تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ..تغريدا ت متجددة

  1. #1

    افتراضي لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ..تغريدا ت متجددة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله الذي نزَّل القرآنَ العظيمَ ، والفرقانَ القويمَ ، وهدى عباده إلى الصراطِ المستقيم ،وبيّن فيه كلَّ شىءٍ وفصّله تفصيلا بغاية التوضيح والتقسيم ، وأوضح به جميعَ العلومِ ، ومواضعَ التعلمِ والتعليم ، ثم بيّنه بسنَّة نبيِّه الكريم، سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) علية أكملَ صلاة وأفضل تسليم وعلى صحابته آل بيته الطيبين الطاهرين وبعد..
    فإن القرآن هو كتاب الهدايةوالرحمة ،ومنبع البيان والتبيان ،وهو نور الصدور، وجلاء الهموم والغموم، وسعادة القلوب وطبها ، وقرة العيون وجلائها.
    وقد سماه الله بأسماء عَلِية، ووصفه بصفات جَلِية تدل على علو شأنه ورفعته ، فسماه بالقرآن، والفرقان، والعظيم، والعزيز، والحكيم، والروح، والكريم، والنور، والهدى، والتذكرة، والذكرى، والرحمة، والشفاء، والكتاب المبين، والذكر الحكيم، والصراط المستقيم، والحق اليقين، والقصص الحق، والموعظة الحسنة، والآيات البينات، والمتبينات، والبيان، والتبيان، والبينة، وحبل الله، وصراط الله،و غيرها[1].
    قال تعالى عنه :
    ﴿ الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
    وقال مخاطبا" نبيه :
    ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾.
    قال الإمام الشاطبي[2]- رحمه الله -عن القرآن : "هو كلية الشريعة, وعمدة الملة, وينبوع الحكمة, وآية الرسالة, ونور الأبصار والبصائر, فلا طريق إلى الله سواه, ولا نجاة بغيره, ولا تمسك بشيء يخالفه".
    وقال رحمه الله فى متن الشاطبية :
    وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ وَأَغْنى غَنَاءً وَاهِباً مُتَفَضِّلاَ
    وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاً
    وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فيِ ظُلُمَاتِهِ مِنَ اْلقَبرِ يَلْقَاهُ سَناً مُتَهَلِّلاً
    هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى
    يُنَاشِدُه في إرْضَائِهِ لحبِيِبِهِ وَأَجْدِرْ بِهِ سُؤْلاً إلَيْهِ مُوَصَّلاَ
    فَيَا أَيُّهَا الْقَارِى بِهِ مُتَمَسِّكاً مُجِلاًّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مُبَجِّلا
    هَنِيئاً مَرِيئاً وَالِدَاكَ عَلَيْهِما مَلاَبِسُ أَنْوَأرٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلاْ
    فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ أُولئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ
    أُولُو الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ وَالصَّبْرِ وَالتُّقَى حُلاَهُمُ بِهَا جَاءَ الْقُرَانُ مُفَصَّلاَ
    عَلَيْكَ بِهَا مَا عِشْتَ فِيهَا مُنَافِساً وَبِعْ نَفْسالدُّنْيَا بِأَنْفَاسِهَا الْعُلاَ
    وقد أمرنا الله تعالى بقراءة القرآن وفهمه و تدبره وهو المقصود الأعظم ، والمطلوب الأهم من التلاوة،إذ به تنشرح الصدور ، وتستنير القلوب.
    ولذا قال تعالى آمراً بتدبره وتفهمه ، وناهياً عن الإعراض عنه : ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾.
    وقال: ﴿كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ﴾
    قال العلامة السعدي في تفسير هذه الآية الكريمة:
    ﴿ كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ﴾ فيه خير كثير، وعلم غزير، فيه كل هدى من ضلالة، وشفاء من داء، ونور يستضاء به في الظلمات، وكل حكم يحتاج إليه المكلفون، وفيه من الأدلة القطعية على كل مطلوب، ما كان به أجل كتاب طرق العالم منذ أنشأه اللّه.
    ﴿ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.
    ﴿ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ ﴾ أي: أولو العقول الصحيحة، يتذكرون بتدبرهم لها كل علم ومطلوب، فدل هذا على أنه بحسب لب الإنسان وعقله يحصل له التذكر والانتفاع بهذا الكتاب.))اهـ
    وفى الحديث عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقرأها ، ثم النساء فقرأها ، ثم آل عمران فقرأها. يقرأ مسترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ. وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ.
    و الأحاديث التى تدل على أن تدبر القرآن والتفكر في معاني الألفاظ كان من هديه صلى الله عليه وسلم كثيرة وفيرة ليس هذا موضع سردها ولا حصرها

