لا تتشبه بهؤلاء !





- لقد أصبح العالم مثل القرية الصغيرة؛ بفضل انتشار وسائل الإعلام وسرعة تغطيتها لكل ما يحدث؛ فغدت علاقة المسلمين بغيرهم من الشعوب والأديان قوية، ولما كان الضعيف يسارع في تقليد القوي، كان التشبه بالآخرين سمة واضحة في المجتمعات المسلمة.

- لذا فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- محذرا من التشبه بالآخرين فقال: «لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه»؛ فغالب التشبه لا يجوز، وأخطره ما اتصل بالعقيدة الإسلامية، أو ما كان له تأثير على الشخصية الإسلامية لمحوها.

- فلا يجوز التشبه بالكفار في أي شيء من عقائدهم، أو عباداتهم، أو عاداتهم أو سلوكهم، التي صارت شعاراً عليهم، وتحريم التشبه هنا حماية للمسلم من أن يقع في الشرك، قال -تعالى-: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ} (المجادلة: 22). وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من تشبَّهَ بقومٍ فهو منهم»، وهذا يدعو إلى وجوب استقلال المسلمين في جميع شؤونهم.

- ولا يجوز التشبه بأهل الأهواء والبدع، والبدعة: كل ما يتقرب به إلى الله ولم يشرعه، وما أُدخل على الدين من غير دليل شرعي، قال -تعالى-:{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} (الكهف:103 – 104)، و في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد». وقال أيضا: « من سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء». ولخطورة البدعة حذر منها علماء السنة، و نهوا عن مخالطة أهلها، وأمروا بمفارقتهم و هجرهم.

- ولا يجوز التشبه بالفساق، والفسق: هو الخروج عن طاعة الله وتجاوز الحد بالمعصية؛ فليس للمسلم التقي الصالح أن يتشبه بهم في أحوالهم، قال -تعالى-: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (الحشر: 19).

- ولا يجوز تشبه الرجال بالنساء والعكس، فقد «لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- المُتَشَبِّهِين َ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَا تِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ»، وتحريم التشبه هنا بسبب تبديل خلق الله، فمن يحاوِلُ الخُروجَ عَنِ الخِلْقَةِ التي خلَقَه اللهُ عليها؛ فهو عاصٍ قد استوجب اللَّعْنَةَ لنفسه، وهي الطَّرْدُ مِن رَحمةِ اللهِ -تعالَى-؛ فلا يَنْبغي لِلرِّجالِ التَّشبُّهُ بِالنِّساءِ في اللِّباسِ والزِّينَةِ، وكذا الأفعالُ الَّتي هي لِلنِّساءِ خاصَّةً، ولا يَجوزُ لِلنِّساءِ التَّشبُّهُ بِالرِّجالِ فيما كان ذلك لِلرِّجالِ خاصَّةً. وفي ذلك محافظة على مقتضى الفطرة التي فطر الله -عز وجل- كل واحد من الجنسين عليها.


- ولا يجوز التشبه بالحيوانات، قال -صلى الله عليه وسلم-: «اعْتَدِلُوا في السُّجُودِ ولا يَبْسُطْ أحَدُكُمْ ذِراعَيْهِ انْبِساطَ الكَلْبِ». ليس الكلب فحسب، بل نهينا عن بروكٍ كبروك البعير، والتفاتٍ كالتفات الثعلب، وافتراشٍ كافتراش السبع، وإقعاءٍ كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشُمّسِ، والحكمة من النهي عن التشبه بالحيوانات من مقتضى المحافظة على الفطرة؛ إذ الله -تعالى- خلق الإنسان في أحسن صورة، وكرمه ورفع قدره، قال-جل وعلا-:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}(التين : 4)، وقال-سبحانه-:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}(الإسراء: 70).


سالم أحمد الناشي