قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لَأَنْ أتعلّمَ مسألة أَحَبُّ إليَّ مِن قيام ليلة. وقال أيضاً: كُنْ عالِـماً أو مُتَعلّماً أو مُسْتَمِعَاً ولا تَكُنْ الرابع فَتَهْلَك).
ماصحة هذا الأثر؟
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: (لَأَنْ أتعلّمَ مسألة أَحَبُّ إليَّ مِن قيام ليلة. وقال أيضاً: كُنْ عالِـماً أو مُتَعلّماً أو مُسْتَمِعَاً ولا تَكُنْ الرابع فَتَهْلَك).
ماصحة هذا الأثر؟
خرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى بإسناد صحيح [7 : 187]، فقال:
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ". اهـ.
والله أعلم.
شيخنا عبد الرحمن بارك الله في علمكم، وكيف نصنع بتدليس الأعمش، وقد عنعن كما تر، وكذلك بإرسال سالم بن أبي الجعد، فهو يحدث به عن أم الدرداء الصغرى في هذا الطريق، وعند أبي نعيم في الحلية يحدث به عن معدان بن أبي طلحة، فلا يؤمَن من الانقطاع، والله أعلم، بارك الله فيك شيخنا الحبيب.
وفيكم بارك الله ونفع بكم، شيخنا الحبيب حسن.
لا يخفى عليك ما قاله الذهبي في ميزان الاعتدال (2/224) :
" وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدرى به، فمتى قال حدثنا فلا كلام،
ومتى قال " عن " تطرق إلى احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم:
كإبراهيم، وابن أبي وائل، وأبي صالح السمان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال". اهـ.
وقد روى الأعمش عن سالم كثيرا من الأحاديث وروى الشيخان للأعمش عن سالم.
وقد صحح الترمذي والبزار هذا الإسناد في حديث:
(أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ: " صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ). اهـ.
قال الترمذي في سننه [2509]: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، به مرفوعا
قال أبو عيسى: "هذا حديث صحيح". اهـ، ورواه البزار في مسنده [1409] من هذا الطريق بنحوه، فقال:
" وَهَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الإِسْنَادِ لِهَذَا الْكَلامِ،
وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَكَلامُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم غَرِيبٌ ". اهـ، أشار البخاري في تاريخه إلى أنه قد خولف في رفعه واتصاله.
بارك الله فيك، شيخنا الفاضل.
قلت: بل سمع سالم من أم الدرداء، فيما خرجه أبو زرعة المقدسي في صفوة التصوف [720]، من طريق حمك العبدي، قَالَ:
نا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: " سَأَلْنَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ: أَيُّ عَمَلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ كَانَ أَفْضَلَ؟ فقَالَتِ: التَّفَكُّرُ ". اهـ.
أما ما وقع عند أبي نعيم ففيه نظر، فقد خرجه في الحلية [1 : 208]، فقال:
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ،
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، أَنَّهُ قَالَ: فذكره.
وهذا الإسناد به تحريف، إنما الإسناد يجيء كما في المعجم الصغير للطبراني [٨٢٠]، قال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الصِّينِيُّ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ.
والصيني "متروك الحديث"، كذا قال الدارقطني رحمه الله.
والأثر له شواهد تدل على أنه محفوظ.
خرج ابن المبارك في الزهد [949]، فقال: عَنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مَكْحُولٍ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ:
" مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحُ لِلْخَيْرِ، وَمَغَالِيقُ لِلشَّرِّ، وَلَهُمْ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَمِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحُ لِلشَّرِّ، وَمَغَالِيقُ لِلْخَيْرِ، وَعَلَيْهِمْ بِذَلِكَ إِصْرٌ،
وَتَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ "،
قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: "تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ الْمُبَارَكِ غَرِيبُ الإِسْنَادِ صَحِيحٌ". اهـ.
وخرج الخطيب في الفقيه والمتفقه (1/16) من طريق إِسْمَاعِيل بْن عَمْرٍو، قال:
نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: فذكره.
ومن طريق مُحَمَّد بْن بُكَيرٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: بَلَغَنَا، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، به.
وخرج ابن أبي شيبة في مصنفه [36232]، فقال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ ". اهـ.
وخرجه أبو نعيم في الحلية [6 : 271] من طريق: فُضَيْل بْن عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، به.
والله أعلم.
شيخنا الفاضل عبد الرحمن جزاك الله عني خيرا، أتفهم عنعنة الأعمش في الصحيحين، ورواية شعبة وحفص بن غياث عنه، وما أخرجه له ابن حبان في صحيحه، ولكن أظن أن هذا الاختصاص ببعض شيوخ الأعمش أن ما رواه عنهم لا يحمل على الاتصال في كل حال، وقد تطلب ابن رجب طريقا لحديثٍ رواه الأعمش عن أبي صالح كي يزيل به ما يمكن أن يتوهم فيه تدليس الأعمش عن أبي صالح، مما يجعل هذا التخصيص ليس بقاعدة عنده، يقول ابن رجب في شرحه على البخاري: حدثنا مسدد: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: "صلاة الجميع تزيد على صلاته في بيته" الخ، قال ابن رجب: وقد خرجه البخاري - أيضا - في موضع آخر من كتابه بزيادة تصريح الأعمش بالسماع له من أبي صالح، فزال ما كان يتوهم من تدليس الأعمش له. فتح الباري، ج 3، ص 416 و 417، ولا أتصور أن يقال: أن الأعمش كان مكثر عن عمرو بن مرة، وغاية ما كان عند عمرو بن مرة نحوً من مئة حديث، لم يروها الأعمش كلها عن عمرو بن مرة.
وأعتذر على تشغيبي، فهذا لمجرد المدارسة، فليتسع لي صدرك شيخي بارك الله فيك.
جزاكم الله خيراً.