    ولأهمية ماذكرت فهذة عدة تغريدات فى ظلال آيات القرآن الكريم أضعها بين أيديكم تباعاً، نقف معها وقفات تدبروتفكر ، لعلها تحي القلوب ،وتنير الصدور،وتبعث في النفس والروح محبة خالقها الذي أنزل هذا الكلام على عبده ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم ..
    وخاصة فى هذه الأونة والتى نرى كثير من المسلمين ينظرون الى القرآن على أنه نزل للأموات وليس للأحياء ، فلا يلتفتون إليه إلّا عند ما يموت الميت، فتصدح أجهزة التسجيل فى البيوت بالقرآن لعدة أيام، ويحضر القراء إلى البيوت والمقابر فى مناسبات الموت وذكريات الموتى، وتوقف الإذاعة إرسالها العادي وتقصره على بث القرآن عند موت زعيم أو حاكم ..
    وبعضهم ينظر اليه على انه نزل للبركة، حيث يحولونه إلى حجب وتمائم ورقى يضعونها على الأجساد أو البيوت أو السيارات، استحضارا للبركة ودفعا للضرر، ويفتتح هؤلاء كلماتهم ومؤتمراتهم ولقاءاتهم وجلساتهم واحتفالاتهم وإذاعاتهم بآيات من القرآن، من باب التيمن والتبرك، وتعطير الأجواء بذكره، أو من باب العرف والعادة واستغفال الشعب ودغدغة عاطفته الدينية، وإيهامه أنهم مع القرآن ومن جنوده وخاصته وأهله ..
    ولكنهم لا يريدون أن يفتحوا للقرآن نفوسهم ومشاعرهم وقلوبهم وكيانهم ليحييهم بما فيه من حياة، ولا يريدون أن يفتحوا له مؤسساتهم ومناهجهم ووزاراتهم
    وتشريعاتهم لتتحول إلى هدى ورحمة وعدل .. ولا يريدون أن يفتحوا له مجتمعاتهم وشعوبهم لتتحول إلى رسل خير ودعاة إصلاح، وسادة وأساتذة لبنى الإنسان ..
    ولا يريدون أن يتعاملوا كأحياء مع القرآن كما أرد الملك الديان ، فيتدبروا آياته ،ويتفكروا فيها ،ويبحثوا عن أغراضها وأهدافها ليحققوها فيهم وفى مجتمعاتهم، فهذا ما لم يفكر فيه كثير من المسلمين اليوم [3]
    قال خبَّاب بن الأرتِّ - رضي الله عنه -: ((تقرَّبْ إلى الله ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب بشيء أحبّ إليه من كلامه))[4]
    وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: ((من أراد العلم، فليقرأ القرآن؛ فإن فيه علم الأولّين والآخرين))[5]
    وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما: ((إنَّ من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبَّرونها بالليل، ويتفقَّدونها في النهار.[6]
    فهذه رسائلي إليكم حول آيات القرآن ، أكتبها وأنا أقدم قدم وأَأُخِر آخرى ولا أدري أيهم أحرى ،ويحسن هنا أنْ أنبِّه إلى شئ مهم وهو أنى لست بصدد كتابة تفسير للقرآن، فإن لهذا المجال فرسان ، كما أود ألا يُفهم أنى سأعمل فيه محض عقلي، بل سعيي يدور بين البحث فى كتب الأسلاف متفكرا فيها ومتدبرا لمعانيها،وطالبا المعنى الصحيح ، ، والله أعلم.
    واسأل الله لي ولكم دوام مرافقة القرآن وان يجعلنا من اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصتة .

    [1] فضائل القرآن وتلاوته للرازي ص18

    [2] هو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيئ، الأندلسي، الشاطبي، الضرير (أبو محمد، أبو القاسم) مقرئ، نحوي، مفسر، محدث ناظم.
    ولد بشاطبة إحدى قرى شرقي الأندلسي سنة 538 هـ وتوفي في القاهرة جمادي الآخرة سنة 590 هـ.
    من آثاره: " حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع " (المشهور بالشاطبية) و" عقيلة القصائد في أسئ المقاصد في نظم المقنع للداني "، " ناظمة الزهر في إعداد آيات السور"، "وتنمية الحرز من قراء أئمة الكنز "، و" إبراز المعاني من حرز الأماني".
    انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 534 - 535) " معجم الأدباء " (16/ 293 - 296) " طبقات السبكي " (4/ 297 - 298) " البداية والنهاية " (13/ 10) " شذرات الذهب " (4/ 103 - 303) " حسن المحاضرة (1/ 284 - 285).

    [3] انظر كتاب مفاتيح للتعامل مع القرآن ص 75،وانظر مناهل العرفان في علوم القرآن، لمحمد عبد العظيم الزرقاني.م2 ص297 بتصرف

    [4] رواه الحاكم، وصححه ووافقه الذهبي، 2/ 441.

    [5] مصنف بن أبي شيبة، 10/ 485، والمعجم الكبير للطبراني، 9/ 136، وشعب الإيمان للبيهقي، 2/ 332.

    [6] التبيان للنووي، ص 28.




  2. #2

    افتراضي رد: لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ..تغريدا ت متجددة

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
    (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
    ومع أول آية من سورة الفاتحة.
    قوله تعالى :: ﴿ بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
    أجمع المفسرون على أن البسملة من القرآن وأنها جزء من آية وردت فى سورة النمل ،
    واختلفوا هل هى آية مستقلة من الفاتحة ام جزء منها أم ليست منها ؟، فيه خلاف مشهور ولسنا بصدد الحديث عن ذلك .
    لكن تدبر معى ما تشتمل عليه هذة الآية ، من كمال اللجوء الى الله ، وكمال الإستعانة به ،وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها أصلا" فى بداية كل اموره الدينية والدنيوية.
    تدبر معى ستجد انها تشتمل على عدة اسماء وصفات لله تعالى .
    أما الأسماء فهى ثلاثة من أحب أسماء الله إليه وهى:
    1_ ﴿ الله ﴾ : وقد ذُكر في القرآنِ بالضبط 2699مرة فى سبع صيغ ( الله _ لله _تالله _فالله _بالله _فلله _ابالله )[1]
    2_ ﴿ الرَّحْمنِ ﴾: وقد ذُكر في القرآنِ سبعًا وخمسين مَرَّةً
    3_ ﴿ الرَّحِيمِ ﴾ : وقد ذُكِرَ مائةً وأربعَ عَشْرةَ مرّةً.
    أما اسم«الله» فهو لفظ الجلالة وهو علم على ذات الخالق- عز وجل- تفرد به- سبحانه- ولا يطلق على أحد غيره، ولا يشاركه فيه أحد.
    قال عنه بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره، لذلك لم يثن ولم يجمع، وهو أحد تأويلي قوله تعالى " هل تعلم له سميا " أي من تسمى باسمه الذي هو " الله ".
    فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو سبحانه. وقيل: معناه الذي يستحق أن يعبد. وقيل: معناه واجب الوجود الذي لم يزل ولا يزال، والمعنى واحد[2].
    وهما اسمان مُشتقَّانِ من الرَّحمةِ على وَجْهِ المُبالغةِ. وهي الرِّقَّةُ والتَّعطُّفُ.
    و (رحمن) أشدُّ مبالغةً مِن (رحيم)؛ لأَنَّ بناءَ (فعلان) أشدُّ مبالغةً مِنْ (فعيل)، ونظيرُهما نديمٌ وندمَانُ.
    «فالرَّحْمنِ» هو المنعم على جميع الخلق.
    و«الرَّحِيمِ»هو المنعم على المؤمنين خاصة.
    قال ابن القيم[3] رحمه الله : إِنَّ (الرَّحمَن) دالٌّ على الصفةِ القائمةِ به سُبْحَانَهُ، و (الرَّحيمَ) دالٌّ على تعلُّقِها بالمَرْحُومِ، فكان الأولُ للوصفِ والثاني للفعلِ.
    فالأولُّ دَالٌّ على أَنَّ الرَّحمَةَ صِفَتُه، والثاني دَالٌّ على أَنَّه يرحَمُ خَلْقَهُ برحمَتِهِ.
    وإِذا أَردْتَ فَهْمَ هذا فتأمَّلْ قولَهُ: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِين َ رَحِيمًا﴾ ، وقوله ﴿ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 117]، ولم يَجِئْ قَطُّ "رحمنُ بهم" فعُلِمَ أَنَّ (رحمنَ) هو المَوصُوفُ بالرحمةِ و(رحيم) هو الرَّاحِمُ برحمتِه.
    وهذه نُكتةٌ لا تكادُ تجدُها في كتابٍ وإِن تنفسْتَ عندها مرآةَ قَلبِك لم يَنْجَلِ لك صورتُها"إ.هـ [4]
    وأما اشتمال ﴿ بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ايضا على عدة صفات فمنها
    1_صفة العلو :وهى من الصفات الذاتية، والصفة الذاتية هى الصفة التى لا تنفك عن الله تعالى.
    2_وصفة الالهية العبودية: صفةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ من اسمه (الله)
    قال الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه الله: عند الحديث عن أسماء الله تعالى (الله)، (الرب)،(الرحمن)؛ قال: ......فالدين والشـرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية، والخلق والإيجاد والتدبير والفعل من صفة الربوبية، والجزاء والثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك.أ.هـ[5]
    وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: (الله): هو المألوه المعبود ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال.أ.هـ[6]
    3_ وصفةالرحمة الواسعة[7] الشاملة: والتى تعم المؤمنين والكافرين والمحسنين والمسيئين وكل موجود في هذه الحياة الدنيا.
    وقد أثبت الله هذه الصفة فى كتابه حيث قال: ((وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)) سورة الأعراف – 156 ، وقال أيضاً: ((رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً)) سورة غافر - 7 وقال: ((فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ)) سورة الأنعام - 147 ، وقال: ((وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ)) سورة لقمان – 27.
    4_وصفة الرحمة الواصلةالدائمة: والتى يخص بها عباده المؤمنين وحدهم،وهى ثابتة ايضا فى كتاب الله فى غير موضع منه قوله تعالى: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ البقرة 105
    وفي آية أخرى: ((إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ)) سورة الأعراف - 18 ، وأخرى قال : ((وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ)) سورة محمد - 17 ، وقال سبحانه: ((فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُم ْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ)) سورة النساء - 175.
    5 _وصفة الكلام : وهى صفة ذات، كما أنها فى نفس الوقت صفة فعل، فهي باعتبار أصله صفة ذات؛ لأن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا، وباعتبار آحاده فهي صفة فعل؛ لأنه يتكلم بما شاء متى شاء.
    فإن الله يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء وكيف شاء، بما شاء، بحرف وصوت، لا يماثل أصوات المخلوقين وهذه هى عقيدة أهل السنة والجماعة والتى ندين الله بها ،والادلة عليها من الكتاب والسنة كثيرة منها قوله فى الآية التى ندور فى رحاها (بسم الله الرحمن الرحيم ) فهى كلام الله تكلم بها وهوثابت فى كتابه.
    وجاء جلي كما فى قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6].
    وثبتت صفة الكلام واضحه فى قوله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143].
    وفى الحديث عن عدي بن حاتم رضى الله عنه قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَسَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ ثُمَّ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى شَيْئًا قُدَّامَهُ ثُمَّ يَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَسْتَقْبِلُه ُ النَّارُ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ . [8]
    وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ[9] .
    قال الطحاوي [10]- رحمه الله - وهو يبين عقيدة أهل السنة والجماعة:
    (وأن القرآن كلام الله، منه بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق مثل كلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر؛ حيث قال تعالى: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]، فلما أوعد الله بسَقَرَ لمن قال: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 25] علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ومن وصف الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.أ.هـ[11]
    وقال العلامة محمد خليل هراس رحمه الله:
    وخلاصة مذهب أهل السنة والجماعة في هذه المسألة أن الله تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ، وأن الكلام صفة له قائمة بذاته ، يتكلم بها بمشيئته وقدرته ، فهو لم يزل ولا يزال متكلما إذا شاء ، وما تكلم الله به فهو قائم به ليس مخلوقا منفصلا عنه ؛ كما تقول المعتزلة ، ولا لازما لذاته لزوم الحياة لها ؛ كما تقول الأشاعرة ؛ بل هو تابع لمشيئته وقدرته .
    والله سبحانه نادى موسى بصوت ، ونادى آدم وحواء بصوت ، وينادي عباده يوم القيامة بصوت ، ويتكلم بالوحي بصوت ، ولكن الحروف والأصوات التي تكلم الله بها صفة له غير مخلوقة ، ولا تشبه أصوات المخلوقين وحروفهم ؛ كما أن علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده ؛ فإن الله لا يماثل المخلوقين في شيء من صفاته .أ.هـ[12]
    * عوداً إلى ﴿ بسم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
    فللتعبد بالأسماء والصفات آثارا كثيرة على قلب العبد وعمله لابد أن يعرفها ويدركها غاية الإدراك ، قال العز بن عبد السلام: (اعلم أن معرفة الذات والصفات مثمرة لجميع الخيرات العاجلة والآجلة، ومعرفة كل صفة من الصفات تثمر حالا علية، وأقوالا سنية، وأفعالا رضية، ومراتب دنيوية، ودرجات أخروية، فمثل معرفة الذات والصفات كشجرة طيبة أصلها – وهو معرفة الذات – ثابت بالحجة والبرهان، وفرعها – وهو معرفة الصفات – في السماء مجدا وشرفا تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ من الأحوال والأقوال والأعمال بِإِذْنِ رَبِّهَا ، وهو خالقها إذ لا يحصل شيء من ثمارها إلا بإذنه وتوفيقه، منبت هذه الشجرة القلب الذي إن صلح بالمعرفة والأحوال صلح الجسد كله.أ.هـ[13]
    فسبحان الله الذي جمع فى هذه الآية والتى لا تتجاوز الأربع كلمات كل هذه الصفات والأسماء،والاست عانة والطلب والرجاء ،والدعاء .
    وحري بمن يسئل الله ويستعين به ويتضرع إليه بها أن يستجيب له إذا علم إخلاص قائلها.
    ‫#‏فتنبه




