تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: بين يدي رمضان

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,242

    افتراضي بين يدي رمضان



    بين يدي رمضان (1)









    كتبه/ ياسر برهامي

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقد جعل الله -سبحانه وتعالى- لهذه الأمة مواسم الخير التي تتذكر فيها آخرتها، وتعد عدتها للقاء الله -سبحانه وتعالى-، وجعل -سبحانه وتعالى- بيْن يدي رمضان شهر شعبان الذي كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبيِّن فضل الصيام فيه بأنه شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى الله، ويحب أن يُرفع عمله وهو صائم، خاصة مع غفلة الناس عن هذا الشهر بيْن رجب ورمضان، وجعل الله فيه ليلة النصف مِن شعبان ليستدرك الإنسان ما قد يحدث في قلبه مِن غلٍّ أو حسد أو غش للمسلمين؛ فيداوي قلبه مِن ذلك حتى تأتي عليه ليلة النصف التي أخبر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه يغفر الله فيها لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن؛ فيكون مِن المغفور له بإذن الله -تعالى-.

    ولابد أن ننتبه هنا إلى أن البغض في الله -عَزَّ وَجَلَّ- ليس مِن المُشاحَنة المذمومة، فإنه عبادة لله -سبحانه وتعالى-؛ فمَن أبغض الكافر لِكُفره والفاسق لفسقه، والمبتدِع لبدعته، والعاصي لمعصيته لا يكون داخلًا في الوعيد، وإن كان في كثير مِن الأمور يحصل نوع مِن النزاع الذي يأخذ شكلًا دينيًّا؛ لكن يدخل فيه نوع مِن حظ النفس؛ فلابد أن يحذر الإنسان على نفسه مِن ذلك، وليوطِّن نفسه أنه إذا تاب الكافر مِن كفره، والمبتدِع من بدعته، والعاصي مِن معصيته؛ فهو أخونا في الدين، ويوطِّن نفسه على حبه إن فعل ذلك، كما قال ربنا -عَزَّ وَجَلَّ-: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) (التوبة:11)، وهذا المعنى به يتخلص الإنسان مِن حظِّ نفسه في النزاعات التي يكون فيها ظاهر الاختلاف بسبب الدين مع أهل الكفر والفسوق والبدع.

    والله -سبحانه وتعالى- جعل سلامة القلب مِن أعظم وأهم الأمور التي يُسعى إليها في شهر رمضان؛ فلنتذاكر معًا بيْن يدي هذا الشهر بعض الأمور المتعلقة به، فإن من رحمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- بعبادة المؤمنين أن يَسَّرَ لهم وشرع لهم ما يُحَصِّلون به غاية وجودهم التي أوجدهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- من أجلها، وهي تحقيق عبادة الله وتقواه، قال -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21)، فالعبادات شرعها الله -عَزَّ وَجَلَّ- لتحصل التقوى التي هي حال القلب المؤمن، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (التَّقْوَى هَاهُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) (رواه مسلم)، وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).

    وهذا مِن رحمة الله -عَزَّ وَجَلَّ- بعباده، وهو أنه -عَزَّ وَجَلَّ- شرع لهم ما يحصلون به التقوى، والصيام مِن أعظم العبادات التي يحصل بها المؤمن التقوى؛ فيتطهر قلبه ويَسلم، ولا ينجو إلا مَن سلم قلبه لله -عَزَّ وَجَلَّ-، كما قال الخليل -عليه السلام-: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:88-89).

    وإن الإنسان لتشغله حياته عن تحصيل حياة قلبه؛ فيتردى في مدارك الحيوانية أو الشيطانية -والعياذ بالله-، على تفاوت الناس في أعمالهم وأخلاقهم، وذلك مبدؤه مِن طمع الإنسان وحرصه على ما لا يحتاج إليه؛ فهناك احتياجات فطر الله الإنسان على طلبها وعلى أن تستمر حياته بها، ولكن كثيرًا مِن الناس يطلب المزيد والفضول في هذه الأشياء؛ فيترتب على ذلك أن ينشغل.

    ومِن أعظم ذلك: الطعام والشراب، والشهوة الجنسية، وكذلك حب المال، وكذلك الخلطة بالخلق، وكذلك تعلق القلب بالراحة والكسل، وضعف العزيمة عن الانطلاق في طاعة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فتكون راحة البدن سببًا في كسل الإنسان، وعدم عزم قلبه على طاعة الله، فيتعلق قلبه بالراحة والسكون إلى الأرض والإخلاد إليها.

    فهذه مداخل الشيطان، منها يدخل إلى الإنسان، يتدرج به مِن مقام الإنسانية إلى أن يكون كالحيوان البهيم الذي لا يعقل ولا يفهم، ويكون أضل منه -والعياذ بالله- كما قال -عز وجل-: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) (الفرقان:44)، حين يصبح هدف الإنسان مِن الحياة أن يطعم ويشرب، وأن يتناكح ويتناسل ولا غير ذلك في هذه الحياة، ولا يريد شيئًا آخر، وتصبح أعماله كلها موجهة إلى هذه الغايات.

    ومَن ينظر إلى أنظمة الحياة التي يعيشها الناس في الشرق والغرب بعيدًا عن دين الله -عَزَّ وَجَلَّ-، الحياة التي يروج لها إعلام الغرب الخارج عن دين الله -عَزَّ وَجَلَّ- ومَن يوافقه مِن الكفرة والمنافقين في سائر أرجاء الأرض؛ يرى أنهم يروجون لحياة -والعياذ بالله- هي أشبه بحياة البهائم وأقرب إليها، بل وأسوأ منها.

    فإذا وصل الإنسان إلى ذلك تدرج به الشيطان حتى يوصله إلى الحياة الشيطانية: مِن الكِبر، وإرادة الفساد في الأرض؛ فيجمع بيْن العلو والفساد معًا، فهو لا يريد أن يأكل ويشرب وينكح فقط، وإنما يريد أن يعلو ويتكبر! وحب المال والرياسة غالبًا ما يكون في هذا الجانب إذا زاد عن الحدِّ.

    وذلك أيضًا يكون بالخلطة بالناس الخلطة المذمومة؛ فالذي يختلط بالناس ليحصل على مدحهم أو يفر مِن ذمهم ويراعيهم على حساب حق الله -عَزَّ وَجَلَّ- يتدرج به الشيطان إلى أن يملأ قلبه بالكبر والرياء والسمعة، وأن يملأ قلبه بإرادة الفساد؛ فإن قلب الإنسان لا يتسع لوجهتين: فإما أن يكون قلبه لله -عَزَّ وَجَلَّ-، وإما أن يتحول إلى شيطانٍ مريدٍ.

    وشرع الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنا ما نتحكم به في شهواتنا، وما نتحكم به في هذه الفضول؛ لكي يكون الإنسان هو الذي يوجه إراداته ورغباته إلى ما يحبه الله -عَزَّ وَجَلَّ- ويرضاه، وذلك بعون الله وتوفيقه، وهو -عَزَّ وَجَلَّ- مقلِّب القلوب، يقلب قلوب عباده كيف يشاء؛ فشرع لهم الدعاء ليطلبوا منه الهداية والإعانة والتوفيق.

    لذلك كان شهر رمضان رحمة مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ- بعباده ليحصلوا كل هذه الأمور، وشرع الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيه مِن الصيام عن الطعام والشراب والشهوة المحرمة، حتى الشهوة التي أباحها الله -عَزَّ وَجَلَّ- في غير نهار رمضان جعلها في نهاره محرمة؛ ليكون الإنسان أملك لإربه ولنفسه، فإذا كان يمتنع مِن الحلال في النهار فهو أملك أن يمتنع عما حرم الله مطلقًا في الليل والنهار: مِن الفروج المحرمة، والنظر إلى العورات المكشوفة، وغير ذلك مِن الشهوات.

    إذا تحكم الإنسان في هذه الشهوات ثم علم أن مِن آداب الصيام ومِن واجباته أن يمتنع عن قول الزور، والغيبة والنميمة، والعمل بكل باطل، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) (رواه البخاري)، وقال: (رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ) (رواه أحمد وابن ماجه، وقال الألباني: حسن صحيح)؛ فمَن لم يصن سمعه، وبصره، وآذى جيرانه ومَن حوله، واغتاب ونَمَّ؛ لم يكن صائمًا الصوم المشروع!

    وهذه هي خُلطة الفساد التي يفسد الإنسان بها فيما حوله؛ فهذا ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، كما قال أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك، ودع أذى الجار، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء!".

    ثم إذا اقترب الشهر مِن نهايته في الثلث الأخير شرع الاعتكاف؛ ليتخلص الإنسان مِن فضول الاختلاط المباح؛ بالإضافة إلى أنه تخلص في أثنائه مِن الاختلاط المحرم، فإذا اعتكف في المسجد إلى آخر الشهر كان ذلك عونًا له على تحصيل حياة قلبه، وإخلاصه لله.

    وقد كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعتكف العشر الأواخر مِن رمضان، ويلتمس ليلة القدر، التي قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3)، ثم شرع في أثناء رمضان وفي خاتمته خصوصًا إنفاق الأموال في طاعة الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فالصدقة في رمضان مضاعفة كما تضاعف الأعمال الأخرى، وكان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يأتيه جبريل -عليه السلام- فيدارسه القرآن، فكان الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجود بالخير مِن الريح المُرسَلة.

    وشرع في آخر رمضان وجوبًا صدقة الفطر، عن كل صغير وكبير، وحُر وعبد، وذكر وأنثى مِن المسلمين؛ فإذا تمكن الإنسان مِن هذه النفقات تمكن مِن التخلص مِن تعلق القلب بالمال، وتخلص مِن عبودية الدرهم والدينار والقطيفة والخميصة، وكذلك شرع له أن يفطر الصائمين: (مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وذلك ولو حتى على شربة ماء أو تمرات أو غير ذلك، وليس المقصود ساعة الفطر فقط، بل يدخل في ذلك كل طعام يُطعمه إياه؛ فلا يتحتم ليأخذ الإنسان أجر الصائم أن يكون الذي أطعمه ساعة فطره دون ما يلي ذلك، فلو كان يفطره -مثلًا- على تمرات ثم يطعمه بعد ذلك؛ فكل ذلك داخل في إفطار الصائم.

    وهذا يعوِّد المسلم حب إخوانه، وسلامة صدره لهم، والحرص على الخير لإخوانه المسلمين، والشعور بمشاعرهم، ومشاركة بعضهم بعضًا هذه المشاعر الطيبة التي تدل على حياة هذا الجسد الواحد الذي وصف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال المسلمين بتشبيهه به، فقال: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) (رواه مسلم)، وشرع كذلك في شهر رمضان الإمساك عن فضول الكلام، وذلك أن الإنسان إذا تكلم كثيرًا كان ذلك مِن أسباب وقوعه في الباطل غالبًا؛ روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) (متفق عليه)؛ ولذا كان انشغال السلف بالقرآن في شهر رمضان، وذلك لأنه يشغل الإنسان بالطاعة ويوقد في قلبه حقائق الإيمان، وينور صدره وقلبه بنور الله -عَزَّ وَجَلَّ- المنزل مِن عنده -سبحانه وتعالى-؛ فيهتدي الإنسان إلى الصراط المستقيم، ويتغير سلوكه وتتغير حياته إلى ما يحب الله -عَزَّ وَجَلَّ- ويرضى.

    وكلما أكثر الإنسان مِن تلاوة القرآن وتدبره استيقظ مِن غفلته، وأدرك أن الحياة هي أقصر ما يكون، وأضيق ما يكون، وأصغر ما يكون، وأن الحياة الحقيقية ليست في هذه الدنيا، وإنما هي في الدار الآخرة: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:64).

    وكذلك شرع لنا في رمضان أن نتحكم في أنفسنا في قضية الكسل وكثرة النوم؛ ففضول النوم مطلوب تركه لما شرع الله -عَزَّ وَجَلَّ- لنا مِن القيام؛ فليكن هذا الشهر فرصة لنا لتحقيق التقوى.

    إن أسباب تهذيب النفس وإصلاحها تدور حول هذه الأشياء، وإن الناس قد سلكوا في ذلك مسالك مختلفة؛ فتجد مَن يحرم نفسه تمامًا مِن اللذات، ويصوم عمره كله عما أباحه الله -عَزَّ وَجَلَّ-: كالرهبان في الصوامع مِن الأديان المختلفة، الذين أوجبوا على أنفسهم الحرمان التام، وحرَّموا على أنفسهم طيبات ما أحلَّ الله لهم، وفي الحقيقة دخل الشيطان إليهم مِن أبواب الرياء، والكبر والعجب، وإرادة الشهرة بيْن الناس، وغير ذلك مما هو معلوم عندهم، كما أن الشهوات لم تنتهِ ولم تضمحل مِن نفوسهم، بل لا يزالون يتطلعون إليها؛ وكان الكثير منهم يقع فيها مِن وراء الناس، وأما الإسلام فقد جاء بهذه الوسطية الخيرية التي يجمع الإنسان فيها بيْن تحصيل أعظم أسباب الصلاح ودفع المضار، والتوازن بيْن الروح والبدن والوسطية بيْن الإفراط والتفريط، وبيْن الغلو والتقصير؛ فيحصل للإنسان مِن أسباب التقوى والهداية ما لا يدركه في غير هذا الشهر الكريم، وقد جمع الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيه أسباب التقوى لأهل الإسلام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).


    هذا يقتضي منا اهتمامًا بالغًا بإصلاح القلوب، وإصلاح الألسنة، وإصلاح الأخلاق؛ فإن لم تصلح في رمضان فمتى تصلح إذن؟! ولكن التوفيق بيد الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وصدق الرغبة فيما عند الله، وصدق الالتجاء إليه في أن يهيئنا ويمدنا بأسباب فضله، وأن نعلم أن الأمر ليس بأيدينا؛ إنما هو بتوفيق الله وإعانته، فإذا لجأنا إليه أعاننا ووفقنا.

    فاللهم بَلِّغْنا رمضان، وأعِنَّا فيه على الصيام والقيام والاعتكاف وتلاوة القرآن، ووفِّقنا وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,242

    افتراضي رد: بين يدي رمضان

    بين يدي رمضان (2)






    كتبه/ ياسر برهامي
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
    فقد جعَل اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- القرآنَ سببًا لحياة القلوب، وجعله مُؤَثِّرًا فيها؛ مِن التصديق والخشية وسائر أعمال القلوب، قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ) (المائدة:83)، فذكر -سبحانه- في هذه الآية أثرًا في القلب، هو المعرفة بالله -سبحانه وتعالى-، وهي المعرفة المقترنة بالمحبة والشوق إليه -عَزَّ وَجَلَّ-، وخشيته -سبحانه وتعالى-، والتوكل عليه؛ (مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ).
    فهذه المعرفة معرفة تؤثر في القلب؛ خضوعًا وانقيادًا ومَحَبَّةً وَوُدًّا لله -عَزَّ وَجَلَّ-، ويظهر لها أثرٌ في البدن؛ وهو دمع العين مِن أثر هذه المعرفة، وكما ذكر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دمعَ العين مِن خشية الله في قوله: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)؛ فأعمال القلوب تُثْمِرُ دمعَ العين، كما تُثْمِرُ الخشية اقشعرار الجلد، وكل ذلك نابع مِن تلاوة آيات الله، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23).
    فجعل -سبحانه- أثر القرآن في قلوب المؤمنين وفي أبدانهم أثرًا عظيمًا؛ فجعل الخشية ثمرة تلاوة الكتاب المتشابه الذي يُشْبِهُ بعضُه بعضًا، لا اختلاف بينه، (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (النساء:82).
    و(مَثَانِيَ): أي: تُثَنَّى قراءته وتُكَرَّر، ومِن ذلك قَدْرٌ واجبٌ وهو: قراءة الفاتحة، "السبع المثاني" كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عنها: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني)، فهي مثاني؛ لأنها يُشْرَع تكرار قراءتها في كل ركعة مِن ركعات الصلاة.
    ثم ذَكَرَ -سبحانه وتعالى- أثر قراءة الآيات في أبدان المؤمنين، وهو اقشعرار الجلد، وهو نابع مِن الخشية؛ إذ وصف المؤمنين بأنهم الذين يخشون ربهم، فالأثران في البدن: دمع العين واقشعرار الجلد. والأثران في القلب: المعرفة والخشية؛ كل ذلك مِن ثمرات الإيمان بالقرآن العظيم، وتلاوته مع التدبر، والقرب منه.
    فشهر رمضان فرصة عظيمة لإحياء القلوب بهذا الكتاب المبارك، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة:183-185).
    وشهر رمضان "شهر القرآن" كما هو شهر القيام وشهر الصيام، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه)، وقال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (متفق عليه).
    (إِيمَانًا): أي تصديقا بما وَعَد الله -عَزَّ وَجَلَّ- مِن الثواب على لسان رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
    (وَاحْتِسَابًا): أي إخلاصًا وإرادة لوجه الله -عَزَّ وَجَلَّ- وثوابه وفضله -سبحانه وتعالى-؛ فشهر رمضان شهر مغفرة وشهر توبة، وشهر تدبر ومدارسة للقرآن؛ فلتكن دروس العلم في رمضان حول القرآن وحول ما ينبته في قلوب المؤمنين مِن حقائق الإيمان: مِن حب الله -سبحانه وتعالى- ورجائه والرغبة فيما عنده، والخوف منه -عَزَّ وَجَلَّ- دون الخوف ممَن سواه، وكمال التوكل عليه، وشهود تدبيره أمر عباده، والافتقار التام إليه -سبحانه وتعالى- في حاجات الإنسان الدينية والأخروية والدنيوية؛ فالافتقار إلى الله -تعالى- مِن أعظم أسباب غنى الإنسان، وكذلك في شكر نعمة الله -سبحانه وتعالى- والصبر على بلائه، وشهود فضله -عَزَّ وَجَلَّ- في العطاء والمنع.
    وهو -عَزَّ وَجَلَّ- إذا أعطى عبده المؤمن فقد أكرمه، وإذا مَنَعه أيضًا فقد أكرمه؛ فهو إنما يقيه شر الفتن في هذه الدنيا بما يحرمه أحيانًا؛ فحرمانه عين العطاء، ومنعه -سبحانه وتعالى- هو الجود؛ والمؤمن يرى ذلك بفضل الله -عَزَّ وَجَلَّ-.
    وحال قلب المؤمن هو الذي يشغله وهو الذي يسعى إلى إصلاحه، ولا إصلاح أفضل مِن إصلاح القرآن؛ فهو الذي يزكي الله به النفوس، وهو الذي يفتح به أغلاق القلوب: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)؛ فَمَن تدبر القرآن فتح أغلاق قلبه، تفتح أقفال قلبه ويزول ما فيها مِن الفساد، ويحل محلها الحكمة والإيمان، هذا كله بتدبّر القرآن.
    ولتجعل لنفسك قدرًا تحافظ عليه مِن قراءة القرآن، ولا أقل مِن أن تختمه في الشهر، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لعبد لله بن عمرو بن العاص -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: (وَاقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ). قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ: (فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ)، قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: (فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ)، قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟، قَالَ (فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا) (رواه مسلم)، وقال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ) (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني)؛ فتبيَّن بذلك أن المقصود مِن التلاوة هو التدبر فيما تدل عليه الآيات.
    ويعينك على ذلك: قراءة التفسير، ومعرفة أسباب النزول، واستشعار الجو الذي نزلتْ فيه الآيات، والمجتمع النقي الطيب الذي تلقى هذه الآيات أول مرة بالاستجابة والقبول، واستحضار سيرة الصحابة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم- مع الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

