تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    Lightbulb " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    قوله: ( وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتاب الله ؛ حيث يقول :
    { اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }


    الشرح :

    قوله: " وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتاب الله" وهذه الآية تسمى آية الكرسي ، لأن فيها ذكر الكرسي: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } [البقرة: 255]، وهي أعظم آية في كتاب الله.

    والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبي بن كعب، قال: "أي آية في كتاب الله أعظم؟" فقال له: (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) فضرب على صدره، وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر".
    يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره بأن هذه أعظم آية في كتاب الله، وأن هذا دليل على علم أبي في كتاب الله عز وجل.

    وفي هذا الحديث دليل على أن القرآن يتفاضل ، كما دل عليه حديث سورة الإخلاص ، وهذا موضع ، وهذا موضع يجب فيه التفصيل، فإننا نقول: أما باعتبار المتكلم به، فإنه لا يتفاضل لأن المتكلم به واحد وهو الله عز وجل، وأما باعتبار مدلولاته وموضوعاته فإنه يتفاضل، فسورة الإخلاص التي فيها الثناء على الله عز وجل بما تضمنته من الأسماء والصفات ليست كسورة المسد التي فيها بيان حال أبي لهب من حيث الموضوع ، كذلك يتفاضل من حيث التأثير والقوة في الأسلوب، فإن من الآيات ما تجدها آية قصيرة لكن فيها ردع قوي للقلب وموعظة، وتجد آية أخرى أطول منها بكثير لكن لا تشتمل على ما تشتمل عليه الأولى، فمثلاً قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ } [البقرة: 282].. إلخ، هذه آية موضوعها سهل، والبحث فيها في معاملات تجري بين الناس وليس فيها ذاك التأثير الذي يؤثره مثل قوله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران:185)،هذه تحمل معاني عظيمة، فيها زجر وموعظة وترغيب وترهيب، ليست كآية الدين مثلاً مع أن آية الدين أطول منها.

    قول المؤلف : ( حيث يقول: { الله لا إله إلا هو..} ) :
    في هذه الآية يخبر الله بأنه منفرد بالألوهية، وذلك من قوله: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }، لأن هذه جملة تفيد الحصر وطريقة النفي والإثبات هذه من أقوى صيغ الحصر.


    وقوله : { الحي القيوم } : { الحي } ؛ أي: ذو الحياة الكاملة ، المتضمنة لجميع صفات الكمال لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، ولا يعتريها نقص بوجه من الوجوه.

    و{ الحي } من أسماء الله، وقد تطلق على غير الله، قال تعالى: { يخرج الحي من الميت } [الأنعام: 95]، ولكن ليس الحي كالحي، ولا يلزم من الاشتراك في الاسم التماثل في المسمى.

    { الْقَيُّومُ } : على وزن فيعول، وهذه من صيغ المبالغة، وهي مأخوذة من القيام.
    ومعنى { الْقَيُّوم } ، أي: أنه القائم بنفسه، فقيامه بنفسه يستلزم استغناءه عن كل شيء، لا يحتاج إلى أكل ولا شرب ولا غيرها، وغيره لا يقوم بنفسه ، بل هو محتاج إلى الله عز وجل في إيجاده وإعداده وإمداده.
    ومن معنى {الْقَيُّوم} كذلك أنه قائم على غيره ؛ لقوله تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33]، والمقابل محذوف تقديره: كمن ليس كذلك، والقائم على نفس بما كسبت هو الله عز وجل ، ولهذا يقول العلماء : القيوم هو القائم بنفسه القائم على غيره، وإذا كان قائماً على غيره، لزم أن يكون غيره قائماً به، قال الله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِه } [الروم: 25]، فهو إذاً كامل الصفات وكامل الملك والأفعال.

    وهذان الاسمان هما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب ، ولهذا ينبغي للإنسان في دعائه أن يتوسل به، فيقول: يا حي! يا قيوم! وقد ذكرا في الكتاب العزيز في ثلاثة مواضع: هذا أحدها، والثاني في سورة آل عمران: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }[آل عمران: 2]، والثالث سورة طه: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [طه: 111].

    هذان الاسمان فيهما الكمال الذاتي والكمال السلطاني، فالذاتي في قوله: {الْحَيُّ } والسلطاني في قوله: { الْقَيُّومُ } ، لأنه يقوم على كل شيء ، ويقوم به كل شيء.



    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 163 -167 )




    - يتبع إن شاء الله -
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    وقوله : { لا تأخذه سنة ولا نوم } : السنة النعاس ، وهي مقدمة النوم ، ولم يقل: لا ينام ، لأن النوم يكون باختيار، والأخذ يكون بالقهر.

    والنوم من صفات النقص، قال النبي عليه الصلاة والسلام: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام " .

    وهذه صفة من صفات النفي وقد سبق أن صفات النفي لا بد أن تتضمن ثبوتا ، وهو كمال الضد ، والكمال في قوله { لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ} كمال الحياة والقيومية ، لأنه من كمال حياته أن لا يحتاج إلي النوم ، ومن كمال قيوميته أن لا ينام ، لأن النوم إنما يحتاج إليه المخلوقات الحية ؛ لنقصها ؛ لأنها تحتاج إلى النوم من أجل الاستراحة من تعب سبق واستعادة القوة لعمل مستقبل ، ولما كان أهل الجنة كاملي الحياة ، كانوا لا ينامون ، كما صحت بذلك الآثار.

    لكن لو قال قائل: النوم في الإنسان كمال، ولهذا ، إذا لم ينم الإنسان ، عد مريضاً.
    فنقول: كالأكل في الإنسان كمال ، ولو لم يأكل ؛ عد مريضاً ، لكن هو كمال من وجه ونقص من وجه آخر ، كمال لدلالته على صحة البدن واستقامته ، ونقص لأن البدن محتاج إليه ، وهو في الحقيقة نقص.

    إذاً؛ ليس كل كمال نسبي بالنسبة للمخلوق يكون كمالاً للخالق ؛ كما أنه ليس كل كمال في الخالق يكون كمالاً في المخلوق ، فالتكبر كمال في الخالق نقص في المخلوق ، والأكل والشرب والنوم كمال في المخلوق نقص في الخالق ، ولهذا قال الله تعالى عن نفسه: { وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَم} [الأنعام: 14].



    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 167 - 168)




    - يتبع إن شاء الله -
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    وقوله: { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} :{ لَهُ} خبر مقدم. و{مَا}: مبتدأ مؤخر ؛ ففي الجملة حصر، طريقة تقديم ما حقة التأخير وهو الخبر . {لَهُ}: اللام هذه للملك. ملك تام، بدون معارض.
    { مَا فِي السَّمَاوَاتِ }: من الملائكة والجنة وغير ذلك مما لا نعلمه .
    {وَمَا فِي الْأَرْضِ } : من المخلوقات كلها ، الحيوان منها وغير الحيوان.

    وقوله: {السَّمَاوَاتِ} : تفيد أن السماوات عديدة، وهو كذلك ، وقد نص القرآن على أنها سبع : { قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المؤمنون: 86].
    والأرضون أشار القرآن إلى أنها سبع ، بدون تصريح، وصرحت، بها السنة، قال الله { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [الطلاق: 12]، مثلهن في العدد دون الصفة ، وفي السنة قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً، طوقه الله به يوم القيامة من سبع أرضين ) .


    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 168 - 169)




    - يتبع إن شاء الله -
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    وقوله : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } :

    { من ذا } :اسم استفهام . أو نقول: {من} اسم استفهام، و {ذا} : ملغاة، ولا يصح أن تكون {ذا}: اسماً موصولاً في مثل هذا التركيب، لأنه يكون معنى الجملة: من الذي الذي! وهذا لا يستقيم.

    وقوله : { من ذا الذي يشفع عنده} : الشفاعة في اللغة: جعل الوتر شفعاً ؛ قال تعالى: { والشفع والوتر } [الفجر: 3]. وفي الاصطلاح: هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة ، فمثلاً: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف أن يقضى بينهم: هذه شفاعة بدفع مضرة، وشفاعته لأهل الجنة أن يدخلوها بجلب منفعة.

    وقوله : { عنده } ؛أي: عند الله.

    { إلا بإذنه } ؛ أي: إذنه له ، وهذه تفيد إثبات الشفاعة، لكن بشرط أن يأذن ، ووجه ذلك أنه لولا ثبوتها ، لكان الاستثناء في قوله {إلا بإذنه}: لغواً لا فائدة فيه.

    وذكرها بعد قوله: { له ما في السموات...} يفيد أن هذا الملك الذي هو خاص بالله عز وجل، أنه ملك تام السلطان، بمعنى أنه لا أحد يستطيع أن يتصرف، ولا بالشفاعة التي هي خير، إلا بإذن الله، وهذا من تمام ربوبيته وسلطانه عز وجل.
    وتفيد هذه الجملة أن لله إذناً ، والإذن في الأصل الإعلام، قال الله تعالى: { وأذان من الله ورسوله} [التوبة: 3]، أي إعلام من الله ورسوله، فمعنى {بإذنه}، أي: إعلامه بأنه راض بذلك.

    وهناك شروط أخرى للشفاعة : منها : أن يكون راضياً عن الشافع وعن المشفوع له، قال الله تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } [الأنبياء: 28]، وقال: { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً} [طه: 109].

    وهناك آية تنتظم الشروط الثلاثة : { وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } [النجم: 26]، أي: يرضى عن الشافع والمشفوع له ؛ لأن حذف المعمول يدل على العموم.

    إذا قال قائل: ما فائدة الشفاعة إذا كان الله تعالى قد علم أن هذا المشفوع له ينجو؟
    فالجواب : أن الله سبحانه وتعالى يأذن بالشفاعة لمن يشفع من أجل أن يكرمه وينال المقام المحمود.



    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 169 - 170)




    - يتبع إن شاء الله -
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    قوله : { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء } : العلم هو إدراك الشيء على ما هو عليه إدراكاً جازماً، والله عز وجل { يعلم ما بين أيديهم} المستقبل ، {وما خلفهم}الماضي ، وكلمة {ما} من صيغ العموم تشمل كل ماض وكل مستقبل ، وتشمل أيضاً ما كان من فعله وما كان من أفعال الخلق.

    قوله : { ولا يحيطون بشيء من إلا بما شاء } : الضمير في {يحيطون} يعود على الخلق الذي دل عليهم قوله: { له ما في السموات وما في الأرض } ، يعني لا يحيط من في السماوات والأرض بشيء من علم الله إلا بما شاء.

    قوله : { من علمه } : يحتمل من علم ذاته وصفاته ، يعني : أننا لا نعلم شيئاً عن الله وذاته وصفاته إلا بما شاء مما علمنا إياه ويحتمل أن (علم) هنا بمعنى معلوم ، يعني : لا يحيطون بشيء من معلومه ، أي: مما يعلمه ، إلا بما شاءه ، وكلا المعنيين صحيح وقد نقول : إن الثاني أعم ، لأن معلومه يدخل فيه علمه بذاته وبصفاته وبما سوى ذلك.

    وقوله : { إلا بما شاء } ؛ يعني إلا بما شاء مما علمهم إياه .

    وقد علمنا الله تعالى أشياء كثيرة عن أسمائه وصفاته وعن أحكامه الكونية و أحكامه الشرعية ، ولكن هذا الكثير هو بالنسبة لمعلومه قليل ، كما قال الله تعالى: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً } [الإسراء: 85].



    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 170- 171 )
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    وقوله : { وسع كرسيه السموات و الأرض } : { وسع } بمعنى : شمل؛ يعني : أن كرسيه محيط بالسماوات والأرض ، وأكبر منها ، لأنه لولا أنه أكبر ما وسعها.

    و الكرسي ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: " إنه موضع قدمي الله عز وجل " ، وليس هو العرش ، بل العرش أكبر من الكرسي وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام : "أن السماوات والسبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض، وأن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة".

    هذا يدل على عظم هذه المخلوقات وعظم المخلوق يدل على عظم الخالق.

    قوله : { ولا يؤوده حفظهما } ؛ يعني: لا يثقله ويكرثه حفظ السماوات والأرض.
    وهذه من الصفات المنفية، والصفة الثبوتية التي يدل عليها هذا النفي هي كمال القدرة والعلم والقوة والرحمة.

    وقوله : { وهو العلي العظيم } : { العلي} على وزن فعيل ، وهي صفة مشبهة ، لأن علوه عز وجل لازم لذاته ،
    والفرق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل أن اسم الفاعل طارئ حادث يمكن زواله ، والصفة المشبهة لازمة لا ينفك عنها الموصوف.

    وعلو الله عز وجل قسمان : علو ذات ، وعلو صفات:
    فأما علو الذات ، فإن معناه أنه فوق كل شيء بذاته ، ليس فوقه شيء ولا حذاءه شيء.
    وأما علو الصفات ، فهي ما دل عليه قوله تعالى: {ولله المثل الأعلى } [النحل: 60]، يعني : أن صفاته كلها علياً ، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه.

    أما {العظيم } ؛ فهي أيضاً صفة مشبهة ، ومعناها : ذو العظمة ، وهي القوة والكبرياء وما أشبه ذلك مما هو معروف من مدلول هذه الكلمة.


    وهذه الآية تتضمن من أسماء الله خمسة ، وهي: الله ، الحي ، القيوم ، العلي ، العظيم.

    وتتضمن من صفات الله ستاً وعشرين صفة ، منها خمس صفات تضمنتها هذه الأسماء.

    السادسة: انفراده بالألوهية.

    السابعة: انتفاء السنة والنوم في حقه ، لكمال حياته وقيوميته .

    الثامنة: عموم ملكه ، لقوله:{ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}

    التاسعة: انفراده الله عز وجل بالملك ، ونأخذه من تقديم الخبر.

    العاشرة: قوة السلطان وكماله ، لقوله: { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} .

    الحادية عشرة : إثبات العندية ، وهذا يدل على أنه ليس في كل مكان ، ففيه الرد على الحلولية .

    الثانية عشرة : إثبات الإذن من قوله: {إلا بإذنه} .

    الثالثة عشرة : عموم علم الله تعالى لقوله: { يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} .

    الرابعة عشرة والخامسة عشرة : أنه سبحانه وتعالى لا ينسى ما مضى ، لقوله: {وما خلفهم} ولا يجهل ما يستقبل ، لقوله {ما بين أيديهم} .

    السادسة عشرة : كمال عظمة الله، لعجز الخلق عن الإحاطة به .

    السابعة عشرة : إثبات المشيئة ؛ لقوله { إلا بما شاء }.

    الثامنة عشرة : إثبات الكرسي ، وهو موضع القدمين.

    التاسعة عشرة والعشرون والحادية والعشرون : إثبات العظمة والقوة والقدرة ، لقوله: {وسع كرسيه السموات والأرض } ؛ لأن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق.

    الثانية والثالثة والرابعة والعشرون : كمال علمه ورحمته وحفظه ، من قوله: {ولا يئوده حفظهما }.

    الخامسة والعشرون : إثبات علو الله لقوله: {وهو العلي} .
    ومذهب أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى عال بذاته ، وأن علوه من الصفات الذاتية الأزلية الأبدية...

    ...السادسة والعشرون : إثبات العظمة لله عز وجل ؛ لقوله : { العظيم }.





    المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 171 - 179)
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,545

    افتراضي رد: " وهي أعظم آية في كتاب الله "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    وقوله : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } :

    { من ذا } :اسم استفهام . أو نقول: {من} اسم استفهام، و {ذا} : ملغاة، ولا يصح أن تكون {ذا}: اسماً موصولاً في مثل هذا التركيب، لأنه يكون معنى الجملة: من الذي الذي! وهذا لا يستقيم.

    وقوله : { من ذا الذي يشفع عنده} : الشفاعة في اللغة: جعل الوتر شفعاً ؛ قال تعالى: { والشفع والوتر } [الفجر: 3]. وفي الاصطلاح: هي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة ، فمثلاً: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الموقف أن يقضى بينهم: هذه شفاعة بدفع مضرة، وشفاعته لأهل الجنة أن يدخلوها بجلب منفعة.

    وقوله : { عنده } ؛أي: عند الله.

    { إلا بإذنه } ؛ أي: إذنه له ، وهذه تفيد إثبات الشفاعة، لكن بشرط أن يأذن ، ووجه ذلك أنه لولا ثبوتها ، لكان الاستثناء في قوله {إلا بإذنه}: لغواً لا فائدة فيه.

    وذكرها بعد قوله: { له ما في السموات...} يفيد أن هذا الملك الذي هو خاص بالله عز وجل، أنه ملك تام السلطان، بمعنى أنه لا أحد يستطيع أن يتصرف، ولا بالشفاعة التي هي خير، إلا بإذن الله، وهذا من تمام ربوبيته وسلطانه عز وجل.
    وتفيد هذه الجملة أن لله إذناً ، والإذن في الأصل الإعلام، قال الله تعالى: { وأذان من الله ورسوله} [التوبة: 3]، أي إعلام من الله ورسوله، فمعنى {بإذنه}، أي: إعلامه بأنه راض بذلك.


    وهناك شروط أخرى للشفاعة : منها : أن يكون راضياً عن الشافع وعن المشفوع له، قال الله تعالى: { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } [الأنبياء: 28]، وقال: { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً} [طه: 109].

    وهناك آية تنتظم الشروط الثلاثة : { وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } [النجم: 26]، أي: يرضى عن الشافع والمشفوع له ؛ لأن حذف المعمول يدل على العموم.

    إذا قال قائل: ما فائدة الشفاعة إذا كان الله تعالى قد علم أن هذا المشفوع له ينجو؟
    فالجواب : أن الله سبحانه وتعالى يأذن بالشفاعة لمن يشفع من أجل أن يكرمه وينال المقام المحمود.


    للرفع
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •