تعرف على الإنسان
مشاعل سعد العتيبي




في كلِّ صباح يشد الإنسان مئزره؛ ليمضي مقاتلاً في كبد الحياة، يُغلف قلبه بضماد التجارب كي لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، يستلُّ سيف لسانه لكُل من يُصادفه حتى يستطيع الخوض في غمار حياة الكبار، ولا يبدأ مغفلاً!

يمحو من ذاكرته كُل الذكريات التي تجعله يحن وينحني، ويحاول جاهداً إخفاء نُدوب ضعفه، ليواري بها سوءة دمعته، التي يكاد يجزم بأنه لا أحد يشعُر بها، بقدر من يشمت فيها.

وتمضي الأيام به وهو يقف على حافة الحياه وكل أمنياته البقاء بعيداً عمَّن لا يقدرون الوفاء، وينصبون العداء من رحم الولاء.

إنه حقاً لمن الغبن أن تمضي بِنَا الأيام والأشخاص ولَم نتعرف بعد على الإنسان الذي فيهم، لم نطرق قلوبهم، لم نعلم بعد ما هي كواليس شخصياتهم التي يبدون عليها في كل يوم.

فكم من المرات يحدث لك أن ترى في المنام شخصاً تحبه فترتمي في أحضانه دون أن تتردد، وتحدِّثُه عن مدى أشواقك دون أن تتلعثم، وتبقى بجواره دون أن تندم؛ لتشعر أنك أنسان في نومك أكثر من يومك! حين لا تُعاقب قلبك عندما يلتوي كاحل صبرك، وتنجو من فخ الغياب، فيجمعك الواقع بمن تحب..

ويظل السؤال:
أما آن الأوان أن نستيقظ من سبات الشعور ونتعرف على الإنسان الذي يخبئه الشخص عندما نراه خوفاً عليه من الأذى؟.