تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 97

الموضوع: مدارسة الأربعين النووية

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    بارك الله فيك أخيتي فتاة التوحيد والعقيدة ،، بل ننتظر مشاركاتك معنا ،، نحن هنا لنستفيد من بعضنا .
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    الحديث الرابع عشر

    عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، و التارك لدينه المفارق للجماعة )

    رواه البخاري ومسلم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    ابتعث الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بالدين الخاتم ، الذي يخرج الناس من عبادة العباد ، إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان ، إلى عدل الإسلام ، فإذا دخل الإنسان حياض هذا الدين ، والتزم بأحكامه ، صار فردا من أفراد المجتمع الإسلامي ، يتمتع بكافة الحقوق المكفولة له ، ومن جملة هذه الحقوق ، عصمة دمه وماله وعرضه .


    وإعطاء المسلم هذه الحقوق له دلالته الخاصة ، فالحديث عن العصمة بكافة صورها هو حديث عن حرمة المسلم ، ومكانته في هذا المجتمع ، وقد قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق يوم حجة الوداع فقال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ) رواه مسلم ، وقال أيضا : (من صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله) رواه البخاري .


    والشريعة الإسلامية - بما تكفله من هذه الحقوق - تسعى إلى تحقيق الوحدة بين لبنات المجتمع المسلم ، وتعميق الروابط بين المؤمنين ، وبهذا يتحقق لهذا المجتمع أمنه ، وسلامة أفراده .


    ولكن المشكلة تكمن في أولئك الأفراد ، الذين يشَّكل وجودهم خطرا يهدد صرح الأمة ، ولم تكن هذه الخطورة مقتصرة على فسادهم الشخصي ، أو وقوعهم في بعض المحرمات وتقصيرهم في حقوق ربهم ، إنما تعدت إلى انتهاك حقوق الآخرين ، وتهديد حياة الاستقرار التي يعيشها هذا المجتمع ، فمن هنا رفع الإسلام عن هؤلاء المنعة الشرعية ، وأسقط حقهم في الحياة .


    وفي الحديث الذي بين أيدينا بيان لتلك الأمور التي من شأنها أن تزيل العصمة عن فاعلها ، وتجعله مهدر الدم ، وهي في قوله صلى الله عليه وسلم : ( الثيّب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة ) .


    فأما الزاني المحصن ، فإن الحكم الشرعي فيه هو الرجم حتى الموت ، ولعل في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، دلالة واضحة على هذا الحكم ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ..والثيب بالثيب جلد مائة ، والرجم ) رواه مسلم ، وقد رجم النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا و الغامدية رضي الله عنهما في عهده ، وأجمع المسلمون على هذا الحكم ، وكان فيما نزل من القرآن ، ثم نسخ لفظه وبقي حكمه : " والشيخ والشيخ إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم " - انظر مجموع الفتاوى 20/399 - .


    وليس ثمة شك في أن هذا الحكم الذي شرعه الله تعالى في حق الزاني المحصن ، هو غاية العدل ، وهو الدواء الوحيد لقطع دابر هذه الظاهرة ، فإن الله سبحانه وتعالى أعلم بعباده ، وهو الذي خلقهم ، فهو أدرى بما يصلحهم وينفعهم ، لأنه أحكم الحاكمين ، ولكنا إذا أردنا أن نتلمس الحكمة في تشريع الله تعالى لهذا النوع من العقوبة ، بحيث اختصت في هذا الحد من الحدود ولم تشرع في غيره ، فنقول : إذا أردنا أن نعرف ذلك فعلينا أن نتأمل الآثار المدمرة التي يخلفها مثل هذا الفعل الشنيع على جميع المستويات ، فهو ليس انتهاكا لحقوق الآخرين واعتداء على أعراضهم فحسب ، بل هو جريمة في حق الإنسانية ، وإفساد للنسل والذرية ، وسبب في اختلاط الأنساب ، فلهذا وغيره ، جاء حكم الله تعالى في الزاني المحصن على هذا النحو .


    ويجدر بنا أن نشير إلى أن هذه العقوبة لا تتم إلا عندما يقرّ الزاني بما فعله من تلقاء نفسه ، أو بشهادة أربعة شهود على حصول ذلك منه ، وهذا في الحقيقة قد يكون متعذراً ، ومن ناحية أخرى دعت الشريعة من زلت قدمه بهذه الخطيئة أن يستر على نفسه ولا يفضحها ، ويتوب إلى الله عزوجل ، ولا داعي لفضح نفسه ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يراجع من يعترف بفعله مرات ومرات ، لعله يتراجع عن اعترافه هذا ، ونلمس ذلك جليا في قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت ) البخاري ، ومن هنا نرى أن الشريعة وضعت هذا الحد ضمن قيود واضحة ، وضوابط محددة ؛ حتى لا يطبق إلا في نطاق لازم ، وفي الموضع الصحيح .


    إن ذلك يعطينا تصورا واضحة بأن هذه العقوبة ليست غاية أو هدفا في حد ذاتها ، ولكنها وسيلة لاستئصال هذه الظاهرة والقضاء عليها ، وهذا ما أثبته التاريخ في العهد النبوي ، فإن كتب السير لم تنقل لنا حصول هذه الجريمة الخلقية إلا في عدد محدود للغاية .


    ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أمرا آخر يحل به دم المسلم وهو : ( النفس بالنفس ) أي : قتل العمد ، وقد أجمع العلماء أن قاتل النفس المعصومة عمدا مستحق للقتل إذا انطبقت عليه الشروط ، انطلاقا من قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ( المائدة :45 ) ، وهذا يشمل أن يكون المقتول أو القاتل ذكرا أم أنثى ، وهذا العموم مفهوم من الآية السابقة ، يؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أمر بقتل يهودي قصاصا من امرأة .