    والقرآن ينقلك مِن هذه الحياة المادية السخيفة التي يتصارع الناس فيها على "الجُنَيْهِ والقِرْشِ"، وعلى أنواع التفاهات، ويتعاملون بالأخلاق السيئة مِن السِّبَابِ والشتم، والغيبة والنميمة والكذب، والحقد والحسد؛ يَنْقِلُك إلى صفاء حياة الأنبياء فترى شخصياتٍ نورانية عظيمة، وذلك إذا تدبرت حياتهم ودعوتهم إلى الله، وهذا مِن أهم صفاتهم وسماتهم.
    ومِن أهم ما يدفعك إليه القرآن: "الصلاة والقيام في رمضان وفي غيره"، بل منه تأخذ قوة دافعة لباقي الشهور.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,242

    افتراضي رد: بين يدي رمضان



    بيْن يدي رمضان (3)









    كتبه/ ياسر برهامي

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فإن مِن أعظم ما يحققه القرآن لِتَالِيهِ وقارِئه -خصوصًا في الصلاة-: "انشراح الصدر"، واستنارة القلب بمعاني الإسلام والإيمان والإحسان التي يتضمنها القرآن، قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (الزمر:22)؛ فجعل الله -عَزَّ وَجَلَّ- وصف العبد المؤمن أن صدرَه منشرح بالإسلام، وهو هنا يشمل الدين كله، فإن معاني الإيمان الباطنة هي مِن حقائق الإيمان، وإذا أُطلِق الإسلام فإنه يشمل الإيمان ويشمل الدين كله.

    وانشراح الصدر يعين العبد على تحمل مشاق الحياة وأذى الناس؛ ولذا سأل موسي ربه -عَزَّ وَجَلَّ- شرح الصدر عندما كلفه بالذهاب (إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى . قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي) (طه:24-28)؛ فالدعوة إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد يقع فيها مِن أنواع الأذى مِن الكفار والمنافقين والمبتدعين والظالمين وكل مَن خالفك؛ فكيف يتحمل الإنسان هذه المصاعب؟ وربما ضاقتْ نفسه بأي درجةٍ مِن درجات الاعتداء والتجاوز في حقه؛ لكن المؤمن ذو الصدر الواسع المنشرح الذي يقتدي بأنبياء الله -عَزَّ وَجَلَّ- يكون مَثَله مع أنواع متاعب الحياة وأنواع الأذى الذي يصيبه كمَثَلِ رجل عنده قَصْرٌ واسع منيف ذو حديقة أوسع منه بكثير فألقى بعض الحاقدين داخل حديقة القصر بعض الأوراق أو بواقي الطعام مما يسميه الناس "زبالة"، والحديقة فيها مِن أنواع الأشجار والأزهار ذات الرائحة الطيبة التي تجعل -في حقيقة الأمر- هذه الفضلات مِن الطعام وغيره سمادًا جيدًا لهذه الأشجار المثمرة والأزهار ذات الرائحة الطيبة؛ هل ترون مَن بداخل القصر يتأذى بما يُلقى في حديقة القصر الواسعة بشيءٍ مِن ذلك؟! لا يتأذى -بحمد الله-؛ لأنه عنده مِن السعة ما يجعل مِن هذه الأشياء أشياء تافهة لا قيمة لها!

    وكذلك الحياة بأَسْرِها مِن مرضٍ في بدن أو نقصٍ في مالٍ أو فقدٍ لأحد الأحباب؛ إنها كلها إلى زوال، وجميعها "لا تساوي عند الله جناح بعوضة"، كما قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ) (رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني)؛ فكيف نصل إلى هذه الحقائق مِن خلال القرآن؟!

    ثم الصفة الثانية مِن صفات العبد المؤمن: "النور"؛ فهو منشرح الصدر ومستنير القلب، وهذا النور مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ)، وهذا النور يجعله يرى حقائق الأمور، ويعرف الحق ويعرف الباطل، كما يشهد البداية والنهاية، ويشهد ما بيْن ذلك ضمن ملكوت السماوات والأرض الذي انفرد به الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ومَن نظر إلى ذلك وشاهده هان عليه كل شيء، (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام:75).

    فمَن حصل له ذلك شعر بسعادةٍ عظيمةٍ على الدوام، وأبصر مواطن الاختلاف والافتراق، وجعل اللهُ له فرقانًا يُدرِك به الفرق بيْن الحق والباطل، والإيمان والكفر، والسُنَّة والبدعة، والصواب والخطأ؛ فيُوفق في عامة اجتهاداته، وأخطرُها ما يتعلق بمجموع الأمة أو بمجموع طائفة الدعاة إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- وأهل السُّنة، فهذا النور عونٌ أيضًا لشرح الصدر، وسبب إضافي لسعادة القلب، ومعرفة الحقائق الإيمانية التي يرشد إليها القرآن.

    ومِن أهم ما يدفعك إليه القرآن: أمر الدعوة إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فالناس قد سُلسلت شياطينهم، كا قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ) (رواه البخاري ومسلم واللفظ له)، فإذا كان الشيطان يعجز أن يوسوس في رمضان بكثيرٍ مما يوسوس به في غيره فذلك يعينك في دعوتك إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فانتهز الفرصة، وكلٌّ منا ينبغي أن يكون داعيًا؛ ألم تسمع قول لقمان لابنه وهو يعظه: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (لقمان:17)؟! فكما أمره بالصلاة أمره بالدعوة، وهذا أمر يدلنا على أن كلًّا منا لابد أن يكون داعيًا إلى الله، وكما أمر الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل:125).

    فلتكن دعوتك إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بما وصف الله -سبحانه-، وتجنب الغلظة والعنف؛ فإن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، ما أمكن ذلك وما شُرع ذلك، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) (رواه مسلم)؛ فاجتهد أن تكون رفيقًا في دعوتك إلى الله؛ فالقرآن يجعل قدوتك وأسوتك حياة الأنبياء، بأن ترى دعوتهم وصبرهم وجهادهم في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، وترى عاقبة أمرهم؛ تأخذ مِن ذلك دفعة عظيمة تسير بها في طريق الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة، وهذا الذي يهيئ الأمة أعظم تهيئة لمجاهدة أعدائها.

    إن أُمَّةً لا تأمر فيما بينها بمعروف ولا تنهى عن منكر، ينتشر فيها الفساد والفسق، والفجور والتبرج وإضاعة الواجبات، وأعظم ذلك: إضاعة الصلوات، وإضاعة الزكوات، والفطر في رمضان؛ وإن أُمَّةً بهذه المثابة لا تستحق أن تنصر، بل تستحق أن يسلط عليها عدوها؛ لذلك ينبغي إذا وجدت مَن يرتكب منكرًا في نهار رمضان أن تدعوه إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

    ولا بد أن يتكلم بالحق كل مَن يعرفه وعنده الدليل من الكتاب والسُنَّة، وكل مَن يراه؛ فلو أن المفطر -مثلًا- عمدًا في نهار رمضان والذي يتبجح بذلك في طرقات المسلمين كلما لقيه مسلم قال: اتقِ الله أنتَ في رمضان، وفطر يوم مِن رمضان أعظم مِن عمرك كله، لا يعوضك أن تصوم العمر كله، وكما قال الإمام الذهبي: "وعند المؤمنين مقرر أن مَن ترك صوم رمضان بلا مرض؛ أنه شر مِن الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال" (انتهى)، فلتُذَكِّر مَن رأيته مفطرًا بذلك، وأنه لا يقضيه عنه صوم الدهر وإن صامه، وإن كان مأمور بالقضاء والكفارة، كما ورد عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لقول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا، فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَلا كَفَّارَةَ) (رواه ابن حبان، وحسنه الألباني)، وفي لفظ: (مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا، فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَةَ) (رواه البيهقي، والحاكم، وحسنه الألباني)؛ فيفهم منه بمفهوم المخالفة أن مَن أفطر عمدًا؛ فعليه القضاء والكفارة، كما قال أبو هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وكما روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ: أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً، أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ، أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا".

    وحديث الذي جامع أهله في رمضان فقال: هَلَكْتُ، يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: (وَمَا أَهْلَكَكَ؟) قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، قَالَ: (هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ رَقَبَةً؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟) قَالَ: لَا، قَالَ: (فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟) قَالَ: لَا، قَالَ: ثُمَّ جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: (تَصَدَّقْ بِهَذَا) قَالَ: أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: (اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) (متفق عليه). وإذا كانت الكفارة باقية في ذمته كما دلَّ عليه أول الحديث، لأنه لما أعلمه بفقره أنه ليس عنده شيء لم يسقط عنه الكفارة؛ بل لما أتته الصدقة أمره أن يتصدق ليكفر عما ارتكب مِن جريمة عظيمة.

    وكذلك إذا وجدت مَن يسب ويلعن ويطعن، وإذا وجدت مَن يكفر ويرتد كمَن يسب الدين أو يسب الله أو يسب الرسول، أو يستهزئ بالقرآن أو بالجنة والنار، أو يستهزئ بالصلاة أو بالصيام؛ فلا بد أن تنهاه عن الردة والكفر، وقل له قول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (التوبة:65-66).

    وليكن استدلالك دائمًا بآيات القرآن، واتل آيات القرآن على الناس؛ لا تقل لهم: الشيء الفلاني حرام وتسكت؛ فإذا سمعت -مثلًا- مَن يسمع المعازف فقل له: قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون:3)، أليس هذا لغوًا؟! وقال -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) (القصص:55)، وقال: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) (لقمان:6). قُل له: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ: صَوْتُ مِزْمَارٍ عِنْدَ نِعْمَةٍ، وَصَوْتُ رَنَّةٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ) (رواه البزار، وحسنه الألباني).

    فإذا سمع الإنسان الآيات وكتب الله له الهداية، كان ذلك مِن أعظم أسباب توبته إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فلا تقل له: الشيء الفلاني حرام، وهو لديه فكرة سيئة أصلًا عن الملتزمين؛ فهم يحرِّمون كل شيء -كما تقول لهم وسائل الإعلام الفاسدة!- وغير ذلك مِن أنواع التشويه!؛ فلا يكن كلامك بغير دليل، قُل: قال الله، وقال الرسول.

    وإذا وجدت متبرجة فقل: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب:33)، ونحو ذلك؛ فذكر بالقرآن؛ فإن القرآن يتذكر به مَن يخاف وعيد الله، ونحن نظن في كل مسلم ومسلمة أن في قلبه مِن الخوف مِن الله -عَزَّ وَجَلَّ- شيئًا -ولو كان شيئًا يسيرًا- يوقظ به في رمضان -بإذن الله- أضعاف ما يوقظ في غيره، والله المستعان.

    تدبر القرآن، وإحياء القلب بما ينبت فيه مِن أسباب حياته، مِن أعمال القلب الواجبة التي هي الإيمان والخوف والرجاء، والإخلاص والحب والشوق إلى الله -سبحانه وتعالى-، واليقين بلقائه.

    أهم ما تبحث عنه حين تقرأ القرآن حب الله -سبحانه- وحب الأنبياء، وحب الملائكة، وحب كل مَن يعبد الله -عَزَّ وَجَلَّ- مِن الصالحين الذين صبروا واحتسبوا، وشكروا نعمة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وكل ذلك تأخذه مِن القرآن؛ اجعل لنفسك نصيبًا منه، لا تضيعه، واجتهد في طاعة الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

    وكذلك من أعمال البر والخير في رمضان: الاعتمار، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً) (رواه مسلم)، فإذا يسر الله لك ذلك فاجتهد أن يحضر قلبك فيها، وأن تؤدي هذه المناسك متوجها إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالاستجابة، ملبيًّا بقلبك قبْل أن يلبي لسانك، شاهدًا فضل الله -عَزَّ وَجَلَّ- ونعمته، طائفًا قلبك بأمر الله وشرعه كما يطوف بدنك ببيته الحرام، واجعل عمرتك تجديدًا لشباب قلبك وحياته.

    وإذا لم يتيسر فحدث نفسك بها كما تحدث نفسك بالجهاد في سبيل الله، وبكل أنواع الطاعات، إذا يسر الله لك ذلك ورغبت إلى الله فتح الله لك مِن أبواب الرزق ما هو ضيق الآن، لكي تجد بفضل الله -سبحانه- أبواب الخير إليك سائرة كما تسير أنتَ إليها؛ فحدث نفسك، وادع الله أن ييسر لك، ولربما كتب لك وأنت جالس ثواب معتمر وحاج وأنت لم تحرِّك قدمك -بأنك أحببت هذه العبادة وقصدت إلى أدائها، ولكن عجزت عنها، كما يكتب لك ثواب المجاهد إذا حدثت نفسك بالجهاد ورغبت في الشهادة في سبيل الله، وإن عجزت عن أن تلحق بالمجاهدين!- وكذلك فكل حديث للنفس بالخير يُكتب لك به الأجر، وربما سبقت بعض العاملين: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) (متفق عليه).

    وعن أنس بن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ ، قَالَ: (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؛ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ) (رواه البخاري).

    فإذا حدثت نفسك واجتهدت في أن تحصل مِن أبواب الخير ما تقدر عليه كُتب لك الأجر، كما أنك تستطيع أن تحصل كل يوم على حجةٍ وعمرةٍ؛ بأن تصلي الصبح في جماعة ثم تبقى إلى طلوع الشمس، قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني)، فأنتَ كل يوم كأنك أنفقت عشرات الآلاف في عمرةٍ أو حجٍ، وهي حجة تامة، والناس ينفقون في ذلك أموالا طائلة تستطيع أن تأخذ ثوابها كل يوم إذا جلستَ تذكر الله.

    ومِن أهم الوصايا بيْن يدي هذا الشهر: تجنب الجدل، وتجنب المناقشات التي لا فائدة فيها، واجعل جدالك بالتي هي أحسن؛ يدور حول الآيات ودلالاتها والأحاديث وبيانها، وتجنب ما يجر إليه الجدل مِن المراء المذموم، فإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ، وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ، وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) (رواه أبو داود، وحسنه الألباني).


    فاللهم وفقنا في شهر رمضان المبارك إلى ما تحبه وترضاه، واجعلنا ممَن يصومه إيمانًا واحتسابًا فتغفر له، واجعلنا ممَن يقومه إيمانًا واحتسابًا فتغفر له، اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، واغفر لنا يا رب العالمين.
    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •