وأنت تقرأ القرآن أو تسمعه




سواء أكنت بانتظار الصلاة وأخذت المصحف تتلو بعض آيات الله، أم كنت تتسلى بهاتفك الذكي وقررت أن تقرأ بعض آيات الله، أم كنت تقود مركبتك وشعرت برغبتك أن تسمع بعض آيات الله، تذكر أنه (كلام الله)، استحضر هذه العقيدة، أنت تقرأ كلاما تكلم الله العزيز الحكيم به، وقدر الكلام على قدر المتكلم، فما بالك أن المتكلم هو الله سبحانه وتعالى يخاطب جميع خلقه فيقول عز وجل: {يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} (الحج:1)، ويقول سبحانه: {يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض وكان الله عليما حكيما} (النساء: 170).
ويتكرر الحديث للناس أكثر من عشرين مرة، ويخاطب سبحانه العصاة: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} (الزمر: 53، 54)، ويخاطب الجن: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} (الأنعام: 130).
ويخاطب عباده المؤمنين أمرا ونهيا وبيانا لما فيه خيرهم أكثر من تسعين مرة، ثم يبشرهم المرة بعد المرة: {وبشر المؤمنين}، {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا} (الأحزاب: 47)، {وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار..} (البقرة: 25).
كان صاحبي يقرأ لي خاطرة أرسلت إليه عبر هاتفه النقال، وذيل المرسل رسالته بـ«انشر».
- كلام جميل وحق، ولكن ينبغي أن ينتبه المرء فلا ينشر كل ما يصل إليه، هذا الكلام يستحق النشر، أما غيره فيجب التحقق منه والسؤال قبل نشره؛ حتى لا يكون أحدنا سبباً في نشر عقيدة شاذة أو حديث منكر أو فكرة غير صحيحة.
- لقد أثر فيّ هذا الكلام عن القرآن، وبالفعل كثيراً ما أقرأ كتاب الله وغايتي أن أنتهي من الجزء الذي أنا فيه، أو السورة التي أقرؤها، ولم يخطر ببالي أن أذكر نفسي أنني أقرأ كلاماً تكلم به رب العزة، ونزل به جبرائيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم، وكان جبرائيل يقرأ على محمد صلى الله عليه وسلم والرسول صلى الله عليه وسلم يردد معه حتى يتمكن من حفظه إلى أن أرشده الله عز وجل فقال: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} (القيامة: 16 - 19)، أي: إذا قرأه جبرائيل فاستمع والله عز وجل كفيل بأن تحفظه.
- صدقت يا أبا عبدالله، إذا كان أحدنا يستمتع إذا قرأ قصيدة جميلة ويتذوق فيها جمال التركيب وروعة البيان، وإذا كان أحدنا يتأثر إذا قرأ قصة كتبت بأسلوب سهل بديع، كيف لا يتلذذ أحدنا وهو يقرأ أكمل وأجمل كلام يمكن أن يقرأ أو يسمعه ولله المثل الأعلى.
إن أحدنا ينبغي أن يجدد النية كلما قال: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ليقرأ القرآن، أنه سيعيش مع كلام الله، وهو - أي القارئ - هو المخاطب بهذا الكلام إن كان أمراً أو نهياً أو بشارة للمؤمنين، فيمتثل ويستبشر، وإن كان إخباراً عن الكفرة الفجرة يستعيذ بالله ويسأله الثبات على الحق، وهكذا يتفاعل بصدق مع كلام الله كلما قرأه أو سمعه.
«إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا مأدبته ما استطعتم، وإن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين والشفاء النافع، عصمة من تمسك به ونجاة من تبعه، لا يعوج فيقوم ولا يزيغ فيستعتب ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق عن كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إنى لا أقول بـ(ألم) ولكن بألف عشرا وباللام عشرا والميم عشرا» السلسلة الصحيحة.



اعداد: د. أمير الحداد