    [1] عجائب اسم الله للدكتور عبدالدائم الكحيل

    [2] تفسير القرطبي ج 1 ص 102.

    [3] هو الفقيه، المفتي، الإمام الرباني شيخ الإسلام الثاني أبو عبدالله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي، ثم الدِّمشقي، الشهير بـ"ابن قيم الجوزية"، عاش في دمشق ودرس على يد ابن تيمية الدمشقي، ولازمه قرابة 16 عامًا، وتأثر به، وسجن في قلعة دمشق في أيام سجن ابن تيمية، وخرج بعد أن توفِّي شيخه عام 728 هـ، ومن تلاميذه: ابن رجب الحنبلي، وابن كثير، والذهبي، وابن عبدالهادي، والفيروزآبادي صاحب "القاموس المحيط" - رحمهم الله تعالى - وغيرهم، وتوفي - رحمه الله - ليلة الخميس، ثالث عشرين من رجب الفرد سنة (751هـ)، ودفن بدمشق بمقبرة الباب الصغير.

    [4] بدائع الفوائد ( 1/ 24 )

    [5] مدارج السالكين م1 ص34

    [6] تفسير السعدي م 5 ص298

    [7] انظر كلام شيخنا العثيمين رحمه الله فى شرح العقيدة الواسطية 1/22

    [8] رواه البخاري (6174)، ومسلم ، وأحمد ،وغيرهم.

    [9] رواه البخاري (4741)، (7483)، ومسلم (222)، وأحمد (1/ 388).

    [10] هو أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمه بن عبد الملك بن سلمه بن سليم بن سليمان الأزدي الحجري الطحاوي (نسبة إلى طحا قرية بصعيد مصر) المصري، الحنفي، فقيه، مجتهد، محدث، حافظ، مؤرخ.
    ولد سنة (229 هـ) وقيل (238 هـ) وتوفي في مصر سنة (321 هـ).
    من تصانيفه: " أحكام القرآن "، " المختصر في الفقه "، " الاختلاف بين الفقهاء "، " المحاضر والسجلات "، " التاريخ الكبير "، " بيان السنة والجماعة "، " معاني الآثار "، " مشكل الآثار ".
    انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 23) " تذكرة الحفاظ " (3/ 28 - 29) " لسان الميزان " (1/ 274) " الفوائد البهية " (ص 31 - 34) " شذرات الذهب " (2/ 288) " حسن المحاضرة " (1/ 198).

    [11] العقيدة الطحاوية (1/ 24(

    [12] شرح العقيدة الواسطية ص138

    [13] شجرة المعارف والأحوال ص15،14





الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •