تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: السلسلة العلمية ) الجزء الاول

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,587

    افتراضي السلسلة العلمية ) الجزء الاول

    " فضائح الباطنية "
    أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي (505 ه )
    .....
    مقدمة الموءلف
    قمت بتصنيف كتاب فِي علم الدّين أقضى بِهِ شكر النِّعْمَة وأقيم بِهِ رسم الْخدمَة واجتني بِمَا اتعاطاه من الكلفة ثمار الْقبُول والزلفة لكني جنحت الى التواني لتحري فِي تعْيين الْعلم الَّذِي اقصده بالتصنيف وَتَخْصِيص الْفَنّ الَّذِي يَقع موقع الرِّضَا من الرَّأْي النَّبَوِيّ الشريف فَكَانَت هَذِه الْحيرَة تغبر فِي وَجه المُرَاد وتمنع القريحة عَن الإذعان والإنقياد حَتَّى خرجت الاوامر الشَّرِيفَة المقدسة النَّبَوِيَّة المستظهرية بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْخَادِم فِي تصنيف كتاب فِي الرَّد على الباطنية مُشْتَمل على الْكَشْف عَن بدعهم وضلالاتهم وفنون مَكْرهمْ واحتيالهم وَوجه استدراجهم عوام الْخلق وجهالهم وإيضاح غوائلهم فِي تلبيسهم وخداعهم وانسلالهم عَن ربقة الْإِسْلَام وانسلاخهم وانخلاعهم وإبراز فضائحهم وقبائحهم بِمَا يُفْضِي الى هتك أستارهم وكشف أغوارهم فَكَانَت المفاتحة بالإستخدام فِي هَذَا المهم فِي الظَّاهِر نعْمَة اجابت قبل الدُّعَاء ولبت قبل النداء وَإِن كَانَت فِي الْحَقِيقَة ضَالَّة كنت أنشدها وبغية كنت أقصدها فَرَأَيْت الِامْتِثَال حتما والمسارعة الى الإرتسام حزما وَكَيف لَا أسارع اليه وان لاحظت جَانب الْآمِر ألفيته أمرا مبلغه رعيم الْأمة وَشرف الدّين ومنشؤه
    وَإِن الْتفت إِلَى الْمَأْمُور بِهِ فَهُوَ ذب عَن الْحق الْمُبين ونضال دون حجَّة الدّين وَقطع لدابر الْمُلْحِدِينَ وَإِن رجعت إِلَى نَفسِي وَقد شرفت بِالْخِطَابِ بِهِ من بَين سَائِر الْعَالمين رَأَيْت المسارعة إِلَى الإذعان والامتثال فِي حَقي من فروض الْأَعْيَان إِذْ يقل على بسيط الأَرْض من يسْتَقلّ فِي قَوَاعِد العقائد بِإِقَامَة الْحجَّة والبرهان
    ....
    رَأَيْت أَن أسلك المسلك المقتصد بَين الطَّرفَيْنِ وَلَا أخلى الْكتاب عَن أُمُور برهانية يتفطن لَهَا الْمُحَقِّقُونَ وَلَا عَن كَلِمَات إقناعية يَسْتَفِيد مِنْهَا المتوهمون فان الْحَاجة الى هَذَا الْكتاب عَامَّة فِي حق الْخَواص والعوام وشاملة جَمِيع الطَّبَقَات من أهل الاسلام وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَب إِلَى الْمنْهَج القويم فلطالما قيل ... كلا طرفِي قصد الْأُمُور ذميم .
    ......
    اهم ما جاء في الكتاب

    لكُل لقب سَبَب أما الباطنية فانما لقبوا بهَا لدعواهم أَن لظواهر الْقُرْآن وَالْأَخْبَار بواطن تجرى فِي الظَّوَاهِر مجْرى اللب من القشر وَأَنَّهَا بصورها توهم عِنْد الْجُهَّال الأغبياء صورا جلية وَهِي عِنْد الْعُقَلَاء والأذكياء رموز وإشارات إِلَى حقائق مُعينَة وَأَن من تقاعد عقله عَن الغوص على الحفايا والأسرار والبواطن والأغوار وقنع بظواهرها مسارعا إِلَى الاغترار كَانَ تَحت الأواصر والأغلال معنى بالأوزار والأثقال وَأَرَادُوا ب الأغلال التكليفات
    الشَّرْعِيَّة فَإِن من ارْتقى إِلَى علم الْبَاطِن انحط عَنهُ التَّكْلِيف واستراح من أعبائه وهم المرادون بقوله تَعَالَى ٨٨
    {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم}
    ......
    وغرضهم الْأَقْصَى إبِْطَال الشَّرَائِع فَإِنَّهُم إِذا انتزعوا عَن العقائد مُوجب الظَّوَاهِر قدرُوا على الحكم بِدَعْوَى الْبَاطِن على حسب مَا يُوجب الإنسلاخ عَن قَوَاعِد الدّين إِذا سَقَطت الثِّقَة بِمُوجب الالفاظ الصَّرِيحَة فَلَا يبْقى للشَّرْع عِصَام يرجع إِلَيْهِ ويعول عَلَيْهِ
    وَأما القرامطة فانما لقبوا بهَا نِسْبَة الى رجل يُقَال لَهُ حمدَان قرمط كَانَ اُحْدُ دعاتهم فِي الِابْتِدَاء فَاسْتَجَاب لَهُ فِي دَعوته رجال فسموا قرامطة وقرمطية وَكَانَ الْمُسَمّى حمدَان قرمط رجلا من اهل الْكُوفَة مائلا الى الزّهْد فصادفه اُحْدُ دعاة الباطنية فِي طَرِيق وَهُوَ مُتَوَجّه الى قريته وَبَين يَدَيْهِ بقر يَسُوقهَا فَقَالَ حمدَان لذَلِك الدَّاعِي وَهُوَ لَا يعرفهُ وَلَا يعرف حَاله أَرَاك سَافَرت عَن مَوضِع بعيد فَأَيْنَ مقصدك فَذكر موضعا هُوَ قَرْيَة حمدَان فَقَالَ لَهُ حمدَان اركب بقرة من هَذِه الْبَقر لتستريح عَن تَعب الْمَشْي فَلَمَّا رَآهُ مائلا الى الزّهْد والديانة اتاه من حَيْثُ رَآهُ مائلا اليه فَقَالَ اني لم اومر بذلك فَقَالَ حمدَان وكأنك لَا تعْمل الا بامر
    الَ نعم قَالَ حمدَان وبأمر من تعْمل فَقَالَ الدَّاعِي بامر مالكي ومالكك وَمن لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ حمدَان ذَلِك إِذن هُوَ رب الْعَالمين فَقَالَ الدَّاعِي صدقت وَلَكِن الله يهب ملكه لمن يَشَاء قَالَ حمدَان وَمَا غرضك فِي الْبقْعَة الَّتِي انت مُتَوَجّه اليها قَالَ امرت أَن ادعو اهلها من الْجَهْل الى الْعلم وَمن الضلال الى الْهدى وَمن الشقاوة الى السَّعَادَة وان استنقذهم من ورطات الذل والفقر واملكهم مَا يستغنون بِهِ عَن الكد والتعب فَقَالَ لَهُ حمدَان انقذني انقذك الله وافض عَليّ من الْعلم مَا يحببني بِهِ فَمَا اشد احتياجي الى مثل مَا ذكرته فَقَالَ الدَّاعِي وَمَا امرت بَان اخْرُج السِّرّ المخزون لكل اُحْدُ الا بعد الثِّقَة بِهِ والعهد عَلَيْهِ فَقَالَ حمدَان وَمَا عَهْدك فاذكره لي فَانِي مُلْتَزم لَهُ
    .....
    وَأما الخرمية فلقبوا بهَا نِسْبَة لَهُم الى حَاصِل مَذْهَبهم وزبدته فانه رَاجع الى طي بِسَاط التَّكْلِيف وَحط أعباء الشَّرْع عَن المتعبدين وتسليط النَّاس على اتِّبَاع اللَّذَّات وَطلب الشَّهَوَات وَقَضَاء الوطر من الْمُبَاحَات والمحرمات وخرم لفظ اعجمي يُنبئ عَن الشئ المستلذ المستطاب الَّذِي يرتاح الانسان اليه بمشاهدته ويهتز لرُؤْيَته وَقد كَانَ هَذَا لقبا للمزدكية وهم اهل الْإِبَاحَة من الْمَجُوس الَّذين نبغوا فِي ايام قباذ وأباحوا النِّسَاء وان كن من الْمَحَارِم وَأَحلُّوا كل مَحْظُور وَكَانُوا يسمون خرمدينية فَهَؤُلَاءِ ايضا لقبوا بهَا لمشابهتهم اياهم فِي اخر الْمَذْهَب وان خالفوهم فِي الْمُقدمَات وسوابق الْحِيَل فِي الاستدراج وَأما البابكية فاسم لطائفة مِنْهُم بَايعُوا رجلا يُقَال لَهُ بابك الخرمي وَكَانَ خُرُوجه فِي بعض الْجبَال بِنَاحِيَة أذربيجان فِي أَيَّام المعتصم بِاللَّه واستفحل أَمرهم واشتدت شوكتهم وقاتهلم افشين صَاحب حبس المعتصم مداهنا لَهُ فِي قِتَاله ومتخاذلا عَن الْجد فِي قمعه إضمارا لموافقته فِي ضلاله فاشتدت وَطْأَة البابكية على جيوش الْمُسلمين حَتَّى مزقوا جند الْمُسلمين وبددوهم منهزمين الى أَن هبت ريح النَّصْر وَاسْتولى عَلَيْهِم
    ......قال
    (ص 37)
    ما الْجُمْلَة فَهُوَ أَنه مَذْهَب ظَاهره الرَّفْض وباطنه الْكفْر الْمَحْض ومفتتحه حصر مدارك الْعُلُوم فِي قَول الإِمَام الْمَعْصُوم وعزل الْعُقُول عَن أَن تكون مدركة للحق لما يعتريها من الشُّبُهَات ويتطرق الى النظار من الاختلافات وايجاب لطلب الْحق بطرِيق التَّعْلِيم والتعلم وَحكم بَان الْمعلم الْمَعْصُوم هُوَ المستبصر وانه مطلع من جِهَة الله على جَمِيع اسرار الشَّرَائِع يهدي الى الْحق ويكشف عَن المشكلات وان كل زمَان فَلَا بُد فِيهِ من امام مَعْصُوم يرجع اليه فِيمَا يستبهم من امور الدّين
    هَذَا مبدأ دعوتهم ثمَّ انهم بِالآخِرَة يظهرون مَا يُنَاقض الشَّرْع وَكَأَنَّهُ غَايَة مقصدهم لَان سَبِيل دعوتهم لَيْسَ بمتعين فِي فن وَاحِد بل يخاطبون كل فريق بِمَا يُوَافق رَأْيه بعد أَن يظفروا مِنْهُم بالانقياد لَهُم والموالاة لامامهم فيوافقون الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس على جملَة معتقداتهم ويقرونهم عَلَيْهَا فَهَذِهِ جملَة الْمذَاهب
    وَأما تَفْصِيله فَيتَعَلَّق بالالهيات والنبوات والإمامة والحشر والنشر وَهَذِه أَرْبَعَة أَطْرَاف وَأَنا مقتصر فِي كل طرف على نبذة يسيرَة من حِكَايَة
    .......
    ( ص 39)
    فَهَذَا مَا حُكيَ من مَذْهَبهم الى امور اخر هِيَ افحش مِمَّا ذَكرْنَاهُ لم نر تسويد الْبيَاض بنقلها وَلَا تبيان وَجه الرَّد عَلَيْهَا لمعنيين احدهما أَن المنخدعين بخداعهم وزورهم والمتدلين بِحَبل غرورهم فِي عصرنا هَذَا لم يسمعوا هَذَا مِنْهُم فينكرون جَمِيع ذَلِك إِذا حكى من مَذْهَبهم ويحدثون فِي انفسهم أَن هَؤُلَاءِ انما خالفوا لانه لَيْسَ عِنْدهم حَقِيقَة مَذْهَبنَا وَلَو عرفوها لوافقونا عَلَيْهَا فنرى ان نشتغل بِالرَّدِّ عَلَيْهِم فِيمَا اتّفقت كلمتهم وَهُوَ إبِْطَال الرَّأْي والدعوة الى التَّعَلُّم من الامام الْمَعْصُوم فَهَذِهِ عُمْدَة معتقدهم وزبدة مخضهم فلنصرف الْعِنَايَة اليه وَمَا عداهُ فمنسقم الى هذيان ظَاهر الْبطلَان وَإِلَى كفر مسترق من الثنوية وَالْمَجُوس فِي القَوْل بالالهين مَعَ تَبْدِيل عبارَة النُّور والظلمة ب السَّابِق والتالي الى ضلال منتزع من كَلَام الفلاسفة فِي قَوْلهم ان المبدأ الاول عِلّة لوُجُود الْعقل على سَبِيل اللُّزُوم عَنهُ
    ......

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    بلاد دعوة الرسول عليه السلام
    المشاركات
    13,587

    افتراضي رد: السلسلة العلمية ) الجزء الاول

    ( 2 )

    " فضائح الباطنية "
    أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي (505 ه )
    .....
    مقدمة الموءلف
    قمت بتصنيف كتاب فِي علم الدّين أقضى بِهِ شكر النِّعْمَة وأقيم بِهِ رسم الْخدمَة واجتني بِمَا اتعاطاه من الكلفة ثمار الْقبُول والزلفة لكني جنحت الى التواني لتحري فِي تعْيين الْعلم الَّذِي اقصده بالتصنيف وَتَخْصِيص الْفَنّ الَّذِي يَقع موقع الرِّضَا من الرَّأْي النَّبَوِيّ الشريف فَكَانَت هَذِه الْحيرَة تغبر فِي وَجه المُرَاد وتمنع القريحة عَن الإذعان والإنقياد حَتَّى خرجت الاوامر الشَّرِيفَة المقدسة النَّبَوِيَّة المستظهرية بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْخَادِم فِي تصنيف كتاب فِي الرَّد على الباطنية مُشْتَمل على الْكَشْف عَن بدعهم وضلالاتهم وفنون مَكْرهمْ واحتيالهم وَوجه استدراجهم عوام الْخلق وجهالهم وإيضاح غوائلهم فِي تلبيسهم وخداعهم وانسلالهم عَن ربقة الْإِسْلَام وانسلاخهم وانخلاعهم وإبراز فضائحهم وقبائحهم بِمَا يُفْضِي الى هتك أستارهم وكشف أغوارهم فَكَانَت المفاتحة بالإستخدام فِي هَذَا المهم فِي الظَّاهِر نعْمَة اجابت قبل الدُّعَاء ولبت قبل النداء وَإِن كَانَت فِي الْحَقِيقَة ضَالَّة كنت أنشدها وبغية كنت أقصدها فَرَأَيْت الِامْتِثَال حتما والمسارعة الى الإرتسام حزما وَكَيف لَا أسارع اليه وان لاحظت جَانب الْآمِر ألفيته أمرا مبلغه رعيم الْأمة وَشرف الدّين ومنشؤه
    وَإِن الْتفت إِلَى الْمَأْمُور بِهِ فَهُوَ ذب عَن الْحق الْمُبين ونضال دون حجَّة الدّين وَقطع لدابر الْمُلْحِدِينَ وَإِن رجعت إِلَى نَفسِي وَقد شرفت بِالْخِطَابِ بِهِ من بَين سَائِر الْعَالمين رَأَيْت المسارعة إِلَى الإذعان والامتثال فِي حَقي من فروض الْأَعْيَان إِذْ يقل على بسيط الأَرْض من يسْتَقلّ فِي قَوَاعِد العقائد بِإِقَامَة الْحجَّة والبرهان
    ....
    رَأَيْت أَن أسلك المسلك المقتصد بَين الطَّرفَيْنِ وَلَا أخلى الْكتاب عَن أُمُور برهانية يتفطن لَهَا الْمُحَقِّقُونَ وَلَا عَن كَلِمَات إقناعية يَسْتَفِيد مِنْهَا المتوهمون فان الْحَاجة الى هَذَا الْكتاب عَامَّة فِي حق الْخَواص والعوام وشاملة جَمِيع الطَّبَقَات من أهل الاسلام وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَب إِلَى الْمنْهَج القويم فلطالما قيل ... كلا طرفِي قصد الْأُمُور ذميم .
    ......
    اهم ما جاء في الكتاب

    لكُل لقب سَبَب أما الباطنية فانما لقبوا بهَا لدعواهم أَن لظواهر الْقُرْآن وَالْأَخْبَار بواطن تجرى فِي الظَّوَاهِر مجْرى اللب من القشر وَأَنَّهَا بصورها توهم عِنْد الْجُهَّال الأغبياء صورا جلية وَهِي عِنْد الْعُقَلَاء والأذكياء رموز وإشارات إِلَى حقائق مُعينَة وَأَن من تقاعد عقله عَن الغوص على الحفايا والأسرار والبواطن والأغوار وقنع بظواهرها مسارعا إِلَى الاغترار كَانَ تَحت الأواصر والأغلال معنى بالأوزار والأثقال وَأَرَادُوا ب الأغلال التكليفات
    الشَّرْعِيَّة فَإِن من ارْتقى إِلَى علم الْبَاطِن انحط عَنهُ التَّكْلِيف واستراح من أعبائه وهم المرادون بقوله تَعَالَى ٨٨
    {وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم}
    ......
    وغرضهم الْأَقْصَى إبِْطَال الشَّرَائِع فَإِنَّهُم إِذا انتزعوا عَن العقائد مُوجب الظَّوَاهِر قدرُوا على الحكم بِدَعْوَى الْبَاطِن على حسب مَا يُوجب الإنسلاخ عَن قَوَاعِد الدّين إِذا سَقَطت الثِّقَة بِمُوجب الالفاظ الصَّرِيحَة فَلَا يبْقى للشَّرْع عِصَام يرجع إِلَيْهِ ويعول عَلَيْهِ
    وَأما القرامطة فانما لقبوا بهَا نِسْبَة الى رجل يُقَال لَهُ حمدَان قرمط كَانَ اُحْدُ دعاتهم فِي الِابْتِدَاء فَاسْتَجَاب لَهُ فِي دَعوته رجال فسموا قرامطة وقرمطية وَكَانَ الْمُسَمّى حمدَان قرمط رجلا من اهل الْكُوفَة مائلا الى الزّهْد فصادفه اُحْدُ دعاة الباطنية فِي طَرِيق وَهُوَ مُتَوَجّه الى قريته وَبَين يَدَيْهِ بقر يَسُوقهَا فَقَالَ حمدَان لذَلِك الدَّاعِي وَهُوَ لَا يعرفهُ وَلَا يعرف حَاله أَرَاك سَافَرت عَن مَوضِع بعيد فَأَيْنَ مقصدك فَذكر موضعا هُوَ قَرْيَة حمدَان فَقَالَ لَهُ حمدَان اركب بقرة من هَذِه الْبَقر لتستريح عَن تَعب الْمَشْي فَلَمَّا رَآهُ مائلا الى الزّهْد والديانة اتاه من حَيْثُ رَآهُ مائلا اليه فَقَالَ اني لم اومر بذلك فَقَالَ حمدَان وكأنك لَا تعْمل الا بامر
    الَ نعم قَالَ حمدَان وبأمر من تعْمل فَقَالَ الدَّاعِي بامر مالكي ومالكك وَمن لَهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ حمدَان ذَلِك إِذن هُوَ رب الْعَالمين فَقَالَ الدَّاعِي صدقت وَلَكِن الله يهب ملكه لمن يَشَاء قَالَ حمدَان وَمَا غرضك فِي الْبقْعَة الَّتِي انت مُتَوَجّه اليها قَالَ امرت أَن ادعو اهلها من الْجَهْل الى الْعلم وَمن الضلال الى الْهدى وَمن الشقاوة الى السَّعَادَة وان استنقذهم من ورطات الذل والفقر واملكهم مَا يستغنون بِهِ عَن الكد والتعب فَقَالَ لَهُ حمدَان انقذني انقذك الله وافض عَليّ من الْعلم مَا يحببني بِهِ فَمَا اشد احتياجي الى مثل مَا ذكرته فَقَالَ الدَّاعِي وَمَا امرت بَان اخْرُج السِّرّ المخزون لكل اُحْدُ الا بعد الثِّقَة بِهِ والعهد عَلَيْهِ فَقَالَ حمدَان وَمَا عَهْدك فاذكره لي فَانِي مُلْتَزم لَهُ
    .....
    وَأما الخرمية فلقبوا بهَا نِسْبَة لَهُم الى حَاصِل مَذْهَبهم وزبدته فانه رَاجع الى طي بِسَاط التَّكْلِيف وَحط أعباء الشَّرْع عَن المتعبدين وتسليط النَّاس على اتِّبَاع اللَّذَّات وَطلب الشَّهَوَات وَقَضَاء الوطر من الْمُبَاحَات والمحرمات وخرم لفظ اعجمي يُنبئ عَن الشئ المستلذ المستطاب الَّذِي يرتاح الانسان اليه بمشاهدته ويهتز لرُؤْيَته وَقد كَانَ هَذَا لقبا للمزدكية وهم اهل الْإِبَاحَة من الْمَجُوس الَّذين نبغوا فِي ايام قباذ وأباحوا النِّسَاء وان كن من الْمَحَارِم وَأَحلُّوا كل مَحْظُور وَكَانُوا يسمون خرمدينية فَهَؤُلَاءِ ايضا لقبوا بهَا لمشابهتهم اياهم فِي اخر الْمَذْهَب وان خالفوهم فِي الْمُقدمَات وسوابق الْحِيَل فِي الاستدراج وَأما البابكية فاسم لطائفة مِنْهُم بَايعُوا رجلا يُقَال لَهُ بابك الخرمي وَكَانَ خُرُوجه فِي بعض الْجبَال بِنَاحِيَة أذربيجان فِي أَيَّام المعتصم بِاللَّه واستفحل أَمرهم واشتدت شوكتهم وقاتهلم افشين صَاحب حبس المعتصم مداهنا لَهُ فِي قِتَاله ومتخاذلا عَن الْجد فِي قمعه إضمارا لموافقته فِي ضلاله فاشتدت وَطْأَة البابكية على جيوش الْمُسلمين حَتَّى مزقوا جند الْمُسلمين وبددوهم منهزمين الى أَن هبت ريح النَّصْر وَاسْتولى عَلَيْهِم
    ......قال
    (ص 37)
    ما الْجُمْلَة فَهُوَ أَنه مَذْهَب ظَاهره الرَّفْض وباطنه الْكفْر الْمَحْض ومفتتحه حصر مدارك الْعُلُوم فِي قَول الإِمَام الْمَعْصُوم وعزل الْعُقُول عَن أَن تكون مدركة للحق لما يعتريها من الشُّبُهَات ويتطرق الى النظار من الاختلافات وايجاب لطلب الْحق بطرِيق التَّعْلِيم والتعلم وَحكم بَان الْمعلم الْمَعْصُوم هُوَ المستبصر وانه مطلع من جِهَة الله على جَمِيع اسرار الشَّرَائِع يهدي الى الْحق ويكشف عَن المشكلات وان كل زمَان فَلَا بُد فِيهِ من امام مَعْصُوم يرجع اليه فِيمَا يستبهم من امور الدّين
    هَذَا مبدأ دعوتهم ثمَّ انهم بِالآخِرَة يظهرون مَا يُنَاقض الشَّرْع وَكَأَنَّهُ غَايَة مقصدهم لَان سَبِيل دعوتهم لَيْسَ بمتعين فِي فن وَاحِد بل يخاطبون كل فريق بِمَا يُوَافق رَأْيه بعد أَن يظفروا مِنْهُم بالانقياد لَهُم والموالاة لامامهم فيوافقون الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس على جملَة معتقداتهم ويقرونهم عَلَيْهَا فَهَذِهِ جملَة الْمذَاهب
    وَأما تَفْصِيله فَيتَعَلَّق بالالهيات والنبوات والإمامة والحشر والنشر وَهَذِه أَرْبَعَة أَطْرَاف وَأَنا مقتصر فِي كل طرف على نبذة يسيرَة من حِكَايَة
    .......
    ( ص 39)
    فَهَذَا مَا حُكيَ من مَذْهَبهم الى امور اخر هِيَ افحش مِمَّا ذَكرْنَاهُ لم نر تسويد الْبيَاض بنقلها وَلَا تبيان وَجه الرَّد عَلَيْهَا لمعنيين احدهما أَن المنخدعين بخداعهم وزورهم والمتدلين بِحَبل غرورهم فِي عصرنا هَذَا لم يسمعوا هَذَا مِنْهُم فينكرون جَمِيع ذَلِك إِذا حكى من مَذْهَبهم ويحدثون فِي انفسهم أَن هَؤُلَاءِ انما خالفوا لانه لَيْسَ عِنْدهم حَقِيقَة مَذْهَبنَا وَلَو عرفوها لوافقونا عَلَيْهَا فنرى ان نشتغل بِالرَّدِّ عَلَيْهِم فِيمَا اتّفقت كلمتهم وَهُوَ إبِْطَال الرَّأْي والدعوة الى التَّعَلُّم من الامام الْمَعْصُوم فَهَذِهِ عُمْدَة معتقدهم وزبدة مخضهم فلنصرف الْعِنَايَة اليه وَمَا عداهُ فمنسقم الى هذيان ظَاهر الْبطلَان وَإِلَى كفر مسترق من الثنوية وَالْمَجُوس فِي القَوْل بالالهين مَعَ تَبْدِيل عبارَة النُّور والظلمة ب السَّابِق والتالي الى ضلال منتزع من كَلَام الفلاسفة فِي قَوْلهم ان المبدأ الاول عِلّة لوُجُود الْعقل على سَبِيل اللُّزُوم عَنهُ
    ......

    ......
    ( 2 )
    كتاب : مقارنة بين الغزالي وابن تيمية
    تأليف محمد رشاد سالم

    سبب اختياري للموضوع

    " لما لهما من مزية تميزهما على غيرهما من علماء هذه الأمة ولما راجت كتبهما في بقاع المعمورة
    وهما من كبار العلماء اذين ملأوا الدنيا علما وفقها وهما يمثلان أكبر تيارين فكريين يوثران على المسلمين
    فالغزالي يمثل التيار الأشعري الصوفي وابن تيمية يمثل التيار السني السلفي ولكل منهما انصار ورجال
    وان الغلبة في أكثر البلاد الإسلامية حتى الآن للتيار الأشعري الصوفي – كما ذكره الشيخ محمد رشاد سالم
    ولما آل الأمر الى انتشار هذه المنهج انتشار كبيرا وراج رواجا عظيما في العالم الإسلامي احببنا ان نسهب
    بشكل مختصر على التنبية على نقاط أساسية فيصلية عن جذور هذا المنهج ومدى تأثر الناس به واسبابه
    وما آلت اليه الأمور بعدهما "
    وما ذكره المقريزي في خططه " من انتشار المذهب الاشعري وشهرته في امصار الإسلام الى ان ظهر ابن تيمية
    فتصدى للرد على مذهب الاشاعرة وصدع بالنكير عليهم وعلى الرافضة والصوفية ووافقه أناس وعارضه آخرون
    ثم يقول " اما النهضة الحديثة لعلم الكلام فتقوم على نوع من التنافس بين مذهب الاشعرية ومذهب ابن تيمية
    ويسمى انصار هذا التيار بالسلفية ولعل الغلبة في بلاد الإسلام لا تزال لمذهب الأشاعرة "
    كتاب " التمهيد لتاريخ الفلسفة الإسلامية " الشيخ مصطفى عبد الرزاق ( ص 179)

    .......
    قال المؤلف ( ص 7)
    سمي لغزالي بحجة الإسلام والامام مع ان ثقافته الإسلامية كانت محدودة اصة في علم الحديث
    ولذلك كثرت الاحدايث الضعيفة في كتبه عامة وفي كتاب " الاحياء " بوجه خاص وسجل عليه اكثر
    من عالم مثل أبي بكر الطرطوشي الذي قال عنه " شحن أبو حامد " الأحياء " بالكذب على رسول الله
    فلا أعلم كتاب على بسيط الأرض أكثر كذبا منه "
    قال ابن الجوزي في " المنتظم " (9/169)
    وأخذ في تصنيف كتاب " الأحياء " في القدس ثم أتمه في دمشق إلا انه وضعه على مذهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه وقوله أيضا " ثم إنه نظر في كتاب أبي طالب المكي وهو قوت القلوب وكلام المتصوفة القدماء فاجتذبته ذلك بمرة عما يوجبه الفقه وذكر في كتاب الأحياء " من الأحاديث الموضوعة ما لا يصلح غير قليل وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل "
    وقال عنه الذهبي في " سير اعلام النبلاء " ص 71 ) سيرة الغزالي
    " ولم يكن له علم بالآثار ولا خبرة بالسنن النبوية العاصية على العقل "
    وقال المؤلف ( ص 8 )
    " واما جوانب ثقافته فإن ابن تيمية يحللها ويردها الى مصادرها في رسالته " السبعينية "
    فيقول " وأبو حامد مادته الكلامية من كلام شيخه ( يقصد الجويني ) في الارشاد
    و" الشامل " ونحوها مضموما الى ما تلقاه من القاضي ابي بكر الباقلاني لكنه في أصول
    الفقه سلك في الغالب مذهب ابن الباقلاني مذهب الواقفة وتصويب المجتهدين
    وضم ما اخذه من كلام ابي زيد الدبوسي وغيره في القياس واما الكلام طريقة شيخه القاضي ابي بكر الباقلاني وشيخه في أصول الفقه يميل الى الشافعية
    ومادة ابي حامد في الفلسفة من كلام ابن سينا ولهذا يقال
    أبو حامد أمرضه الشفاء "
    واكثر مادته من " المنجيات " فإن عامته ماخوذة من كلام أبي طالب
    ولكن أبو طالب اشد واعلى وما يذكره في ربع المهلكات فإخذ غالبه من كلام الحارث المحاسبي في "
    الرعاية "
    ولهذا قال تلميذ الغزالي القاضي أبو بكر بن العربي الذي قال
    بحسب ما رواه لذهبي : شيخنا أبو حامد بلغ الفلا سفة " وارد أن يتقيأهم فما استطاع "
    وقال عنه أبو بكر الطرطوشي المتوفي سنة 520
    ان الغزالي شبك كتابه " الاحياء " بمذاهب الفلاسفة ومعاني رسائل اخوان الصفا وهم يرون النبوة مكتسبة
    سيرة الغزالي ( ص 70 )
    ....
    وكذلك ذكر الذهبي وأبو عبد الله المازري المتوفي ( 536)
    انه تأثر بالفلسفة وبرسائل الصفا ةتأر بكتب ابي حيان التوحيدي
    ....
    قال الؤلف ( ص 10 )
    وقد فصل الدكتور سليمان دنيا في كتابه " الحقيقة في نظر الغزالي وهو يراه الف كتبا في علم الكلام مثل كتابه " تهافت الفلاسفة "
    ليرضي العوام ولكنها لا تمثل اراء الغزالي الحقيقية
    وهو يستشهد بكلام الغزالي في كتابه " جواهر القرآن "
    حيث يقول :
    ومقصود هذا العلم ( علم الكلام ) حراسة عقيدة العوام عن تشويش المبتدعة
    ولا يكون هذا العلم مليا بكشف الحقائق وبجنسه يتعلق الكتاب الذي صنفناه في تعافت الفلاسفة والذي اوردناه في الرد على الباطنية ف الكتاب الملقب بالمستظهري في كتاب حجة الحق وقواصم الباطنية وكتاب مفصل الخلاف في اصل الدين .
    ويستنتج الدكتور سليمان دنيا من ذلك أن كلام الغزال معناه ان أفكار الفلاسفة ليست باطلة عنده في ذاتها وإنما الباطل هو ذكرها للعامة
    والأستاذ مو نتجومري وات يذهب نفس مذهب الدكتور سليمان دنيا بدليل انه يلخص عمل الغزالي بعبارة واحدة ذكر فيها ان الغزالي "
    ارسى علم الكلام على قاعدة فلسفية "
    ......
    قال المؤلف ( ص 12 )
    وقد اعترف الغزالي في كتابه " المنقذ من الضلال " بتاثره ببعض كتب الشيوخ الصوفية
    فقال " فابتدات بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم مثل " قوت القلوب " لأبي طالب
    المكي رحمه الله وكتب الحارث المحاسبي والمتفرقات المأثورة عن الجنيد والشبلي وأبي يزيد البسطامي قدس الله ارواحهم وغيرهم من المشايخ "
    ....
    قال الؤلف ( ص 13 )
    قال الغزالي في كتابه " ميزان العمل " ان هذا الاعتقاد هو اعتقاد شيوخ الصوفية على القطع ثم قال في كتاب المنقذ من الظضلال والمفصح بالاحوال " ان اعتقاده هو كاعتقاد الصوفية وان امره انما وقف على ذلك بعد طول البحث "

    ....
    والدكتور سليمان دنيا ينفي في كتابه ( الحقيقة في نظر الغزالي ( ( ص 108)
    ان يكون الغزالي قاءلا بالبعث الروحاني ولكن يرجع فيؤكد انه تابع للفلاسفة عامة وابن سينا خاصة من أكثر اقوالهم وقد تابعه متابعة تامة في كلامه عن النفس وخاصة في كتابه "
    معارج النفس في مدارج معرفة لنفس "
    وهذا الرأي نفسه يذكره ابن تيمية في رسالة " السبعينية "
    .....
    ( ص 14)
    وقد حدثنا الغزالي ف كتابه " المنقذ من الضلال " عن الشك الذ خامر عقله وعن الأزمة
    العقلية والنفسية التي ع
    رضت له بعد ذلك فذكر انه شك في المحسوسات ثم في العقليات حتى انه ظل كما حدثنا عن نفسه قيبا من شهرين انا فيهما على مذهب السفسطة بحكم الحال لا بحكم النطق والمقال حتى
    شفى الله تعالى من ذلك المرض "
    " المنقذ من الضلال " ( ص 130)
    ....
    ص 14
    " وهو في مواضع خرى يبين فائدة الشك فيقول في آخر كتاب " ميزان العمل "
    فمن لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقى في العمى والضلال "

    ويذهب بعض الباحثين الى ان الشك صاحب الغزالي حتى 488 وهو في سن الأربعين تقريبا
    .....
    ( ص 18 )
    ولعل من الأمور الهامة التي تتصل بالكلام على ثقافة الغزالي بيان مدى السلبية
    التي كان عليها الغزالي إزاء الاحداث السياسية الضخمة لتي حدثت اثناء حياته فتح
    الصليبيون انطاكية سنة 491 ثم معرة النعمان في الشهر الأخير ن تلك السنة وقتلوا فيها
    مائة الف ثم اجتاحوا البلاد كلها يقتلون ويدمرون واقتحموا القدس سنة 495 ه
    ووصلت الأخبار بذلك الى بغداد فقلقت الخواطر واضطربت الخلافة وكان الغزالي في بغداد
    في الأغلب فلم يبد ساكنا ثم غنه عاش احد عشر عاما بعد سقوط القدس في ايدي الافرنج
    الصليبين فلم يذكرهم بلسانه فضلا عن ان يكون قد حض على قتالهم كما كان ينتظر منه "
    مقال د عمر فروخ رجوع الغزالي الى اليقين
    المهرجان ( ص 300- 301 )
    ويحالو الدكتور عمر فروخ ان يبحث عن أسباب هذا الموقف ويردها الى عاملين :
    الأول : مرضه وازمته النفسية والثاني سلوكه طريق التصوف وقد وقف جميع الصوفية موقفا هادئا من
    الحروب الصليبية التي كانوا يعتقدون انها عقابا للمسلمين على معاصيهم

    .......
    ( ص 21 )
    أجمع المؤرخون على ابن تيمية كان واسع الاطلاع على العلوم الشرعية والعقلية على حد سواء ويقول الذهبي
    عنه : " كان يتوقد ذكاء وسماعاته من الحديث كثيرة وشيوخه اكثر من 200 شيخ ...ومعرفته بالتفسير اليها المنتهى وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه اما معرفته بالسير والتاريخ فعجب عجيب
    قول الذهبي : " كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فهو ليس بحديث "
    وكتاب الرد على المنطقيين لابن تيمية وهو كتاب فريد من نوعه
    ...
    ( ص 23 )
    وقد ذكر المترجمون لسيرته ان له في الرد على الفسفة اربع مجلدات غير الرسائل والقواعد التي كتبها
    منها كتاب الرد على منطق كتاب الإشارات لابن سينا
    اما في مجال نفض علم الكلام له كتاب " نقض تأسيس التقديس "
    والذي يميز ثقافة ابن تيمية انها ثقافة إسلامية عميقة بالدرجة
    الأولى وانه يتبع فيها منهج اهل السنة والجماعة اتباعا دقيقا وخاصة منهج الامام احمد بن حنبل
    كما انه قرر في كتاب الرد على المنطقيين " انه استفاد من كتاب الدقائق " للباقلاني وهو اشعري
    ةمن كتاب ابن النوبختي الشيعي " الاثنى عشري " في رده على المنطق
    ......
    ص 24
    ومع انه يقرر ان الغزالي كان متناقضا إلا انه يسجل له تاريخ حافل بالعلم ويشيد بكتابه " فضائح الباطنية "
    وانه اقلع في آخر حياته عن الاشتغال بالعلوم الفلسفية والكلامية وانصرف الى الاشتغال
    بعلم الحديث " واخر ما اشتغل به النظر في صحيح البخاري ومسلم ومات وهو مشتغل بذلك
    " السبعيينة (ج5/ ص 42 )
    وهذا يوافق ما ذكره المؤرخون كما في المنتظم لابن الجوزي وطبقات الشافعية للسبكي
    ....
    ص 25)
    وعلى الرغم من هجوم ابن تيمية على الباقلاني وخاصة ارائه عن النبوات والمعجزات
    إلا انه يقرر انه أفضل الاشاعرة ليس فيهم مثله لا قبله ولا بعده
    كما انه يذكر عن ابن رشد أنه افضل الفلاسفة "

    .....
    ص 27
    أما الغزالي فإنه كان متابع لمنطق ليونان على الجملة الا انه حاول ان يلبسه ثيبا إسلامية
    وخاصة في كتابه " القسطاس المستقيم "
    ولقد الف الغزالي كتابيه " معيار العلم " ومحك النظر "
    ووافق فيهما منطق ارسطو وابن سينا إلا انه قرر في مقدمته لكتاب " المستصفى في الأصول "
    ان المنطق هو مقدمة الأصول كلهما وان من لا يثق به فلا ثقة بشيء من علومه

    ولذلك يرى ابن تيمية ان المنطق دخل في العلوم الشرعية وفي أصول الفقه في أواخر المائة الخامسة
    ويذكر عن الغزالي انه دائما شديد الثقة بالمنطق
    ثم يقول " واعجب من ذلك انه وضع كتابا سماه " القسطس المستقيم "
    ونسبه الى انه تعليم الأنبياء
    وانما تعلمه من ابن سينا وهو تعلمه من كتب ارسطو "
    " الرد على المنطقيين "
    ( ص 14-15)
    ......
    ( ص 29)
    سار أكثر علماء المسلمين على طريق الغزالي حتى ثال من قال من المتاخرين
    : " أن تعلم المنطق فرض كفاية "
    وهو قول فاسد من وجوه متعددة وهو يدل على جهل قائله بالشرع وجهله بفائدة المنطق
    ومن قال انه " فرض على الأعيان فهو أجهل منه "
    " نقض المنطق ص 157
    واما ابن تيمية يكشف بطريقة منهجية فساد هذا المنطق وقد لف كتب في الرد على المنطق
    ضاع بعضا ولكن يوجد بين أيدينا منها كتاب " نقض المنطق " والجزء الأخير منه يرد على المنطقيين وكتاب " الرد على المنطقيين "
    وهو من الكتب الكبيرة
    ....
    ( ص 30 )
    وذلك ان المنطق واصطلاحاته انما عرف على زمن اليونان ووضعه رجل يوناني وقد كانت جماهير العقلاء في الأمم المختلفة قبلهم تعرف حقائق الأشياء بدون الاصطلاحات والأوضاع المنطقية
    والمتفلسفة جعلوا المنطق ميزانا للموازين العقلية التي هي الاقيسة العقلية ولوان الميزان احتاج الى ميزان للزم التسلسل
    وابن تيمية ينبه الى نقطة هامة تنبه اليها كبار المناطقة المحدثين وهي ارتباط المنطق باللغة
    وان الفطرة وان كانت صحيحة وزنت بالميزان العقلي وان كانت بليدة او فاسدة لم يزدها المنطق لو كان صحيحا الا بلادة وفسادا "
    .....
    ص 38
    ونظرية الطبقات الثلاث التي أشار اليها الفارابي وابن سينا وتبعه عليه الغزالي في
    " القسطاس المستقيم ) وفصل ابن رشد في " فصل المقال ) هي نظرية
    يونانية بحتة يذهب الأستاذ روزنتال الى انها تأثرت بآراء افلاطون في جمهوريته حيث ينقسم الناس الى طبقات ثلاث " عمال وجند وحكام او فلاسفة
    .......
    والكتاب يحتوي على جملة من المفارقات بين ابن تيمية والغزالي تلميذ الجويني
    واقتصرنا على المهم من هذه المفارقات بينهم وارتباط الغزالي الوثيق بالمنطق اليوناني ومدى
    نقد ابن تيمية للمناطقة وسلوكياتهم ومدى تطورهم وخطرهم على العامة

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •