فإنْ مات مَنْ وجب عليه الحج والعمرة؛ ولكنه لَمْ يَحُجَّ ولَمْ يعتمر لعذر؛ كمرض، أو منعه مانع من السفر؛ فإنهما يُخْرَجَان مِنْ تركته قبل الإرث والوصية؛ لأن ذلك دَيْنٌ؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ ؤضي الله عنهما، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ»([1])، فيؤخذ مِنْ تركته ما يكفي للحج والعمرة، وما بقي فإنه للوصية والورثة.
فإنْ كان هذا الميِّتُ مستطيعًا، ولكنه لَمْ يحجَّ تفريطًا منه وتهاونًا، فذهب بعض المحققين؛ منهم ابن القيم وابن عثيمين رحمهما الله بأن كُلَّ مَنْ فَرَّطَ في واجبه فإنه لا تبرأ ذمته، ولو أُدي عنه بعد موته؛ وعلى هذا فإنْ كان مفرِّطًا فلا يُحَج عنه، ويبقى مسؤولًا أمام الله تعالى([2]).
وأما مَنْ مات وهو فقير فلا يلزم أحدًا الحج عنه؛ لأنَّ الحج لَمْ يكن واجبًا في حقه.
[1])) متفق عليه: أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148).
[2])) انظر: «الشرح الممتع» (7/ 43).