قال الله سبحانه وتعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)
وقال تعالى ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) فجدير بالمسلم أن يتدبر القرآن وخصوصا في شهر القرآن شهر رمضان المبارك ، وسأذكر في هذا الموضوع آية في كل حلقة وأذكر بعض ما وقفت عليه من فوائدها ،وأسأل الله أن يتقبل هذه الحروف وأن يلبسها حلل الكرامة والقبول ، إن ربي قريب مجيب.
______________________________ ___
-------------------- الحلقة الأولى ---------------------
قال الله عز وجل ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون)
# المعنى باختصار: إذا خفي عليكم أمر ما فاسألوا عنه أهل الاختصاص بمعرفته .
# من فوائد هذه الآية :
1- الحث على طلب العلم والتعلم ، لقوله ( فاسألوا) وهذا فعل أمر ، والأمر له ثلاثة أركان آمر ومأمور ومأمور به ، فالذي يُصدر الأمر هو الآمر ، والذي يُتوجه إليه الأمر هو المأمور ، والعمل المطلوب هو المأمور به ، وفي هذه الآية الآمر هو الله سبحانه ، والمأمور هو الإنسان العاقل ، والمأمور به هو سؤال أهل العلم.
ومن المعلوم أن السؤال وسيلة من وسائل الحصول على العلم ، فدلت الآية على العناية بالعلم والحث على طلبه.
2- تقسيم المجتمع إلى قسمين : علماء وغير علماء ، وبيان واجب كل قسم ، فواجب العلماء التعليم ، وواجب الشخص الذي ليس بعالم أن يسأل أهل العلم عما يحتاج إليه.
3-في هذه الآية الإرشاد إلى إنزال الناس منازلهم ، ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه.
4- بيان وسيلة من وسائل العلم وهي السؤال ، ولذلك قيل حسن السؤال نصف العلم.
5- بيان بعض آداب السؤال وهي (أ) أن يكون السؤال للتعلم وليس لاختبار العالم ، لقوله تعالى( إن كنتم لا تعلمون)
فإن قيل إن جبريل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان وهو يعلم ذلك فما الجواب؟ الجواب أن هذا لابأس به إذا توفرت فيه الشروط التالية(1) أن يكون قصد السائل إفادة الآخرين (2) أن يتيقن السائل بأن المسؤول يعرف إجابة السؤال.
(ب) ومن آداب السؤال أن يوجه السؤال لأهل المعرفة والإتقان وليس لكل أحد لقوله تعالى( فاسألوا أهل الذكر) يعني أهل العلم والمعرفة وليس أي أحد.
(ج) ومن آداب السؤال أن يسأل الإنسان عن الأمور التي يحتاج إليها وينتفع بمعرفتها.
(6) ويستفاد من الآية أن الإنسان يسأل أهل الذكر وأهل الذكر هم أهل المعرفة والإتقان ، ولكل علم أهله ، ولذلك قيل : يُسأل عن كل علم أهله ، فإذا كانت المسألة دينية فالكلام لعلماء الدين ، وإن كانت في الطب فالكلام لأهل الطب ، وهكذا في جميع التخصصات ، لأن أهل العلم أدرى بما فيه وأعلم من غيرهم، وهذا الأساس يضع النقاط على الحروف ويقضي على التدخلات والتداخلات .
(7)ومن فوائد هذه الآية أنها حددت الإطار العام والقانون الشامل للعلم ففيها فضل العلم وكيف يُطلب ؟ وعمن يؤخذ؟.
(8) ومن فوائد هذه الآية أنها تحث على التخصص في العلم ، لأن الإنسان لايقال عن إنه من أهل العلم إلا إذا كان متقنا لعلمه متمكنا منه ، ولايمكن الوصول إلى أعلى درجات الإتقان إلا عن طريق التخصص ، ومن هنا يتبين أن التخصص في العلوم ليس منهجا جديدا وافدا على الأمة الإسلامية بل هو من الأمور التي دعا إليها الإسلام وحث عليها.
(9) وفي هذه الآية دليل على شمولية الدين الإسلامي وأنه عالج جميع الأمور التي يحتاج إليها الناس.
________________________
وللحديث بقية إن شاء الله