهم الربح الكثير، والمكسب الوفير، فلماذا لا تتاجر مع الله؟ فتسابق إلى الطاعات والأعمال الصالحات، لتفوز بالربح الوفير والثواب الجزيل منه -سبحانه وتعالى-، فرمضان من أعظم الفرص التي يجب أن يشمر لها المشمرون، ويعد لها عُدَّتها المتقون، فهو شهر مغفرة الذنوب، والفوز بالجنة، والعتق من النيران، لمن سلم قلبه، واستقامت جوارحه، ولم يُضَيع وقته فيما يضرّ أو فيما لا يفيد.
    فتأمل - أخي الشاب - في الذين أدركهم الموتُ قبل دخول شهر رمضان، فقد انقطعت أعمالهم وطُويت صحائفهم، فلا يستطيعون اكتساب حسنة واحدة، ولا فعل معروف وإن كان يسيرًا، أما أنت فقد مدَّ الله في عمرك حتى أدركت هذا الشهر العظيم، وهيَّأك لاكتساب هذا الثواب وتلك الأجور، وهذا -والله- نعمة كبرى ينبغي شكرها، والثناء على الله -تعالى- بإسدائها.
    واعلم -أخي الحبيب-، أنك إذا قضيت نهار رمضان في النوم، وليله في السهر واللعب، حُرمت أجر الصيام والقيام، وخرجت من الشهر صفر اليدين، فهي -والله- أيام معدودة، وليال مشهودة، ما تُهل علينا إلا وقد آذنت بانصرام، فاجتهد فيها -رحمك الله- بالطاعة والعبادة تفز باللذة والنعيم غدًا، وإياك أن يدركك الشهر وأنت في غفلة، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له».
    فمتى إذًا؟
    عن جابر بن سمرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ؛ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ»، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمِّن على دعاء جبريل على من أدرك رمضان ولم يُغفر له، ولا عجب في هذا فرمضان فرصة ثمينة، فيها الرحمة والمغفرة، ودواعيها متيسرة، والأعوان عليها كثيرون، وعوامل الفساد محدودة، ومردة الشياطين مصفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النيران مغلقة، فمن لم تنله الرحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذًا؟!
    نسمات رمضان
    ها هو ذا شهر رمضان يطرق عليك الباب، فأعد ترتيب نفسك، ولملم بقاياك المبعثرة واقترب من أحلامك البعيدة، واكتشف مواطن الخير في داخلك، واهزم نفسك الأمارة بالسوء، وقل لها بقوة: سأكون من الفائزين هذا العام -إن شاء الله.
    ليكن شعارنا: رمضان أولاً
    أقبل علينا شهر الخيرات والبركات، فليكن شعارنا من الآن، رمضان أولاً.
    - رمضان أولاً: فإن أبواب الجنة تفتح في رمضان، وتغلق أبواب الجحيم؛ فكيف تضيع الفرصة؟
    - رمضان أولاً: فالشياطين مُصفَّدة في رمضان؛ فلا حجة لك.
    - رمضان أولاً: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: خاب وخسر، خاب وخسر، خاب وخسر، من أدرك رمضان ولم يغفر له، فلننتبه من اليوم، ولنتخلص من قيود المعاصي، ولنقبل بقلوبنا على نسائم الخيرات
    ركائز نجاح اليوم الرمضاني

    من ركائز نجاح اليوم الرمضاني: أداء الصلاة في جماعة وإدراك تكبيرة الإحرام وأداء السنن وإدراك الحجة والعمرة بالجلوس لذكر الله بعد صلاة الفجر إلى الشروق ثم صلاة الضحى والحفاظ على أذكار الصباح والمساء والدعاء قبل الإفطار وأداء صلاة التراويح بخشوع ومصحفك لا يفارق جيبك وتأخير السحور إلى ما قبل الفجر، والحرص على الدعاء في وقت السحر.
    شرف عبادة الصيام
    أضاف الله -عزوجل- كل أعمال ابن آدم إلى ابن آدم، وشرَّف عبادة الصيام بأن أضافها إلى نفسه الشريفة؛ فقال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فكل عمل من الأعمال له ثواب محدد، أما الصيام فالله -تعالى- يتكفل بتحديد أجره.
    كيف يفلح من لا يصلي؟
    سيبقى في دائرة الفشل، من لم يجعل الصلاة في دائرة اهتمامه؛ فالصلاة دائمًا مقرونة بالفلاح، فكيف يفلح من لا يصلي؟!
    من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم
    كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشجع الناس، وكان أحلم الناس، وكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، ما سُئل شيئًا إلا أعطاه، وكان لا ينتقم لنفسه ولا يغضب لها إلا أن تُنتهك حرمات الله، والقريب والبعيد والقوي والضعيف عنده في الحق واحد، وكان يأكل ما وجد ويلبس ما وجد، وكان أشد الناس تواضعًا، وكان يرقع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويعود المرضى، وكان يكثر الذكر ويقلل اللغو، وكان أكثر الناس تبسمًا، وكان يمزح ولا يقول إلا حقا، وكان يقبل معذرة المعتذر إليه - صلى الله عليه وسلم .
    إني صائم
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ -أي وقاية-، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ؛ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ»، وسُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، يَرْضَى لِرِضَاهُ وَيَسْخَطُ لِسَخَطِهِ»، وعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ؛ فَمَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ، وَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَهُ، وَلاَ لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ لِمَ تَرَكْتَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشريت – 1171
    الفرقان





    نصيحة بمناسبة شهر رمضان
    قال سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله-: نصيحتي للمسلمين جميعًا أن يتقوا الله -جل وعلا-، وأن يستقبلوا شهرهم العظيم بتوبة صادقة من جميع الذنوب، وأن يتفقهوا في دينهم وأن يتعلموا أحكام صومهم وأحكام قيامهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين.

