ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه " بدائع الفوائد " 2/ 199
نفث النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين :
في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا آوى إلى فراشه نفث في كفيه بــــــ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذتين جميعا ثم يسمح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده قالت عائشة : فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به" رواه البخاري ومسلم وأبو داود قلت: هكذا رواه يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة ذكره البخاري .
ورواه مالك عن الزهري عن عروة عنها: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها " رواه البخاري ومسلم .
وهذا هو الصواب أن عائشة رضي الله عنها كانت تفعل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها ولم يمنعها من ذلك وأما أن يكون استرقى وطلب منها أن ترقيه فلا ولعل بعض الرواة رواه بالمعنى فظن أنها لما فعلت ذلك وأقرها على رقيته أن يكون مسترقيا فليس أحدهما بمعنى الآخر ولعل الذي كان يأمرها به إنما هو المسح على نفسه بيده فيكون هو الراقي لنفسه ويده لما ضعفت عن التنقل على سائر بدنه أمرها أن تنقلها على بدنه ويكون هذا غير قراءتها هي عليه ومسحها على يديه فكانت تفعل هذا وهذا والذي أمرها به إنما هو تنقل يده لا رقيته والله أعلم .
والمقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما وأنه لا يستغني عنهما أحد قط وأن لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور .
"وأن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس "
فالمستعاذ به وهو الله وحده رب الفلق ،ورب الناس، ملك الناس، إله الناس ، الذي لا ينبغي الاستعاذة إلا به ولا يستعاذ بأحد من خلقه بل هو الذي يعيذ المستعيذين ويعصمهم ويمنعهم من شر ما استعاذوا من شره وقد أخبر الله تعالى في كتابه عمن استعاذ بخلقه أن استعاذته زادته طغيانا ورهقا فقال حكاية عن مؤمني الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} أ ه كلامه رحمه الله .
داوموا عليها لتدركوا معنى " احفظ الله يحفظك "