"قيل لإبراهيم ابن أدهم: غَلَت الأسعار، فقال: والله ما يهمني لو كانت حبة القمح بدينار، عليَّ أن أعبده كما أمر، وعليه أن يرزقني كما وعد.
بعض طلاب العلم ينسبه للحسن البصري فما صحته؟
"قيل لإبراهيم ابن أدهم: غَلَت الأسعار، فقال: والله ما يهمني لو كانت حبة القمح بدينار، عليَّ أن أعبده كما أمر، وعليه أن يرزقني كما وعد.
بعض طلاب العلم ينسبه للحسن البصري فما صحته؟
إنما هذا الكلام ينسب إلى بهلول بن عمر الملقب بالمجنون، خرجه البيهقي في الزهد (٦٨١)، فقال:
حدثنا أبو الحسين عبد الله بن أبي طاهر البوشنجي، ثنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان الواعظ،
ثنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم الحافظ قال: سمعت القاسم بن شاكر البغدادي، ببخارا قال:
سمعت الجنيد يقول: سمعت السري السقطي يقول: خرجت يوما إلى المقابر،
فإذا أنا ببهلول قد دلى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب فقلت: أنت ها هنا؟
قال: نعم أنا عند قوم لا يؤذونني، فإن غبت عنهم لا يغتابونني، فقلت: يا بهلول الخبز قد غلا،
فقال: والله ما أبالي وحبة بمثقال، إن علينا أن نعبده كما أمرنا وعليه أن يرزقنا كما وعدنا، ثم ولى عني وهو يقول:
يا من تمتع بالدنيا وبهجتها ... ولا تنام عن اللذات عيناه
أفنيت عمرك فيما لست تدركه ... تقول لله ماذا حين تلقاه». اهـ.
قلتُ: إسناده فيه من لا يعرف، وقد خولف في القائل فيما:
خرجه أبو القاسم ابن حبيب في كتاب عقلاء المجانين فيما عزاه إليه الرافعي في التدوين (1/295)، فقال:
سمعت أبا الفضل أحمد بن محمد بن حمدون الفقيه النسوي بها، سمعت محمد بن سعيد بن سالم القزويني يقول:
سمعت أبي، سمعت محمد بن إسماعيل بن أبي فديك يقول: رأيت بهلولا في بعض المقابر وقد دلى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب، إلخ.
وفيما خرجه الدينوري في مجالية وجواهر العلم [982]، فقال:
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكُوفِيُّ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ:
قَدِمَ عَلَيْنَا هَارُونُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُ الْحَجَّ، فَنَزَلَ الْحِيرَةَ، فَاخْتَلَفْتُ إِلَى الْحِيرَةِ فِي حَاجَةٍ، فَكَثُرَ اخْتِلَافِي،
فَغَدَوْتُ يَوْمًا، فَرَأَيْتُ بَهْلُولًا فِي طَرِيقِي، فَقُلْتُ: يَا بَهْلُولُ ! إِنِّي طَالِبٌ حَاجَةً ؛ فَادْعُ اللَّهَ لِي.
فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَنْ لَا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ ! اقْضِ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قَالَ: فَوَجَدْتُ لِدُعَائِهِ بَرَدًا عَلَى قَلْبِي، فَحَلَلْتُ خِرْقَةً كَانَتْ مَعِي فِيهَا دِرْهَمَانِ، فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: خُذْ هَذَا فَأَنْفِقْهُ.
فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ إِدْرِيسَ ! أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي آخُذُ الرَّغِيفَ وَمَا أَشْبَهَهُ ؛ فَكَيْفَ الدِّرْهَمَيْنِ ؟
وَاللَّهِ ؛ إِنِّي لَأَسْتَحْيِي مِنَ اللَّهِ عز وجل أَنْ آخُذَ عَلَى الدُّعَاءِ أَجْرًا.
قَالَ: فَمَا رَجَعْتُ حَتَّى قُضِيَتْ حَاجَتِي". اهـ.
وأما إبراهيم بن أدهم ففيما خرجه أبو نعيم في الحلية [8 : 32]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، ثنا أَبُو حَاتِمٍ،
ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ:
قِيلَ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ: " إِنَّ اللَّحْمَ غَلا، قَالَ: فَأَرْخِصُوهُ "، أَيْ: لا تَشْتَرُوهُ". اهـ.
وخرج في موضع ءاخر [3 : 239]، فقال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يَذْكُرُ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّهُمْ أَتَوْهُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، أَمَا تَرَى قَدْ غَلا السِّعْرُ،
فَقَالَ: " وَمَا يَغُمُّكُمْ مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الرُّخْصِ هُوَ الَّذِي يَرْزُقُنَا فِي الْغَلاءِ ". اهـ.
والله أعلم.
جزاكم الله خيراَ.