كيف تترجم نصا؟
أسامة طبش



سنحاول من خلال هذا الموضوع، عرض مبادئ مبسطة عن كيفية ترجمة نص، وهذا بالأخص بالنسبة للمبتدئين، الذين ولجوا ميدان الترجمة حديثاً.


تجدر الإشارة إلى أن المراحل التي سنوردها لاحقاً، تنطبق على النصوص ذات الطابع الأدبي أو تلك التي يهم فيها المعنى أكثر من المبنى، أما المساس بشكل النص والتغيير في أساليب اللغة فلا يهم، وليس له ذلك التأثير لمن أراد ترجمة نصه:
المرحلة الأولى: يجب قراءة النص قراءة متأنية مستفيضة مرة ومرتين وثلاثاً، حتى يتوضح المعنى بشكل جلي في ذهن المترجم، ويستبين المراد من الكلمات ويفهم السياقات التي وضعت فيها في جملها، ويستخلص الأحاسيس والانفعالات والآثار، التي يود صاحب النص إحداثها في قارئ نصه.


المرحلة الثانية: الترجمة الحرفية للنص، وهنا يقوم المترجم بالبحث عن المعنى السطحي للكلمات، دون التعمق فيه، ويترجم وفقاً لقواعد لغة النص المصدر، فلا يحدث أي تغيير على مستواها، كبدء الجملة بالاسم على سبيل المثال في اللغة الفرنسية، ولا يراعي الجمال على مستوى الأسلوب، فكل الذي يهمه النجاح في إيصال الرسالة كبداية، أما إحداث تغييرات على مستوى اللغة ذاتها أو إضافة وإنقاص الكلمات أو تنميق الأسلوب، فلا يتم أبداً في هذه المرحلة.


المرحلة الثالثة: تتم الترجمة على مستوى المعنى، حيث يرتكز المترجم على مضمون النص، فيزيح النص الأصلي من أمامه، ويتناول ترجمته التي قام بها، ويعاود تحرير أسلوبه من جديد، فيحدث تغييرات على مستوى قوانين اللغة، حتى تتلاءم مع القارئ الهدف، فمثلاً سأترجم إلى اللغة العربية، فأسعى إلى أن تكون ترجمتي محترمة لاستعمالاتها وما عرف عند العرب من سياقات، هذا حتى لا يحس القارئ بأن النص مترجم، وأنه توجد فيه غرابة في اللغة.


المرحلة الرابعة: يسعى المترجم إلى تجميل وتنميق الأسلوب، وهذا بغية إحداث الأثر المكافئ للنص الأصلي، فعندما قرأ المترجم النص في المرحلة الأولى، لا بد أنه استشعر الانفعالات الواردة فيه، وما يريد الكاتب إحداثه من أثر في القارئ، فالمترجم يسعى إلى إحداث الأثر نفسه، ويستعمل كل قدراته اللغوية وذكائه في فهم معنى النص والتلاعب بالكلمات والألفاظ، حتى تؤدي الدور المطلوب منها.


ما أسلفناه مبادئ بسيطة لمن أراد ترجمة نص ما، وكما وضحنا، فهي تنطبق على النصوص المبنية أساسا على المعنى، والتركيز عليه يفي بالغرض من الترجمة، أما النصوص التي يُحدث التغيير في شكلها أثراً على الهدف من الترجمة، فلا تنطبق عليها هذه المبادئ، بل يجب في تلك الحالة انتهاج نهج مغاير، لأن النص هو من يفرض علينا طريقة ترجمته، ووفقا للعوائق التي نواجهها فيه نقترح له الحلول، وهكذا تبنى النظريات والمقاربات الترجمية.