    سماحة الشيخ. عبدالعزيز بن باز - رحمه الله-
    ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وسلسلت الشياطين»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وصفدت الشياطين، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة»، وكان يقول - صلى الله عليه وسلم- للصحابة: «أتاكم شهر رمضان شهر بركة، يغشاكم الله فيه؛ فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء، فأروا الله من أنفسكم خيرًا؛ فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله»، ومعنى: «أروا الله من أنفسكم خيرًا»: يعني سارعوا إلى الخيرات وبادروا إلى الطاعات وابتعدوا عن السيئات، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: «يقول الله -جل وعلا-: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك».
    فالوصية لجميع المسلمين أن يتقوا الله، وأن يحفظوا صومهم، وأن يصونوه من جميع المعاصي، ويشرع لهم الاجتهاد في الخيرات والمسابقة إلى الطاعات من الصدقات والإكثار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والاستغفار؛ لأن هذا شهر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (البقرة:185).
    ثمرة الصيام الأساسية
    إنَّ ثمرة الصيام الأساسية، هي أن يكون حافزًا للصائم على تقوى الله -تعالى-، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183)، فالصيام مدرسةٌ عظيمة، فيها يكتسب الصائمون أخلاقًا جليلة، ويتخلَّصون من صفاتٍ ذميمة، يتعودون على اجتناب المحرمات، ويقلعون عن مقارفة المنكرات.
    من آداب الصيام

    (1) الإخلاص في الصيام
    ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه».
    (2) تبيِيت النية في صوم الفريضة
    عن حفصة -رضي الله عنها- قالت: «لا صيامَ لمَن لم يُجمِع قبل الفجر»، وورد أيضًا - بإسناد صحيح - عن ابن عمر -رضي الله عنهما- من قوله، ولا يُعرَف لهما مخالف من الصحابة.
    (3) تعجيل الفطر
    ففي الصحيحين عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر».
    (4) الفطر على رطبات
    قبل أداء صلاة المغرب
    عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يُفطر على رُطَبات قبل أن يُصلي، فإن لم تكن رُطَبات، فعلى تمرات، فإن لم تكُنْ حَسَا حَسَواتٍ مِن ماء.
    (5) ماذا يقول عند فطره؟
    عن ابن عمر - رضي الله عنه - ما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله».
    (6) قول الصائم إذا شُتم: إني صائم
    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله: كُل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقي ربه فرح بصومه».
    يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر

    الشيخ. عبدالرزاق عبدالمحسن البدر
    قال الشيخ عبد الرزاق عبد المحسن البدر: إنَّ داعي الله في كل ليلة من ليالي رمضان ينادي عباد الله الصائمين بهذين النداءين العظيمين، يعد حافزاً عظيماً ودافعاً قوياً للمسلمين إلى المنافسة في الخيرات والانكفاف عن الآثام والمحرمات، ونفوس الناس على قسمين: نفس تبغي الخير وتطلبه، فلها هذا النداء يا باغي الخير أقبل ، ونفس تبغي الشر وتطلبه، ولها هذا النداء يا باغي الشر أقصر، ثم إن أهل الإيمان وإن لم يسمعوا هذا النداء بآذانهم في ليالي رمضان المباركة، إلا أنهم من وقوعه على يقين؛ لأن المخبر لهم بذلك هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى -صلوات الله وسلامه عليه.
    تعلمت من رمضان
    إن أولى ما يعلِّمه الصوم للصائم في باب الصدق هو صدقه مع الله؛ إذ الصيام عملٌ سريٌّ بين العبد وربه، وبإمكان المرء أن يدعي الصيام، ثم يأكل خفيةً فيما بينه وبين نفسه. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «قال الله -عز وجل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به» (أخرجه البخاري: 1904، ومسلم: 1151). فجعل الله -سبحانه- الصوم له، والمعنى أن الصيام يختصه الله -سبحانه وتعالى- من بين سائر الأعمال؛ لأنه أعظم العبادات إطلاقًا؛ فإنه سرٌّ بين الإنسان وربه؛ فالإنسان لا يُعلم هل هو صائمٌ أم مفطرٌ؛ إذ نيته باطنة؛ فلذلك كان أعظم إخلاصًا.


    قيم وأخلاق رمضانية
    قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه» خرجه البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «الصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل إني صائم»، قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام، وقال جابر- رضي الله عنه -: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ولا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء».


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1172
    الفرقان




    أفضل عمل تقدمه في شهر رمضان
    أخي الشاب: لا شك أنك رأيت الناس وقد تبدلت أحوالهم في هذا الشهر، فالمساجد قد امتلأت بالمصلين، والتالين لكتاب الله، والأماكن المقدسة ازدحمت بالطائفين والعاكفين، والأموال تتدفق في مجالات الخير، فهذا يصلي، وهذا يتلو، والآخر ينفق، والرابع يدعو، فأين موقعك بين هؤلاء جميعاً؟
    ألم تبحث لك عن مكان داخل هذه الكوكبة المباركة؟ أليس أفضل عمل تقدمه، وخير إنجاز تحققه التوبة النصوح وإعلان السير مع قافلة الأخيار؟ فهل جعلت هذا الهدف نصب عينيك في رمضان وأنت قادر على ذلك بمشيئة الله؟
    ولقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه في يوم القيامة: «يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ»، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم: «شاب نشأ في طاعة الله -عز وجل» فلماذا لا تكون واحداً من هؤلاء؟ وما الذي يحول بينك وبين ذلك، فأعد الحسابات، وصحح الطريق، واجعل من الشهر الكريم فرصة للوصول إلى هذه المنزلة.
    صور مشرقة من حياة الصحابة
    في غزوة بدر يقول سعد بن أبي وقاص: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله يوم بدر يتوارى أي: يختبئ في الجيش، فقلت: ما لك يا أخي؟! قال: إني أخاف أن يراني رسول الله فيردني، وأنا أحب الخروج؛ لعل الله يرزقني الشهادة. يريد الشهادة! ماذا يفعل بعض الأبناء اليوم في هذه السن؟.
    قال سعد: فعرض عمير على رسول الله فرده لصغره، فلما رده بكى فأجازه، فكان سعد يقول: فكنت أعقد حمائل سيفه من صغره.
    طفل صغير تمنى الشهادة في سبيل الله بصدق فنالها، بل بكى خوفاً من أن يُحرم هذه الأمنية العظيمة، فما أسماها من أمنية! وما أروعها من صورة تعكس لنا بجلاء أي هم كانت تحمله تلك النفوس الطاهرة الزكية! أما بعض شباب اليوم فأعظم أمانيهم أن يفوز النادي الفلاني أو المنتخب، وعجبا حين ترى الدموع تذرف وتسكب من أجل ذلك! نسأل الله أن يصلح شباب المسلمين.
    نصيحة لرواد الإنترنت
    قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: معلوم أن الإنترنت فيه خير وفيه شر، والذي يبتغي فيه الخير يجده، في العلوم الشرعية، والعلوم النافعة، وفيه شرٌ محض وشرٌ كثير، فنصيحتي لإخواني: أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يعلموا أنهم إنما خلقوا لعبادة الله -عزوجل-، وأنهم إذا نزلوا بأنفسهم إلى ما يشبه الحيوانات، وهو إشباع الرغبات والشهوات فقد خسروا الدنيا والآخرة، والعياذ بالله، فعليهم أن يحفظوا دينهم، وأن يحفظوا أوقاتهم، وألا يضيعوا هذا العمر الثمين، فوالله لدقيقة واحدة أعز من ألف درهم، أرأيتم إذا حضر الموت لو قيل للإنسان: أعطنا كل الدنيا ونؤجلك دقيقة واحدة لقال: نعم. ولهذا قال الله -عز وجل-: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (المؤمنون:99-100).
    نبي الله موسى -عليه السلام
    الشاب القوي العفيف
    من القصص المؤثرة قصة نبي الله - موسى عليه السلام -، وكيف تصرف مع النساء العفيفات: {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ^ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}، رأى موسى -عليه السلام- فتاتين ترعيان الغنم، وقد وقفتا عند أغنامهما من بعيد تُبعدان الغنم عن الماء، والرجال يتزاحمون بأغنامهم عليه، تبتعدان عن الماء لا تدخلان وسط الرجال، فسقى لهما الغنم، وجلس في الظل يدعو الله أن يرزقه وينجِّيه.
    لقد كان -عليه السلام- طريداً ملاحَقاً، لا مأوى له ولا زوجة ولا عمل، ومع ذلك كان في شدة العفة والحياء والرجولة، وقام بسقاية الغنم عفيفاً مخلصاً، فأكرمه الله بزوجة هي ابنة نبي، وعملاً يعمله، ويجد - فوق هذا وذاك - السكن والعون عند شعيب -عليه السلام-، كل ذلك من خلال موقف واحد.
    ما يجب أن يعلمه الشاب
    اعلم أن الإيمان بالله -عز وجل- ليس اعتقاداً فقط أو قولاً فقط، إنما هو اعتقاد بالجنان، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان؛ فعليك بطاعة الرحمن وترك العصيان، فإنهما سبيلك إلى زيادة الإيمان، واعلم أن الله -عز وجل- خلقنا لعبادته وحده لا شريك له، كما قال -سبحانه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فعليك بإخلاص العبادة لله تعالى وحده، وإياك أن تصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله -سبحانه وتعالى.
    حِفـْظُ الْوَقْتِ فِي رَمَضَان
    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، قال -تعالى-: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (الفرقان:62). فينبغي على المسلم -ولاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم والوقت الثمين- أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة وعظة، فكم من رمضان تحريناه فدخل ومضى!.
    موقف شبابي إيجابي
    ما إن يحل شهر رمضان حتى ترى المساجد قد امتلأت بالشباب مقبلا على ربه متبتلا راكعا ساجدًا، شباب تنسم من روح الهداية وريحانها، بعدما غشيته نفحات رمضان شهر القرآن، وخففت من وطأة ثقل النفس أسرار الصيام، شباب عقد العزم على ختم القرآن، والحفاظ على الصلوات الخمس في المساجد، وحضور صلاة التراويح، والقيام في الثلث الأخير، والاجتهاد في الطاعات والقربات، والإحسان للفقراء والمحتاجين، والإفطار مع جموع الأخيار، شباب صحا في رمضان، وتطلع للاستقامة بعد رمضان، فرمضان لما بعده.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1173
    الفرقان




    أي الرجلين أنت في العشر الأواخر؟
    العشر الأواخر من رمضان هي خاتمة الشهر، وأفضل لياليه، وفيها ليلة القدر، وعمل المسلم في هذه الليالي دليل على مدى حرصه على اغتنام هذا الشهر.
    والسر في ذلك أنك أحد رجلين، إما رجل قد اغتنم الشهر من أوله بالمبادرة في الأعمال الصالحة، أو رجل قد فرط في ذلك كله، فإن كنت من النوع الأول -وأسأل الله أن نكون كلنا كذلك- فأنت بحاجة إلى الثبات على العمل الصالح حتى آخر لحظة من الشهر؛ لأن الأعمال بخواتيمها، وإن كنت من النوع الثاني، فأنت بحاجة إلى استدراك ما فاتك من العمل، وهذا لا يكون إلا بالاجتهاد في العشر الأواخر؛ لذا كان لزاما على المسلم أن يراعي في برنامجه في العشر الأواخر الإكثار من الطاعة وفق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث كان يعامل العشر الأواخر معاملة مختلفة عن الأيام التي سبقتها، فكان مع إكثاره من الطاعة طوال الشهر، إلا أنه إذا دخل العشر شمر عن ساعد الجد والاجتهاد ليجود خاتمته فيها، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله».
    خطورة الفتور عن الطاعات
    جاءت النصوص الشرعية تحث على المسارعة في الخيرات، قال -تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} (الحديد: 21)، وتحذر من الفتور عن الطاعات، قال -تعالى-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد: 16)، وقال ابن مسعود: «مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلاَمِنَا وَبَيْنَ أَنْ عَاتَبَنَا اللَّهُ بِهَذِهِ الآيَةِ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إِلاَّ أَرْبَعُ سِنِينَ» (صحيح مسلم: 3027)، وحذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتور عن الطاعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً، فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ، وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ؛ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ».

    يا غلام إني أعلمك كلمات
    عن عبدالله بن عباس بن عبدالمطلب -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوما، فقال: «يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف».
    هذا من الأحاديث العظيمة التي يجب على الشباب فهمها والعمل بها؛ فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله يحفظك»؛ أي: احفَظْ أوامره وامتثلها، وانتهِ عن نواهيه، يحفظك في تقلباتك ودنياك وآخرتك؛ وقيل: يحفظك في نفسك وأهلك، ودنياك ودِينك، ولا سيما عند الموت؛ إذ الجزاء من جنس العمل، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفظ الله تجده تجاهك»؛ أي: تجده أمامك؛ يدلك على كل خير، ويقربك إليه، ويهديك إليه، وأن تعمل بطاعته، ولا يراك في مخالفته، كما أنك تجده في الشدائد، و قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألت»؛ أي: أردت أن تسأل شيئًا، «فاسأل الله» إشارة إلى أن العبد لا ينبغي له أن يعلق سره بغير الله، بل يتوكل عليه في سائر أموره؛ لأنه القادر على الإعطاء والمنع، ودفع الضر وجلب النفع، أما من حيث سؤال الناس في الأمور التي يقدرون على تحقيقها من أمور الدنيا وحطامها، فوردت أحاديث كثيرة تذم المسألة في هذا، وترغِّبُ في التعفُّف.
    «وإذا استعنت»؛ أي: أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة، «فاستعن بالله»؛ فإنه المستعان، وعليه التكلان، بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يُعينك إذا شاء، وإذا أخلصت الاستعانة بالله وتوكلت عليه، أعانك وسددك.
    «واعلم أن الأمة»؛ أي: سائر المخلوقين «لو اجتمعت» كلها «على أن ينفعـوك بشيءٍ»؛ أي: على خير الدنيا والآخرة «لم ينفعوك» بشيء من الأشياء «إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك»؛ أي: أثبته في اللوح المحفوظ، «وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك» بالمعنى المتقدم، ويشهد بذلك قوله -تعالى-: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (يونس: 107).
    من فوائد الحديث
    على الشباب أن يتعلموا من الحديث أنَّ من حافظ على أوامر الله، حفظه الله في الدنيا والآخرة، وأن من امتثل أوامر الله أخرجه الله من الشدة، ووجوب الرضا بالقضاء والقدر والإيمان بهما، وأن بعد كل كرب فرَجًا، وبعد كل عسرٍ يسرًا، وأنه لن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له، ومن أراد أن يسأل فليسأل الله، وأنَّ الأعمال الصالحة ترفع البلاء، وأنَّ سؤال الخلق في الأصل محرم، لكنه أبيح للضرورة، والضرورة التي أبيحت لأجلها المسألة يوضِّحها حديث (قَبيصة)، وتركه توكلًا على الله أفضل.
    المسلم الملتزم بدين الله

    قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين -رحمه الله-: إن المسلم الملتزم بدين الله، الذي سار على صراط الله المستقيم، سيجد دعاة الضلال والانحراف، وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة، أما إذا لم يلتفت إليهم، بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف.


    خطر الركون إلى الأمل وترك العمل

    قال الشيخ عبدالكريم الخضير: قال -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (محمد:9)، فكراهية الله، أو ما جاء عن الله، أو كراهية الدين، أو كراهية الرسول، أو دين الرسول، أو كراهية بعض ما جاء عن الرسول، كل هذا منافٍ لكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله)، وقد يقول قائل: نرى كثيرًا من الناس يكره بعض الشعائر، أو بعض من يأمره بالشعائر، كمن يكره اللحية، ويتقزز من رؤيتها وحاملها، نقول: هذا على خطر عظيم؛ لأن هذه سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبعض الناس يكره الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ لأنهم يأمرونه بتطبيق دين الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهذا على خطر عظيم إذا كان يكرههم للأمر والنهي.


    احذر من تضييع نعم الله عليك!
    حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تضييع نعم الله في غير طاعته، وحذر من الغفلة عن المسارعة في الخيرات، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»، ومن الغبن ألا يقدّر الإنسان ما في يده ولا يعرف قيمته على الحقيقة.
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1174
    الفرقان








    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشباب

    سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- مع صغار الصحابة وشبابهم أعظم سيرة؛ فقد تواضَع - صلى الله عليه وسلم- لهم، وجالَسَهم وزارهم وعلَّمَهم ورفَع هِمَهُم، فخرج منهم أعظم جيل، فمن تواضعه - صلى الله عليه وسلم-: أنه إذا مر بصبيان سلَّم عليهم»(رواه مسلم).
    وكان شديد الحرص على تعليمهم، قال جندب بن عبد الله - رضي الله عنه -: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم- ونحن فتية حَزاوِرَة -أي: قارَبْنا البلوغَ- فتعلمنا الإيمانَ قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا»(رواه ابن ماجه).
    وكان يغرس العقيدة في نفوسهم، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: «*كُنْتُ *خَلْفَ *النَّبِيِّ *- صلى الله عليه وسلم- *يَوْمًا *فَقَالَ: «يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ» الحديثَ... (رواه الترمذي).
    وكان - صلى الله عليه وسلم- يتلطف معهم فأحيانا يأخذ بأيديهم، قال معاذ - رضي الله عنه -: «أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بيدي، فقال: «إِنِّي أُحِبُّكَ». قُلْتُ: *وَأَنَا *وَاللَّهِ *أُحِبُّكَ. *قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاتِكَ»؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»
    (رواه البخاري في الأدب المفرد).

    وكان - صلى الله عليه وسلم- يثني عليهم ويظهر مكانتهم، سمع قراءة سالم مولى أبي حذيفة - رضي الله عنه - وهو غلام صغير حسَن الصوت بالقرآن، فقال: « الحمد لله الذي جعل في أمتي مثل هذا»(رواه ابن ماجه)، ورأى من معاذ - رضي الله عنه - فقها فقال: «أعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل»(رواه أحمد).
    وفي مجلسه - صلى الله عليه وسلم- كان يُوقِّرهم ويُعلِي من شأنهم مع وجود كبار الصحابة، أوتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلامٌ وعن يساره أشياخٌ، فقال للغلام: «أتأذنَ لي أن أُعطِيَ هؤلاء؟ فقال الغلام: لا واللهِ، لا أؤثر بنصيبي منك أحدًا؛ فتَلَّه،أي: وضَعَه رسول الله - ر- في يده-» (متفق عليه).




    الاستمرار على الطاعة بعد رمضان

    عندما ذكر الله -تعالى- صفات المؤمنين لم يقيدها بوقت ولم يخصها بزمان؛ فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (سورة المؤمنون 1-2)، إنهم خاشعون دائماً، مُعْرِضُونَ عن اللَّغْوِ دائمًا وليس في رمضان فقط، هم باستمرار يفعلون ذلك وليس في رمضان فقط وهكذا في سائر صفات المؤمنين، والسبب أننا مطالبون بالعمل حتى الموت بأمر من الله -تعالى-، قال الله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (سورة الحجر 99)، واليقين هو الموت؛ لذلك أيها الشباب استقيموا على دينكم، واستمروا على طاعة ربكم؛ فليس للطاعة زمن محدود، ولا للعبادة أجل معين.




    الفائز الحقيقي

    يقول الناس لبعضهم بعضا في العيد من العبارات التي يقولها العامة: من العائدين، ومن الفائزين، هل تعلمون من هم الفائزون؟ قال الله -تعالى-: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (سورة آل عمران 185). وقال -تعالى-: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (سورة الحشر 20). وقال الله عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (سورة التوبة 100). هؤلاء هم الفائزون، فالفوز الحقيقي الفوز في الجنة.




    ما حالك بعد رمضان؟

    من كانت حاله بعد رمضان أحسن من حاله قبله، مقبلاً على الخير، حريصاً على الطاعة، مواظباً على الجمع والجماعات، مفارقاً للمعاصي والسيئات، فهذه أمارة قبول عمله إن شاء الله -تعالى-، ومن لم تكن حاله بعد رمضان فيها إقبال على الطاعة وترك المعاصي، فعليه أن يسارع إلى مرضات ربه -جل وعلا- وألا ينساق وراء الأهواء ووساوس الشياطين؛ فإن فعل فقد أنجى نفسه من المهالك في الدنيا، ومن غضب الله -تعالى- يوم القيامة.






    من مقاصد العيد العظيمة




    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: من مقاصد العيد العظيمة تقوية الأخوة الإيمانية، وتمتين الصِّلة الدينية، واطِّراح الإحن والخلافات، إنّه يوم الصَّفاء، يوم النَّقاء، يوم الإخاء، يوم الصِّلات، يوم السَّلام، يوم تبادل الدُّعاء؛ ففي غمرة فرحة العيد وبهجته وجماله، تذوب الخلافات، وتذهب الإحن، وتصفو النفوس، فواجب على كلِّ مسلم في هـذا اليوم المبارك أن يحرص أشدّ الحرص على أن يقوِّيَ صلته بإخوانه، مودّةً ومحبّةً ودعاءً واطّراحًا لما قد يكون بين المتآخين من شقاق وخلاف، وإذا لم يُطّرح الشِّقاق والخلاف في مثل هـذا اليوم المبارك فمتى يطّرح؟




    أعياد المسلمين المشروعة

    ينبغي أن يعلم المؤمن أنَّه ليس لنا إلا عيدان: عيد الفطر وعيد الأضحى، هذه أعياد المسلمين: فيها الاجتماع على صلاة وذكر، وعبادة لله -عزَّ وجلَّ-، أما الأعياد المستحدثة والمبتدعة فليس لها أصل في دين الله -عزَّ وجلَّ-، ولا يجوز إقرارها، ولا الدعوة إليها، ولا الرضا بها ولا المشاركة فيها.




    محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- واجبة على كل مسلم قطعًا، قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ…} (آل عمران: 31) وهذا من الأدلة العظيمة الشاهدة على وجوب محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لا نزاع في أن محبة الله واجبة، وأن اتباع النبي ومحبته طريق إلى محبة الله.






    أخطاء الشباب
    في الأعياد

    اعلم أخي الشاب أن العيد فرحة وسعادة وبهجة، ولكن يجب ألا تطغى هذه الفرحة على النفوس فتستغل العيد في الأمور المحظورة والممنوعة شرعًا، ومن تلك الأمور:
    - اختلاط الرجال بالنساء في المنتزهات والحدائق وأماكن الزيارات، مع ما يحصل في ذلك من الفتن التي لا يسلم منها من فعل ذلك، كالمصافحة التي لا تجوز بين الرجل الأجنبي والمرأة الأجنبية، وغير ذلك.
    - استقبال العيد بالغناء والرقص والمنكرات، بدعوى إظهار الفرح والسرور.
    - السهر ليلة العيد، مما يؤدي إلى تضييع صلاة الفجر والعيد معاً.
    - الإسراف والتبذير حتى لو كان في أمور مباحة.
    - المبالغة في الملبس والمأكل.
    - الغفلة عن الصلوات المفروضة في المسجد

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1175
    الفرقان



    موانع الثبات على الطاعات
    يلاحظ أَنَّ بعض الشباب ممن كانوا يحافظون على أنواع كثيرة من الطاعات في رمضان كالذكر والصدقة والإِكثار من النوافل وغيرها، يهملون هذه الطاعات بعد انقضاء الشهر ولا يثبتون عليها، وقد أمرنا الله بالثبات على الطاعات حتى الممات في قوله -تعالى-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (الحجر:99)، وهذا الثبات له موانع إِنْ تجنبها الإنسان ثبت على الطاعة بإذن الله.
    المانع الأول: طُولُ الْأَمَلِ
    من موانع الثبات على الطاعات طُولُ الْأَمَلِ، وهو الحرص على الدنيا والانكباب عليها، والحب لها والإعراض عن الآخرة، وقد حَذَّرنَا الله مِنْ هذا المرض في قوله: {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ} أَيِ طُولُ الْأَمَلِ، وبَيَّنَ -سبحانه- أَنَّهُ سبب قسوة القلب فقال: {وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحديد:16)، كما بَيَّنَ أَنَّهُ سبب الانشغال عن هدف الإنسان من الحياة فقال: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (الحجر:3).
    المانع الثاني: الابتعاد عن الأجواء الإيمانية
    مِنْ أصول العقيدة الإسلامية أَنَّ الإيمان يزيد وينقص، فيضعف ويضمحل إذا عَرَّضَ العَبْدُ نَفْسَهُ لأجواء المعاصي والذنوب، أو انشغل قلبه على الدوام بالدنيا وأهلها؛ لذا حَثَّ الشرع على مرافقة الصالحين وملازمتهم ليعتاد المسلم فعل الطاعات، وترك السيئات.
    المانع الثالث: الانشغال بالمباحات والتوسع فيها
    لا شك أَنَّ التوسع في المباحات من الطعام والشراب واللباس ونحوها والإسراف فيها سبب في التفريط في بعض الطاعات وعدم الثبات عليها، فهذا التوسع يورث الركون والنوم والراحة والدَّعَةَ، بل قد يَجُر إلى الوقوع في المكروهات، لِأَنَّ المباحات باب الشهوات، وليس للشهوات حَدٌّ؛ لذا أمر -سبحانه- بالأكل مِنْ الطَيِّبَاتِ ونهى عن الطغيان فيها قال -تعالى-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف:7).


    صلاح الشبابِ صلاحٌ للأمة
    لن تسعَدَ الأمةُ الإسلاميةُ ولن يحصُلَ لها عزٌّ وفلاح، وسُؤددٌ وشأنٌ إلا حينما يكونُ شبابُها كما كانوا في العهد الأول: صلاحٌ في الدين، وإعمارٌ للحياة، وجدٌّ في كل عملٍ مُثمِر وفعلٍ خيِّر، وإن الشبابَ المُسلم اليوم يجبُ عليه أن يكون كما كان أسلافه في الماضي كيِّسًا فطِنًا، فلا يستجيبُ إلى ما لا يُحقِّقُ للإسلام غايةً، ولا يرفعُ للحقِّ راية، فكم يحرِصُ أعداءُ الإسلام بكل السُّبُل أن يُوقِعُوا الشباب في مطايا المهالِك ومسالِك الغواية، والبُعد عن القِيَم الإسلامية السامِية، ومبادِئِه السَّمحة اليسيرة التي تسلُكُ بهم مناهجَ الوسطيَّة والاعتِدال، وتقودُهم إلى رعاية المصالِح وجلبِ المنافِع لأنفُسهم ولأمَّتهم، ولبُلدانهم ولمُجتمعاتهم.
    عوامل الثبات على الطاعات


    للثبات على الطاعات معينات لابد أن يحرص عليها الإنسان ويلتزمها حتى يثبت على طريق الحق والإيمان، ومن ذلك ما يلي:
    أولاً: الدعاء بالثبات
    مِنْ صفات عباد الرحمن أنهم يدعون الله -تعالى- أَنْ يثبتهم على الطاعة، وأَلا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم؛ فهم يوقنون أَنَّ قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن يُصَرِّفُهَا كيف يشاء؛ لذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكثر أن يقول: «اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك، اللَّهُمَّ يا مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ».
    ثانيًا: تنويع الطاعات والمسارعة إليها
    مِنْ رحمة الله -عز وجل- بنا أَنْ نَوَّعَ لنا العبادات لتأخذ النفس بما تستطيع منها، فمنها عبادات بدنية، ومالية وقولية وقلبية، وقد أمر الله -عز وجل- بالتسابق إليها جميعًا، وعدم التفريط في شيء منها، وبمثل هذا التنوع وتلك المسارعة يثبت المسلم على الطاعة، ولا يقطع الملل طريق العبادة عليه.
    ثالثًا: التعلق بالمسجد وأهله
    ففي التعلق بالمسجد وأهله ما يعين على الثبات على الطاعات؛ حيث المحافظة على صلاة الجماعة، والصحبة الصالحة، ودعاء الملائكة، وحلق العلم، وتوفيق الله وحفظه ورعايته. ونصوص الوحيين في ذلك كثيرة مشهورة.
    رابعًا: مطالعة قصص الصالحين
    أخبار الأنبياء والصالحين لم تذكر للتسلية والسمر، ولكن لننتفع ونتعظ بها، ومن منافعها تثبيت قلوب المؤمنين والمؤمنات والطائعين والطائعات، قال -تعالى-: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود:120)، وكثير من الناس تتغير أحوالهم إِلى الأصلح والأحسن بمطالعة سير السلف الصالح الأوائل الذين ضربوا أعظم الأمثلة في التضحية والعبادة، والزهد والجهاد والإنفاق وسائر الطاعات.
    خامسًا: التطلع إلى ما عند الله من النعيم
    إِنَّ اليقين بالمعاد والجزاء يُسَهِّلُ على الإنسان فعل الطاعات وترك المنكرات، مصداقا لقوله -تعالى-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (البقرة:45-46).
    قاعدة في حسن الخلق
    من أهم القواعد في حسن الخلق، مقابلة السيئة بالحسنة؛ مما يترتب عليه احتواء الإساءة، فعلى الشباب خصوصًا أن يقابلوا الغضب بالهدوء، والتبجح بالحياء، والكلمة الطائشة بالكلمة الطيبة، والنبرة الصاخبة بالنبرة الهادئة، والجبين المقطب بالبسمة الحانية، ولو قوبل المسيء بمثل فعله، لأفلت زمامه، وأخذته العزة بالإثم.
    لزوم اتباع السنة


    قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-: نصوص الكتاب والسنة دلت دلالة قاطعة على وجوب اتباع السنة اتباعًا مطلقًا في كل ما جاء به النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام-؛ فهي المرجع الثاني في الشرع الإسلامي، في كل نواحي الحياة من أمور غيبية اعتقادية، أو أحكام عملية، أو سياسية، أو تربوية، وأنه لا يجوز مخالفتها في شيء من ذلك لرأي أو اجتهاد أو قياس
    وماذا بعد رمضان


    قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: إذا كان المسلمون قد ودَّعوا شهر رمضان (موسم الغفران والعتق من النيران وموسم التنافس في طاعة الرحمن)، فإنهم لم يودِّعوا بتوديعه أبواب الخيرات، فلا تزال مواسم الخيرات متجددة وأبواب الخيرات متتالية، وينبغي على عبد الله المؤمن أن يغنم حياته، وأن يستغل وجوده في هذه الحياة للظفر بكل مناسبة كريمة ووقت فاضل، متسابقاً مع المتسابقين في الطاعات، ومسارعاً لنيل رضا رب البريات -سبحانه وتعالى.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,343

    افتراضي رد: تحت العشرين

    شباب تحت العشرين – 1176
    الفرقان




    نعمة الهداية إلى دين الإسلام
    إن أجلّ نعم الله وأعظم مننه على عباده هدايته -تبارك وتعالى- من شاء من عباده إلى هذا الدين الحنيف؛ فالإسلام هو النعمة العظمى والعطية الأجلّ، ومنة الله -سبحانه- على من شاء من عباده، يقول -جلَّ وعلا-: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (الحجرات:17) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} (الحجرات:7) ويقول -جلَّ وعلا-: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (النور:21)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
    وإنما عظم شأن هذه النعمة وكبر قدرها؛ لأنَّ الإسلام هو دين الله -تبارك وتعالى- الذي رضيه -عز وجل- لعباده دينا ولا يقبل منهم ديناً سواه، يقول -جلَّ وعلا-: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران:19)، ويقول -جل وعلا-: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85)، ويقول -جلَّ وعلا-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3)، ويقول -جلَّ وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (البقرة:208) أي في الإسلام، ومن عرف الإسلام وما يدعو إليه من العبادات العظيمة والأعمال الجليلة والآداب الرفيعة أدرك رفيع قدره وعلو شأنه.
    الغاية التي من أجلها خُلقنا
    فالله -عز وجل- خلق الإنسان لعبادته والاستقامة على نهجه القويم؛ آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ}(الذ ريات:56-57)؛ فأنت مخلوق من أجل عبادة الله، فعليك بتقوى الله وعبادته، وقوِّ إيمانك بالأعمال الصالحة؛ لتحيا حياة سعيدة في هذه الدنيا، وتجزى في الآخرة ثوابا وافرا، قال -تعالى-: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّ هُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّ هُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النحل:97).

    خطر طيش النفس

    قال الشيخ عبدالرزاق عبد المحسن البدر: من سمات أهل العقل النظرُ في العواقب، وأما أهل الطيش فإنهم لا يعملون عقولهم ولا ينظرون في العواقب، بل يندفعون اندفاعًا بلا تعقُّلٍ فيوردهم المهالك؛ ولهذا شبهت النفس في طيشها بكُرةٍ من فخار، وُضعت على منحدر أملس، فلا تزال متدحرجةً ولا يُدرى في نهاية أمرها بأيِّ شيء ترتطم! وكم هي تلك المآلات المؤسفة والنهايات المحزنة التي يؤول إليها أمر الطائشين ممن لا يتأملون في العواقب ولا ينظرون في المآلات.
    ماذا نريد من الشباب؟
    نريد من شبابنا: أن يُطوّروا من مهاراتهم، ويعملوا على تنمية طاقاتهم عبر العلم التخصصـي، والمهارات المكتسبة من دورات تدريبية متخصصة، تحقيقًا لقول الله -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، فمن برع في مجال تخصصه العلمي (الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الفيزياء أو الكيمياء أو الجيولوجيا......) فقد خدم أمة حبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم .
    نريد من الشباب: أن يعيشوا بالإسلام قولا وسلوكًا؛ فيَسْلَم الناس من لسانه ويده، وإذا رآه الناس بهديه وسمته الإسلامي رأوْا الإسلام في شخصيته، فيكون بذلك سببًا في إقامة الإسلام في الأرض.
    نريد من الشباب: أن يُحسْنوا توظيف طاقاتهم، فيعملوا عملا متقنًا ونافعًا لهم ولمجتمعهم، فلا يتعطل ولا يكسل ولا يفتُر ولا يتوانى عن تحقيق ذاته عن طريق العمل والاعتماد على النفس، لا أن يكون عالة على غيره. وليأخذ من رسوله الحبيب قدوة؛ حيث كان يعمل وهو شاب في الرعي والتجارة.
    فاتح الأردن شرحبيل بن حسنة - صلى الله عليه وسلم
    هو الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة - رضي الله عنه -، فاتح الأردن، أسلم قديما بمكة، وهو من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية، شارك في فتوحات الشام، كان - رضي الله عنه - يتميز بالشجاعة والإقدام، يشهد له بذلك جهاده مع رسول الله ومع الخلفاء الراشدين من بعده، ويكفي أن يذكر التاريخ عنه أنه فاتح الأردن، وأنه كان لجهاده في أرض الشام أثر كبير في اندحار الروم ونشر الإسلام في تلك الربوع، وكان صريحًا لا يخشى في الحق أحدًا، وكان يجيد القراءة والكتابة، فقد كان من كُتَّاب الوحي، وقد استشهد - رضي الله عنه - قيل: مات شرحبيل بن حسنة يوم اليرموك، ويقال: إنه طعن هو وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد، ومات في طاعون عمواس وهو ابن سبع وستين.
    توجيهات نبوية للشباب
    النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يولي جانبًا من توجيهاته إلى الشباب، فيقول - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس: «يا غلام: إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله»، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل، وهو رديفه على حمار: «يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله» إلى آخر الحديث، ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة، ربيبه وهو طفل صغير، لما أراد أن يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجالت يده في الصحفة أمسك النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»، فهذه توجيهات من النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجهها لطفل، ليغرس في قلبه هذه الآداب العظيمة، وهذا مما يدل على أهمية توجيه الشباب نحو الخير وبيان مسؤولية الكبار نحوهم.
    من أهم الواجبات على الشباب
    إن من أهم الواجبات التي ينبغي للشباب أن يهتم بها، ويستثمر فيها عمره طلب العلم الشرعي، قال الشيخ عبد العزيز ابن باز -رحمه الله-: التفقه في الدين وتعلم العلم الشرعي من أهم الواجبات، ومن أهم الفروض لعبادة الله -جل وعلا-؛ فقد خلق الخلق ليعبدوه، وأرسل الرسل لذلك، وأمر العباد بذلك، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56)، ولا سبيل لمعرفة هذه العبادة ولا الطريق إليها إلا بالعلم، كيف يعرف هذه العبادة التي هو مأمور بها إلا بالعلم؟ والعلم: إنما هو من كلام الله ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - والعلم: قال الله وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين».
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •