الباب الثالث: الملامح المتجددة في منهج الشيخ.
الفصل الأول الإعجاز العلمي في التفسير والعلوم الحديثة.
المتتبع لتفسير الشيخ يجده دائما يربط بين الآيات والعلوم الحديثة والحقائق العلمية ربطاً يبين فيه الإعجاز العلمي للقرآن الكريم الذي أوحيَ به لسيد البشر النبي الأمي الذي لم يقرأ كتاباً ولم يكن قارئاً، وقد ذكر الشيخ رحمه الله قاعدة مهمة تمنيت لو استفاد منها من يبحث في قضايا الإعجاز العلمي فقد قال: (عندما نطابق قضية كونية مع قضية قرآنية فلا بد أن نطابقها بصدق..ولا نطيع شهوتنا بأن نربط القرآن بكل قضايا الكون..لماذا؟ لأننا قد نتهافت على آية قرآنية لنجعل منها تصديقاً لنظرية قائمة؛ لأنه قد يتقدم العلم ويثبت خطأ هذه النظرية) .
وسأذكر بعض ما يدل على اهتمام الشيخ رحمه الله بالتفسير العلمي:
عند قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ }(يس36)، قال رحمه الله: فكل موجود أرد له الحق التكاثر، فهو يخلق منه زوجين..وهناك بعض الكائنات لاتعرف لها ذكرا أو أنثى.. إما لأنه غير موجود تحت أعيننا ولكن يوجد على بعد، والريح هي التي تحمل حبوب التلقيح {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُ مُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }(الحجر22)، فتأتي الريح بحبوب التلقيح من أي مكان لتخصيب النبات، أو أن الذكورة والأنوثة يوجدان معاً في شيء واحد أو حيز واحد... إذا فكل شيء فيه ذكورة وأنوثة.
ونرى الشيخ رحمه الله كثيراً ما يتعرض للنظريات والحقائق العلمية ليربطها بالقرآن مبيناً أنه لا تناقض بين القرآن والحقائق العلمية ومن صور ذلك عند قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ}(الأ نعام125)، قال: ولا بد أن يكون لنا وقفة..بعض العلماء الذين يحبون أن يظهروا آيات القرآن كمعجزة كونية موجودة إلى أن تقوم الساعة حين يقرؤون مثل هذه الآية، فيأخذونها ليؤيدوا بها معجزة القرآن، وحينما نزل القرآن لم يكن أحد يدرك أن الذي يصعد في الجو يضيق صدره كلما صعد إلى منطقة أعلى...وهكذا كلما قلَّ الأكسجين في طبقات الجو العليا أصبح الصدر ضيقاً،،،.
--------------وللحديث بقية إن شاء الله-----------