ظاهرة التشكيك في الأحاديث الصحيحة!!


شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم تتطلب طاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وتصديقه فيما أخبر، وألا يعبد الله إلا بما شرع رسوله.
فكيف بالذين يخرجون علينا بين الفينة والأخرى يشككون، ويطعنون، ويسخرون من أحاديث نبوية صحيحة صريحة، عبر أجهزة التواصل، وأجهزة الإعلام الأخرى.
فهذه ظاهرة بالغة الخطورة؛ لأنها تطعن في الوحي والنبوة والقرآن، فالله سبحانه أمرنا بطاعة نبيه: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} (النساء:80)، وقال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (آل عمران:31)، وإذا سكت أصحاب القرار وأهل الحل والعقد والعلماء، فيخشى أن تصيبنا فتنة أو عذاب آليم، كما قال سبحانه: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب آليم} (النور:63).
فالأصل في المسلم تعظيم وإجلال وتوقير الأحاديث النبوية، وحسن الأدب مع نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، والخطاب مع الرسول يجب أن يكون مختلفا وراقيا جدا، قال تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} (النور:63)، قال قتادة رحمه الله: أمر الله أن يُهاب نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يُبَجّل وأن يعظم وأن يسّود.
فهذا يرد حديث الذبابة، وآخر يرد حديث بول الإبل، والثالث يرد أحاديث صلاة الجماعة، ورابع يرد حديث الحجاب، وخامس يرد حديث الحدود، والسادس يرد حيث طاعة أولي الأمر.. فماذا بقي؟ كل ذلك أهواء وإعجاب كل ذي رأي برأيه، وتقديم العقل على النقل، وكسر هيبة الحديث؛ حتى يتجرأ عليها الآخرون.
قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب} (الحشر:7)، فالذي يرد الأحاديث الصحيحة إما جاهل، أو صاحب هوى وغرض فاسد، أو له مآرب أخرى في نفسه؛ ليصد بذلك عن سبيل الله تعالى.
فالسنة الصحيحة لا تعارض المعقول الصريح، ولكن هناك أفهاما سقيمة، حشرت نفسها، ونصبت نفسها مفسرة تخوض في تفسير الدلالات وهم ليسوا أهلا لذلك تماما.
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح الطحاوية: والشرع لا يأتي بما تحيله العقول، ولكن قد يأتي بما تمار فيه العقول.
ولو فتح الباب لكل صاحب هوى أن يرد الأحاديث الصحيحة لاستباحوا الدماء، والأعراض، والأموال، ولقاموا بتفريق جماعة المسلمين، ولضربوا الأحاديث، وأوجدوا الشبهات لرد مسائل الاعتقاد، والعبادات، والمعاملات، ومسائل اليوم الأخر.
قال العلامة ابن القيم: «أجمع المسلمون أن الرد إلى الرسول هو الرجوع إليه في حياته، وهو الرجوع إلى سنته بعد مماته، واتفقوا أن فرض هذا الرد لم يسقط بموته صلى الله عليه وسلم، فإن كان متواتر أخباره وأحادها لا تفيد علما ولا يقينا، لم يكن للرد إليه وجه».
فالواجب الأخذ بكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أي مجال، واعتقاد موجبه، والعمل به، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:3-4)، فواجبنا التصديق والعمل به، والطمأنينة بما ثبت عنه، ولتفرح نفوسنا بهذا الوحي المعصوم الذي جاء بعلاج عظيم لكثير من الأسقام، «ما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه دواء علمه من علمه وجهله من جهله».
ما أحوج المسلمين إلى الابتعاد عن التشكيك والطعن في الوحيين «القرآن والسنة والتجرؤ عليهما»، والتخلص من الفرقة والحزبية التي فرقت جمع المسلمين، وشتتت شملهم، وجرأت أهل الأهواء عليهم، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} (الأنفال: 46)، ولا بد من تجنب تحكيم العقل على النقل، والوهن في تفسير النصوص.
واستغلال ثغرات في القوانين للنيل من الاتباع والأحاديث الصحيحة، وما هو معلوم في الدين بالضرورة، ولا يجوز أن يسلك المسلم مسلك الضلال والانحراف؛ بل يجب التصدي لمثل هذه الظواهر الخطيرة والفتاكة، والدفاع عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وأمهات المؤمنين، والعلماء رضي الله عنهم جميعا، ورحمهم الله.
ونسأل الله أن يعيننا بأخذ هذا الدين كامله، وتعلمه وتعليمه والعمل به وتبليغه، والأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم أمرين؛ لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علىّ الحوض»، وأيضا: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».


اعداد: د.بسام خضر الشطي