فضل الدعوة إلى الله تعالى.


قاسم عبدالواحد



الحمد لله رب العالمين, ولي الصَّالحين المتقين, والصَّلاة والسّلام على من بعثه ربّه داعيا ومبشّرا ونذيرًا, وعلى آله وصحبه الأبرار, ومن تبعهم بإحسان واستن بسنتهم إلى يوم الدين. وبعد:

فإن الدعوة إلى الله تعالى وظيفة الأنبياء والمرسلين, وهي المهمة التي ورَّثوا أممهم وأتباعهم, فعلى هذا تجب الدعوة إلى الله تعالى على كلّ مسلم, آمن بالله ربا، وبالإِسلام دينا، وبمحمد -صلّى الله عليه وسلّم - نبيا ورسولاَ، وتوفرت فيه شروط الدعوة ومؤهلاتها؛ وذلك حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، وهذا هو سبيل النبي محمد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ الذي يجب أن يسير عليه كل مسلم، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}[1]. ولكي تكون دعوة الداعية إلى الله تعالى مقبولة ومسددة؛ فلا بد إلا وأن تكون مبنيّة على هذين الشرطين:

الشرط الأول: أن يكون الداعية مخلصا لله تعالى؛ وراغبًا فيما عنده وحده.

الشرط الثّاني: أن يكون مقتديًا ومتابعًا لرسول - الله صلّى الله عليه وسلم – في جميع أموره وأحواله.

كما ينبغي أن يراعي عند دعوته الأمور التالية:

الأمر الأوّل: الدعاء والابتهال إلى الله بالتوفيق.

الأمر الثاني: النصح والشفقة للمدعوين.

الأمر الثالث: الداعية إلى الله يتكلم بلسان الشرع؛ لا بلسان العرف[2].

وقد ورد في فضل الدعوة والدعاة آيات كثيرة, وأحاديث صحيحة، كما ورد في إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعاة أحاديث لا تخفى على أهل العلم؛ ونذكر فيما يلي جملة من الأدلة الدالة على فضل الدعوة إلى الله تعالى من الكتاب والسنة.

الأدلة من القرآن الكريم على فضل الدعوة والدعاة:

الأول: قال الله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }[3], فما نالت الأمة هذه المزية العالية إلا بالدعوة إلى الله تعالى؛ بالقيام بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الثاني: وقال الله تعالى مخاطبًا نبيّه عليه الصّلاة والسّلام: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[4]. وهذه الآية أصل عظيم من أصول وأساليب الدعوة إلى الله تعالى؛ فكلما جعلها الداعية إلى الله تعالى نصب عينيه, كلّما نالت دعوته القبول لدى المدعوين؛ إضافة إلى ما في ذلك من الاقتداء بهدي خير الأنبياء والمرسلين.

الثَّالث: وقال تعالى:{ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }[5]. فيها أمر العباد بالقيام بوظيفة الدعوة إلى الله تعالى؛ بالأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, وفيها وعد الدعاة بالفلاح؛ فهذه مزية عالية, لا ينالها إلا من اتصف بما تضمنته الآية.

الرابع: وقال تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }[6]. فيها تصريح من الباري جل شأنه؛ أنّه لا أحد أحسن قولا ممن قام بهذه المهمة.

الأدلة من الأحاديث النبوية على فضل الدعوة والدعاة:

الأوّل: ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما؛ من حديث سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يوم خيبر: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم»[7].

الثاني: ما أخرجه مسلم في صحيحه, من حديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا»[8].

الثَّالث: ما أخرجه أحمد في المسند, من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «نضر الله امرأ سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه، فرب مبلغ أحفظ له من سامع»[9].

آداب الداعية إلى الله تعالى:

الأول: التواضع:

الثاني: اللين مع المدعو.

الثالث: مراعاة حال المخاطب أو المدعو:

الرابع: اختيار الأسلوب الأمثل مع المدعو:

الخامس: الحرص على هداية المدعوّ:

السادس: أن يتحلى الداعي بسعة الصدر[10].

المراجع







[1] سورة يوسف 108.




[2] دليل الفرص والوسائل الدعوية, المؤلف: خالد بن محمد الدبيخي ص: 2-3.

[3] سورة آل عمران 110.




[4] سورة النحل 125.




[5] سورة آل عمران 104.




[6] فصلت 33




[7] صحيح البخاري 5/134 برقم 4210, صحيح مسلم 4/1872 برقم 2406.




[8] صحيح مسلم 4/2060 برقم 2674.




[9] مسند الإمام أحمد 7/221 برقم 4157. وصححه الألباني في مشكاة المصابيح 1/78.




[10] تأملات في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب, المؤلف: عبد الله بن عبد المحسن بن عبد الرحمن التركي, الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، المملكة العربية السعودية ص: 101-106.