" *موقف شيخ الإسلام ابن تيمية من مخالفيه، وإنصافه لخصومه*:
- *لقد كان ابن تيمية ينظر إلى خصومات أعدائه، وكيد مناوئيه على أنها نعمة من الله يظهر بها الحق، ويدمغ الباطل فإذا هو زاهق*، فهذه العداوات وإن كانت في ظاهرها شراً، وهي نوع الابتلاء للمؤمنين إلا أنها تحمل في طياتها مصالح للمؤمنين الصابرين.
- *وقد كان -رحمه الله- يملك تصوراً عجيباً عن الفِرق، ومذاهب الرجال، والفروقات بين مذاهبهم*.
- *وقد كانت مصادره في معرفة أقوال المخالفين له مصادر موثوقة، عالية الإسناد*، فمصادره تكون:
١- إما بقراءة كتبهم
٢- وإما بملاقاتهم ومناظراتهم
٣- وإما عن طريق أقوال الثقات عنده عنهم.
- من أبرز مواقفه في إنصافه لخصومه: *إنصافه يوم لقياه الملك الناصر وطلب الملك منه أن يفتي في قتل بعض حسّاده من الفقهاء، والقضاة، وأمْر ابن تيمية له بالعدول عن ذلك*.
- *وقد كان -رحمه الله- يطلب إقامة المناظرة: بياناً للحق، وإقامة للحجة، فيستعفي الخصم بلفظ أو بخط*، فلم يطلب حظاً لنفسه ولانفعاً، بل كان يعفو عمن ظلمه، وكان قصده بيان الحق، وإن أدى ذلك إلى ظلم الناس له، وهضمهم بعض حقه.
- *وقد كان حريصاً على تأليف القلوب، وجمعها على الحق*، لا أن تتفرق وتختلف، أو أن تجتمع على منكر وضلالة ( *كأنموذج ماحصل بين الحنبلية والأشعرية ودوره فيها*).
- ومن إنصافه لخصوم: *أنه كان يناقشهم في المصطلحات حسب فهمهم لها، ثم يبيّن هذا الفهم: هل هو صواب أم لا*؟، ويستدل على قوله وحجته بأقوال المختصين في الفن، *وإذا وافق خصمه الحق فإنه -رحمه الله- يوافقه على ذلك ويؤيده ويثني على الحق الذي عنده*، وإذا احتاج الأمر إلى تفصيل فإنه يفصّل بأن يقول في كلام المخالف: قوله في هذه المسألة صواب، وأما قىله في المسألة الأخرى فخطأ،
- *ويصف بعض مناوئيه: بأن فيهم نوع دين مع نوع جهل كما قال ذلك في الأخنائي الذي أساء الأدب مع شيخ الإسلام، وردّ عليه بألفاظ نابية، ومع ذلك كان -رحمه الله- عادلاً معه في الحكم*.
*ويعمّم الحكم، والكلام المنصف على جميع من تكلم فيهم من علماء الإسلام، فذكر -رحمه الله- أنه مامنهم إلا من له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة*، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين مالايخفى على من عرف أحوالهم، وتكلّم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف.
- *ويركز ابن تيمية على أهمية لين الخطاب مع المخالف، ومخاطبته بالتي هي أحسن، حتى وإن أغلظ المخالف عليه القول، ومع هذا ينبّه إلى أن مقامات الخطاب للمخالف تختلف فلها أحوال*، وقد عمل بهذه القاعدة في مناقشاته مع الغلاة، فقد رفع صوته في مناظرته مع الرفاعية.
- ولمعرفة المزيد عن بيان منهج ابن تيمية في رده على الخصوم: فليرجع إلى ( *موقف ابن تيمية من الأشاعرة/ للمحمود*)، *ومقدمة تحقيق بيان تلبيس الجهميةلابن تيمية/ للغفيص* )".
*دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية - عرض ونقد* (ص: 100,99,98,97,96)