أذكياء ولكن

د.عبد الكريم بكار


أيها الإخوة الكرام أيتها الأخوات الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأرجو أن تكونوا جميعاً على أحسن حال.
تجلس مع كثير من شبابنا, فتعجب مما لديهم من معرفة, ومن ملاحظة ذكية وطرح جميل وفلسفة عميقة, لكن تنظر في أوضاعهم المعيشية وفي وظائفهم وفي تأثيرهم في المجتمع, فتجد أكثرهم عبارة عن أشخاص عاديين و أحياناً أقل من عاديين, فتشعر بالأسى على تلك المواهب والإمكانات الذهنية المتفوقة التي لم يستطع أصحابها استثمارها والاستفادة منها!
من الصعب علينا في كثير من الأحيان أن نحدد السبب الجوهري في نجاح شخص وإخفاق آخر, لكن سيظل في إمكاننا استخدام بعض المؤشرات المفيدة, وفي مقاربة أولية لهذه المسألة يمكن أن نشير إلى الآتي:
1- ليس هناك شيء بمفرده يستطيع تحقيق النجاح الباهر أو التسبب في الإخفاق الذريع, وهذه المسألة مزلة أقدام حيث إن من شبابنا من يظن أنه عن طريق الذكاء والموهبة أو عن طريق العلم الذي في حوزته أو عن طريق النسب أو المال أو العلاقات الحسنة, يستطيع التفوق على الأقران وركوب عربة القيادة, وهذا في معظم الأحيان لا يكون صحيحاً. النجاح يتضافر فيه عدد من العوامل, أهمها العزيمة والاهتمام والبيئة الملائمة والتعلم الجيد.
2- شبابنا الأذكياء العاديون مشكلتهم أنهم لم يمسكوا برأس الخيط, أو لم يضعوا أنفسهم على (سكة النجاح) ولهذا فإنهم أشبه بسيارة فائقة السرعة والجودة, لكن سائقها لا يملك خارطة للتحرك في الصحراء, فهو يدور حول نفسه دون أن يصل إلى مبتغاه.
3- تحديد الأهداف وتحديد المسار في وقت مبكر يعد شيئاً بالغ الأهمية: ما الذي أريده؟ وأين سأعمل؟ وماذا سأدرس؟ وإلى أين سأصل؟ وما وسائلي إلى كل ذلك؟
4- التعليم له تأثير كبير في هذا الشأن فالدراسة في جامعة ضعيفة كثيراً ما تفسد تصورات الطالب عن الآفاق الممتدة, وعن الفرص العظيمة, وعدم إكمال التعليم مشكلة أكبر, ولهذا فإن الحرص على نيل أعلى شهادة ممكنة ومن أفضل مكان ممكن يعد شيئاً في غاية الأهمية.
5- البيئة التي تحيط بالإنسان على مستوى الأسرة والأصدقاء والأقرباء وعلى مستوى الحي والعمل... تؤثر تأثيراً كبيراً في نوعية التطلعات والطموحات التي يبلورها الفرد لنفسه.
6- ليحاول الواحد منا أن يكتشف نفسه من جديد ليعرف العوامل التي تجعل منه إنساناً ممتازاً ينفع نفسه, وينفع الله -تعالى- به عباده, وعليه بعد معرفة تلك العوامل أن يعمل على توفير ما يمكن توفيره منها, وعليه أن يتبع بالنسبة إلى البيئة القاعدة التالية "أقيم وأعمل حيث أعطي وأنتج أكثر".
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته