عشر انقضت!









وليد بن عبده الوصابي










ها هي عشرُ ليالٍ خلَتْ وانقضت وذهبَتْ، وولَّت، وسلفت، وسافرتْ، ومرَّتْ، ورحلَتْ من رمضان المبارك الكريم المعظَّم، الذي تهفو إليه نفوسُ المؤمنين، وتأنس به أرواحُ الصالحين.



يا ألله! بالأمس القريب ونحن نستقبلُه، ونفرح بقدومِه، ونبشُّ ونهشُّ في وجهه، واليوم ها نحن نودِّع ثلثه الأول!



وحريٌّ بنا، والأيام هكذا تسرع إسراعًا، ويحثنا حادي المسيرِ إلى آجالنا - أن نحاسب أنفسَنا، ونخلو بها متسائلين:

• ماذا فعلتِ في هذه العشر الخالية؟

• ما الذي قدمتِه من عملٍ صالحٍ ترجين به رحمةَ الله؟

• ما العملُ الذي خبَّئتِه؛ ليكون زادًا لك في سفرك الطويل؟



أسئلة صريحةٌ فصيحةٌ صحيحةٌ، لا مواربةَ فيها ولا مجاملة، ولا مداجاة أو مُداهنة؛ لأن الصلاح والفسادَ لك وعليك، فأنت العامل والمختبَر، والملائكُ الكرامُ هم المراقبون والكاتبون، والله جلَّ وعلا هو: المُحاسِب والمُجازِي.



فالسفرُ طويلٌ، والطريق شاقٌّ، والعقبة كَؤود، والناقد بصيرٌ، وأنت الراحل وصاحب الرحلة!

فجدَّ العزم، وشدَّ الحزم، وخفِّفِ الحِمْل، وأحسن العمل، والله لا يضيعُ أجرَ من أحسن عملًا.



وأنت يا مَن فرَّط فيما سلف، وأهمل في الماضي، (أتْبِعِ السيئةَ الحسنة)، والْحَق بالرَّكْب، فلا يزالون منك قريبين، ولا زال في الوقت متَّسع، وفي العمر بقيَّة، فإذا ضيَّعتَ الماضي، فلا تضيِّع الحاضر والمستقبل.




هاته كلماتٌ، كتبْتُها على علَّاتها، وبدون ترتيب، أو قصدِ تركيب، ولم أتكلَّف فيها لفظة؛ لتكون سجيَّة تخرج من قلبي إلى قلبي وقلوبكم؛ علَّها تصادف قلبًا خاليًا؛ فتتمكَّن من الغرس، وتتعاهدُها بالرعاية والسِّقاية، فتنبت لك زرعًا طيبًا تحمدُه يومَ الحصاد.



أخَذَ الله بيدي وأيديكم لرضاه، وجنَّبنا مواطن سخطِه.

واللهُ المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.