    وإذا نظرنا إلى قوله تعالى : { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب } ( البقرة :179) ، لأدركنا عظم الحكمة التي لأجلها شرع القصاص في الإسلام ، فالقصاص بحد ذاته ليس انتقاما شخصيا ، أو إرواء لغليل النفوس المكلومة ، بل هو أمر أعظم من ذلك ، إنه حياة للأمم والشعوب ، فإن القاتل إذا علم أن حياته ستكون ثمنا لحياة الآخرين ، فسوف يشكّل ذلك أكبر رادع له عن فكرة القتل ، وبهذا تستقيم الحياة ، وتعيش المجتمعات في أمن وطمأنينة .


    وثالث الأمور التي تهدر الدم وتسقط العصمة ، الردة عن دين الله تعالى ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( والتارك لدينه المفارق للجماعة ) أي : المفارق لجماعة المسلمين ، ويعضده ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من بدل دينه فاقتلوه ) .


    والردة قد تكون بالقول الصريح : كأن يكفر بالله صراحة ، أو بالاعتقاد : كأن يجحد شيئا معلوما من الدين بالضرورة ، أوإنكار النبوة أو البعث ، أو تكون باستحلال ما حرم الله ، أو تحريم ما أحل الله ، كما قد تكون بالفعل : كمن رمى المصحف في مكان القاذورات - والعياذ بالله - أو سجد لصنم ، فهذه أمثلة على بعض ما يخرج المرء من دين الله .


    وينبغي أن نشير هنا إلى أنه قد ورد في أحاديث أخرى القتل بغير هذه الثلاث ، فقد ورد قتل اللوطي ، في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) رواه الإمام أحمد في مسنده ، وأبو داود والترمذي ، كما ورد الأمر بقتل الساحر ، وقتل من أراد أن يشق عصا المسلمين ، ومن أراد الإفساد في الأرض وقطع الطريق ، ولعلنا نلاحظ أن هذه الأصناف المذكورة تندرج ضمنا تحت الأنواع الثلاثة التي تناولها الحديث .


    إن هذه التشريعات التي أحكمها الله سبحانه وتعالى هي صمام الأمان الذي يحفظ للأمة أمنها واستقرارها ، وبها تصان حقوق الفرد والمجتمع ، فحري بنا أن نعقلها ونتدبرها ، وأن نطبقها على واقعنا كما سطرناها في كتبنا .

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هويدامحمد مشاهدة المشاركة

    ولكن المشكلة تكمن في أولئك الأفراد ، الذين يشَّكل وجودهم خطرا يهدد صرح الأمة ، ولم تكن هذه الخطورة مقتصرة على فسادهم الشخصي ، أو وقوعهم في بعض المحرمات وتقصيرهم في حقوق ربهم ، إنما تعدت إلى انتهاك حقوق الآخرين ، وتهديد حياة الاستقرار التي يعيشها هذا المجتمع ، فمن هنا رفع الإسلام عن هؤلاء المنعة الشرعية ، وأسقط حقهم في الحياة .
    بارك الله فيك زادك علما
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية


    - أن هذه الثلاث خصال هي حق الإسلام التي يستباح بها دم من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والقتل بكل واحدة من هذه الخصال الثلاث متفق عليه بين المسلمين . [ ابن رجب رحمه الله ]


    - هذا الحديث بين فيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن دماء المسلمين محترمة، وأنها محرمة لا يحل انتهاكها إلا بإحدى ثلاث :

    " الثيب الزاني " وهو الذي تزوج ثم زنى بعد أن من الله عليه بالزواج, فهذا يحل دمه , لأن حده أن يرجم بالحجارة حتى يموت .

    الثاني : " النفس بالنفس " وهذا في القصاص؛ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ).

    الثالث :" التارك لدينه المفارق للجماعة " والمراد به من خرج على الإمام, فإنه يباح قتله حتى يرجع ويتوب إلى الله عزوجل, وهناك أشياء لم تذكر في هذا الحديث مما يحل فيها دم المسلم لكن الرسول عليه الصلاة والسلام كلامه يجمع بعضه من بعض، ويكمل بعضه من بعض . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : وجوب رجم الزاني، لقوله " الثيب الزاني " . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائده أيضا : جواز القصاص لكن الإنسان مخيّر – أعني من له القصاص - بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو يعفو مجاناً . [ابن عثيمين رحمه الله ]


    - ومن فوائده أيضاً : وجوب قتل المرتد إذا لم يتب . [ ابن عثيمين رحمه الله ]




    - هذا شرح مختصر جدا للحديث ، لا أجد تفاعل كبير للأخوات في شرح الأربعين !-
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    الحديث الخامس عشر


    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
    ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه )


    رواه البخاري ومسلم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    ما سبب حذف المشاركة الاخيره ؟؟؟
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    شرح حديث (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر)
    خالد بن سعود البليهد

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه) متفق عليه.

    هذا الحديث في بيان أنواع خلال من الإيمان من حفظ الكلام والكرم والبذل والإحسان إلى الخلق. وفيه مسائل.


    الأولى: قوله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم والآخر) أسلوب مؤثر كان النبي صلى الله وسلم يستعمله في موعظته وترغيب أصحابه بالأعمال الصالحة والمعنى من كان مؤمنا بالله واليوم الآخر حقا وكمالا فليفعل كذا وكذا من كان مصدقا بوعد الله محتسبا للأجر مستشعرا للوقوف بين يدي الله يوم القيامة فليمتثل هذه الأعمال الجليلة والخصال الحسنة. وفيه دليل على أن هذه الأعمال التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم من خصال الإيمان منها ما يتعلق بحقوق الله كقول الخير ومنها ما يتعلق بحقوق العباد كإكرام الضيف وإكرام الجار.

    الثانية: في الحديث دليل على أن حفظ اللسان من السيئات واستقامته على الخير علامة على استقامة إيمان العبد كما روي في المسند من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه). وقد ورد في الشرع التخريف والزجر من إطلاق الكلام على عواهنه وعدم التحرز من القول ففي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبن فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) وعند أحمد (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار). فإذا كان هذا الوعيد فيمن تكلم بغير بصيرة فكيف من تعمد الإثم في قوله والسوء في كلامه فأمره أعظم. وقال تعالى: (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَا نِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ). والمتلقيان ملكان موكلان بالعبد ملك عن يمينه يكتب الحسنات وملك عن شماله يكتب السيئات. وقد كان بعض السلف يتورعون عن التأوه والأنين حال المرض خشية أن يكتب.

    الثالثة: قوله (فليقل خيرا أو ليصمت) فيه إرشاد للعبد بأن يسلك أحد أمرين في الكلام فإن كان الكلام خيرا تكلم به وإن لم يكن خيرا أمسك عنه إلا ما دعت الحاجة إليه. والحاصل أن الكلام ثلاثة أقسام:
    1. كلام خير فيستحب للعبد التكلم به بل كلامه به أفضل من سكوته عنه كتلاوة القرآن والذكر والعلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وغير ذلك مما أمر به الشرع ورغب فيه.
    2. كلام شر فيشرع للعبد الإمساك عنه وسكوته عنه واجب كالغيبة والنميمة والكذب والإستهزاء وغير ذلك مما نهى عنه الشرع وحذر منه.
    3. كلام مباح لا خير ولا شر فيشرع للعبد الإمساك عنه وعدم الكلام به وسكوته عنه أفضل من كلامه إلا ما دعت الحاجة إليه في معاشه ومصلحته ومصلحة من يعول.
    وقد نهى السلف من فضول الكلام لأن فيه مضيعة للوقت بلا فائدة وذريعة إلى الوقوع في الحرام ويوجب قسوة القلب والغفلة عن ذكر الله. قال ابن مسعود: (إياكم وفضول الكلام حسب امرئ ما بلغ حاجته). وقال النخعي: (يهلك الناس في فضول المال والكلام). وقال عمر: (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به). والكلام بالخير أفضل من السكوت. قال أحد العلماء عند عمر بن عبد العزيز: الصامت على علم كالمتكلم على علم فقال عمر: (إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم أفضلهما يوم القيامة حالا وذلك أن منفعته للناس وهذا صمته لنفسه). فقال له يا أمير المؤمنين فكيف بفتنة المنطق فبكى عمر عند ذلك بكاء شديدا.

    الرابعة: يستحب للعبد أن يكثر من الكلام بالمعروف وأن لا يفوت مجلسا أو ساعة من ذكر الله وما كان في معناه من مدارسة العلم وبيان الحق والنصيحة. فإن كل مجلس وحال لا يذكر فيه العبد اسم الله ولا يرشد الخلق إليه إلا كان خسارة له في الدنيا وحسرة وندامة في الآخرة وعقوبة له على تفريطه. فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة). وروى النسائي من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من قوم يجلسون مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كانت عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة). وقال مجاهد: (ما جلس قوم مجلسا فتفرقوا قبل أن يذكروا الله إلا تفرقوا من أنتن من ريح الجيفة وكان مجلسهم يشهد عليهم بغفلتهم وما جلس قوم مجلسا فذكروا الله قبل أن يتفرقوا إلا تفرقوا عن أطيب من ريح المسك وكان مجلسهم يشهد لهم بذكرهم). وقال بعض السلف: (يعرض على ابن آدم يوم القيامة ساعات عمره فكل ساعة لم يذكر الله فيها تتقطع نفسه عليها حسرات).

    الخامسة: إلتزام الصمت مطلقا واعتقاد أنه قربة وطاعة لله في جميع الأحوال أو بعضها عمل محدث ليس له أصل في الشرع وهو من عمل أهل الجاهلية وليس في الشرع ما يدل على أن الصمت لذاته مقصود شرعا وإنما يشرع الصمت ويستحب ويمدح فاعله إذا كان سكوتا عن الباطل أو استماعا للذكر والخطبة ونحو ذلك من الأحوال الخاصة التي تدل على أن الصمت وسيلة لغيره فإن ترتب عليه خير كان محمودا في الشرع وإن ترتب عليه شر كان مذموما في الشرع وليس هو عبادة بذاته. فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما أخرج أبوداود في سننه من حديث علي مرفوعا: (لا صمات يوم إلى الليل). وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لإمرأة حجت مصمتة: (إن هذا لا يحل هذا من عمل الجاهلية). وروي عن علي بن الحسين أنه قال: (صوم الصمت حرام).

    السادسة: وفيه إن الإحسان إلى الجار من خصال الإيمان التي أمر بها الشرع ورغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد روى الشيخان عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). وكل معروف من القول والفعل داخل في الإحسان وله صور كثيرة: من ذلك السؤال عن حاله وزيارته وتفقد أحواله ومواساته عند فقره وعيادته في مرضه وتشييع جنازته وإجابة دعوته ونصيحته وإعانته على قضاء حاجته ومشاركته في أفراحه وأحزانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يشبع المؤمن دون جاره) رواه أحمد. وفي صحيح مسلم عن أبي ذر قال: (أوصاني خليلي إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر إلى أهل بيت جيرانك فأصبهم منها بمعروف). وفي المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه ذبح شاة فقال هل أهديتم منها لجارنا اليهودي ثلاث مرات ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه). ومن أعظم إكرام الجار احتمال الأذى منه والصبر على سوء خلقه وقلة معروفه. فينبغي على العبد أن يكون من أهل الإحسان ويتعاهد جيرانه بالمعروف ولا يكون بخيلا مناعا للخير شحيحا بماله ووقته وخلقه على الجيران. ومما يؤسف له في زماننا قلة الإحسان بين الجيران وضعف العلاقة بينهم وكثرة الجفاء فيما بينهم بل ربما وصل الحال إلى أن الرجل لا يعرف جاره ولا يطلع على أحواله. فإلى الله المشتكى.

    السابعة: الجيران في الحقوق ثلاثة كما روي في مسند البزار مرفوعا ولا يصح: (الجيران ثلاثة جار له حق واحد وهو أدنى الجيران حقا وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق وهو أفضل الجيران حقا. فأما الذي له حق واحد فجار مشرك لا رحم له حق الجوار وأما الجار الذي له حقان فجار مسلم له حق الإسلام وحق الجوار وأما الذي له ثلاثة حقوق فجار مسلم ذو رحم له حق الإسلام وحق الجوار وحق الرحم). وقد حد بعض العلماء الجوار الذي يتعلق به الإحسان فقالت طائفة من السلف حد الجوار أربعون دارا. وروي في السنة تعيينه بذلك ولا يصح ففي مراسيل الزهري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جارا له فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه أن ينادي: (ألا إن أربعين دار جار). وقد فسره الزهري بأربعين بيتا من كل جانب. والصحيح أنه لا تحديد في الجوار لأنه لم يرد في السنة حديث صحيح يعين ذلك بل هو عام قد أطلقه الشرع والمرجع في تعيين الجار القريب الذي له حق خاص العرف فما تعارف عليه أهل البلد في الجوار كان حد معتبرا كالمحلة والحي والطريق ونحوه. وكلما قرب الجار إلى البيت كان حقه أعظم وقدم على غيره في المعروف كما روت عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي قال: (إلى أقربهما بابا) رواه البخاري.

    الثامنة: من الإحسان إلى الجار كف الأذى عنه مما يؤذيه ويوقعه في الضرر أو الحرج. فكل قول أو فعل مؤذ حسا أو عرفا وجب على المؤمن الكف عنه وقد نهى الشرع عن ذلك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) رواه البخاري. وفي صحيح مسلم: (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه). والمسلم منهي عن إيذاء أخيه المسلم في جميع الأحوال ولكن يتأكد النهي ويعظم الجرم في إيذاء الجار لعظم حقه كما روى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه سئل أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قيل ثم أي قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك قبل ثم أي قال أن تزني حليلة جارك) متفق عليه. وإيذاء الجار سبب موجب لدخول النار فقد روي في مسند أحمد من حديث أبي هريرة قال قيل يا رسول الله: إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها سليطة. قال: (لا خير فيها هي في النار). وإيذاء الجار له صور كثيرة: من إتلاف ماله والتعدي على عرضه والتجسس على أسراره والإطلاع على حرماته ومضايقته في مرافقه وإزعاجه برفع الصوت والإضرار بأولاده ونشر عيوبه واختلاق الإفك والشائعات عنه وتخبيب زوجته وإفساد أهله عليه وغير ذلك مما يتضرر به. وأذى الجار عظيم لا يمكن التحرز منه غالبا أو إزالته وربما حمل المتضرر على التحول من داره ولذلك شدد الشارع فيه. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من جار السوء.

    التاسعة: وفيه الأمر بإكرام الضيف . قال ابن عبد البر: (أجمع العلماء على مدح مكرم الضيف والثناء عليه بذلك وحمده وأن الضيافة من سنن المرسلين وأن إبراهيم أول من ضيف الضيف). وقد تظافرت النصوص على ذلك ففي الصحيحين عن أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته قالوا وما جائزته قال يوم وليلة قال والضيافة ثلاثة أيام وما كان بعد ذلك فهو صدقة). وخرج أحمد من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه قالها ثلاثا قالوا وما كرامة الضيف يا رسول الله قال ثلاثة أيام فما جلس بعد ذلك فهو صدقة). فقد دلت النصوص على وجوب الضيافة يوم وليلة واليوم الثاني والثالث سنة نافلة حق مشروع للضيف وما زاد على الثلاثة أيام فصدقة من الصدقات. والصحيح أن الضيافة واجبة للمسلم أما الكافر فلا تجب لأن هذا من حق المسلم على أخيه كالنصيحة والسلام وإجابة الدعوة. وإذا نزل الضيف على قوم ولم يكرموه جاز له المطالبة بحقه وإن استطاع أن يأخذ حقه من غير مفسدة أبيح له ذلك. وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر قال قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فما ترى فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم). واختلف الفقهاء هل الضيافة واجبة على أهل البادية والحاضرة أم خاصة على أهل البادية. وقال مالك: ليس على أهل الحضر ضيافة. وقال سحنون إنما الضيافة على أهل البادية وأما أهل الحضر فالفندق ينزل فيه المسافر.

    العاشرة: يحق للضيف الإقامة عند من استضافه ثلاثة أيام وإن كان غنيا لكن لا يحل له أن يقيم عنده حتى يوقعه في الحرج سواء كان هذا في الثلاثة أيام أو فيما زاد عليها فإذا علم عجزه وفقره أو أنه يضيفه من قوته وقوت عياله وأن أهله يتأذون بذلك لم يجز له استضافته حينئذ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا يحل له أن يقيم عنده حتى يحرجه) متفق عليه. ولا شك أن الضيافة تجب وتستحب للموسر أما العاجز فلا. وكذلك لا ينبغي له أن يقيم عنده فوق ثلاث فيحرجه ويضيق عليه بل ينبغي للضيف مراعاة أحوال المضيف. وقد كان ابن عمر إذا أقام ثلاثة أيام أمر نافع أن ينفق من ماله وامتنع من الأكل من مال من نزل به. ويحق للمضيف أن يأمر الضيف بالتحول عن بيته بعد ثلاثة أيام كما فعل ذلك الإمام أحمد. لكن إذا كان المضيف يأنس ببقاء الضيف ويرغب به وعنده سعة من المال فلا حرج على الضيف في البقاء عنده لأن بقاءه لا يحرج من نزل به بل يدخل السرور عليه. ومما يؤسف أن بعض الأضياف يثقل على المستضيف في الإقامة ولا يراعي أحواله وآداب الشريعة.




  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    جزاك الله خيرا ، بارك الله فيك أخيتي هويدا وزادك علما .
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية


    - أعمال الإيمان : تارة تتعلق بحقوق الله كأداء الواجبات ، وترك المحرمات . ومن ذلك قول الخير والصمت عن غيره .
    وتارة تتعلق بحقوق عباده كإكرام الضيف ، وإكرام الجار والكف عن أذاه . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - والمقصود أن النبي أمر بالكلام بالخير ، والسكوت عما ليس بخير ... فليس الكلام مأمورا به على الإطلاق ، ولا السكوت كذلك ، بل لابد من الكلام بالخير والسكوت عن الشر .
    وكان السلف كثيرا يمدحون الصمت عن الشر ، وعما لا يعني لشدته على النفس ، وذلك يقع فيه الناس كثيرا ، فكانوا يعالجون أنفسهم ، ويجاهدونها على السكوت عما لا يعني . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث أنه يصح نفي الإيمان لانتفاء كماله لقوله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ) . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - رعاية الإسلام للجوار والضيافة ، فهذا يدل على كمال الإسلام وأنه متضمن للقيام بحق الله سبحانه وتعالى وبحق الناس . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية


    الحديث السادس عشر :

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أوصني ، قال : ( لا تغضب ) فردد مرارا ، قال: ( لا تغضب ).


    رواه البخاري.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    - الوصية هي العهد إلى الشخص بالأمر الهام . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - أوصاه بقوله : ( لا تغضب ) وليس المراد النهي عن الغضب الذي هو طبيعة من طبيعة الإنسان ، ولكن المراد : املك نفسك عند الغضب بحيث لا تنفذ إلى ما يقتضيه ذلك الغضب . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ينبغي للمفتي والمعلم أن يراعي حال المستفتي وحال المتعلم وأن يخاطبه بما تقتضيه حاله ، وإن كان لو خاطب غيره فخاطبه بشيء آخر . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وقيل لابن المبارك اجمع لنا حسن الخلق في كلمة . قال : ترك الغضب . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - والواجب على المؤمن أن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله له ، وربما تناولها بنية صالحة فأثيب عليها ، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له أو لغيره وانتقاما ممن عصى الله ورسوله كما قال تعالى : { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزيهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم } . [ ابن رجب رحمه الله ]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    الحديث السابع عشر

    عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ . قال ( إنَّ اللهَ كتب الإحسانَ على كلِّ شيٍء . فإذا قتلتم فأحسِنُوا القِتْلَةَ . وإذا ذبحتم فأحسِنُوا الذبحَ
    . وليُحِدَّ أحدُكم شفرتَه . فليُرِحْ ذبيحتَه ) .




    رواه مسلم
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Mar 2013
    المشاركات
    360

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    موضوعُ الحديثِ:
    الأمرُ بالإحسانِ في كلِّ شيءٍ أو الرِّفْقُ بالحيوانِ.
    المفرداتُ:
    (3) ((إنَّ اللَّهَ كَتَبَ)) أيْ: فرضَ وأَوْجَبَ وأَلْزَمَ.
    (( الإحسانَ)) أيْ: إِتْقَانَ العملِ أو التَّفَضُّلَ والإنعامَ. وقدْ أَمَرَ اللَّهُ بالإحسانِ فقالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[النحل: 90].
    وقالَ: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
    والإحسانُ هوَ أعلى مرتبةٍ منْ مراتبِ الدِّينِ؛ إذْ يَشْمَلُ الإسلامَ والإيمانَ، وهوَ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تراهُ، فإنْ لمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاكَ. وتظهرُ فيهِ المراقبةُ للَّهِ تعالى، لا يقولُ العبدُ إلاَّ حَقًّا لِعِلْمِهِ أنَّ اللَّهَ يَسْمَعُهُ، ولا يَعْمَلُ إلاَّ حَقًّا لعِلْمِهِ أنَّ اللَّهَ يَرَاهُ، ولا يُضْمِرُ إلاَّ حَقًّا لعِلْمِهِ أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعينِ وما تُخْفِي الصدورُ. ويُجْزَى صاحبُ الإحسانِ على إحسانِهِ في الآخرَةِ بالحُسْنَى وزيادةٍ. والحُسْنَى هيَ الجَنَّةُ، والزيادةُ هيَ النظرُ إلى وجهِ اللَّهِ تعالى، كما قالَ تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26].
    وأقسامُ الإحسانِ قسمانِ:
    أَوَّلاً: إحسانٌ واجبٌ، كالإحسانِ للوَالِدَيْنِ والأرحامِ والضيفِ، وهذا الإحسانُ يكونُ بكَرَمِ القولِ ولِينِ الجانبِ وبَذْلِ المالِ.


    ثانياً: إحسانٌ مَنْدُوبٌ، كصدقةِ التَّطَوُّعِ والقَرْضِ والعاريَّةِ والإصلاحِ بينَ الناسِ وإماطةِ الأَذَى عن الطريقِ ونَحْوِها.
    (4) ((فَإِذَا قَتَلْتُمْ)) أي: القتلَ المشروعَ، والمرادُ إذا قَتَلْتُمْ قِصَاصاً وأَزْهَقْتُم الروحَ، فَلْيَكُنْ بطريقةٍ شَرْعِيَّةٍ، ولنْ يكونَ ذلكَ إلاَّ بالشروطِ الشرعِيَّةِ وعنْ طريقِ الحاكمِ حتَّى تُطْفَأَ الفتنةُ.
    (( فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ)) أيْ: أَحْسِنُوا هَيْئَةَ القَتْلِ، كما يقولُ تعالى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}[الإسراء: 33] فلا يُعَذِّبْهُ ولا يُمَثِّلْ بهِ.
    والقتلُ المُبَاحُ على وجْهَيْنِ:
    الأوَّلُ : أنْ يكونَ قِصَاصاً، فَيُقْتَلُ كما قَتَلَ، أيْ: بالآلةِ التي قَتَلَ بها أوْ بِمِثْلِهَا؛ لِقِصَّةِ الجاريَةِ التي رُمِيَتْ بحجرٍ، وقُتِلَ الذي قَتَلَهَا بحجرٍ كذلكَ.
    وقيلَ: يُقْتَلُ بالسَّيْفِ فقطْ.
    والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126]، ولحديثِ الجاريَةِ المُتَقَدِّمِ.
    الثاني: أنْ يكونَ القتلُ للكُفْرِ، فيُقْتَلُ بالسيفِ أوْ بالرَّمْيِ بلا مُثْلَةٍ.
    (5) ((وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ)) أيْ: إذا ذَكَّيْتُم الذبيحةَ الذَّكَاةَ الشرعِيَّةَ فَأَحْسِنُوا هيئةَ الذَّبْحِ.
    وقدْ وردَ في الحديثِ آدابُ الذبحِ، وهيَ: الرِّفْقُ بها، الذبحُ بآلةٍ حَادَّةٍ، سَوْقُها إلى الذبحِ برِفْقٍ، أنْ لا تُذْبَحَ بِحَضْرَةِ أُخْرَى، تَرْكُهَا قبلَ السَّلْخِ حتَّى تَبْرَدَ، عدمُ ذَبْحِهَا من الخَلْفِ.
    وأَمَّا شُرُوطُ الذَّكَاةِ الشرعِيَّةِ فهيَ:
    1- أنْ يكونَ المُذَكِّي عاقلاً مُمَيِّزاً يقصِدُ الذبحَ ويَعْرِفُهُ، فلا تَحِلُّ ذكاةُ مجنونٍ أوْ سكرانَ أوْ صغيرٍ لا يُمَيِّزُ، أوْ كبيرٍ ذَهَبَ عقْلُهُ.
    2- أنْ يكونَ المُذَكِّي مُسلماً أوْ كِتَابِيًّا.
    3- أنْ يقصدَ التَّذْكِيَةَ، فلوْ قَتَلَهَا دِفَاعاً عنْ نَفْسِهِ لمْ تَحِلَّ.
    4- أن لا يكون الذبح لغير الله تعالى.
    5- أنْ لا يُسَمِّيَ عليها بغيرِ اسمِ اللَّهِ تعالى.
    6- أنْ يَذْكُرَ اسمَ اللَّهِ تعالى علَيْها.
    7- أنْ تكونَ الذكاةُ بِمُحَدٍّ يُنْهِرُ الدمَ منْ حديدٍ وأحجارٍ وزُجاجٍ ونَحْوِها؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، إِلاَّ السِّنَّ وَالظُّفْرَ))إلاَّ السِّنَّ؛ لأنَّهُ عَظْمٌ، والظُّفْرُ مُدَى الْحَبَشَةِ.
    8- إِنْهَارُ الدَّمِ، وذلكَ بقطعِ الوَدجَيْنِ والحُلْقُومِ والمَرِيءِ.
    9- أنْ يكونَ المُذَكَّى مَأْذُوناً في ذَكَاتِهِ شَرْعاً.
    وأمَّا غيرُ المأذونِ في ذَكَاتِهِ فهوَ شَيْئَانِ:
    أ- ما حُرِّمَ لحقِّ اللَّهِ تعالى؛ كَصَيْدِ الحَرَمِ والإِحْرَامِ.
    ب- ما حُرِّمَ لحقِّ المخلوقِ؛ كالمَغْصُوبِ والمسروقِ، والصحيحُ حِلُّ ذَكَاتِهِ وتَحْرِيمُ سَرِقَتِهِ.
    الفوائدُ:
    1- وُجُوبُ الإحسانِ في كلِّ شيءٍ.
    2- فضلُ الإحسانِ، وهوَ أعْلَى مراتبِ الإيمانِ.
    3- الأمرُ بالإحسانِ في القتلِ والاستيفاءِ.
    4- الأمرُ بالإحسانِ عندَ الذبحِ.
    5- التَّأَدُّبُ بآدابِ الذبحِ.
    6- استيفاءُ شروطِ الذَّكَاةِ.
    7- وُجُوبُ إِحْدَادِ السِّكِّينِ عندَ الذبحِ.
    8- الرفقُ بالحيوانِ حَيًّا ومَيْتاً.
    9- رحمةُ الإسلامِ بالحيوانِ.
    10- الالتزامُ بشرائعِ الإسلامِ.
    11- مَشْرُوعِيَّةُ إتقانِ العملِ.
    12- تحريمُ المُثْلَةِ بالإنسانِ والحيوانِ.
    13- حُسْنُ التعاملِ معَ المخلوقاتِ.
    14- التحذيرُ منْ قسوةِ القلبِ.

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    - الإحسان في قتل ما يجوز قتله من الناس والدواب : إزهاق نفسه على أسرع الوجوه وأسهلها وأوحاها من غير زيادة في التعذيب ، فإنه إيلام لا حاجة إليه . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - أسهل وجوه قتل الآدمي : ضربه بالسيف على العنق ؛ قال الله تعالى في حق الكفار : { فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب } ، وقال تعالى : { سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان }.
    وقد قيل : إنه عين الموضع الذي يكون الضرب فيه أسهل على المقتول ، وهو فوق العظام ، ودون الدماغ . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صبر البهائم ، وهو : أن تحبس البهيمة ثم تضرب بالنبل ونحوه حتى تموت ؛ ففي الصحيحين عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تُصبر البهائم . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : طلب تفقد آلات الذبح لقوله عليه الصلاة والسلام ( وليحد أحدكم شفرته ) . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : طلب راحة الذبيحة عند الذبح ومن ذلك أن يضجعها برفق دون أن تتعسف في إضجاعها ومن ذلك أيضا أن يضع رجله على عنقها ويدع قوائمها الأربعة اليدين والرجلين بدون إمساك ؛ لأن ذلك أبلغ في إراحتها وحريتها في الحركة ، ولأن ذلك أبلغ في خروج الدم عنها فكان أولى .
    [ ابن عثيمين رحمه الله ]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    الحديث الثامن عشر

    عن أبي ذر جندب بن جنادة ، وأبي عبدالرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
    ( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن )





    رواه الترمذي ، وقال : حديث حسن ، وفي بعض النسخ حسن صحيح .
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية


    - قوله " اتق الله " فعل أمر من التقوى وهو اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه فهذا هو التقوى وهذا هو أحسن حد قيل فيها . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وقال طلق بن حبيب : التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله ، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - " اتق الله حيثما كنت " في أي مكان كنت , فلا تتقي الله في مكان يراك الناس فيه , ولا تتقيه في مكان لا يراك فيه أحد , فإن الله تعالى يراك حيثما كنت فاتقه حيثما كنت . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - فقوله صلى الله عليه وسلم : " اتق الله حيثما كنت " مراده : في السر والعلانية حيث يراه الناس ، وحيث لا يرونه . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - وقوله " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " يعني اجعل الحسنة تتبع السيئة , فإذا فعلت سيئة فأتبعها بالحسنة ومن ذلك – أي إتباع السيئة بالحسنة - أن تتوب إلى الله من السيئة فأن التوبة حسنة . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وقوله " تمحها " يعني الحسنة إذا جاءت بعد السيئة فإنها تمح السيئة ويشهد لهذا قوله تعالى : {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وفي هذا الحديث من الفوائد :
    1) حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح .
    2)ومنها وجوب حرص تقوى الله عزوجل في أي مكان كان .
    3) ومنها وجوب التقوى في السر والعلن , لقوله صلى الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت " .
    4)ومن فوائد هذا الحديث : الإشارة إلى السيئة إذ اتبعها الحسنة إذا اتبعتها الحسنة فإنها تمحوها وتزيلها بالكلية , وهذا عام في كل حسنة وسيئة إذا كانت الحسنة هي التوبة ؛ لأن التوبة تهدم ما قبلها , أما إذا كانت الحسنة غير التوبة وهو أن يعمل الإنسان عملاً سيئاً ثم يعمل عملاً صالحاً فإن هذا يكون بالموازنة فإذا رجح العمل السيئ زال أُره كما قال تعالى : { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ }.
    [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ثم قال " وخالق الناس بخلق حسن " عاملهم بالأخلاق الحسنة بالقول والعمل , فإن ذلك خير وهذا الأمر , إما على سبيل الوجوب وإما على سبيل الاستحباب . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - فيستفاد منه : مشروعية مخالفة الناس بالخلق الحسن وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم كيفية المخالفة , وهي تختلف بحسب أحوال الناس فقد تكون حسنة لشخص , ولا تكون حسنة لغيره , والإنسان العاقل يعرف ويزن . [ ابن عثيمين رحمه الله ]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية

    الحديث التاسع عشر :


    عـن أبي العـباس عـبدالله بن عـباس رضي الله عـنهما، قــال: كـنت خـلـف النبي صلي الله عـليه وسلم يـوماً، فـقـال : { يـا غـلام ! إني أعـلمك كــلمات: احـفـظ الله يـحـفـظـك، احـفـظ الله تجده تجاهـك، إذا سـألت فـاسأل الله، وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله، واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك، وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـك؛ رفـعـت الأقــلام، وجـفـت الـصـحـف }.
    [رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح].
    وفي رواية غير الترمذي: { احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً }.
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية




    - قوله "كُنْتُ خَلْفَ النبي" يحتمل أنه راكب معه ويحتمل أنه يمشي خلفه،وأياً كان فالمهم أنه أوصاه بهذه الوصايا العظيمة. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - قال: "إني أُعَلمُكَ كَلِمَاتٍ" قال ذلك من أجل أن ينتبه لها . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - "اِحْفَظِ اللهَ يَحفَظكَ" هذه كلمة "احفظ الله " يعني احفظ حدوده وشريعته بفعل أوامره واجتناب نواهيه يحفظك في دينك وأهلك ومالك ونفسك لأن الله سبحانه وتعالى يجزي المحسنين بإحسانهم .
    وعُلِمَ من هذا أن من لم يحفظ الله فإنه لا يستحق أن يحفظه الله عزّ وجل ، وفي هذا الترغيب على حفظ حدود الله عزّ وجل . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - الكلمة الثانية قال : "احْفَظِ اللهَ تَجِدهُ تجَاهَكْ" ونقول في قوله:" احْفَظِ اللهَ " كما قلنا في الأولى . ومعنى " تجده تجاهك " أي تجده أمامك يدلك على كل خير ويقربك إليه ويهديك إليه . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - قوله صلى الله عليه وسلم : " يحفظك " يعني : أن من حفظ حدود الله ، وراعى حقوقه حفظه الله ، فإن الجزاء من جنس العمل ، كما قال تعالى : { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } وقال تعالى : { فاذكروني أذكركم } . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - كتب بعض السلف إلى أخ له : أما بعد ، فإن كان الله معك فمن تخاف ؟ وإن كان عليك فمن ترجو ؟ . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - الكلمة الثالثة: "إذَا سَألْتَ فَاسْأَلِ الله" إذا سألت حاجة فلا تسأل إلا الله عزّ وجل ولا تسأل المخلوق شيئاً . وإذا قدر أنك سألت المخلوق ما يقدر عليه ، فاعلم أنه سبب من الأسباب وأن المسبب هو الله عزّ وجل فاعتمد على الله تعالى. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - الكلمة الرابعة: "وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ" فإذا أردت العون وطلبت العون من أحد فلا تطلب العون إلا من الله ، لأنه هو الذي بيده ملكوت السموات والأرض، وهو يعينك إذا شاء وإذا أخلصت الاستعانة بالله وتوكلت عليه أعانك، وإذا استعنت بمخلوق فيما يقدر عليه فاعتقد أنه سبب، وأن الله هو الذي سخره لك. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق ، فلأن العبد عاجز عن الاستقلال بجلب مصالحه ، ودفع مضاره ، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل ، فمن أعانه الله ، فهو المعان ، ومن خذله فهو المخذول ، وهذا تحقيق معنى قول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإن المعنى لا تحول للعبد من حال إلى حال ، ولا قوة له على ذلك إلا بالله .
    وهذه كلمة عظيمة ، وهي كنز من كنوز الجنة ، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات كلها في الدنيا ، وعند الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة ، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله عز وجل ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه . وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز ) . [ ابن رجب رحمه الله ]

    - الكلمة الخامسة: "وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة لو اجْتَمَعَت عَلَى أن يَنفَعُوكَ بِشيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلا بِشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ لَك" الأمة كلها من أولها إلى آخرها لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, وعلى هذا فإن نفع الخلق الذي يأتي للإنسان فهو من الله في الحقيقة ؛ لأنه هو الذي كتبه له وهذا حث لنا على أن نعتمد على الله عزّ وجل ونعلم أن الأمة لا يجلبون لنا خيراً إلا بإذن الله عزّ وجل. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - الكلمة السادسة : "وإِن اِجْتَمَعوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضروك إلا بشيءٍ قَد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ" وعلى هذا فإن نالك ضرر من أحد فاعلم أن الله قد كتبه عليك فارض بقضاء الله وبقدره، ولا حرج أن تحاول أن تدفع الضر عنك،لأن الله تعالى يقول : {وجزاء سيِّئَةٍ سيِّئَةٌ مِثْلُهَا } . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - الكلمة السابعة: "رُفعَت الأَقْلامُ، وَجَفّت الصُّحُفُ" يعني أن ما كتبه الله تعالى قد انتهى فالأقلام رفعت والصحف جفت ولا تبديل لكلمات الله . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - وفي حديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما فوائد أولا ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: "يا غُلام ، إني أُعلِمكَ كَلماتٍ". [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائده : أنه ينبغي لمن ألقى كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه، حيث قال: "يَا غُلام إني أُعَلمكَ كَلمات". [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد الحديث : أن من أضاع الله - أي أضاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه، قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : أن من حفظ الله عزّ وجل هداه ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر إذ قوله : " احفظ الله تجده تجاهك " كقوله في اللفظ الآخر : " تجده أمامك " . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة فليستعن بالله، ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه أن يعينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة". [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد الحديث : أن الأمة لن تستطيع أن ينفعوا أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين، فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : أن كل شيء مكتوب منتهى منه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة . [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد الحديث : في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله بطاعته في الصحة والرخاء ، عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائده : أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه ، وأن الله عزّ وجل إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائد هذا الحديث : البشارة العظيمة للصابرين، وأن النصر مقارن للصبر. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائده : البشارة العظيمة أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب، فكلما كرب الإنسان الأمر فرج الله عنه. [ ابن عثيمين رحمه الله ]

    - ومن فوائده أيضا : البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر، وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم، فقال تعالى: { فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً } فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده. [ ابن عثيمين رحمه الله ]
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,543

    افتراضي رد: مدارسة الأربعين النووية


    الحديث العشرون :

    عَنْ أَبيْ مَسْعُوْدٍ عُقبَة بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ مِمَّا أَدرَكَ النَاسُ مِن كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذا لَم تَستَحْيِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ ) رواه البخاري
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •