تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: كيف يتحمَّلُ بِرَبِّكُم...!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    المشاركات
    23

    افتراضي كيف يتحمَّلُ بِرَبِّكُم...!

    (مقال كتبته على طريق الإسلام منذ ثلاث أسابيع)..

    بِالَأمْس.....
    أغمضتُ عيناىَ بصعوبةٍ إذ شَعُرْتُ ببردٍ مؤلم بين الجفون قد أَبْطأَ انطباقُهُما سريعًا كما اعْتَدتُّ دومًا دون تفكير...
    ياللبرد القارسِ الذى لم تَسْلَمْ منه حتى جُفونى..
    ثم انْتَبَهْتُ فجأةً: جُفون!!
    فَتَحتُ عينىّ لا إراديًا ...
    تذكرتُ ذاك الصبىّ الذى جاءَ فى التَّقريرِ الإخبارىِّ عن مُخيَّم "عرسال" بمن فيه من إخوةٍ لنا فى الإسلام تََقطَّعَتْ بِهم أحلامُ الدفءِ البسيط..
    قَفَزَتْ صورتُه أمامَ عينىَّ دون إذنٍ تُؤَنِّبُ جفونى على جرأتِها على التغافلِ و الإغفاءِ... لنْ أنسى الثلجَ الأبيضَ الذى جثم فوق أهداب عيونه ما حَييِتُ..
    ثُمَّ أزاحتْ جانبًا تلك الصورةَ صورةٌ أخرى أشدُ وَخْزًا.. صورةُ تلك الأمِّ التى تهرولُ حاملةً طفلِها و قَدْ انْحَسَرَتْ أَكمامُ ملابسِه عن ذراعيه لِصِغَرِها عليه، و قَصُرَ سِروالُه و بَدَتْ ساقُه عاريةً بالكاملِ إلا من الثلجِ المنهمرِ زَخَّاتٍ على جلدهِ الرقيقِ و أنامل قدميهِ الدقيقةِ و هم يركضون فى رحلةِ البحثِ عن مأوىً... أو ربَّما عن مُجردِ جوربٍ مخروقٍ أو شربةِ ماءٍ لم تتجمدْ بعدُ... يا إلهى..
    ثم أزاحتها جانبًا صورةٌ ثالثةٌ لذاك العجوزِ المُمْسكِ بمِعْوَلِهِ يَذُبُّ الثلجَ عن مَدخلِ خيمتِه المصنوعةِ من "المشمع البلاستيكى" ، و قَدْ كَشفَ عن قدميه بلا جَوربٍ كذاك الصبىِّ آنفًا، و الحسرةُ خَنقَتْ دموعَه فَابْتلعَ الكلماتِ فى انكسارٍ بادٍ و قهرٍ مُعْجِزٍ... قَهْرِ الرجالِ...
    و َتتَابَعتِ الصُّورُ جُلُّها كمطارقَ قدْ أَبَتْ علىَّ أدْنَى غَفْوةٍ الليلةَ.. و أَفرَزَتْ تلكم الكلمات فى رأسى تباعًا كحباتِ المسبحة:

    أَيَا مُدَّثِّرًا بِدِثَارِ البرْدِ، و مُفْترِشًا فُرُش الصُّوفِ، و مُلْتَحِفًا بما يَرُمُّ عظامكَ ، و مُرتَِشفًا حَنَانًا لوجْهِك من حُضن وِسادَتِك الوَثِيرةِ:
    أَدَامَ الله عليكَ مَلاحِفَ الدَّفءِ بعضُها فوق بعضٍ...
    هذا فضل الله يُؤْتيه من يشاءُ و يقبِضْهُ عمن يشاءُ...
    تمتعْ بالعافيةِ لا حَرجَ عليكَ... و سَلِ اللهَ مزيدًا من مزيد.. لا بأس...
    لكن تَذَكَّرْ ذاكَ الطفلَ الذى افْترَشَ الجليدَ و تَلحَّفَ الصَّقَيعَ و تَوَسَّدَ الحَجَرَ القاسِىَ لِوَجْنَتَيْهِ و انكَشَفَتْ قَدمَاهُ و كَفَّاهُ ..
    نعم... أَذْهِبْ زَمْهَرِيرَ مَعِدَتِكَ و تَجَمُّدَ أطرافِك بِحساءٍ شَهىٍ ساخنٍ تحتضنُ وِعاءَهُ أناملُك، و تَرتَشِفُهُ وَحْدَكَ علَى مَهَلٍ دونَ هَلعٍ من انتهائِه، و تنشَّق أبخِرتَه الحارَّةَ ليَعُمّ الدّفءَ فى كل جوانحِك.. نعم تَمتَّْع بالعافيةِ لا حرج عليك...و سَلِ اللَه مزيدًا من مزيدٍ....لا بأس....
    لكن فقط تَذَكَّرْ ذاكَ الطِّفْلَ الذى شَقَّ صَدرَهُ المُتَهَالكَ سُعَالٌ مُزْمِنٌ لا يَغفُو فيغفُو الصبىُّ، و قَرَصَ بَطْنَهُ جوعٌ يَتَراكَم مُنذُ أيامٍ حتَّى صَفِرَتِ الرِّيحُ فى أمعائِه فعَطِبَتْ بعدَ عزٍّ و غِنًى.....
    تَذَكَّرْهُم بَِفضْلِ دُثُرٍ أو طَعامٍ أو دعوةٍ... و ذاكَ أضعفُ الذِّكْرَى.

    اللهمّ آوِهِم من عَراءٍ.. و آمِنْهُم من خوفٍ.. و أطعِمْهُم من جوعٍ.. و آيِسْهُم من جزعٍ كئيبٍ يختلجُ فى صدورهم لا ريبْ....
    بيدك نواصِى المخلوقات كافَّةً ...
    و البردُ خلقٌ من خَلقِك .. و جُنْدٌ من جُنْدِك....
    مُرْهُ يَكُنْ دِفءًا و سَلامًا عَليهِم و عذابًا على أعدائِك...
    مُرْهُ يَترفَّقْ بمياهِهِم فلا تتجمَّدُ من جديد.. و يُجمِّدِ الدماء فى عروقِ قاهريهم و مَنْ سَاقُوهُم لهذا الجحيمِ و أحْصَرُوهم فيه....
    أَجَلْ هو جَحيمٌ... من أنفاسِ جَهَنَّمَ...

    رجاءٌ و طمعٌ...
    أن من لَامَسَ حنايا قلبِه هذا الكلامُ -و أثقُ أنَّ ذاكَ قدْ حَدَثَ- فَلْيُخْرِجْ من مالِه ما يكفِى لشراءِ ولو بطانيةٍ واحدةٍ ثمَّ لينَزِلْ من بيتِه قاصدًا هؤلاءِ الرَّاقِدين أَسْفلَ الكبارى و داخلَ محطاتِ مترو الأنفاقِ و فى العششِ، و صدقًا لن تبحثوا كثيرًا... هُمْ فى كل مكانٍ..
    أو قُومُوا بشحنِها على مخيماتِ اللاجئينَ من خلالِ مصارفَ آمنةٍ... لعله لازالَ مستطاعًا إنقاذُ طفلٍ قبل أن يسْلمَ الرُّوحَ و يلحِقَ بأقْرانِه....
    بالله.. بالله... بالله..
    و اجْعلوا أبناءكم يساهمون فى هذه الصدقةِ بالمالِ و الجهدِ كذلك..

    قال الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ" ؛ حَتَّى ذَكَرَ أَصْنَافَ الْمَالِ ، حَتَّى رَأيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ ... (المعنى: حتى ظننا أن ليس لأحدٍ من المسلمين الحقُ فى أى زيادةٍ لديه فى حوزتهِ.. من شدةِ ما أوصاهمُ النبىّ بإخراجِ كلِ ما زادَ عن الحاجةِ)..

    الحمد للِه الذي أطْعَمَنا وسَقَانا وكَفَانا وآوانا ، فَكَمْ مِمَّن لا كافِىَ لهُ ولا مُؤْوىٍ...
    نُهَروِلُ فى الشوارعِ لنعودَ أدراجَنا إلى البيتِ، و نُغْلقُ البابَ خَلفَنا علَى أعجلِ ما يكونُ، و نتَحَقَّقُ كلَّ ساعةٍ من مَتاريس النَّوافذِ..
    فكيف بمن لا بَيْت له يَأْوِى إِليهِ يَتَّقِى فيه سُوءَ هَذه الصَّواريخِ القَارسَة!..
    كيف يتحمَّلُ الأمرَ يا تُرَى بِلا مَلْجَأٍ؟... بِرَبِّكُم كَيْفَ؟
    أَتَْدرُونَ كَيْف؟.. لا يتحملُ...لقد مات...
    كَتَبَتْهُ الفقيرة إلى ربها: أسماء أمةالله.. (زوج د. خالدالحداد)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي

    اللهم اجعل لإخواننا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وانصرهم على عدوهم ..
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2015
    المشاركات
    23

    افتراضي

    آمين آمين
    قرأت تعليقك الكريم للتو فقط حبيبتي عذرا..
    أسأل الله أن يمن عليهم و علينا بالفرج العاجل و النصر العزيز المؤزر
    كَتَبَتْهُ الفقيرة إلى ربها: أسماء أمةالله.. (زوج د. خالدالحداد)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    اللهم فرج عن أمة محمد ما هم فيه وانصرهم على عدوك وعدوهم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •