تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 4 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 80 من 143

الموضوع: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

  1. #61
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (59)
    صـ 410 إلى صـ 416


    المشركين، وهو دين أهل مقدونية وغيرها من مدائن هؤلاء الفلاسفة الصابئة المشركين.
    والإسكندر الذي وزر له أرسطو هو (1) الإسكندر بن فيلبس المقدوني الذي تؤرخ له اليهود والنصارى، وكان قبل المسيح [عليه السلام] (2) بثلاثمائة عام، ليس هو ذا القرنين المذكور في القرآن، فإن هذا كان متقدما عليه وهو من الحنفاء، وذاك هو ووزيره [أرسطو] (3) كفار يقولون بالسحر والشرك.
    ولهذا كانت الإسماعيلية أخذت ما يقوله هؤلاء في (4) العقل والنفس، وما تقوله المجوس من النور والظلمة، فركبوا من ذلك ومن التشيع، وعبروا عن ذلك بالسابق والتالي، كما قد بسط في موضعه.
    وأصل المشركين والمعطلة (5) باطل، وكذلك أصل المجوس، والقدرية تخرج بعض (6) الحوادث عن خلق الله وقدرته، ويجعلون له شريكا في الملك.
    وهؤلاء الدهرية شر منهم في ذلك، فإن قولهم يستلزم إخراج جميع الحوادث عن خلق الله وقدرته وإثبات شركاء كثيرين له في الملك، بل يستلزم تعطيل الصانع بالكلية. ولهذا كان (7) معلمهم الأول أرسطو
    _________
    (1) ب (فقط) : وهو.
    (2) عليه السلام: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (3) أرسطو: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (4) ب (فقط) : من.
    (5) ا، ب: المشركين المعطلين.
    (6) ن (فقط) : بعد، وهو تحريف.
    (7) ن، م: بالكلية وكان.

    *************************
    وأتباعه إنما يثبتون الأول - الذي يسمونه العلة الأولى - بالاستدلال بحركة الفلك (1) ، فإنهم قالوا: هي اختيارية شوقية، فلا بد أن يكون لها محرك [منفصل] (2) عنها، وزعموا أن المتحرك بالإرادة لا بد له من محرك منفصل عنه، وإن كان هذا قولا لا دليل عليه، بل هو باطل.
    قالوا: والمحرك لها يحركها، كما يحرك الإمام المقتدى به للمأموم المقتدي، وقد يشبهونها بحركة المعشوق للعاشق، فإن المحبوب المراد يتحرك [إليه] (3) المحب المريد من غير حركة من (4) المحبوب. قالوا: وذلك العشق هو عشق التشبه بالأول (5) .

    [موافقة الفارابي وابن سينا لأرسطو في القول بالحركة الشوقية]
    وهكذا وافقه متأخروهم كالفارابي وابن سينا وأمثالهما، وهؤلاء كلهم يقولون: إن سبب الحوادث في العالم إنما هو حركات الأفلاك (6) ، وحركات الأفلاك حادثة عن تصورات حادثة وإرادات (7) حادثة شيئا بعد شيء، وإن كانت تابعة لتصور كلي [وإرادة كلية] (8) ، كالرجل الذي يريد
    _________
    (1) ا، ب: بالاستدلال بالحركة حركة الفلك.
    (2) منفصل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) إليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) من: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (5) هذا الذي يذكره ابن تيمية عن أرسطو مصداقه في كتاب " ما بعد الطبيعة " لأرسطو. انظر: Aristotle ****physica، english translation by ross (.) book. 7، 1072 a - 1072 b 2 nd ed. O \ ford، 1928 وانظر أيضا: Gomperz (.) - greek thinkers. Iv،. 211، english tr.، london، 1912.
    (6) ن، م، ا: إن سبب الحوادث في العالم إنما هي حركات الأفلاك، وهو خطأ والمثبت من (ب) .
    (7) ن، م: وأمور.
    (8) عبارة " وإرادة كلية ": ساقطة من (ن) فقط.

    ******************************
    القصد إلى بلد معين، مثل مكة مثلا، فهذه إرادة كلية [تتبع تصورا كليا] (1) ، ثم إنه لا بد أن يتجدد له تصورات لما يقطعه من المسافات، وإرادات لقطع تلك المسافات، فكهذا حركة (2) الفلك عندهم. لكن مراده الكلي هو التشبه (3) بالأول، ولهذا قالوا: الفلسفة هي التشبه بالأول بحسب الإمكان (4) .
    فإذا (5) كان الأمر كذلك عندهم، فمعلوم أن العلة الغائية المنفصلة عن المعلول لا تكون هي العلة الفاعلة، وإذا كان الفلك ممكنا متحركا بإرادته واختياره، فلا بد من مبدع [له] (6) أبدعه كله بذاته وصفاته وأفعاله كالإنسان، ولا بد لهذه التصورات والإرادات والحركات الحادثة أن تنتهي إلى واجب بنفسه قديم تكون صادرة عنه، سواء قيل: إنها صادرة بوسط أو بغير وسط.
    وهؤلاء لم يثبتوا شيئا من ذلك، بل لم يثبتوا إلا علة غائية للحركة،
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) ن: حركات.
    (3) ب (فقط) : التشبيه.
    (4) انظر الفارابي: ما ينبغي أن يقدم قبل تعلم الفلسفة، ص 13، طبعة المكتبة السلفية، القاهرة، 1328/1910؛ ابن سينا: النجاة 3/293، الطبعة الثانية، القاهرة، 1357/1938. وهذه الفكرة التي تجعل غاية الفلسفة والفيلسوف هي التشبه بالله، مصدرها الأول أفلاطون، وقد ذكر ما يشبهها في محاورة " تيتياتوس ". وانظر في ذلك. Rosenthal (. .) political thought in medieval islam: pp. 122 - 3. 272، cambridge، 1958. وقارن الدكتور عبد الرحمن بدوي: أفلاطون، ص 212، الطبعة الثالثة، القاهرة، 1954.
    (5) ا، ب: وإن.
    (6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** ***

    فكان حقيقة قولهم أن جميع الحوادث من العالم العلوي والسفلي ليس لها فاعل يحدثها أصلا، بل ولا لما يستلزم هذه الحوادث (1) [والعناصر] (2) ، وكل من أجزاء العالم مستلزم للحوادث (3) .
    ومن المعلوم في بدائة (4) العقول أن الممكن المفتقر إلى غيره ممتنع (5) وجوده بدون واجب الوجود، وأن الحوادث يمتنع وجودها بدون محدث. ومتأخروهم - كابن سينا وأمثاله - يسلمون (6) أن العالم كله ممكن [بنفسه] (7) ليس بواجب بنفسه، ومن نازع في ذلك من غلاتهم فقوله معلوم الفساد بوجوه كثيرة، فإن الفقر والحاجة لازمان (8) لكل جزء من أجزاء العالم، لا يقوم منه شيء (9) إلا بشيء منفصل عنه.
    وواجب الوجود مستغن عنه (10) بنفسه، لا يفتقر إلى غيره بوجه من الوجوه، وليس في العالم شيء يكون [هو] (11) وحده محدثا لشيء من الحوادث، وكل من الأفلاك له حركة تخصه، ليست حركته عن حركة
    _________
    (1) ن، م: بل ولا (ثم بياض بمقدار كلمتين) ، لعل الصواب: بل ولا (وجود عندهم) لما يستلزم. . . إلخ.
    (2) والعناصر: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: للحركات.
    (4) ن، ا: بداية؛ ب: بداهة.
    (5) ا: لا يمتنع، وهو خطأ؛ ب: يمتنع.
    (6) ن، م: وهم يسلمون.
    (7) بنفسه ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م، ا: لازم. والمثبت من (ب) .
    (9) ا، ب: شيء منه.
    (10) عنه: ساقطة من (ا) ، (ب) . والمقصود عن العالم.
    (11) هو: زيادة في (ا) ، (ب) .

    ****************************** ****
    الأعلى حتى يقال (1) أن الأعلى هو المحدث لجميع الحركات، ولا في الوجود شيء حادث (2) عن سبب بعينه - لا عن حركة الشمس ولا القمر ولا الأفلاك (3) ولا العقل الفعال ولا شيء مما يظن - بل أي جزء من العالم اعتبرته وجدته لا يستقل بإحداث شيء، ووجدته إذا كان له أثر في شيء - كالسخونة التي تكون للشمس مثلا - فله مشاركون في ذلك الشيء بعينه، كالفاكهة التي للشمس مثلا أثر في إنضاجها ثم إيباسها وتغيير ألوانها ونحو ذلك، لا يكون إلا بمشاركة من الماء والهواء والتربة (4) وغير ذلك من الأسباب، ثم كل من هذه الأسباب لا يتميز أثره عن أثر الآخر، بل هما متلازمان.
    فإذا قالوا: العقل الفعال للفعل (5) خلع عليه صورة عند استعداده، [و] بالامتزاج (6) قبل الصورة، مثلا كالطين (7) الذي يحدث [فيه] (8) عن امتزاج الماء والتراب (9) أثر ملازم لهذا الامتزاج، لا يمكن وجود أحدهما دون الآخر، فإذا كان المؤثر فيهما اثنين (10) لزم أن يكونا متلازمين، لامتناع
    _________
    (1) ا، ب: يظن.
    (2) ن، م: ولا في وجود شيء خارج.
    (3) ن، م: الشمس والقمر ولا الفلك.
    (4) ا، ب: والطينة.
    (5) للفعل: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (6) ن، م: عند استعداده بالامتزاج.
    (7) ن، م: بالطين.
    (8) فيه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (9) ن، م: والطين.
    (10) ن، م، ا: اثنان، وهو خطأ.
    ****************************** *****

    وجود أثر أحدهما دون (1) الآخر، ويمتنع اثنان متلازمان كل منهما واجب الوجود؛ لأن واجب الوجود لا يكون وجوده مشروطا بوجود غيره، ولا تأثيره مشروطا بتأثير غيره، إذ لو كان كذلك لكان مفتقرا إلى غيره، فلا يكون واجبا بنفسه غنيا عما سواه، فكل ما (2) افتقر إلى غيره في نفسه أو شيء من صفاته أو أفعاله (3) ، لا يكون مستغنيا بنفسه، بل يكون مفتقرا إلى غيره، [ومن كان فقيرا إلى غيره ولو بوجه] (4) ، لم يكن غناه ثابتا له بنفسه.
    وقد علم بالاضطرار أنه لا بد من (5) وجود غني بنفسه عما سواه من (6) كل وجه، فإن الموجود إما ممكن وإما واجب، والممكن لا بد له من واجب، فثبت وجود الواجب على التقديرين.
    وكذلك يقال للوجود (7) : إما محدث وإما قديم، والمحدث لا بد له من قديم، فثبت وجود القديم على التقديرين.
    وكذلك يقال: إما فقير وإما غني، والفقير لا بد له من غني، فثبت وجود الغني على التقديرين.
    وكذلك يقال: الموجود (8) إما قيوم وإما غير قيوم، وغير القيوم لا بد له من قيوم، فثبت وجود القيوم على التقديرين.
    _________
    (1) ا: وجود أثرهما دون؛ ب: وجود أحدهما دون. .
    (2) ا: فكما؛ ب: فلما.
    (3) ن، م، ا: أو أفعاله إلى غيره.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (5) ب (فقط) : لا بد له من. . .
    (6) ن: عن.
    (7) م: الموجود. وسقطت الكلمة من (ا) ، (ب) .
    (8) ن، م: الوجود، وهو تحريف.

    ****************************** ******
    وكذلك يقال: إما مخلوق وإما غير مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق غير المخلوق، فثبت وجود الموجود الذي ليس بمخلوق على التقديرين.
    ثم ذلك الموجود الواجب بنفسه [القديم] (1) الغني بنفسه القيوم الخالق الذي ليس بمخلوق، يمتنع أن يكون مفتقرا إلى غيره بجهة من الجهات، فإنه إن افتقر إلى مفعوله، ومفعوله مفتقر إليه، لزم الدور في المؤثرات. وإن افتقر إلى غيره، وذلك الغير مفتقر إلى غيره، لزم التسلسل في المؤثرات. وكل من هذين معلوم البطلان بصريح العقل واتفاق العقلاء.
    فإن امتنع (2) أن يكون فاعلا [لنفسه، فهو يمتنع أن يكون فاعلا لفاعل] (3) بنفسه بطريق الأولى، وسواء عبر (4) بلفظ الفاعل أو الصانع (5) أو الخالق أو العلة أو المبدأ أو المؤثر، فالدليل يصح بجميع هذه العبارات.
    وكذلك يمتنع تقدير مفعولات ليس فيها فاعل غير مفعول، وهو تقدير آثار (* ليس فيها مؤثر، وتقدير ممكنات ليس فيها واجب بنفسه، فإن كل واحد من ذلك *) (6) ممكن فقير، ومجموعها مفتقر إلى كل من آحادها (7) ، فهو
    _________
    (1) القديم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ا، ب: فإذا كان يمتنع.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (4) ن: غير (وهو تحريف) ؛ ا: ب: عبروا.
    (5) ن، م: والصانع.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (ب) فقط.
    (7) ن: أوحدها؛ م: واحدها.
    ***************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #62
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (60)
    صـ 417 إلى صـ 423


    أيضا فقير ممكن، وكلما زادت السلسلة زاد (1) الفقر والاحتياج، وهو في الحقيقة تقدير معدومات لا تتناهى، فإن كثرتها لا تخرجها عن كونها معدومات، فيمتنع أن يكون فيها موجود، وهذا كله مبسوط في موضعه.
    والمقصود هنا أنه لا بد من وجود الموجود الغني القديم الواجب بنفسه، الغني عما سواه من كل وجه، بحيث لا يكون مفتقرا إلى غيره بوجه من الوجوه، وكل ما في العالم فهو مفتقر إلى غيره، والفقر (2) ظاهر في كل جزء من العالم لمن تدبره، لا يحدث شيئا (3) بنفسه ألبتة، بل لا يستغني بنفسه ألبتة، فيمتنع أن يكون واجب الوجود.
    فلا بد أن يكون الواجب القيوم الغني مباينا للعالم، ويجب أن يثبت له كل كمال [ممكن الوجود] (4) لا نقص فيه، فإنه إن لم يتصف به (* لكان الكمال: إما ممتنعا عليه، وهو محال: لأن التقدير أنه ممكن الوجود، ولأن (5) الممكنات *) (6) متصفة (7) بكمالات عظيمة، والخالق أحق بالكمال من المخلوق، والقديم أحق به من الحادث، والواجب أحق به من الممكن؛ لأنه أكمل وجودا منه، والأكمل أحق بالكمال من غير الأكمل، ولأن كمال المخلوق من الخالق، فخالق الكمال أحق بالكمال، وهم يقولون:
    _________
    (1) ب (فقط) : يزداد.
    (2) ن (فقط) : والفقير.
    (3) ب: شيء.
    (4) ممكن الوجود: ساقط من (ن) ، (م) .
    (5) ن: الوجود لأن. . .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (ن) فقط.
    (7) ا، ب: موصوفة.

    ****************************** ***
    كمال المعلول من كمال (1) العلة. وإذا لم يكن الكمال ممتنعا عليه، فلا بد أن يكون واجبا له، إذ لو كان ممكنا غير واجب ولا ممتنع لافتقر في ثبوته له إلى غيره، وما كان كذلك لم يكن واجب الوجود بنفسه، فما أمكن له من الكمال فهو واجب له.

    [امتناع مقارنة المفعول للواجب]
    ويمتنع (2) أن يكون مفعوله مقارنا له أزليا معه لوجوه: أحدها: أن مفعوله مستلزم للحوادث لا ينفك عنها، وما يستلزم الحوادث يمتنع (3) أن يكون معلولا لعلة تامة أزلية، فإن معلول العلة التامة الأزلية لا يتأخر منه (4) شيء، ولو تأخر منه (5) شيء لكانت علة (6) بالقوة لا بالفعل، ولافتقرت في كونها فاعلة له إلى شيء منفصل عنها، وذلك ممتنع. فوجب أن يكون مفعولا له لا يكون عنه إلا شيئا (7) بعد شيء (8) ، فكل ما هو مفعول له فهو حادث بعد أن لم يكن، ولأن كونه مقارنا له في الأزل يمنع (9) كونه مفعولا له، فإن كون الشيء مفعولا مقارنا ممتنع عقلا.
    ولا يعقل في الموجودات شيء معين هو علة تامة لمعلول مباين له
    _________
    (1) كمال: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (2) ن (فقط) : ويمكن، وهو خطأ.
    (3) ن (فقط) : يمكن، وهو خطأ.
    (4) ن، م، ا: عنه، وهو خطأ. والصواب ما في (ب) . وهو الذي أثبته.
    (5) ن: عليه؛ م: علته.
    (6) ن: عليه؛ م: علته.
    (7) ا، ب: مفعوله لا يكون إلا شيئا.
    (8) ب (فقط) : بعد شيئا، وهو خطأ.
    (9) ن، م: يمتنع.

    ****************************** *
    أصلا، [بل] (1) كل ما يقال: إنه علة: إما أن يكون تأثيره متوقفا على غيره فلا تكون تامة، وإما أن [لا] (2) يكون مباينا له على رأي من يقول: العلم علة للعالمية عند من يثبت الأحوال، وإلا فجمهور الناس يقولون: العلم هو العالمية.
    وأما إذا قيل: الذات موجبة للصفات أو علة لها، فليس لها (3) في الحقيقة فعل ولا تأثير أصلا.
    وإما إذا قدر شيء مؤثر في غيره، وقدر أنهما متقارنان (4) متساويان لم يسبق أحدهما الآخر سبقا زمانيا، فهذا لا يعقل أصلا.
    وأيضا: فكونه متقدما على غيره من كل وجه صفة كمال، إذ المتقدم على غيره من كل وجه أكمل ممن يتقدم (5) من وجه دون وجه.
    وإذا قيل: الفعل أو تقدير الفعل لا يجوز أن يكون له ابتداء أو غير ذلك كالحركة أو الزمان.
    قيل: إن كان هذا باطلا فقد اندفع، وإن كان صحيحا فالمثبت إنما هو الكمال الممكن الوجود.
    وحينئذ فإذا كان النوع دائما، فالممكن والأكمل (6) هو التقدم على كل فرد من الأفراد، بحيث لا يكون في أجزاء العالم شيء يقارنه (7) بوجه من
    _________
    (1) بل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) لا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ا، ب: فليس هنا.
    (4) ن، م: مقارنان.
    (5) ن، م: تقدم.
    (6) ن، م: فالممكن الأكمل.
    (7) ن: يقاربه، وهو تحريف.
    ****************************** ****

    الوجوه، وأما دوام الفعل فهو أيضا من الكمال، فإن الفعل إذا كان صفة كمال، فدوامه دوام الكمال، وإن لم يكن صفة كمال، لم يجب دوامه. فعلى التقديرين لا يكون شيء من العالم قديما معه، والكلام على هذا مبسوط في غير هذا الموضع.

    [وجه الارتباط بين الكلام في قدم العالم ومسألة الحكمة والتعليل]
    وإنما [كان] المقصود [هنا] التنبيه (1) على مآخذ المسلمين في مسألة التعليل. فالمجوزون للتعليل يقولون: الذي دل عليه الشرع والعقل أن كل ما سوى الله محدث كائن بعد أن لم يكن، وأما كون الرب لم يزل معطلا عن الفعل ثم فعل، فهذا ليس في الشرع ولا في العقل (2) ما يثبته، بل كلاهما يدل على نقيضه.
    وإذا عرف الفرق بين نوع الحوادث وبين أعيانها، وعلم الفرق بين قول المسلمين وأهل الملل وأساطين الفلاسفة الذين يقولون بحدوث كل واحد واحد من العالم العلوي والسفلي، وبين قول أرسطو وأتباعه الذين يقولون بقدم الأفلاك والعناصر، تبين (3) ما في هذا الباب من الخطأ والصواب، وهو من أجل المعارف وأعلى العلوم، فهذا جواب من يقول بالتعليل لمن احتج عليه بالتسلسل في الآثار (4) .

    [حجة الاستكمال]
    وأما حجة الاستكمال (5) فقالوا: الممتنع أن يكون الرب تعالى مفتقرا
    _________
    (1) ن، م: وإنما المقصود التنبيه.
    (2) ا، ب: فليس في الشرع ولا العقل.
    (3) ا، ب: وبين.
    (4) يتبين هنا أن كل ما سبق من الاستطراد في الكلام على مسألة قدم العالم، إنما كان لاتصاله بمسألة الحكمة والتعليل التي سبق الكلام عليها في ص 141 من كتابنا هذا.
    (5) وهي الحجة الثانية المذكورة في ص 141.

    ****************************** *
    إلى غيره، أو أن يكون ناقصا في الأزل عن كمال يمكن وجوده في الأزل كالحياة والعلم. وإذا كان هو القادر الفاعل لكل شيء، لم يكن محتاجا إلى غيره بوجه من الوجوه، بل العلل المفعولة هي مقدورة ومرادة له. والله تعالى يلهم عباده الدعاء ويجيبهم، ويلهمهم التوبة ويفرح بتوبتهم إذا تابوا، ويلهمهم العمل ويثيبهم إذا عملوا، ولا يقال: إن المخلوق أثر في الخالق (1) أو (2) جعله فاعلا للإجابة (3) والإثابة والفرح [بتوبتهم] (4) ، فإنه سبحانه هو الخالق لذلك كله، له الملك وله الحمد لا شريك له في شيء من ذلك، ولا يفتقر فيه إلى غيره. والحوادث التي لا يمكن وجودها إلا متعاقبة، لا يكون عدمها في الأزل نقصا.
    قالوا (5) : وأما قولهم هذا يستلزم قيام الحوادث به (6) .
    فيقال: أولا: هذا قول من هم من أكبر شيوخ المعتزلة والشيعة (7) - كهشام بن الحكم وأبي الحسين البصري ومن تبعهما - وهو لازم لسائرهم، والشيعة المتأخرون أتباع المعتزلة البصريين (8) في هذا الباب، هم والمعتزلة البصريون يقولون: إنه صار مدركا بعد أن لم يكن، (* لأن
    _________
    (1) ا، ب: إن للمخلوق أثرا في الخالق.
    (2) أو: ساقطة من (ب) فقط.
    (3) ن (فقط) : في الإجابة.
    (4) بتوبتهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) قالوا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (7) ا، ب: هذا قول من هم أكبر من أئمة المعتزلة والشيعة، وهو خطأ.
    (8) البصريين: ساقطة من (ا) ، (ب) .

    ****************************** ****
    الإدراك عندهم كالسمع والبصر إنما يتعلق بالموجود، وهم يقولون: صار مريدا بعد أن لم يكن *) (1) . وأما البغداديون فإنهم وإن أنكروا الإدراك والإرادة فهم يقولون (2) : صار فاعلا بعد أن لم يكن. قالوا: وهذا قول بتجدد أحكام له وأحوال.
    ولهذا قيل: إن هذه المسألة تلزم سائر الطوائف حتى الفلاسفة، وقد قال بها من أساطينهم الأولين وفضلائهم المتأخرين غير واحد، ويقال (3) : إن [الأساطين] (4) الذين كانوا قبل أرسطو أو كثيرا منهم (5) كانوا يقولون بها، وقال بها أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، وهو قول طوائف من أهل الكلام من المرجئة والشيعة (6) والكرامية وغيرهم كأبي معاذ التومني (7) والهشامين.
    وأما جمهور أهل السنة والحديث فإنهم يقولون بها أو بمعناها، وإن كان منهم من لا يختار إلا (8) أن يطلق الألفاظ الشرعية، ومنهم من يعبر
    _________
    (1) ما بين النجمتين ساقط من (ا) ، (ب) .
    (2) ا، ب: وأما البغداديون فإنهم أنكروا الإدراك فهم يقولون. .
    (3) ا، ب: غير واحد يقال. .
    (4) الأساطين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) عبارة " أو كثيرا منهم ": ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ا، ب: من الشيعة والمرجئة.
    (7) من أئمة المرجئة، ورأس فرقة التومنية منهم وهو ينتسب إلى تومن، ولم أتمكن من معرفة تاريخ وفاته. وانظر مقالات الأشعري 1/204، 326، 2/232؛ الفرق بين الفرق 123 - 124؛ الملل والنحل 1/128؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب (ط. القدسي، 1357) 1/187؛ ياقوت: معجم البلدان، مادة: تومن.
    (8) إلا: ساقطة من (ا) ، (ب) .

    ****************************** *****
    عن المعنى الشرعي (1) بالعبارات الدالة عليه، مثل حرب الكرماني (2) ، ونقله عن الأئمة، ومثل عثمان بن سعيد الدارمي (3) ، ونقله عن أهل السنة، ومثل البخاري صاحب الصحيح، [وأبي بكر] بن خزيمة (4) الملقب إمام الأئمة، ومثل أبي عبد الله بن حامد (5) ، وأبي إسماعيل الأنصاري (6) الملقب بشيخ الإسلام، ومن لا يحصي عدده إلا الله.
    والمعتزلة كانوا ينكرون أن يقوم بذات الله (7) صفة أو فعل، وعبروا عن ذلك بأنه لا تقوم به الأعراض والحوادث، فوافقهم [أبو محمد عبد الله بن سعيد] بن كلاب (8) على [نفي] (9) ما يتعلق بمشيئته وقدرته، وخالفهم في
    _________
    (1) ن، م: بالمعنى الشرعي، وهو تحريف.
    (2) حرب بن إسماعيل بن خلف الحنظلي الكرماني صاحب الإمام أحمد، ومن أئمة الحنابلة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ طبقات الحنابلة 1/145 - 146.
    (3) أبو سعيد عثمان بن سعيد الدارمي السجزي، محدث وله مؤلفات في الرد على المبتدعة، توفي سنة 280. ترجمته في شذرات الذهب 2/176؛ تذكرة الحفاظ 3/621 - 622؛ الأعلام 4/366؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 4/31؛ سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 1 - 32.
    (4) ن، م: وابن خزيمة.
    (5) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه له " الجامع " في مذهب الحنابلة، وله " شرح الخرقي " توفي سنة 403. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/171 - 177؛ تذكرة الحفاظ 3/1078؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/315.
    (6) هو أبو إسماعيل عبد الله بن محمد بن علي الهروي الأنصاري، كان يدعى شيخ الإسلام، وكان إمام أهل السنة بهراة، ويسمى خطيب العجم، لتبحر علمه وفصاحته ونبله، توفي سنة 481. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/247 - 248؛ الذيل لابن رجب 1
    - 68؛ الأعلام 4/267.
    (7) ن، م: أن يقوم بالله.
    (8) ن، م: فوافقهم ابن كلاب.
    (9) نفي: ساقطة من (ن) فقط.
    ****************************

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #63
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (61)
    صـ 424 إلى صـ 430


    نفي الصفات ولم يسمها أعراضا. ووافقه على ذلك الحارث المحاسبي أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي من شيوخ الصوفية، توفي ببغداد سنة 243 ترجمته في طبقات الشافعية 2/275 - 279؛ شذرات الذهب 2؛ الشعراني: الطبقات الكبرى 1/64؛ السلمي: طبقات الصوفية، ص 56 - 60؛ الخلاصة للخزرجي، ص 57؛ ميزان الاعتدال 1/430 - 431؛ الأعلام 2/153 - 154؛ سزكين م [0 - 9] ج 1، ص [0 - 9] 13 - 119.، ويقال إنه رجع عن ذلك، وبسبب مذهب ابن كلاب هجره الإمام أحمد بن حنبل، وقيل: إنه تاب منه.
    وصار النزاع في هذا [الأصل] الأصل: ساقطة من (ن) فقط. بين طوائف الفقهاء، فما من طائفة من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي [وأحمد] إلا [وفيهم] من يقول (1) بقول ابن كلاب في هذا الأصل، كأبي الحسن التميمي والقاضي أبي بكر والقاضي أبي يعلى [وأبي المعالي] الجويني (2) وابن عقيل وابن الزاغوني، وفيهم من يقول بقول جمهور أهل الحديث كالخلال (3) وصاحبه أبي بكر عبد العزيز (4) وأبي عبد الله بن حامد وأبي
    _________
    (1) ن (فقط) : والشافعي إلا من يقول.
    (2) ن، م: والجويني.
    (3) ن، ا، ب: كالجلال؛ م (غير منقوطة) والصواب ما أثبتناه. وهو أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر المعروف بالخلال، من أئمة الحنابلة، له التصانيف الدائرة والكتب السائرة، مثل " الجامع " و " العلل " و " السنة "، توفي سنة 311. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/12 - 15؛ تذكرة الحفاظ 3/7؛ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 3/313 - 314؛ الأعلام 1/196.
    (4) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد بن معروف، أبو بكر المعروف بغلام الخلال. من أهم مصنفاته " الشافي " و " المقنع "، توفي سنة 363. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/119 - 127؛ شذرات الذهب 3/45 - 46؛ الأعلام 4/139.

    ****************************** **
    عبد الله بن منده (1) وأبي إسماعيل الأنصاري وأبي نصر السجزي (2) وأبي بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وأتباعه (3) .
    وجماع [القول في] ذلك ن، م: وجماع ذلك. أن الباري تعالى هل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته كالأفعال الاختيارية على هذين القولين؟ .
    قال المثبتون لذلك وللتعليل: نحن نقول لمن أنكر ذلك من المعتزلة والشيعة ونحوهم: أنتم تقولون: [إن الرب] (4) كان معطلا في الأزل لا يتكلم ولا يفعل شيئا، ثم أحدث الكلام والفعل بلا سبب حادث أصلا، فلزم ترجيح أحد طرفي الممكن على الآخر بلا مرجح، وبهذا استطالت عليكم الفلاسفة وخالفتهم أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة في ذلك، وظننتم أنكم أقمتم الدليل على حدوث العالم بهذا، حيث ظننتم أن ما لا يخلو عن نوع الحوادث يكون حادثا لامتناع حوادث لا نهاية لها.
    وهذا الأصل ليس معكم به كتاب ولا سنة ولا أثر عن الصحابة والتابعين، بل الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة [والقرابة] وأتباعهم (5)
    _________
    (1) هو محمد بن إسحاق بن محمد أبو عبد الله بن منده الأصبهاني، من أئمة الحنابلة، قال عنه ابن أبي يعلى: بلغني عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وسبعمائة شيخ، توفي سنة 395. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/167؛ شذرات الذهب 3/337؛ تذكرة الحفاظ 3/220 - 224.
    (2) هو أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي البكري السجزي (نسبة إلى سجستان) نزيل الحرم ومصر المتوفى سنة 444. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/206 - 207، 1118 - 1120.
    (3) في (ن) ، (م) سقطت عبارة " وأبي بكر عبد العزيز " واختلف ترتيب الأسماء عما أثبته من (ا) ، (ب) .
    (4) إن الرب: ساقطة من (ن) فقط.
    (5) ن، م: وآثار الصحابة وأتباعهم.
    ****************************** *******

    بخلاف ذلك، والنص والعقل دل على أن كل ما سوى الله [تعالى مخلوق] حادث (1) كائن بعد أن لم يكن، ولكن لا يلزم (2) من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة [حدوث النوع] (3) ، فلا يلزم من ذلك أنه لم يزل الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل (4) والكلام، ثم حدث ذلك بلا سبب (5) ، كما لم يلزم [مثل] (6) ذلك في المستقبل، فإن كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية (7) فان، وليس النوع فانيا. كما قال تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وقال: {إن هذا لرزقنا ما له من نفاد} [سورة ص: 54] . فالدائم الذي لا ينفد - أي لا ينقضي - هو (8) النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم.
    وذلك أن الحكم الذي توصف به الأفراد إذا كان لمعنى موجود في الجملة [وصفت به الجملة، مثل وصف كل فرد بوجود أو إمكان أو بعدم، فإنه يستلزم وصف الجملة] (9) بالوجود والإمكان والعدم؛ لأن طبيعة الجميع هي (10) طبيعة كل واحد واحد، وليس المجموع إلا الآحاد الممكنة أو الموجودة أو المعدومة.
    _________
    (1) ن، م: كل ما سوى الله حادث.
    (2) ن، م: لا يستلزم.
    (3) عبارة " حدوث النوع " سقطت من (ن) واختلف ترتيبها في الجملة في (م) .
    (4) ن (فقط) : عن العقل، وهو تحريف.
    (5) ا، ب: بالسبب.
    (6) مثل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ن: المقتضية، وهو تحريف.
    (8) ب (فقط) : هذا.
    (9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
    (10) هي: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    *****************************

    وأما إذا كان ما وصف به الأفراد لا يكون صفة للجملة، لم يلزم أن يكون حكم الجملة حكم الأفراد، كما في أجزاء البيت والإنسان [والشجرة] (1) ، فإنه ليس كل منها بيتا ولا إنسانا [ولا شجرة] (2) ، وأجزاء الطويل والعريض والدائم والممتد لا يلزم أن يكون كل منها طويلا وعريضا ودائما وممتدا (3) .
    وكذلك إذا وصف كل واحد واحد من المتعاقبات بفناء أو حدوث، لم يلزم أن يكون النوع منقطعا أو حادثا (4) بعد أن لم يكن؛ لأن حدوثه معناه أنه وجد بعد أن لم يكن، كما أن فناءه معناه أنه عدم بعد وجوده. وكونه عدم بعد وجوده، أو وجد بعد عدمه أمر (5) يرجع إلى وجوده وعدمه، لا إلى نفس الطبيعة الثابتة للمجموع، كما في الأفراد الموجودة (6) أو المعدومة أو الممكنة، فليس إذا كان هذا المعين (7) لا يدوم، يلزم أن يكون نوعه (8) لا يدوم؛ لأن الدوام تعاقب الأفراد، وهذا أمر يختص به المجموع، لا يوصف به الواحد، وإذا حصل للمجموع بالاجتماع حكم
    _________
    (1) والشجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ولا شجرة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) في (ن) ، (م) : بعد كلمة " وممتدا ": قال تعالى: (أكلها دائم وظلها) وقال: (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) فالدائم الذي لا ينفد أي لا ينقضي هو النوع، وإلا فكل فرد من أفراده نافد منقض ليس بدائم. وهذه الزيادة في (ن) ، (م) تكرار لما سبق ولا موضع لها هنا والمعنى يتم بدونها.
    (4) ب (فقط) : فانيا أو حادثا.
    (5) أمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (6) ن (فقط) : كما في الأفراد المجموعة الموجودة.
    (7) ن، م: المعنى، وهو خطأ.
    (8) ن، م: عدمه، وهو خطأ.
    ****************************** **

    يخالف به حكم الأفراد، لم يجب مساواة المجموع للأفراد في أحكامه.
    وبالجملة، فما يوصف به الأفراد قد توصف به الجملة وقد لا توصف به، فلا يلزم من حدوث الفرد حدوث النوع إلا إذا ثبت أن هذه الجملة موصوفة بصفة هذه الأفراد.
    وضابط ذلك أنه إن كان بانضمام هذا الفرد إلى هذا الفرد يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد (1) ، لم يكن حكم المجموع حكم الأفراد، وإن لم يتغير ذلك الحكم الذي لذلك الفرد، كان حكم المجموع حكم أفراده (2) .
    مثال الأول: أنا إذا ضممنا هذا الجزء إلى هذا الجزء، صار المجموع (3) أكثر وأطول وأعظم من كل فرد، فلا يكون في مثل هذا حكم (4) المجموع حكم الأفراد. فإذا قيل: إن (5) هذا اليوم طويل، لم يلزم أن يكون جزؤه طويلا. وكذلك إذا قيل: هذا الشخص أو الجسم (6) طويل أو ممتد، أو قيل: إن هذه الصلاة طويلة، أو قيل: [إن] (7) هذا النعيم دائم، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
    قال الله تعالى: {أكلها دائم وظلها} [سورة الرعد: 35] ، وليس كل جزء
    _________
    (1) ا، ب: الذي للفرد.
    (2) ن، م، ا: أمثاله، والصواب ما أثبته من (ب) .
    (3) ن، م: صار الكل.
    (4) ن (فقط) : في حكم هذا مثل حكم. .
    (5) إن: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (6) ن، م: والجسم.
    (7) إن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************

    من أجزاء (1) الأكل دائما. وكذلك في الحديث (2) الصحيح قوله - صلى الله عليه وسلم -: " «أحب العمل إلى الله أدومه» " (3) وقول عائشة [رضي الله عنها] (4) : «وكان عمله ديمة» (5) . فإذا كان عمل المرء دائما، لم يلزم أن يكون كل جزء منه دائما.
    _________
    (1) أجزاء: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (2) ن، م، ا: وكذلك قوله في الحديث.
    (3) جاء الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/51 بلفظ: إن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه. وأوله: مه عليكم بما تطيقون. . الحديث. وعقد مسلم في صحيحه 1/540 - 541 فصلا (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره) أورد فيه أربعة أحاديث كلها عن عائشة - رضي الله عنها - وفيها معنى الحديث الذي ذكره ابن تيمية منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. وجاء في حديث آخر عن أم سلمة - رضي الله عنها - في المسند (ط. الحلبي) 6/319 ونصه: " ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعدا إلا المكتوبة وكان أحب العمل إليه ما داوم العبد عليه وإن كان يسيرا ". وأورد البخاري حديثين عن عائشة - رضي الله عنها - بمعنى هذا الحديث مع اختلاف الألفاظ: الأول 1/13 (كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله أدومه) ولفظه: وكان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه. والثاني 3/38 - 39 (كتاب الصوم، باب صوم شعبان) ولفظه: وأحب الصلاة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما داوم عليه وإن قلت. وجاء الحديث عن عائشة في: سنن أبي داود 2/65 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) .
    (4) رضي الله عنها: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (5) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في: البخاري 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ونصه: عن علقمة قال: سألت أم المؤمنين عائشة قلت: يا أم المؤمنين كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كان يخص شيئا من الأيام؟ قالت: لا كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع. وجاء الحديث أيضا في: البخاري 3/42 (كتاب الصوم، باب هل يخص شيئا من الأعمال) ؛ مسلم 1/541 (كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم. .) ؛ سنن أبي داود 2/66 (كتاب التطوع، باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/43، 55، 189.
    ****************************** *****

    وكذلك إذا قيل: هذا المجموع عشر أوقية أو نش (1) أو إستار (2) ، لم يلزم أن يكون كل جزء (3) من أجزائه عشر أوقية ولا نشا ولا إستارا (4) ؛ لأن المجموع حصل بانضمام الأجزاء بعضها إلى بعض، والاجتماع ليس موجودا (5) للأفراد.
    وهذا بخلاف ما إذا قيل (6) : كل جزء من الأجزاء معدوم أو موجود أو ممكن أو واجب أو ممتنع، فإنه يجب في المجموع أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون معدوما أو موجودا أو ممكنا أو واجبا أو ممتنعا، وكذلك إذا قلت: كل واحد من الزنج أسود، فإنه يجب أن يكون المجموع سودا؛ لأن اقتران الموجود بالموجود لا يخرجه عن كونه موجودا، واقتران المعدوم بالمعدوم لا يخرجه عن العدم (7) ، واقتران الممكن لذاته والممتنع لذاته بنظيره لا يخرجه عن كونه ممكنا لذاته وممتنعا لذاته.
    بخلاف ما لا يكون ممتنعا لذاته (8) إلا إذا انفرد وهو بالاقتران يصير
    _________
    (1) ن، م، ا: أو بيت، وهو خطأ. وفي اللسان: النش: وزن نواة من ذهب. وقيل هو وزن عشرين درهما.
    (2) ن، م، ا: أو إنسان، وهو خطأ. وفي اللسان: الإستار أيضا وزن أربعة مثاقيل ونصف، والجمع: الأساتير.
    (3) عبارة " كل جزء " ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (4) ب: أن يكون من أجزائه عشر أوقية ولا نش ولا إستار؛ ا: أن يكون من أجزائه عشرة ولا قبة ولا بيتا ولا إنسانا؛ ن، م: أن يكون كل جزء من الأجزاء عشرة ولا شيئا ولا أوقية ولا إنسانا؛ وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
    (5) ن، م: ليس بموجود.
    (6) ا، ب: إذا قلت.
    (7) ن، م: عن المعدوم.
    (8) لذاته: ساقطة من (ا) ، (ب) .

    ****************************** *
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #64
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (62)
    صـ 431 إلى صـ 437


    ممكنا، كالعلم مع الحياة، فإنه وحده ممتنع ومع الحياة ممكن. وكذلك أحد الضدين هو وحده ممكن ومع الآخر ممتنع اجتماعهما، فالمتلازمان يمتنع انفراد أحدهما، والمتضادان يمتنع اجتماعهما.
    وبهذا يتبين الفرق بين دوام الآثار الحادثة الفانية واتصالها، وبين وجود علل ومعلولات ممكنة لا نهاية لها. فإن من الناس من سوى بين القسمين في الامتناع، كما يقوله كثير من أهل الكلام، ومن الناس من توهم أن التأثير واحد في الإمكان والامتناع، ثم لم يتبين له امتناع علل ومعلولات لا تتناهى، وظن أن هذا موضع (1) مشكل لا يقوم على امتناعه حجة، وإن لم يكن قولا لأحد، كما ذكر ذلك الآمدي في " رموز الكنوز " (2) . والأبهري (3) [ومن اتبعهما] (4) .
    والفرق بين النوعين حاصل، فإن الحادث المعين إذا ضم إلى الحادث المعين، حصل من الدوام والامتداد وبقاء النوع ما لم يكن حاصلا للأفراد، فإذا كان المجموع طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما، لم يلزم أن يكون كل فرد طويلا ومديدا ودائما وكثيرا وعظيما. وأما العلل والمعلولات المتسلسلة فكل منهما ممكن، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج عن الإمكان، وكل منهما معدوم، وبانضمامه إلى الآخر لا يخرج
    _________
    (1) موضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (2) سبقت ترجمة الآمدي في هذا الجزء، ص 248. وانظر في ترجمته أيضا: ميزان الاعتدال 1/349؛ لسان الميزان 3/134 - 135؛ مرآة الجنان لليافعي 4؛ مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/49 brock: gal gi. 393، si، 678
    (3) سبقت ترجمة الأبهري في هذا الجزء، ص 220.
    (4) ومن اتبعهما: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** **

    عن العدم. فاجتماع المعدومات الممكنة (* لا يجعلها موجودة، بل ما فيها من الافتقار إلى الفاعل حاصل عند اجتماعها *) (1) ، (2) أعظم من حصوله عند افتراقها (3) ، وقد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.

    [أدلة القائلين بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث والرد عليهم]
    وعمدة من يقول بامتناع ما لا نهاية له من الحوادث، إنما هي دليل التطبيق والموازنة (4) والمسامتة المقتضي تفاوت الجملتين، ثم يقولون: (5) والتفاوت فيما لا يتناهى (* محال، مثال ذلك أن يقدروا الحوادث من [زمن] (6) الهجرة إلى ما لا يتناهى *) (7) في المستقبل أو الماضي، والحوادث من زمن الطوفان إلى ما لا يتناهى [أيضا] (8) ثم يوازنون الجملتين، فيقولون: إن تساوتا (9) لزم أن يكون الزائد كالناقص، وهذا ممتنع، فإن إحداهما زائدة على الأخرى بما بين الطوفان والهجرة، وإن تفاضلتا لزم أن يكون فيما لا يتناهى تفاضل، وهو ممتنع.
    والذين نازعوهم من أهل الحديث والكلام والفلسفة منعوا هذه المقدمة، وقالوا: لا نسلم أن حصول مثل هذا التفاضل [في ذلك]
    _________
    (1) ن، ا: اجتماعهما.
    (2) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (3) ا (فقط) : افتراقهما.
    (4) ن، م: والموازاة.
    (5) ن: نقول؛ م: يقول.
    (6) زمن: ساقطة من (ن) .
    (7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (8) أيضا: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (9) ن، ا، ب: تساويا.
    ****************************** **

    ممتنع (1) ، بل نحن نعلم أنه من الطوفان إلى ما لا نهاية له في المستقبل أعظم من الهجرة إلى ما لا نهاية له في المستقبل، وكذلك [من الهجرة إلى ما لا بداية له (2) في الماضي أعظم من الطوفان إلى ما لا بداية له في الماضي، وإن كان كل منهما لا بداية له (3) ، فإن] (4) ما لا نهاية له من هذا الطرف وهذا الطرف، ليس أمرا محصورا محدودا موجودا حتى يقال هما متماثلان (5) في المقدار، فكيف يكون أحدهما أكثر؟ بل كونه لا يتناهى معناه أنه يوجد شيئا بعد شيء دائما، فليس هو مجتمعا محصورا.
    والاشتراك في عدم التناهي لا يقتضي التساوي في المقدار، إلا إذا كان كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى له قدر محدود (6) ، وهذا باطل. فإن ما لا يتناهى ليس له حد محدود ولا مقدار معين، بل هو بمنزلة العدد المضعف، فكما أن اشتراك الواحد والعشرة والمائة والألف في التضعيف (7) الذي لا يتناهى لا يقتضي تساوي مقاديرها، فكذلك هذا.
    وأيضا: فإن هذين هما متناهيان من أحد الطرفين وهو الطرف المستقبل، وغير متناهيين من الطرف الآخر وهو الماضي.
    _________
    (1) ن، م: حصول مثل هذا. والتفاضل ممتنع.
    (2) م: ما لا نهاية له.
    (3) م: لا نهاية له.
    (4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (5) ا: متلازمان؛ ب: متوازنان.
    (6) ا: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدر محدود؛ ب: كل ما يقال عليه إنه لا يتناهى قدرا محدودا. .
    (7) ن: الضعيف؛ م: الضعف، وكلاهما تحريف.

    ****************************** *
    وحينئذ فقول (1) القائل: يلزم (2) التفاضل فيما لا يتناهى غلط، فإنه إنما حصل في المستقبل وهو الذي يلينا وهو متناه، ثم هما لا يتناهيان من الطرف الذي لا يلينا وهو الأزل (3) وهما متفاضلان (4) من الطرف الذي يلينا وهو طرف الأبد.
    فلا يصح أن يقال: وقع التفاوت فيما لا يتناهى، إذ هذا (5) يشعر بأن التفاوت حصل في الجانب الذي لا آخر له، وليس الأمر (6) كذلك، بل إنما حصل التفاضل (7) من الجانب [المنتهى] (8) الذي له آخر فإنه لم ينقض (9) .
    ثم للناس في هذا جوابان (10) ، أحدهما: قول من يقول: ما مضى من الحوادث فقد عدم، وما لم يحدث لم يكن، فالتطبيق في مثل هذا أمر يقدر في الذهن لا حقيقة له في الخارج، كتضعيف الأعداد: فإن تضعيف الواحد أقل من تضعيف العشرة، وتضعيف العشرة أقل من تضعيف المائة، وكل ذلك لا نهاية له، لكن ليس هو أمرا موجودا في الخارج.
    _________
    (1) ن، م: فيقول:
    (2) ا، ب: للزم.
    (3) ن، م: الأول.
    (4) ن، م: متناهيان.
    (5) ن، م: فيما لا يتناهى وهذا. .
    (6) الأمر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (7) ن، م: التفاوت.
    (8) المنتهى: ساقطة من (ن) . وفي (م) : الآخر.
    (9) ن، م:. . فإنه لا يزال.
    (10) ا: هذا ثم للناس هنا جوابان؛ ب: هذا ثم هنا للناس جوابان.
    ****************************** ************

    ومن قال هذا فإنه يقول: إنما يمتنع (1) اجتماع ما لا يتناهى إذا كان مجتمعا في الوجود، سواء كانت أجزاؤه (2) (3 متصلة كالأجسام، أو كانت 3) (3) منفصلة كنفوس الآدميين (4) ، ويقول: كل ما اجتمع في الوجود فإنه يكون متناهيا، ومنهم من يقول: المتناهي هو المجتمع المتعلق بعضه ببعض بحيث يكون له ترتيب وضعي كالأجسام، أو طبيعي (5) كالعلل وأما ما لا يتعلق بعضه ببعض كالنفوس، فلا يجب هذا فيها، فهذان قولان.
    وأما القائلون بامتناع ما لا يتناهى وإن عدم بعد وجوده، فمنهم من قال به في الماضي والمستقبل، كقول جهم (6) وأبي الهذيل، ومنهم من فرق بين الماضي والمستقبل، وهو قول كثير من أهل الكلام ومن وافقهم. قالوا: لأنك إذا (7) قلت: لا أعطيك درهما إلا أعطيك (8) بعده درهما، كان هذا ممكنا. ولو قلت: لا أعطيك درهما حتى أعطيك قبله درهما، كان هذا ممتنعا، وعلى هذا اعتمد (9) أبو المعالي في " إرشاده " (10) وأمثاله
    _________
    (1) ن، م: يمنع.
    (2) ن، م: أجزاء.
    (3) (3 - 3) : ساقط من (ا) ، (ب) .
    (4) ب (فقط) : كنفوس الآدميين أو لا.
    (5) ن: طبعي.
    (6) ن، م:. . والمستقبل كجهم. .
    (7) ا، ب: لو.
    (8) م: إلا أعطيتك.
    (9) ن، م: امتنع، وهو تحريف.
    (10) هذا المثال يذكره أبو المعالي الجويني في كتابه " الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد "، ص [0 - 9] 6 - 27؛ القاهرة 1369/1950. وانظر كلامه عن استحالة حوادث لا أول لها، ص 25 - 27.
    ****************************** ***

    من النظار.
    وهذا التمثيل والموازنة ليست صحيحة، بل الموازنة الصحيحة أن تقول: ما أعطيتك درهما إلا أعطيتك قبله درهما، فتجعل ماضيا قبل ماض، كما جعلت هناك مستقبلا بعد مستقبل.
    وأما قول القائل: لا أعطيك حتى أعطيك، فهو نفي للمستقبل حتى يحصل مثله (1) في المستقبل ويكون قبله، فقد (2) نفى المستقبل حتى يوجد المستقبل، وهذا ممتنع، لم ينف (3) الماضي حتى يكون قبله ماض فإن هذا ممكن، والعطاء المستقبل ابتداؤه من المعطي، والمستقبل الذي له ابتداء وانتهاء لا يكون قبله ما لا نهاية له، فإن وجود ما لا نهاية له فيما يتناهى ممتنع.
    فهذه الأقوال الأربعة للناس فيما لا يتناهى.

    [التسلسل نوعان]
    والتسلسل نوعان: تسلسل في المؤثرات كالتسلسل في العلل والمعلولات، وهو التسلسل في الفاعلين والمفعولات، فهذا ممتنع باتفاق العقلاء.
    ومن هذا الباب تسلسل الفاعلين والخالقين والمحدثين مثل أن يقول: هذا المحدث له محدث، وللمحدث محدث [آخر] (4) إلى ما لا يتناهى. فهذا مما اتفق العقلاء - فيما أعلم - على امتناعه؛ لأن كل محدث لا
    _________
    (1) مثله: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (2) ا، ب: فعل. وهو خطأ.
    (3) م (فقط) : لأنه لم ينف.
    (4) آخر: زيادة في (ا) ، (ب) .

    ****************************** ******
    يوجد بنفسه، فهو معدوم باعتبار نفسه، [وهو ممكن باعتبار نفسه] (1) ، فإذا قدر من ذلك ما لا يتناهى، لم تصر الجملة موجودة واجبة بنفسها، فإن انضمام المحدث إلى المحدث والمعدوم إلى المعدوم والممكن إلى الممكن، لا يخرجه عن كونه مفتقرا (2) إلى الفاعل له، بل كثرة ذلك تزيد حاجتها وافتقارها إلى الفاعل، وافتقار المحدثين الممكنين أعظم من افتقار أحدهما، كما أن عدم الاثنين أعظم من عدم أحدهما. فالتسلسل في هذا والكثرة لا تخرجه عن الافتقار والحاجة، بل تزيده حاجة وافتقارا.
    فلو قدر من الحوادث والمعدومات والممكنات ما لا نهاية له، وقدر أن بعض ذلك معلول لبعض أو لم يقدر ذلك، فلا يوجد [شيء من] (3) ذلك إلا بفاعل صانع لها خارج عن هذه الطبيعة المشتركة المستلزمة للافتقار والاحتياج، فلا يكون فاعلها معدوما ولا محدثا ولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، بل لا يكون إلا موجودا بنفسه واجب الوجود لا يقبل العدم قديما ليس بمحدث، فإن كل ما ليس كذلك فإنه مفتقر إلى من يخلقه وإلا لم يوجد.
    وأما التسلسل في الآثار كوجود حادث بعد حادث، فهذا فيه الأقوال الثلاثة المتقدمة: إما منعه في الماضي والمستقبل، كقول جهم وأبي الهذيل. وإما منعه في الماضي فقط، كقول كثير من أهل الكلام. وإما
    _________
    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط.
    (2) ن: منقص، وهو تحريف.
    (3) شيء من: ساقطة من (ن) فقط.

    ****************************** **
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #65
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (63)
    صـ 438 إلى صـ 444

    [الدور نوعان]
    تجويزه فيهما، كقول أكثر أهل الحديث والفلاسفة، وهذا مبسوط في غير هذا الموضع.
    وكذلك الدور نوعان: دور قبلي: وهو أنه لا يكون هذا إلا بعد هذا، ولا هذا إلا بعد هذا، وهذا ممتنع باتفاق العقلاء. وأما الدور المعي الاقتراني مثل المتلازمين اللذين يكونان في زمان واحد كالأبوة والبنوة، وعلو أحد الشيئين على الآخر مع سفول الآخر، وتيامن هذا عن ذاك مع تياسر (1) الآخر عنه، ونحو ذلك من الأمور المتلازمة التي لا توجد إلا معا، فهذا الدور ممكن. وإذا لم يكن واحد منهما فاعلا للآخر ولا تمام للفاعل (2) ، بل كان الفاعل لهما غيرهما، جاز ذلك.
    وأما إذا كان أحدهما فاعلا للآخر (3) ، أو من تمام كون الفاعل فاعلا، صار من الدور الممتنع.

    [امتناع وجود إلهين]
    ولهذا امتنع ربان مستقلان أو متعاونان. أما المستقلان، فلأن استقلال أحدهما بالعالم (4) يوجب أن يكون (5) الآخر لم يشركه فيه، فإذا كان الآخر مستقلا لزم أن يكون كل منهما فعله، وكل منهما لم يفعله، وهو جمع بين النقيضين.
    وأما المتعاونان، فإن قيل: إن كلا منهما قادر على الاستقلال حال كون الآخر مستقلا به (6) ، لزم القدرة على اجتماع النقيضين وهو ممتنع،
    _________
    (1) ن، م: عن ذاك وتياسر. . .
    (2) ا، ب: الفاعل.
    (3) للآخر: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (4) ن (فقط) : بالعلم، وهو خطأ.
    (5) يكون: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (6) به: ساقطة من (ا) ، (ب) .

    ****************************
    فإنه حال قدرة أحدهما على الاستقلال يمتنع قدرة الآخر على الاستقلال، ولا يكونان (1) في حال واحدة كل منهما قادر على الاستقلال، فإن ذلك يقتضي وجوده مرتين في حال واحدة. لكن الممكن أن يقدر هذا إذا لم يكن الآخر فاعلا (2) وبالعكس، فقدرة كل منهما مشروطة بعدم فعل الآخر معه، ففي حال فعل كل واحد (3) منهما يمتنع قدرة الآخر.
    وإن قيل: إن المتعاونين لا يقدران في حال واحدة على الاستقلال، كما هو الممكن الموجود في المتعاونين من المخلوقين، كان هذا باطلا [أيضا كما سيأتي] (4) .
    والمقصود أنهما إن كانا قادرين على الاستقلال، أمكن أن يفعل هذا مقدوره وهذا مقدوره، فيلزم اجتماع النقيضين، وإلا لزم أن تكون قدرة أحدهما مشروطة بتمكين الآخر له، وهذا ممتنع كما سيأتي.
    وأيضا، فيمكن أن يريد أحدهما (5) ضد مراد الآخر، فيريد هذا تحريك جسم وهذا تسكينه، واجتماع الضدين ممتنع. وإن لم يمكن أحدهما إرادة الفعل إلا بشرط موافقة الآخر له، كان عاجزا وحده، ولم يصر قادرا إلا بموافقة الآخر
    _________
    (1) ن، م: فلا يكون.
    (2) ب (فقط) : لكن الممكن أن يقدر هذا فاعلا إذا لم يكن الآخر فاعلا، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) ، (ا) .
    (3) واحد: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (4) ما بين المعقوفتين زيادة في (ا) ، (ب) .
    (5) ب: كما سيأتي أيضا. فيمكن أن يريد أحدهما. . . إلخ.

    ****************************** *
    وكذا (1) إذا قدر أنه ليس واحد منهما قادرا على الاستقلال، بل لا يقدر إلا بمعاونة الآخر كما في المخلوقين، أو قيل: يمكن كل (2) منهما الاستقلال بشرط تخلية الآخر بينه وبين الفعل، ففي جميع هذه الأقسام يلزم أن تكون قدرة كل منهما لا تحصل إلا بإقدار الآخر له، وهذا ممتنع، فإنه من جنس الدور في المؤثرات في الفاعلين والعلل الفاعلة (3) . فإن ما به يتم كون الفاعل فاعلا يمتنع فيه الدور، كما يمتنع في ذات الفاعل، والقدرة شرط في الفعل، فلا يكون الفاعل فاعلا إلا بالقدرة، (* فإذا كانت قدرة هذا لا تحصل إلا بقدرة ذاك (4) ، وقدرة ذاك (5) لا تحصل إلا بقدرة هذا *) (6) كان هذا دورا ممتنعا.
    كما أن ذات ذاك إذا لم تحصل إلا بهذا، وذات هذا لم تحصل إلا بذات ذاك (7) كان هذا دورا ممتنعا، إذ كان كل منهما هو الفاعل للآخر، بخلاف ما إذا كان ملازما له أو شرطا فيه (8) والفاعل غيرهما، فإن هذا جائز، كما ذكر في الأبوة والبنوة.
    وكذلك الواحد الذي يريد أحد الضدين بشرط (9) أن لا يريد الضد
    _________
    (1) ا، ب: وهكذا.
    (2) ب (فقط) : كلا.
    (3) ا: والعلل والفاعلة؛ ب: والعلل والفاعلية.
    (4) ن، ا: هذا.
    (5) ن (فقط) : هذا.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (7) ن، م، ا: وذات ذاك لم تحصل إلا بذات هذا. والصواب ما أثبتناه من (ب) .
    (8) ا: ملازما له وشرطا فيه؛ ب: لازما له وشرطا فيه.
    (9) ن (فقط) : يشترط.

    ****************************** ****
    الآخر، فإن هذا لا يقدح في كونه قادرا. وأما إذا كان لا يقدر حتى يعينه الآخر على القدرة، أو حتى يخليه فلا يمنعه من الفعل، فإن ذلك يقدح في كونه وحده قادرا.
    وهذه المعاني قد بسطت في غير هذا الموضع، لكن لما كان الكلام في التسلسل والدور كثيرا ما يذكر في هذه المواضع المشكلة المتعلقة بما يذكر من الدلائل في توحيد الله وصفاته وأفعاله، وكثير من الناس قد لا يهتدي للفروق الثابتة بين الأمور المتشابهة، حتى يظن فيما هو دليل صحيح أنه ليس دليلا صحيحا، أو يظن ما ليس بدليل دليلا، أو يحار ويقف ويشتبه الأمر عليه، أو يسمع كلاما طويلا مشكلا لا يفهم معناه، أو يتكلم بما لا يتصور حقيقته، نبهنا (1) على ذلك هنا تنبيها لطيفا؛ إذ هذا ليس (2) موضع بسطه.

    [الأخطاء التي وقع فيها المعتزلة والشيعة نتيجة ظنهم أن التسلسل نوع واحد]
    والناس لأجل هذا دخلوا في أمور كثيرة، فالذين قالوا: القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة من المعتزلة والشيعة [وغيرهم] (3) ، إنما أوقعهم ظنهم أن التسلسل نوع واحد، فالتزموا لأجل ذلك أن الخالق لم يكن متكلما (4) ولا متصرفا بنفسه حتى أحدث كلاما منفصلا عنه، وجعلوا خلق كلامه كخلق السماوات والأرض. فلما طالبهم الناس بأن الحادث لا بد له من سبب حادث، وقعوا في المكابرة، وقالوا: يمكن
    _________
    (1) ا، ب: فنبهنا.
    (2) ا، ب: إذ ليس هذا.
    (3) وغيرهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (4) ا، ب: متمكنا ممكنا.

    ****************************** *
    القادر أن يرجح أحد المثلين بلا مرجح، كما في الجائع مع الرغيفين، والهارب مع الطريقين.
    وجمهور العقلاء قالوا: نعلم بالاضطرار أنه إن لم يوجد المرجح التام لأحد المثلين امتنع الرجحان، وإلا فمع التساوي من كل وجه يمتنع الرجحان.

    [تجويز المعتزلة والشيعة الترجيح بلا مرجح مكن الفلاسفة من القول بقدم العالم]
    والفلاسفة جعلوا هذا (1) حجة في قدم العالم، فقالوا: الحدوث بلا سبب حادث ممتنع، فيلزم أن يكون قديما صادرا عن موجب بالذات.
    وكانوا أضل من المعتزلة من وجوه متعددة: مثل كون قولهم يستلزم أن لا يحدث شيء، ومن جهة أن قولهم يتضمن أن الممكنات لا فاعل لها، فإن الفعل بدون الإحداث غير معقول، ومن جهة (* أن في قولهم من وصف الله [تعالى] (2) بالنقائص في ذاته وصفاته وأفعاله ما يطول وصفه (3) ، ومن جهة *) (4) أن العالم مستلزم للحوادث ضرورة؛ لأن الحوادث مشهودة، فإما أن تكون لازمة [له] (5) أو حادثة فيه، والموجب بالذات المستلزم لمعلوله لا يحدث عنه شيء، فيلزم أن لا يكون للحوادث فاعل بحال، وهم يجوزون حوادث لا تتناهى - كما يوافقهم عليه جمهور أهل الحديث والسنة - وحينئذ فلا يمتنع أن يكون كل [شيء] (6) من العالم حادثا.
    _________
    (1) ن: هذه.
    (2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (3) ا، ب وصفه هنا
    (4) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (5) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) شيء: زيادة في (ب) فقط، والصواب إثباتها.

    ****************************** ********
    والله تعالى لم يزل موصوفا بصفات الكمال: [لم يزل] (1) متكلما إذا شاء قادرا على الفعل، وليس شيء من الفعل والمفعول إلا حادثا معينا (2) ، إذ كل فعل [معين] (3) يجب أن يكون مسبوقا بعدمه، وإلا فالفاعل إن (4) قدر موجبا بذاته، لزمه مفعوله ولم يحدث عنه شيء، هو مكابرة للحس. وإن قدر غير موجب بذاته، لم يقارنه شيء من المفعولات (5) - وإن كان دائم الفعل - إذ كان نوع الفعل من لوازم ذاته.
    وأما الأفعال والمفعولات المعينة فليست لازمة للذات، بل كل منها معلق بما قبله؛ لامتناع اجتماع الحوادث في زمان واحد. فالفعل الذي لا يكون إلا حادثا يمتنع أن يجتمع في زمان واحد، فضلا عن أن يكون كل من أجزائه أزليا، بل يوجد شيئا فشيئا.
    وأما الفعل الذي لا يكون إلا قديما، فهذا أولا ممتنع لذاته؛ فإن الفعل والمفعول المعين (6) المقارن للفاعل ممتنع، فلا يحدث به شيء من الحوادث؛ لأن الفعل القديم إذا قدر أنه فعل تام لزمه (7) مفعوله.
    وهذه المواضع قد بسطنا الكلام عليها في غير هذا الموضع (8) ، وبينا
    _________
    (1) لم يزل: ساقطة من (ن) فقط.
    (2) معينا: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (3) معين: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ا، ب: إذا.
    (5) ن: المعقولات، وهو تحريف.
    (6) ن، م: المعين والمقارن.
    (7) ا، ب: لزم.
    (8) عبارة في غير هذا الموضع: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    ****************************** ****

    نزاع الناس في كل واحد واحد (1) منها. وإنما كان القصد هنا التنبيه على [أصل] (2) مسألة التعليل، فإن هذا المبتدع أخذ يشنع على أهل السنة، فذكر (3) مسائل لا يذكر حقيقتها ولا أدلتها، وينقلها على الوجه الفاسد.
    وما ينقله عن أهل السنة خطأ أو كذب عليهم أو على كثير منهم، وما قدر أنه صدق فيه عن بعضهم، فقولهم فيه خير من قوله. فإن غالب شناعته على الأشعرية ومن وافقهم، والأشعرية خير من المعتزلة والرافضة عند كل من يدري ما يقول، ويتقي الله فيما يقول.
    وإذا قيل: إن في كلامهم - وكلام من قد وافقهم (4) أحيانا من أصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم - ما هو ضعيف، فكثير من ذلك الضعيف إنما تلقوه من (5) المعتزلة، فهم أصل الخطأ في هذا الباب، وبعض ذلك أخطئوا فيه لإفراط المعتزلة في الخطأ، فقابلوهم مقابلة انحرفوا فيها، [كالجيش الذي يقاتل الكفار فربما حصل منه إفراط وعدوان] (6) ، وهذا مبسوط في موضعه.
    _________
    (1) واحد: زيادة في (ن) ، (م) .
    (2) أصل: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: يذكر.
    (4) ا، ب: يوافقهم وبعد هذه الكلمة لا توجد صفحة كاملة من مصورة (م) هي ص 36 منها وسأنبه عند بداية ظ [0 - 9] 6 بإذن الله.
    (5) ا، ب: عن.
    (6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .

    ****************************** **

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #66
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (64)
    صـ 445 إلى صـ 451


    [رد الأشاعرة ومن وافقهم على المعتزلة والشيعة]

    قال هؤلاء للمعتزلة والشيعة (1) : ولما كان هذا الدليل عمدتكم، استطال عليكم الفلاسفة الدهرية، كابن سينا وأمثاله، وهذا الدليل مناف في الحقيقة لحدوث العالم لا مستلزم له، فإنه إذا كان هذا الحادث لا بد له من سبب حادث، وكان هذا الدليل مستلزما لحدوث الحادث بلا سبب، لزم أن لا يكون الله أحدث شيئا. فإذا جوزنا ترجيح أحد طرفي الممكن بلا مرجح، انسد طريق إثبات الصانع الذي سلكتموه.
    وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة (2) : أنتم مع هذا عللتم (3) أفعال الله تعالى بعلل حادثة. فيقال لكم: هل توجبون للحوادث سببا حادثا أم لا؟ فإن قلتم: نعم، لزم تسلسل الحوادث، وبطل ما ذكرتموه.
    وإن لم توجبوا ذلك، قيل لكم: وكذلك ليس لها غاية حادثة بعدها، فإن المعقول أن الفاعل المحدث لا بد لفعله من سبب ولا بد له من غاية. فإذا قلتم: لا سبب لإحداثه. قيل لكم: ولا غاية مطلوبة له بالفعل.
    فإن قلتم: لا يعقل فاعل لا يريد حكمة إلا وهو عابث (4) . قيل لكم: ولا نعقل فاعلا يحدث شيئا بغير سبب حادث أصلا، بل هذا أشد امتناعا في العقل من ذاك، فلماذا أثبتم الغاية ونفيتم السبب الحادث؟ .

    (1) ن: فإن هؤلاء المعتزلة والشيعة؛ ا، ب: قال هؤلاء المعتزلة والشيعة. والصواب ما أثبتناه، والمعنى: قال هؤلاء الأشاعرة - ومن وافقهم - للمعتزلة. . إلخ.
    (2) وقالوا أيضا للمعتزلة والشيعة: كذا في النسخ الثلاث، وهو يتفق مع قراءتنا للفقرة السابقة.
    (3) ن: علمتم، وهو تحريف.
    (4) ا، ن: إلا وهو غائب. والمثبت من (ب) .

    ****************************** *******
    وقيل لكم (1) أيضا: الذي يعقل من الفاعل أن يفعل لغاية تعود إليه، وأما (2) فاعل يفعل لغاية تعود إلى غيره، فهذا غير معقول.


    وإذا كان هذا قول الشيعة المتبعين للمعتزلة في حكمة الله تعالى، فقد يقال: [قول] (3) من يقول: إنه يفعل لمحض المشيئة بلا علة (4) ، خير من هذا القول، فإن هذا سلم (5) من التسلسل، وسلم من كونه يفعل لحكمة منفصلة عنه. والمعتزلة تسلم له (6) امتناع التسلسل، فعلم أن قول هؤلاء خير من قول هذا المنكر عليهم.
    وأما من قال بالتعليل من أهل [السنة] والحديث، [كما تقدم] ، فذاك (7) سلم من هذا وهذا، وقد كتبت في مسألة التعليل مصنفا (8) مستقلا بنفسه لما سئلت عنها (9) وليس هذا موضع بسطه.
    والمقصود هنا التنبيه على أن أقوال أهل السنة خير من أقوال الشيعة، وأنه إن كان قول بعض أهل السنة ضعيفا، فقول الشيعة أضعف منه

    (1) ن: الحادث قيل لكم.
    (2) ن: وإنما.
    (3) قول: ساقطة من (ن) .
    (4) وهو قول الأشعري ومتبعيه.
    (5) ا، ب: من هذا القول وهذا سلم. .
    (6) له: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (7) ن: من أهل الحديث فذاك. .
    (8) ن: مكتوبا.
    (9) ذكر ابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية "، ص [0 - 9] 0، أن لابن تيمية: " جواب في تعليل مسألة الأفعال "، نحو ستين ورقة. وذكره ابن عبد الهادي في " العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية " ص 49، (ط. القاهرة 1356/1938) وسماه: قاعدة في تعليل الأفعال.

    ****************************** ******
    [استمرار مناقشة مزاعم ابن المطهر]


    [فصل قول الرافضي بأن أهل السنة جوزوا على الله فعل القبيح والإخلال بالواجب والرد عليه]

    (فصل (1)) وأما قول الرافضي (2) " وجوزوا عليه فعل القبيح والإخلال بالواجب (3) ".
    فيقال له: ليس في [طوائف] (4) المسلمين من يقول: إن الله تعالى يفعل قبيحا أو يخل بواجب، ولكن المعتزلة ونحوهم ومن وافقهم من الشيعة النافين للقدر، يوجبون على الله من جنس ما يوجبون على العباد، ويحرمون عليه ما يحرمونه على العباد، ويضعون له شريعة [بقياسه] (5) على خلقه، فهم مشبهة الأفعال (6) .

    وأما المثبتون للقدر من أهل السنة والشيعة، فمتفقون على أن الله تعالى لا يقاس بخلقه في أفعاله، كما لا يقاس بهم في ذاته وصفاته، فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، وليس

    (1) كل ما سبق كان متصلا بالاستطراد الذي بدأ في ص 148 للرد على قول الفلاسفة بقدم العالم وبيان مقالة أهل السنة وسائر الفرق بهذا الصدد.
    (2) ن: وأما قوله.
    (3) انظر ص 125 - 126، وكلام ابن تيمية هنا هو في الواقع استمرار لكلامه في الوجه الرابع من وجوه رده على مزاعم ابن المطهر، انظر ص 133.
    (4) طوائف: ساقطة من (ن) .
    (5) بقياسه: ساقطة من (ن) .
    (6) ن: فهم مشبهون في الأفعال.
    ****************************** *****

    ما وجب على أحدنا وجب مثله على الله [تعالى] (1) ، ولا ما حرم على أحدنا حرم مثله على الله [تعالى] (2) ، ولا ما قبح منا قبح من الله، ولا ما حسن من الله [تعالى] (3) حسن من أحدنا، وليس لأحد منا أن يوجب على الله [تعالى] (4) شيئا ولا يحرم عليه شيئا.


    فهذا أصل قولهم الذي اتفقوا عليه، واتفقوا على أن الله [تعالى] (5) إذا وعد عباده بشيء كان وقوعه واجبا بحكم وعده، فإنه الصادق في خبره الذي لا يخلف الميعاد، واتفقوا على أنه لا يعذب أنبياءه ولا عباده الصالحين، بل يدخلهم الجنة (6) ، كما أخبر.
    لكن تنازعوا في مسألتين: إحداهما: أن العباد هل يعلمون بعقولهم حسن بعض الأفعال (7) ، ويعلمون أن الله متصف بفعله، ويعلمون قبح بعض الأفعال، ويعلمون أن الله منزه عنه؟ (8) على قولين معروفين (9) : أحدهما: أن العقل لا يعلم به حسن فعل ولا قبحه، أما في حق الله فلأن القبيح منه ممتنع لذاته، وأما في حق العباد فلأن الحسن والقبح لا يثبت إلا بالشرع. وهذا قول الأشعري وأتباعه، وكثير من الفقهاء من

    (1) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (3) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (4) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (5) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (6) ا: بل بدخولهم جنته؛ ب: بل يدخلوهم جنته.
    (7) ن: الأعمال.
    (8) ن: منه.
    (9) معروفين: ساقطة من (ا) ، (ب) .

    ****************************** *
    أصحاب مالك والشافعي وأحمد. وهؤلاء لا ينازعون في الحسن والقبيح (1) إذا فسر بمعنى الملائم والمنافي أنه قد يعلم بالعقل، وكذلك لا ينازعون - أو لا ينازع أكثرهم أو كثير منهم - في أنه إذا عني به كون الشيء صفة كمال أو صفة نقص (2) أنه يعلم بالعقل.


    والقول الثاني: أن العقل [قد] يعلم [به] حسن كثير (3) من الأفعال وقبحها في حق الله وحق عباده. وهذا مع أنه قول المعتزلة فهو قول الكرامية وغيرهم [من الطوائف] (4) ، وهو قول جمهور الحنفية، وكثير من أصحاب مالك والشافعي (5) وأحمد، كأبي بكر الأبهري (6) وغيره من أصحاب مالك، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب [الكلوذاني] (7) [من أصحاب أحمد] (8) ، وذكر أن هذا [القول] قول (9) أكثر أهل العلم،

    (1) ن: في الحسن والقبح.
    (2) ن: نقض، وهو تحريف.
    (3) ن: أن العقل يعلم حسن كثير.
    (4) من الطوائف: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (5) ن: والشافعي ومالك.
    (6) أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي المالكي الأبهري. ولد سنة 289 وتوفي سنة 375، وينسب إلى أبهر وهي بليدة بالقرب من زنجان. انظر: معجم البلدان، مادة أبهر؛ ابن الأثير: اللباب في تهذيب الأنساب 1/20؛ الديباج المذهب، ص [0 - 9] 55 - 258؛ الأعلام 7/98.
    (7) ن: وأبي الخطاب؛ ا: والخطاب الكلوذاني؛ ب: وأبي الخطاب الكلواذي. وهو أبو الخطاب الكلوذاني، ويقال أيضا: الكلوذي، والكلواذاني. وسبق التعريف به (ص [0 - 9] 44 ت [0 - 9] ) ، وهو ينسب إلى كلواذى وهي قرية كانت بجوار بغداد وقد خربت. انظر معجم البلدان، مادة كلواذى؛ ابن الأثير: لباب الأنساب 3/49.
    (8) من أصحاب أحمد: ساقطة من (ن) .
    (9) ن: أن هذا قول. .

    ****************************** *
    وهو قول أبي علي بن أبي هريرة و [أبي بكر] القفال (1) وغيرهما من أصحاب الشافعي، و [هو قول] طوائف (2) من أئمة أهل الحديث.


    وعدوا القول الأول من أقوال أهل البدع، كما ذكر ذلك أبو نصر السجزي في رسالته المعروفة في السنة، وذكره صاحبه أبو القاسم سعد بن علي الزنجاني (3) في شرح قصيدته المعروفة في السنة.
    وفي المسألة قول ثالث اختاره الرازي في آخر مصنفاته، وهو القول بالتحسين والتقبيح العقليين (4) في أفعال (5) العباد دون أفعال الله تعالى.
    وقد تنازع أئمة الطوائف في الأعيان قبل ورود السمع، فقالت الحنفية وكثير من الشافعية والحنبلية: إنها على الإباحة، مثل ابن سريج (6) ، وأبي إسحاق المروزي (7) ، وأبي الحسن التميمي، وأبي الخطاب

    (1) ن: والقفال.
    (2) ن: وطوائف. .
    (3) ن: سعيد بن علي، وهو خطأ. وأبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي الزنجاني، ينسب إلى بلدة زنجان من نواحي الجبال بين أذربيجان وبينها، نزيل الحرم كان حافظا ثقة زاهدا، توفي في أول سنة 471 أو في آخر سنة 470. ترجمته في شذرات الذهب 3/339 - 340؛ تذكرة الحفاظ 3/1174 - 1178. وانظر معجم البلدان، مادة زنجان.
    (4) ن: بالتحسين والقبيح العقلي؛ ا: بالتحسين والتقبيح العقلي.
    (5) ن: في فعل. . . .
    (6) أبو العباس أحمد بن عمرو بن سريج شيخ الشافعية وكان يقال له: الباز الأشهب، ولد سنة 249 وتوفي ببغداد سنة 306. ترجمته في: شذرات الذهب 2/247 - 248؛ طبقات الشافعية 3/21 - 39؛ وفيات الأعيان 1/49 - 51؛ الأعلام 1/178 - 179.
    (7) أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي صاحب ابن سريج، انتهت إليه رياسة مذهب الشافعي ببغداد، ومات بمصر سنة 340. ترجمته في: شذرات الذهب 2/355 - 356؛ وفيات الأعيان 1/7 - 8؛ الأعلام 1/22 - 23.

    ****************************** **
    وقالت طوائف: إنها على الحظر، كأبي علي بن أبي هريرة، وابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وعبد الرحمن الحلواني، (1) وغيرهم.


    مع أن أكثر الناس يقولون: إن القولين لا يصحان إلا على قولنا بأن العقل يحسن ويقبح، وإلا فمن قال: إنه لا يعرف بالعقل حكم امتنع أن يصفها قبل الشرع بحظر أو إباحة (2) كما قال ذلك الأشعري، وأبو الحسن الجزري، (3) وأبو بكر الصيرفي (4) و [أبو الوفاء] بن عقيل، (5) وغيرهم.
    المسألة الثانية: تنازعوا هل يوصف الله [تعالى] (6) بأنه أوجب على نفسه وحرم على نفسه، أو لا معنى للوجوب إلا إخباره (7) بوقوعه، ولا للتحريم (8) إلا إخباره بعدم وقوعه.

    (1) أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن علي الحلواني. الفقيه الحنبلي الإمام، ولد سنة 490 وتوفي سنة 546 ترجمته في: شذرات الذهب 4/144؛ الذيل لابن رجب 1/221 - 222.
    (2) ن: وإباحة.
    (3) ن: والجزري. وهو عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري، صاحب الكامل في التاريخ المتوفى سنة 630. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/1399 - 1400؛ وفيات الأعيان 3/33 - 35؛ الأعلام 5/153.
    (4) أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي الفقيه الشافعي كان إماما في الفقه والأصول، تفقه على ابن سريج، وتوفي سنة 330. ترجمته في: شذرات الذهب 2/325؛ اللباب في تهذيب الأنساب 2/66؛ طبقات الشافعية 3/186 - 187؛ الأعلام 7/96.
    (5) ن: وابن عقيل.
    (6) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (7) ن: إلا اختياره، وهو تحريف.
    (8) ن: بالتحريم. وهو تحريف.
    ******************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #67
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (65)
    صـ 452 إلى صـ 458

    فقالت طائفة بالقول الثاني، وهو قول من يطلق أن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء.وقالت طائفة: بل هو أوجب (1) على نفسه، وحرم على نفسه كما نطق بذلك الكتاب والسنة في مثل قوله [تعالى] (2) {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [سورة الأنعام: 54] وقوله {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم: 47] وقوله في الحديث الإلهي [الصحيح] (3) " «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما» " (4) .
    وأما أن العباد يوجبون عليه ويحرمون عليه فممتنع عند أهل السنة [كلهم] (5) . ومن قال: إنه أوجب على نفسه (6) أو حرم على نفسه فهذا الوجوب (7) والتحريم يعلم عندهم بالسمع، وهل يعلم بالعقل؟ على قولين لأهل السنة.
    وإذا كانت (8) هذه الأقوال كلها معروفة لأهل السنة، بل لأهل

    (1) ن: واجب، وهو تحريف.
    (2) تعالى: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (3) الصحيح: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (4) الحديث عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - في: صحيح مسلم 4/1994 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم) ؛ سنن ابن ماجه 2/1422 (كتاب الزهد، باب ذكر التوبة) ؛ سنن الترمذي 4/67 - 68 (كتاب صفة القيامة، باب حدثنا هناد. .) (ولم ترد هذه العبارة من الحديث فيه) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/154، 160، 177.
    (5) كلهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (6) على نفسه: ساقطة من (ن) .
    (7) ن: فهذا الوجوب عندنا، وهو خطأ.
    (8) عند عبارة " وإذا كانت " تعود نسخة (م) وفيها: فإذا كانت.
    ****************************** *
    المذهب الواحد منهم، كمذهب أحمد وغيره من الأئمة (1) فمن قال من أهل السنة: إن الله لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء امتنع عنده أن يكون مخلا بواجب أو فاعلا لقبيح، ومن قال: إنه أوجب على نفسه أو حرم على نفسه فهم متفقون على أنه لا يخل بما كتبه على نفسه ولا (2) يفعل ما حرمه على نفسه.

    فتبين أنه ليس في أهل السنة من يقول إنه يخل بواجب أو يفعل قبيحا، لكن هذا المبتدع (3) سلك مسلك أمثاله فحكى (4) عن أهل السنة أنهم يجوزون عليه [تعالى] (5) الإخلال بالواجب وفعل القبيح.
    وهذا حكاه بطريق الإلزام لإحدى الطائفتين الذين يقولون: لا يجب عليه شيء فله أن يخل بكل شيء، فقال: هؤلاء يقولون: (6 إنه يخل بالواجب، أي ما هو عندي واجب. وكذلك هؤلاء يقولون 6) (6) : لا يقبح منه شيء. فقال: إنهم جوزوا عليه فعل القبيح، (7 أي: فعل ما هو قبيح عندهم 7) (7) أو فعل ما هو قبيح من أفعال العباد. فهذا نقل عنهم بطريق الإلزام الذي اعتقدوه (8) .

    (1) من الأئمة: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (2) ا، ب: فلا.
    (3) ا، ب: المبدع.
    (4) ا، ب: يحكي.
    (5) ا: على الله تعالى. وسقطت تعالى من (ن) ، (م) .
    (6) (6 - 6) ساقط من (ا) ، (ب) .
    (7) (7 - 7) بدلا من هذه العبارات جاء في (ن) ، (م) : أي ما هو عندي قبيح.
    (8) ا، ب: بطريق اللزوم الذي اعتقده.
    ****************************** ******
    وأيضا، فأهل السنة يؤمنون بالقدر، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الهدى بفضل منه. والقدرية يقولون: إنه يجب عليه أن يفعل بكل عبد ما يظنونه هم واجبا عليه، ويحرم عليه ضد ذلك، فيوجبون عليه أشياء ويحرمون [عليه] (1) أشياء، وهو لم يوجبها على نفسه ولا علم وجوبها بشرع ولا عقل، ثم يحكون عن (2) من لم يوجبها أنه يقول: إن الله يخل بالواجب، وهذا تلبيس في نقل المذهب وتحريف له.

    [وأصل قول هؤلاء القدرية تشبيه الله بخلقه في الأفعال، فيجعلون ما حسن منه حسن من العبد، وما قبح من العبد قبح منه، وهذا تمثيل باطل] (3) .
    [فصل الرد على قول الرافضي إن الله لا يفعل لغرض ولا حكمة]
    وأما قوله: " وذهبوا إلى أنه لا يفعل لغرض، بل كل أفعاله لا لغرض من الأغراض ولا لحكمة ألبتة (4) ".

    (1) عليه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ا، ب: يحكمون على.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط وسقطت بعض كلماته من (م) .
    (4) انظر ما سبق ص 125. وفي هامش (ا) كتب أمام هذا الموضع: (في التعليل) .
    ****************************** *******

    فيقال له:

    أما تعليل أفعاله وأحكامه بالحكمة، ففيه قولان مشهوران لأهل السنة، والنزاع في كل مذهب من المذاهب الأربعة، والغالب عليهم عند الكلام في الفقه وغيره التعليل. وأما في الأصول فمنهم من يصرح بالتعليل ومنهم من يأباه، وجمهور أهل السنة على إثبات الحكمة والتعليل في أفعاله وأحكامه.
    وأما لفظ الغرض فالمعتزلة تصرح، به وهم من القائلين بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان [رضي الله عنهم] (1) . وأما الفقهاء ونحوهم فهذا اللفظ يشعر عندهم بنوع من النقص: إما ظلم وإما حاجة، فإن كثيرا من الناس إذا قال: فلان له غرض في هذا، أو فعل هذا لغرضه، أرادوا أنه فعله لهواه ومراده المذموم، والله منزه عن ذلك. فعبر أهل السنة بلفظ الحكمة والرحمة والإرادة ونحو ذلك مما جاء به النص. [وطائفة من المثبتين للقدر من المعتزلة يعبرون بلفظ الغرض أيضا، ويقولون: إنه يفعل لغرض، كما يوجد ذلك في كلام طائفة من المنتسبين إلى السنة] (2) .
    وأما قوله: " إنه يفعل الظلم والعبث " (3) .

    فليس في أهل الإسلام من يقول: إن الله يفعل ما هو ظلم (4) منه ولا عبث منه. تعالى الله عن ذلك.

    (1) رضي الله عنهم: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) انظر ص 123.
    (4) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
    ****************************** **

    بل الذين يقولون: إنه خالق كل شيء [من أهل السنة والشيعة] (1) .

    يقولون: إنه خلق أفعال عباده، فإنها من جملة الأشياء، ومن المخلوقات ما هو مضر لبعض الناس، ومن ذلك الأفعال (2) التي هي ظلم من فاعلها وإن لم تكن ظلما من خالقها، كما أنه إذا خلق فعل العبد الذي هو صوم لم يكن هو صائما، وإذا خلق فعله الذي هو طواف لم يكن هو طائفا، وإذا خلق فعله الذي هو ركوع وسجود لم يكن هو راكعا ولا ساجدا (3) ، وإذا خلق جوعه وعطشه لم يكن جائعا ولا عطشانا؛ فالله تعالى إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا ذلك الفعل، إذ لو كان كذلك لاتصف بكل ما خلقه من الأعراض.
    ولكن هذا الموضع زلت فيه الجهمية من المعتزلة، ومن اتبعهم من الشيعة الذين يقولون: ليس لله كلام إلا ما خلقه في غيره، وليس له فعل إلا ما كان منفصلا عنه، فلا (4) يقوم به عندهم لا فعل ولا قول، وجعلوا (5) كلامه الذي يكلم (6) به ملائكته وعباده، والذي كلم به موسى، والذي أنزله على عباده، هو ما خلقه في غيره.
    فيقال لهم (7) : الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ا) ، (ب) .
    (2) ن، م: ومن ذلك يقولون الأفعال. . .
    (3) ن، م: لم يكن راكعا وساجدا.
    (4) ن، م: ولا.
    (5) ن، م: وجعل.
    (6) ا: تكلم؛ ب: كلم.
    (7) ا، ب: فقيل لهم.
    ******************************
    لا على غيره (1) فإذا خلق حركة في محل كان ذلك المحل هو المتحرك بها لم يكن المتحرك بها هو الخالق لها. وكذلك إذا خلق لونا أو ريحا أو علما أو قدرة في محل، كان ذلك المحل هو المتلون بذلك اللون، المتروح بتلك الريح، العالم بذلك العلم، القادر بتلك القدرة. فكذلك إذا خلق كلاما في محل، كان ذلك المحل (2) هو المتكلم بذلك الكلام، وكان ذلك الكلام كلاما لذلك المحل لا لخالقه، فيكون الكلام الذي سمعه موسى وهو قوله {إنني أنا الله} [سورة طه: 14] كلام الشجرة لا كلام الله، لو كان ذلك مخلوقا.

    واحتجت المعتزلة وأتباعهم الشيعة (3) على ذلك بالأفعال، فقالت: كما أنه عادل محسن بعدل وإحسان يقوم بغيره، فكذلك هو متكلم بكلام يقوم بغيره. وكان هذا حجة على من سلم الأفعال لهم كالأشعري ونحوه، فإنه ليس عنده فعل يقوم به، بل يقول: الخلق هو المخلوق لا غيره، وهو قول طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد، وهو أول قولي القاضي أبي يعلى.

    لكن جمهور الناس يقولون: الخلق غير المخلوق، وهذا مذهب الحنفية، وهو الذي (4) ذكره البغوي (5) \ 248. عن أهل السنة، والذي ذكره (6)

    (1) ن، م: لأجل غيره، وهو تحريف.
    (2) عبارة " ذلك المحل ": ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (3) ب: المعتزلة وأتباعهم للشيعة؛ ن، م: المعتزلة والشيعة، والصواب ما أثبته من (ا) .
    (4) ا، ب: والذي.
    (5) أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد، المعروف بالفراء، البغوي، الفقيه الشافعي المحدث المفسر، توفي سنة 510. ترجمته في: وفيات الأعيان 1/402؛ طبقات الشافعية 7 - 80؛ تذكرة الحفاظ 4/1257؛ الأعلام 2
    (6) ن، م: وذكره.
    ****************************
    أبو بكر الكلاباذي عن الصوفية في كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف (1) ، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي بكر عبد العزيز، وابن حامد، وابن شاقلا (2) ، وغيرهم (3) ، [وهو] آخر قولي القاضي [أبي يعلى] (4) ، واختيار أكثر (5) أصحابه كأبي الحسين ابنه (6) وغير هؤلاء، وإنما اختار القول الآخر (7) طائفة منهم كابن عقيل ونحوه.

    ولما كان هذا قول الأشعري [ونحوه] (8) ، وهو مع سائر أهل السنة

    (1) ن: التعريف لأهل التصوف؛ م، ا، ب: التعرف لمذهب التصوف. وهو أبو بكر محمد بن إسحاق البخاري الكلاباذي المتوفى سنة 380، صاحب كتاب " التعرف لمذهب أهل التصوف " وقد نشره الأستاذ آرثر جون آربري، القاهرة، 1352/1933، ثم نشر بتحقيق د. عبد الحليم محمود والأستاذ طه سرور، ط. عيسى الحلبي، 1380/1960. وانظر عن الكلاباذي: الأعلام 6/184. والقول الذي يشير إليه ابن تيمية مذكور في الكتاب (ط. الحلبي) ص 38.
    (2) ا، ب: أبي الحسن بن شاقلا، ورجحت أن تكون الكنية قد أخطأ الناسخ في كتابتها. وإبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقلا، أبو إسحاق البزار، المتوفى سنة 369. ترجمته في طبقات الحنابلة 2/128 - 139؛ شذرات الذهب 3/68؛ تاريخ بغداد 6/17؛ العبر للذهبي 2/351.
    (3) وغيرهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (4) ن، م: وآخر قولي القاضي.
    (5) ن (فقط) : بعض.
    (6) ا، ب: كأبى الحسن وهو خطأ، وهو القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أبي يعلى المتوفى سنة 526، مؤلف كتاب " طبقات الحنابلة ". انظر ترجمته في: شذرات الذهب 4/79؛ الذيل لابن رجب 1/176 - 178؛ الأعلام 7/249؛ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، ص 529.
    (7) ن (فقط) : الأول.
    (8) ونحوه: ساقطة من (ن) ، (م) .
    *****************************


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #68
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (66)
    صـ 459 إلى صـ 465



    يقولون: إن الله خالق أفعال العباد، لزمه أن يقول: إن أفعال العباد فعل لله تعالى (1) ، إذ كان فعله عنده هو مفعوله (2) ، فجعل أفعال العباد فعلا لله، ولم يقل: هي فعلهم - في المشهور عنه - إلا على وجه المجاز، بل قال: هي كسبهم. وفسر الكسب بأنه ما يحصل (3) في محل القدرة المحدثة مقرونا به. ووافقه على ذلك [طائفة من الفقهاء] (4) من أصحاب مالك والشافعي وأحمد.
    وأكثر الناس طعنوا في هذا الكلام، وقالوا: عجائب الكلام ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. وأنشد في ذلك:
    مما يقال ولا حقيقة تحته ... معقولة تدنو إلى الأفهام
    الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي (5) وطفرة النظام (6) .
    وأما سائر أهل السنة فيقولون: [إن] (7) أفعال العباد فعل لهم حقيقة، وهو أحد القولين للأشعري. ويقول جمهورهم الذين (8) يفرقون بين

    (1) ن: إن أفعال العباد فعلا لله تعالى؛ ب: إن أفعال العباد هي فعل الله تعالى. والمثبت من (م) .
    (2) ن، م: إذ كان فعله عنهم هو مفعوله، وهو تحريف.
    (3) ا، ب: ما حصل.
    (4) من الفقهاء: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (5) ا، ب، م: الهاشمي.
    (6) في هامش (ا) كتب أمام الموضع عبارات ظهر منها ". . النظام أن القاطع للشيء يقطع بعضه ويطفر بعضه. . . أبو هاشم الجبائي زعم أن الأحوال لا معلومة ولا مجهولة ولا موجودة ولا معدومة. . مذكورة وتفصيل ذلك. . في محله. الفقير نعمان ".
    (7) إن: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (8) ن، م: ويقول جمهور الذين. . .
    ****************************

    الخلق والمخلوق: إنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به.


    فهذه الشناعات التي يذكرها هؤلاء لا تتوجه على قول جمهور أهل السنة، وإنما ترد على طائفة من المثبتة كالأشعري وغيره.
    فقوله عن أهل السنة: إنهم يقولون: إنه يفعل الظلم والعبث، إن أراد ما هو منه ظلم وعبث فهذا [منه] (1) فرية عليهم (2) وإن قاله بطريق الإلزام فهم لا يسلمون له أنه ظلم، ولهم في تفسير الظلم نزاع قد (3) تقدم تفسيره. وإن أراد ما هو ظلم وعبث من العبد، فهذا لا محذور في كون (4) الله يخلقه، وجمهورهم لا يقولون: إن هذا الظلم والعبث فعل الله (5) ، بل يقولون: إنه فعل العبد لكنه مخلوق لله، كما أن قدرة العبد وسمعه وبصره مخلوق لله تعالى، وليس هو سمع الحق ولا بصره ولا قدرته.
    [فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الله تعالى لا يفعل الأصلح]
    فصل.
    وأما قوله عنهم: إنهم يقولون: [إنه] (6) لا يفعل ما هو الأصلح

    (1) منه: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (2) عليهم: ساقطة من (ا) ، (ب) .
    (3) قد: زيادة في (ا) ، (ب) .
    (4) ن، م: لا محذور فيه في كون. . .
    (5) ن، م: فعل الله.
    (6) إنه: زيادة في (ا) ، (ب) .
    ****************************
    لعباده بل ما هو الفساد؛ لأن فعل (1) المعاصي وأنواع الكفر وجميع أنواع الفساد الواقعة في العالم مسندة إليه، تعالى الله عن ذلك.


    يقال: هذا الكلام وإن قاله طائفة من متكلمي أهل الإثبات، فهو قول طائفة من متكلمي الشيعة أيضا. وأئمة أهل السنة وجمهورهم لا يقولون ما ذكر، بل الذي (2) يقولونه: إن الله خالق كل شيء وربه ومليكه، وإنه لا يخرج عن ملكه وخلقه وقدرته شيء، وقد دخل في ذلك جميع أفعال الحيوان، فهو خالق لعبادات الملائكة والمؤمنين وسائر حركات العباد.
    والقدرية ينفون عن ملكه خيار ما في ملكه، وهو طاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين (3) فيقولون: لم يخلقها الله تعالى، ولا يقدر على أن يستعمل العبد فيها، ولا يلهمه إياها، ولا يقدر أن يجعل من لم يفعلها فاعلا لها.
    وقد قال الخليل - عليه السلام -: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} [سورة البقرة: 128] فطلب من الله أن يجعله مسلما لله (4) ومن ذريته أمة مسلمة له، وهو صريح في أن الله تعالى يجعل الفاعل فاعلا. وقال: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [سورة إبراهيم: 40] ، فقد طلب من الله [تعالى] أن (5) \ 3 461 3 يجعله مقيم الصلاة، فعلم

    (1) ن، م، أ، ب: كفعل. والصواب ما أثبته، وهو ما جاء من قبل (ص 125) وما ذكر في " منهاج الكرامة ".
    (2) أ، ب: الذين. وهو خطأ.
    (3) أ، ب: الأنبياء والملائكة والمؤمنين.
    (4) لله: ليست في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: فطلب من الله أن. . .
    ******************************
    أن الله هو الذي يجعل المصلي (1) مصليا. وقد أخبر عن الجلود والجوارح إخبار مصدق لها أنها قالت: {أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] فعلم أنه ينطق جميع الناطقين.


    وأما كونه لا يفعل ما هو الأصلح لعباده أو لا يراعي مصالح العباد، فهذا مما اختلف فيه الناس.
    فذهبت طائفة من المثبتين للقدر إلى ذلك، وقالوا: خلقه وأمره متعلق بمحض المشيئة لا يتوقف على مصلحة، وهذا قول الجهم (2)
    وذهب جمهور العلماء إلى أنه إنما أمر العباد بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم، وأن فعل المأمور به مصلحة [عامة] (3) لمن فعله، وأن إرساله الرسل مصلحة عامة، وإن كان فيه ضرر على بعض الناس لمعصيته، فإن الله كتب في كتاب (4) فهو عنده [موضوع] (5) فوق العرش: " «إن رحمتي تغلب غضبي» "، وفي رواية: " «إن رحمتي سبقت غضبي» " أخرجاه في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (6) .


    (1) أ، ب: العبد.
    (2) أ، ب: الجهمية. .
    (3) عامة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ن، م: كتب كتابا.
    (5) موضوع: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) سبق هذا الحديث من قبل في هذا الجزء ص 137. وهو في مواضع أخرى في البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - 9/120 - 121 (كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه. .) 9/125 (كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء. . .) 9/135 (كتاب التوحيد، باب (ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) . واختلف أول الحديث: لما خلق الله الخلق. . أو. . إن الله لما قضى الخلق. . أو لما قضى الله الخلق.
    ***************************

    فهم يقولون: فعل المأمور به وترك المنهي عنه مصلحة لكل فاعل وتارك، وأما نفس الأمر وإرسال الرسل فمصلحة عامة (1) للعباد وإن تضمن شرا لبعضهم، وهكذا سائر ما يقدره الله تغلب فيه المصلحة والرحمة والمنفعة، وإن كان في ضمن ذلك ضرر لبعض الناس فلله في ذلك (2) حكمة أخرى.


    وهذا قول أكثر الفقهاء وأهل الحديث والتصوف، [وطوائف من] أهل الكلام (3) - غير المعتزلة - مثل الكرامية، وغيرهم. وهؤلاء يقولون: وإن كان في بعض ما يخلقه ما فيه ضرر لبعض الناس، أو هو سبب ضرر - كالذنوب - فلا بد في كل ذلك من حكمة ومصلحة لأجلها خلقها الله، وقد غلبت رحمته غضبه، وهذه المسائل مبسوطة في غير هذا الموضع.
    وهو لم يذكر إلا مجرد حكاية الأقوال، فبينا ما في ذلك النقل من الصواب والخطأ. فإن هذا الذي نقله ليس من كلام شيوخه الرافضة، بل هو من كلام المعتزلة كأصحاب أبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري، وغيرهم.
    وهؤلاء ذكروا ذلك ردا على الأشعرية (4) خصوصا، فإن الأشعرية وبعض المثبتين للقدر وافقوا الجهم بن صفوان في أصل قوله في الجبر، وإن نازعوه في بعض ذلك نزاعا لفظيا أتوا بما لا يعقل، لكن لا يوافقونه

    (1) عامة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: ففيه في ذلك.
    (3) ن، م: والتصوف وأهل الكلام. .
    (4) أ، ب: الأشعري.
    *************************
    على قوله \ في نفي الصفات بل يثبتون الصفات؛ فلهذا (1) بالغوا في مخالفة (2) المعتزلة في مسائل القدر حتى نسبوا إلى الجبر، وأنكروا الطبائع والقوى التي في الحيوان أن يكون لها تأثير أو سبب في الحوادث (3) أو يقال: فعل بها، وأنكروا أن يكون للمخلوقات حكمة وعلة (4) .


    ولهذا قيل: إنهم أنكروا أن يكون الله يفعل لجلب منفعة لعباده أو دفع مضرة. وهم لا يقولون: إنه [لا] يفعل مصلحة ما (5) فإن هذا مكابرة، بل يقولون: إن ذلك (6) ليس بواجب عليه وليس بلازم وقوعه منه، ويقولون: إنه لا يفعل شيئا لأجل شيء ولا بشيء، وإنما اقترن هذا بهذا لإرادته لكليهما (7) ، فهو يفعل أحدهما مع صاحبه لا به ولا لأجله (8) ، والاقتران بينهما (9) مما جرت به عادته لا لكون (10) أحدهما سببا للآخر ولا حكمة له، ويقولون: إنه ليس في القرآن في خلقه وأمره لام تعليل.

    (1) أ، ب: فكذا.
    (2) ن، م: في خلاف.
    (3) ن، م: الحيوان.
    (4) وعلة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) ن: إنه يفعل مصلحة ما؛ م: إنه يفعل مصلحة؛ أ، ب: إنه لا يفعل مصلحة. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
    (6) أ، ب: هذا.
    (7) ن، م، أ: لكلاهما، وهو خطأ.
    (8) أ، ب: لا به ولأجله.
    (9) في جميع النسخ: بهما. وأرجو أن يكون الصواب ما أثبته.
    (10) أ، ب: يكون.
    *****************************
    وقد وافقهم على ذلك طائفة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، مع أن أكثر الفقهاء الذين يوافقونهم على هذا في كتب الكلام، يقولون بضد ذلك في مسائل الفقه والتفسير والحديث وأدلة الفقه، وكلامهم في أصول الفقه تارة يوافق هؤلاء وتارة يوافق هؤلاء.


    لكن جمهور أهل السنة من هؤلاء الطوائف وغيرهم يثبتون القدر، [ويثبتون] الحكمة [أيضا] والرحمة (1) وأن لفعله غاية محبوبة وعاقبة محمودة، وهذه مسألة عظيمة جدا قد بسطت في غير هذا الموضع.
    ففي الجملة لم تثبت المعتزلة والشيعة نوعا من الحكمة والرحمة، إلا وقد أثبت أئمة أهل (2) السنة ما هو أكمل من ذلك وأجل منه، مع إثباتهم قدرة الله التامة ومشيئته النافذة وخلقه العام (3) .
    هؤلاء لا يثبتون هذا، ومتكلمو الشيعة المتقدمون كالهشامين وغيرهما (4) كانوا يثبتون القدر، كما يثبته غيرهم، وكذلك الزيدية منهم من يثبته ومنهم من ينفيه. فالشيعة في القدر على قولين، كما أن المثبتين لخلافة الخلفاء الثلاثة [في القدر] (5) على قولين.
    فلا يوجد لأهل السنة قول ضعيف إلا وفي الشيعة من يقوله ويقول

    (1) ن، م: القدر والحكمة والرحمة.
    (2) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) ن (فقط) : العالم.
    (4) ن، م: كالهشاميين وغيرهم؛ أ: كالهاشميين وغيرهما.
    (5) في القدر: ساقطة من (ن) فقط.
    ****************************** ***




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #69
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (67)
    صـ 466 إلى صـ 472



    ما هو أضعف منه، ولا يوجد للشيعة (1) قول قوي إلا وفي أهل السنة من يقوله ويقول ما هو أقوى منه، ولا يتصور أن (2) يوجد للشيعة قول قوي لم يقله [أحد من] (3) أهل السنة. فثبت أن أهل السنة أولى بكل خير منهم، كما أن المسلمين أولى بكل خير من اليهود والنصارى.
    [فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن المطيع لا يستحق ثوابا والعاصي لا يستحق عقابا]
    فصل.
    وأما قوله: إنهم يقولون:
    " إن المطيع لا يستحق ثوابا، والعاصي لا يستحق عقابا، بل قد يعذب المطيع طول عمره المبالغ في امتثال أوامره كالنبي، ويثيب العاصي طول عمره بأنواع المعاصي وأبلغها كإبليس وفرعون (4) ".
    فهذا (5) فرية على أهل السنة، ليس فيهم من يقول: إن الله يعذب نبيا ولا مطيعا، ولا من يقول: إن الله يثيب إبليس وفرعون (6) [بل] (7) ولا يثيب عاصيا على معصيته؛ لكن يقولون: إنه يجوز أن يعفو عن

    (1) ن، م: في الشيعة.
    (2) عبارة " يتصور أن ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أحد من: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) انظر ما سبق ص [0 - 9] 25 - 126.
    (5) أ، ب: فهذه.
    (6) ن: فرعون وإبليس.
    (7) بل: زيادة في (أ) ، (ب) .
    ******************************
    المذنب (1) من المؤمنين، وأنه يخرج أهل الكبائر من النار فلا يخلد فيها أحدا من (2) أهل التوحيد، ويخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. والإمامية توافقهم (3) على ذلك.


    وأما الاستحقاق فهم يقولون: إن العبد لا يستحق بنفسه على الله شيئا وليس له أن يوجب على ربه شيئا لا لنفسه ولا لغيره؛ ويقولون: إنه لا بد أن يثيب المطيعين كما وعد، فإنه صادق في وعده لا يخلف الميعاد، فنحن نعلم أن الثواب يقع لإخباره (4) لنا بذلك. وأما إيجابه ذلك على نفسه، وإمكان معرفة ذلك بالعقل، فهذا فيه نزاع بين أهل السنة كما تقدم [التنبيه عليه] (5) .
    فقول القائل: إنهم يقولون: إن [المطيع] لا يستحق (6) ثوابا: إن أراد أنه هو لا يوجب بنفسه على ربه ثوابا (7) ولا أوجبه (8) غيره من المخلوقين، فهكذا (9) تقول أهل السنة. وإن أراد أن هذا الثواب ليس أمرا ثابتا معلوما وحقا واقعا، فقد أخطأ. وإن أراد أنه هو سبحانه وتعالى لا يحقه

    (1) ن، م: الذنب.
    (2) أ، ب: فلا يخلد فيها أحد.
    (3) أ: يوافقوهم؛ ب: يوافقونهم.
    (4) ن: بإخباره؛ م: باختياره، وهو تحريف.
    (5) التنبيه عليه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: إنه لا يستحق.
    (7) ثوابا: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (8) ن: ثوابا وجنة؛ م: ثوابا أوجبه.
    (9) ن، م: فهذا يقول.
    **************************
    بخبره (1) فقد أخطأ على أهل السنة. وإن أراد أنه لم يحقه (2) بمعنى أنه لم (3) يوجبه على نفسه، ويجعله حقا على نفسه كتبه على نفسه، فهذا فيه نزاع [قد] (4) تقدم.


    وهو بعد أن وعد بالثواب، أو أوجب مع ذلك على نفسه الثواب، يمتنع منه خلاف خبره، وخلاف حكمه الذي كتبه على نفسه، وخلاف موجب أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
    ولكن لو قدر أنه عذب من يشاء لم يكن لأحد منعه، كما قال تعالى {قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا} [سورة المائدة: 17] .
    وهو سبحانه لو ناقش من ناقشه من خلقه يعذبه، كما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من نوقش الحساب عذب " قالت: قلت: يا رسول الله أليس الله يقول: {فأما من أوتي كتابه بيمينه - فسوف يحاسب حسابا يسيرا} [سورة الانشقاق: 7، 8] فقال (5) : " ذلك العرض ومن نوقش الحساب عذب» (6) .

    (1) أ، ب: أنه هو سبحانه وتعالى لم يخلقه بخبره؛ ن، م: أن هو لا محقه بخبره. والصواب ما أثبته ومعناه: أن الله تعالى لم يجعله حقا واجبا على نفسه بمجرد إخباره لنا بذلك.
    (2) أ، ب: لم يجعله؛ ن: بحقه. والصواب ما أثبته من (م) .
    (3) لم: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) قد: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: قال.
    (6) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة في البخاري 1/28 (كتاب العلم، باب من سمع شيئا راجع حتى يعرفه) 6/167 (كتاب التفسير، سورة (إذا السماء انشقت) ؛ مسلم 4/2204 - 2205 (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب إثبات الحساب) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 48. وانظر تفسير الطبري 9/244 - 245 (ط. المعارف، بتحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر) وقد استوفى الأستاذ المحقق في تعليقه (ت 5 ص [0 - 9] 44 - 245) الكلام على طرق الحديث في صحاح البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي، كما أشار إلى مواضع أخرى ورد فيها في تفسير الطبري وتفسير ابن كثير وفي الدر المنثور للسيوطي.
    **************************
    وفي الصحيح عنه [صلى الله عليه وسلم] (1) أنه قال: " «لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (2) وفي الحديث الذي رواه أبو داود وغيره: " «لو أن الله عذب (3) أهل سماواته وأهل (4) أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا [لهم] (5) من أعمالهم» (6) .



    (1) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) الحديث - مع اختلاف في بعض الألفاظ - عن أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما - في البخاري 7/121 (كتاب المرضى، باب تمني المريض الموت) ، 8/98 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ؛ مسلم 4/2169 - 2171 في أربعة مواضع (كتاب المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ؛ سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ؛ سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ؛ المسند (ط. المعارف) 12/192.
    (3) أ، ب: إن الله لو عذب. .
    (4) ن: أو أهل.
    (5) ن، م: خير من.
    (6) جاء هذا الحديث مرفوعا وموقوفا، وهو في المسند (ط. الحلبي) 5/185 عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - مرفوعا ونصه فيه:. . . عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من القدر فأتيت زيد بن ثابت فسألته فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار ". والحديث في سنن أبي داود 4/310 - 311 (كتاب السنة، باب في القدر) ونصه فيه:. . عن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: وقع في نفسي شيء من القدر، فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي، قال: لو أن الله عذب أهل سماواته. . . . ولو مت على غير هذا لدخلت النار. قال: ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك، والحديث في سنن ابن ماجه 1/29 - 30 (المقدمة، باب في القدر) . وصحح الألباني الحديث في صحيح الجامع الصغير 1/57 - 58. "
    ****************************** *
    وهذا قد يقال لأجل المناقشة في الحساب والتقصير في [حقيقة] الطاعة (1) ،
    وهو قول من يجعل الظلم مقدورا غير واقع، وقد يقال بأن الظلم لا حقيقة له، وأنه مهما قدر من الممكنات لم يكن ظلما. والتحقيق أنه إذا قدر أن الله فعل ذلك فلا يفعله إلا بحق، لا يفعله وهو ظالم، لكن إذا لم يفعله فقد يكون ظلما يتعالى الله عنه.
    [فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن الأنبياء غير معصومين]
    فصلوأما ما نقله عنهم أنهم يقولون: " إن الأنبياء غير معصومين " (2) فهذا الإطلاق نقل باطل عنهم.فإنهم متفقون على أن الأنبياء معصومون فيما يبلغونه عن الله



    (1) ن: في طاعته.
    (2) انظر ما سبق، ص 126.
    ******************************

    [تعالى] (1) ، وهذا هو مقصود الرسالة، فإن الرسول هو الذي يبلغ عن الله أمره ونهيه وخبره (2) ، وهم معصومون في تبليغ الرسالة (3) باتفاق المسلمين، بحيث لا يجوز أن يستقر في ذلك شيء من الخطأ.


    وتنازعوا هل يجوز أن يسبق على لسانه ما يستدركه الله تعالى ويبينه له بحيث لا يقره على الخطأ. كما نقل أنه ألقي على لسانه [صلى الله عليه وسلم] (4) : تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن (5) لترتجى؛ ثم إن الله تعالى نسخ ما ألقاه الشيطان وأحكم آياته. فمنهم من لم يجوز ذلك ومنهم من جوزه إذ لا محذور فيه؛ فإن الله [تعالى] (6) ينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته والله عليم حكيم، {ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد} [سورة الحج: 53] (7) .

    وأما قوله بل (8) قد يقع منهم الخطأ (9) "


    (1) تعالى: ليست في (ن) .
    (2) ب (فقط) : وغيره، وهو تحريف.
    (3) ن (فقط) : في تلك الرسالة.
    (4) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م، أ: شفاعتها.
    (6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) انظر خبر الغرانيق وتفسير الآية في تفسير الطبري 17/131 - 134، ط. بولاق، 1328؛ تفسير ابن كثير 5/438 - 442 (ط. الشعب) ؛ نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق، 1372/1952.
    (8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (9) انظر ما سبق، ص [0 - 9] 24.
    **************************

    فيقال له: هم متفقون على أنهم لا يقرون [على] (1) خطأ في الدين أصلا ولا على فسوق (2) ولا كذب، ففي الجملة كل ما يقدح في نبوتهم وتبليغهم عن الله فهم متفقون على تنزيههم عنه. وعامة الجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر يقولون: إنهم معصومون من الإقرار عليها، فلا يصدر عنهم ما يضرهم.


    كما جاء في الأثر: كان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة، والله يحب التوابين ويحب المتطهرين [سورة البقرة: 222] ، وإن العبد ليفعل السيئة فيدخل بها الجنة.
    وأما النسيان والسهو في الصلاة فذلك واقع منهم، وفي وقوعه حكمة استنان المسلمين بهم كما روي في موطأ مالك: " «إنما أنسى أو أنسى لأسن» " (3) . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - " «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني» " أخرجاه في الصحيحين (4) . «ولما صلى

    (1) على: ساقطة من (ن) فقط.
    (2) أ، ب: فسق.
    (3) الحديث في الموطأ 1/100 (كتاب السهو، باب العمل في السهو) ونصه فيه: " وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني لأنسى أو أنسى لأسن ". قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح في الأصول ".
    (4) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 1/85 (كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان) وأول الحديث فيه:. . . عن علقمة قال: قال عبد الله: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال إبراهيم: لا أدري زاد أم نقص فلما سلم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصلاة شيء؟ قال: " وما ذاك؟ " قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: " إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر مثلكم. . الحديث. وهو في مسلم 1/402 - 403 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له) ؛ سنن أبي داود 1/368 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/212، 6/52 - 53، 102.
    *****************************




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #70
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (68)
    صـ 473 إلى صـ 479



    بهم خمسا، فلما سلم قالوا: له [يا رسول الله] (1) أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسا» ، [فقال] الحديث (2) .
    وأما الرافضة فأشبهوا النصارى، فإن الله تعالى أمر الناس بطاعة الرسل فيما أمروا به، وتصديقهم فيما أخبروا به، ونهى الخلق عن الغلو والإشراك بالله، فبدلت النصارى دين الله، فغلوا في المسيح فأشركوا به، وبدلوا دينه فعصوه وعظموه فصاروا عصاة بمعصيته، وبالغوا فيه خارجين عن أصلي الدين وهما الإقرار لله بالوحدانية ولرسله بالرسالة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فالغلو أخرجهم عن التوحيد حتى قالوا بالتثليث والاتحاد، وأخرجهم عن طاعة الرسول وتصديقه حيث أمرهم أن يعبدوا الله ربه وربهم، فكذبوه في قوله: إن الله ربه وربهم (3) وعصوه فيما أمرهم به.


    (1) يا رسول الله: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) فقال: زيادة في (أ) ، (ب) والحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في البخاري 2/68 (كتاب السهو، باب إذا صلى خمسا) ؛ مسلم 1/401 - 402 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة) ؛ سنن أبي داود 1/369 (كتاب الصلاة، باب إذا صلى خمسا) ؛ سنن ابن ماجه 1/380 (كتاب إقامة الصلاة، باب من صلى الظهر خمسا وهو ساه) ؛ المسند (ط. المعارف) 5/193 - 194.
    (3) وربهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .

    *****************************
    وكذلك الرافضة غلوا في الرسل، بل في الأئمة، حتى اتخذوهم أربابا من دون الله، فتركوا عبادة الله وحده لا شريك له التي أمرهم بها الرسل، وكذبوا الرسول فيما أخبر به (1) من توبة الأنبياء واستغفارهم، فتجدهم يعطلون المساجد التي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فلا يصلون فيها جمعة ولا جماعة، وليس لها عندهم كبير (2) حرمة، وإن صلوا فيها صلوا فيها وحدانا، ويعظمون المشاهد المبنية (3) على القبور فيعكفون عليها مشابهة للمشركين، ويحجون إليها كما يحج الحاج إلى البيت العتيق، ومنهم من يجعل الحج إليها أعظم من الحج إلى الكعبة، بل يسبون من لا يستغني بالحج إليها عن الحج الذي فرضه الله على عباده، ومن لا يستغني بها عن الجمعة والجماعة.

    وهذا من جنس دين النصارى والمشركين الذين يفضلون عبادة الأوثان على عبادة الرحمن. وقد ثبت في الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» " (4) . وقال قبل أن يموت بخمس: «إن من كان قبلكم كانوا

    (1) ن، م: الرسل فيما أخبروا به.
    (2) ن، م: كثير.
    (3) ن، م: الميلامه، وهو تحريف.
    (4) يحذر ما فعلوا ن، م: ما صنعوا. والحديث مع اختلاف يسير في اللفظ - عن عائشة وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - في البخاري 1/91 (كتاب الصلاة، باب حدثنا أبو اليمامة. .) . وهو عن عائشة - رضي الله عنها - في البخاري 2/88 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) 2/88، 102 - 103 (كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، باب ما جاء في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. .) ؛ مسلم 1/376 377 (كتاب المساجد ومواضع الصلاة فيها، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في البناء على القبر) ؛ سنن النسائي 2/33 (كتاب المساجد، باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد) ، 5/78 (كتاب الجنائز، باب اتخاذ القبور مساجد) . والحديث في سنن الدارمي وفي الموطأ وفي المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] حديث رقم 1884، ج [0 - 9] 4 حديث رقم 7818 وفي مواضع أخرى

    ***************************
    يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» ". رواه مسلم (1) . وقال: " «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد» " رواه [الإمام] أحمد وابن حبان (2) في صحيحه (3) وقال " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ". رواه مالك في الموطأ (4) .


    (1) الحديث عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - في مسلم 1/377 - 378 (كتاب المساجد. .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . .) ونصه فيه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمس وهو يقول: " إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك ".
    (2) أ، ب: رواه الإمام وابن حبان؛ ن، م: رواه أحمد وابن حبان.
    (3) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - في المسند (ط. المعارف) 5/324، 6/90، 162. وصحح المحقق - رحمه الله - الحديث في كل هذه المواضع وقال 5/324: وهو في مجمع الزوائد 2/27 وقال (أي الهيثمي) : " رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن " وهو فيه أيضا 8/13 وقال: " رواه البزار بإسنادين، في أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح " وجاء الجزء الأول من الحديث إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -. . وهم أحياء في البخاري 9/49 (كتاب الفتن، باب ظهور الفتن) .
    (4) الحديث في الموطأ 1/172 (كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة) ونصه فيه:. . عن عطاء بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد "، قال المحقق: " قال ابن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث ". وجاء حديث مرفوع بألفاظ مقاربة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " وصحح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - الحديث وانظر تعليقه المطول.

    **************************
    وقد صنف شيخهم ابن النعمان، المعروف عندهم بالمفيد -[وهو شيخ الموسوي والطوسي] (1) - كتابا سماه: " مناسك المشاهد " جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج [الكعبة] (2) البيت الحرام الذي جعله الله قياما للناس، وهو أول بيت وضع للناس فلا يطاف إلا به، ولا يصلى إلا إليه (3) ولم يأمر الله إلا بحجه (4) .

    وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر بما ذكروه من أمر المشاهد، ولا شرع لأمته مناسك عند قبور الأنبياء والصالحين، بل هذا من دين المشركين الذين قال الله فيهم: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} [سورة نوح: 23] قال ابن عباس [وغيره] : (5) هؤلاء كانوا قوما صالحين في

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وانظر ترجمة المفيد والموسوي والطوسي فيما سبق، ص 56 ت [0 - 9] ، 3، 4.
    (2) الكعبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (3) ن، م: إلا له.
    (4) أ، ب: ولم يأمر إلا بحجه.
    (5) وغيره: زيادة في (أ) ، (ب) .

    ************************
    قوم نوح لما ماتوا عكفوا على قبورهم، فطال عليهم الأمد، فصوروا تماثيلهم ثم عبدوهم. (1)

    وقد ثبت في الصحيح (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال: " لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» " (3) . [وقد ثبت في] صحيح مسلم وغيره (4) عن أبي الهياج الأسدي قال: قال [لي] (5) علي بن أبي طالب: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته» (6) . فقرن بين طمس التماثيل وتسوية القبور المشرفة؛ لأن كليهما (7) ذريعة إلى

    (1) الأثر مروي بمعناه عن ابن عباس في البخاري 6/16 (كتاب التفسير، سورة (إنا أرسلنا) . وانظر تفسير ابن كثير لآية 23 من سورة نوح.
    (2) عبارة " في الصحيح ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) الحديث عن أبي مرثد الغنوي - رضي الله عنه - في مسلم 2/668 (كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه) ؛ سنن أبي داود 3/294 (كتاب الجنائز، باب في كراهية القعود على القبر) ؛ سنن الترمذي 2/257 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في كراهية الوطء على القبور والجلوس عليها) ؛ سنن النسائي 2/53 (كتاب القبلة، باب النهي عن الصلاة إلى القبر) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/135.
    (4) ن، م: وفي صحيح مسلم وغيره.
    (5) لي: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) الحديث عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في مسلم 2/666 - 667 (كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر) ؛ سنن أبي داود 3/291 (كتاب الجنائز، باب في تسوية القبر) ؛ سنن الترمذي 2/256 (كتاب الجنائز، باب ما جاء في تسوية القبر) ؛ سنن النسائي 4 (كتاب الجنائز، باب تسوية القبور إذا رفعت) ؛ المسند (ط. المعارف) 2/105، 236 - 237.
    (7) ن، م، أ: لأن كلاهما. والمثبت من (ب) وهو الصواب.

    **********************
    الشرك كما في الصحيحين أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأينها بأرض الحبشة. وذكرتا من حسنها وتصاوير فيها، فقال: " إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " (1) .

    والله أمر في كتابه (2) بعمارة المساجد، ولم يذكر المشاهد. فالرافضة بدلوا دين الله فعمروا المشاهد، وعطلوا المساجد، مضاهاة للمشركين، ومخالفة للمؤمنين.
    قال تعالى {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد} [سورة الأعراف: 29] لم يقل: عند كل مشهد. وقال: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون - إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين} [سورة التوبة: 17، 18] ولم يقل: إنما يعمر (3) مشاهد الله، بل عمار المشاهد يخشون بها غير الله ويرجون غير الله (4) .

    (1) الحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن عائشة عن أم حبيبة وأم سلمة - رضي الله عنهن - في البخاري 1/89 \ 90 - 91 (كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية. . .، باب في الصلاة في البيعة) ، 2/90 - 91 (كتاب الجنائز، باب بناء المسجد على القبر) ؛ مسلم 1/375 - 376 (كتاب المساجد. . .، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/51.
    (2) ن، م: في كتابه أمر. .
    (3) عبارة " إنما يعمر ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: ويرجون غيره.

    *****************************
    وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [سورة الجن: 18] ولم يقل: وأن المشاهد [لله. وقال: {ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} [سورة الحج: 40] ولم يقل: ومشاهد] (1) . وقال: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال - رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} [سورة النور 36، 37] (2) .

    وأيضا فقد علم بالنقل المتواتر، بل علم بالاضطرار (3) من دين الإسلام، أن رسول الله (4) - صلى الله عليه وسلم - شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات، والاجتماع للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة والعيدين وغير ذلك، وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح (* لا من أهل البيت ولا غيرهم، لا مسجدا (5) ولا مشهدا. ولم يكن على عهده - صلى الله عليه وسلم - *) (6) في الإسلام مشهد (6 مبني على قبر، وكذلك على عهد خلفائه الراشدين وأصحابه الثلاثة وعلي بن أبي طالب ومعاوية، لم يكن على عهدهم مشهد 6) (7) مبني لا على قبر نبي ولا غيره، لا على قبر إبراهيم الخليل ولا على (8) غيره.

    (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (2) في (أ) ، (ب) : ويذكر فيها اسمه. . . الآية.
    (3) أ، ب:. . المتواتر وبالاضطرار.
    (4) أ، ب: أن الرسول. .
    (5) أ، ب: من أهل البيت ولا غيره مسجدا.
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
    (7) (6 - 6) ساقط من (أ) ، (ب) .
    (8) على: زيادة في (ن) .

    ******************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #71
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (69)
    صـ 480 إلى صـ 486



    بل لما قدم المسلمون إلى الشام غير مرة، ومعهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم، ثم (1) لما قدم عمر لفتح بيت المقدس، ثم لما قدم لوضع الجزية على أهل الذمة ومشارطتهم، ثم لما قدم إلى سرغ (2) ، ففي جميع هذه المرات (3) لم يكن أحدهم يقصد السفر إلى قبر (4) الخليل، ولا كان هناك مشهد، بل كان هناك البناء المبني على المغارة، وكان مسدودا (5) بلا باب [له] (6) مثل حجرة (7) النبي - صلى الله عليه وسلم -.
    ثم لم يزل الأمر هكذا في خلافة بني أمية وبني العباس، إلى أن ملك النصارى تلك البلاد في أواخر المائة الخامسة، فبنوا ذلك البناء واتخذوه كنيسة [ونقبوا باب البناء؛ فلهذا تجد الباب منقوبا لا مبنيا] (8) ، ثم لما استنقذ المسلمون منهم تلك الأرض اتخذها من اتخذها مسجدا.
    بل كان الصحابة إذا رأوا أحدا بنى مسجدا على قبر نهوه عن ذلك، ولما ظهر قبر دانيال بتستر (9) كتب فيه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه -


    (1) ثم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) في معجم البلدان: هو أول الحجاز وآخر الشام بين المغيثة وتبوك من منازل حاج الشام.
    (3) ن، م: المراتب.
    (4) ن: قرية.
    (5) أ، ب: مدورا.
    (6) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (7) ن، م: حجر.
    (8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) .
    (9) في معجم البلدان: تستر. . أعظم مدينة بخوزستان.
    ******************************
    إلى عمر - رضي الله عنه -، فكتب إليه عمر أن تحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا، وتدفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به (1) .

    وكان عمر بن الخطاب إذا رآهم يتناوبون مكانا يصلون فيه لكونه موضع نبي ينهاهم عن ذلك، ويقول: إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ آثار أنبيائهم مساجد، من أدركته الصلاة فيه فليصل (2) وإلا فليذهب.
    فهذا وأمثاله مما كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل الله به الرسول إليهم، ويتبعون في ذلك سنته - صلى الله عليه وسلم -.
    والإسلام مبني على أصلين: أن لا تعبد إلا الله، وأن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع.
    فالنصارى خرجوا عن الأصلين، وكذلك المبتدعون من هذه الأمة من الرافضة وغيرهم.
    وأيضا، فإن النصارى يزعمون أن الحواريين الذين اتبعوا المسيح أفضل من إبراهيم وموسى وغيرهما من الأنبياء والمرسلين، ويزعمون أن الحواريين رسل شافههم الله بالخطاب؛ لأنهم يقولون: إن الله هو المسيح، ويقولون أيضا: إن المسيح ابن الله.
    والرافضة تجعل الأئمة الاثني عشر أفضل من السابقين الأولين من


    (1) هذه الواقعة ذكرها الطبري في كلامه عن فتح السوس في حوادث السنة السابعة عشر، كما ذكرها البلاذري (أحمد بن يحيى بن جابر) في الكلام عن فتح السوس، ص [0 - 9] 86 (الطبعة الأولى، القاهرة) 1319/1901.
    (2) ن، م: فليفعل.
    ******************************
    المهاجرين والأنصار، وغاليتهم يقولون: إنهم أفضل من الأنبياء لأنهم يعتقدون فيهم الإلهية كما اعتقدته النصارى في المسيح.

    والنصارى يقولون: إن الدين مسلم للأحبار والرهبان، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه.
    (1 والرافضة تزعم أن الدين مسلم إلى الأئمة، فالحلال ما حللوه والحرام ما حرموه، والدين ما شرعوه 1) (1) .
    وأما من دخل في غلوة الشيعة كالإسماعيلية الذين يقولون بإلهية الحاكم ونحوه من أئمتهم، ويقولون: إن محمد بن إسماعيل نسخ (2) شريعة محمد بن عبد الله، وغير ذلك من المقالات التي هي من مقالات الغالية (3) من الرافضة، فهؤلاء شر من أكثر الكفار من اليهود والنصارى والمشركين، وهم ينتسبون إلى الشيعة يتظاهرون بمذاهبهم (4) .
    [اعتراض: الغلو موجود في كثير من المنتسبين إلى السنة والرد عليه]
    فإن قيل: ما وصفت به الرافضة من الغلو والشرك والبدع موجود كثير منه في كثير من المنتسبين إلى السنة، فإن في كثير منهم غلوا في مشايخهم وإشراكا بهم وابتداعا لعبادات غير مشروعة، وكثير منهم يقصد قبر من يحسن الظن به: إما ليسأله حاجاته (5) وإما ليسأل الله به حاجة (6) ، وإما لظنه أن الدعاء عند قبره أجوب منه في المساجد.


    (1) (1 - 1) موجود في (ن) ولكن عليه شطب.
    (2) أ، ب: شيخ، وهو خطأ.
    (3) ب: من المقالات التي هي من الغالية.
    (4) ن، م: بمذهبهم.
    (5) ن، م: حاجة. .
    (6) حاجة: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
    **************************
    ومنهم (1) من يفضل زيارة قبور شيوخهم على الحج، ومنهم من يجد عند قبر من يعظمه من الرقة والخشوع ما لا يجده في المساجد والبيوت، وغير ذلك مما يوجد في الشيعة.

    ويروون أحاديث مكذوبة من جنس أكاذيب الرافضة، مثل قولهم: لو أحسن أحدكم ظنه بحجر نفعه الله به. وقولهم: إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور. وقولهم: قبر فلان هو الترياق المجرب.
    ويروون عن بعض شيوخهم أنه قال لصاحبه: إذا كان لك حاجة فتعال إلى قبري واستغث بي، ونحو ذلك، فإن في المشايخ من يفعل بعد مماته كما كان يفعل في حياته. وقد يستغيث الشخص بواحد منهم، فيتمثل له الشيطان في صورته: إما حيا وإما ميتا، وربما قضى حاجته أو [قضى بعض حاجته] (2) ، كما يجري نحو ذلك للنصارى مع شيوخهم، ولعباد الأصنام من العرب والهند والترك وغيرهم.
    قيل: هذا كله مما نهى الله عنه ورسوله، وكل ما نهى الله عنه ورسوله فهو مذموم منهي عنه، سواء كان فاعله منتسبا إلى السنة أو إلى التشيع، ولكن الأمور المذمومة المخالفة للكتاب والسنة في هذا وغيره هي في الرافضة أكثر منها في أهل السنة، [فما يوجد في أهل السنة] (3) من الشر ففي الرافضة أكثر منه، وما يوجد في الرافضة من الخير ففي أهل السنة أكثر منه.


    (1) أ، ب: وفيهم.
    (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    ****************************
    وهذا حال أهل الكتاب مع المسلمين: فما يوجد في المسلمين شر إلا وفي أهل الكتاب أكثر منه، ولا يوجد في أهل الكتاب خير إلا وفي المسلمين أعظم منه.

    ولهذا يذكر سبحانه مناظرة الكفار من المشركين وأهل الكتاب بالعدل، فإن ذكروا عيبا في المسلمين لم يبرئهم منه، لكن يبين أن عيوب الكفار أعظم.
    كما قال [تعالى] (1) : {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} ثم قال: {وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل} [سورة البقرة: 217] .
    وهذه الآية نزلت لأن سرية من المسلمين ذكر أنهم قتلوا ابن الحضرمي في آخر يوم من رجب، فعابهم المشركون بذلك، فأنزل الله هذه الآية. (2) .
    وقال تعالى: {قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون - قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل} [سورة المائدة: 59، 60] (3) ، أي من لعنه الله وجعل منهم الممسوخين وعبدة


    (1) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) انظر تفسير الآية، وخبر مقتل عمرو بن الحضرمي في تفسير الطبري (طبعة المعارف بتحقيق الأستاذ محمود شاكر) 4/299 - 315.
    (3) ن، م: وعبد الطاغوت. . الآية.
    ****************************

    الطاغوت فـ: " جعل " معطوف على " لعن "، ليس المراد: وجعل (1) منهم من عبد الطاغوت، كما ظنه بعض الناس، فإن اللفظ لا يدل على ذلك والمعنى لا يناسبه، فإن المراد ذمهم على ذلك لا الإخبار بأن الله جعل فيهم من يعبد الطاغوت، إذ مجرد الإخبار بهذا لا ذم فيه لهم (2) ، بخلاف جعله منهم القردة والخنازير فإن ذلك عقوبة منه لهم على ذنوبهم وذلك خزي لهم (3) ، فعابهم بلعنة الله وعقوبته بالشرك الذي فيهم وهو عبادة الطاغوت. (4) .

    والرافضة فيهم من لعنة الله وعقوبته بالشرك ما يشبهونهم به من بعض الوجوه، فإنه قد ثبت بالنقول المتواترة أن فيهم من يمسخ كما مسخ (5) أولئك. وقد صنف الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد [المقدسي] (6) كتابا سماه: " النهي عن سب الأصحاب، وما ورد فيه من


    (1) وجعل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: لازم لهم فيه، وهو خطأ.
    (3) لهم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) انظر وجوه تأويل هاتين الآيتين في تفسير الطبري 10/433 - 444؛ القرطبي (طبعة دار الكتب، القاهرة 1357/1938) ، 6/233 - 236.
    (5) ن، م: كما يمسخ.
    (6) المقدسي: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو الإمام العالم الحافظ الحجة، محدث الشام، شيخ السنة، ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي، ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد سنة 569، وتوفي سنة 643. ترجمته في تذكرة الحفاظ 4/190 - 192؛ شذرات الذهب 5/225 - 226؛ الذيل لابن رجب 2/236 - 240 (وذكر من كتبه، ص [0 - 9] 39: كتاب " النهي عن سب الأصحاب " جزء) ؛ الأعلام 7/134.
    *************************

    الذم والعقاب " وذكر فيه حكايات (1 معروفة في ذلك، وأعرف أنا حكايات 1) (1) أخرى لم يذكرها هو.

    وفيهم من الشرك والغلو ما ليس في سائر طوائف الأمة؛ ولهذا أظهر ما يوجد الغلو في طائفتين: في النصارى والرافضة. ويوجد أيضا في طائفة ثالثة من أهل النسك والزهد والعبادة الذين يغلون في شيوخهم ويشركون بهم. (2)
    [فصل الرد على قول الرافضي إنهم يقولون إن النبي لم ينص على إمامة أحد وإنه مات عن غير وصية]
    [النصوص الدالة على استحقاق أبي بكر الخلافة]
    فصل
    وأما قوله عن أهل السنة:.
    إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد (3) وإنه مات عن غير وصية (4) .
    فالجواب أن يقال: ليس هذا قول جميعهم، بل قد ذهبت طوائف من أهل السنة إلى أن إمامة أبي بكر ثبتت بالنص (5) ، والنزاع في ذلك معروف في مذهب أحمد وغيره [من الأئمة] (6) .


    (1) (1 - 1) ساقط من (م) .
    (2) ن، م:. . . ويشركون بهم والله أعلم.
    (3) ن: واحد.
    (4) انظر ما سبق ص 126.
    (5) في هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " مطلب في ثبوت الخلافة لأبي بكر بالنص ".
    (6) من الأئمة: ساقط من (ن) ، (م) .
    ****************************** ****




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #72
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (70)
    صـ 487 إلى صـ 493



    وقد ذكر القاضي أبو يعلى (1) في ذلك روايتين عن [الإمام] (2) أحمد: إحداهما أنها ثبتت بالاختيار (3) . قال: " وبهذا قال جماعة من أهل الحديث والمعتزلة والأشعرية "، وهذا اختيار القاضي أبي يعلى وغيره.
    والثانية: أنها ثبتت بالنص الخفي والإشارة [قال] (4) : " وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث " (5) وبكر بن أخت عبد الواحد (6) ، والبيهسية من الخوارج (7) .
    وقال شيخه أبو عبد الله بن حامد (8) : " فأما الدليل على استحقاق

    (1) أ، ب: أبو يعلى وغيره.
    (2) الإمام: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) ب: بالإخبار، وهو خطأ، والمثبت من (ن) وقد ذكر الذهبي في مختصره " المنتقى من منهاج الاعتدال " القراءة الصحيحة، ص 51 - 52، وانظر تعليق 2 ص 51.
    (4) قال: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (5) قال القاضي أبو يعلى في كتاب " المعتمد في أصول الدين "، ص 410: تحقيق د. وديع زيدان حداد، ط. بيروت 1974: " وطريق ثبوت الخلافة الاختيار من أهل الحل والعقد وليس طريق ثبوتها النص، وبهذا قال جماعة من أصحاب الحديث والمعتزلة والأشعرية، وروى عن أحمد - رحمه الله - كلاما يدل على أن خلافة أبي بكر ثبتت بالنص الخفي والإشارة، وبهذا قال الحسن البصري وجماعة من أهل الحديث ".
    (6) بكر ابن أخت عبد الواحد بن زيد؛ انظر الكلام على مذهبه في مقالات الإسلاميين 1/317 - 318؛ الفرق بين الفرق. ص 129.
    (7) ن، م: البنهسية، وهو خطأ، وهم أصحاب أبي بيهس الهيصم بن جابر، وهو أحد بني سعد بن ضبيعة، انظر الكلام على مذهبهم في مقالات الإسلاميين 1/177 - 182، الملل والنحل 1/113 - 115.
    (8) أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، له " الجامع " في مذهب الحنابلة وله " شرح الخرقي "، كان شيخا للقاضي أبي يعلى، كما ذكر ذلك ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة 2/176 - 177 (وانظر 2/171 - 177، 2/195) توفي سنة 403. وانظر ترجمته أيضا في تذكرة الحفاظ 3/1078 - 1079؛ المنتظم 7/263 - 264؛ الأعلام 2/201.

    ****************************** *******
    أبي بكر الخلافة دون غيره من أهل البيت والصحابة فمن كتاب الله وسنة نبيه ".


    قال: " وقد اختلف أصحابنا في الخلافة: هل أخذت من حيث النص أو الاستدلال؟ فذهب طائفة من أصحابنا إلى أن ذلك بالنص، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك نصا، وقطع البيان على عينه حتما. ومن أصحابنا من قال إن ذلك بالاستدلال الجلي ".
    قال ابن حامد: والدليل على إثبات ذلك بالنص أخبار.
    من ذلك ما أسنده البخاري، عن جبير بن مطعم، قال: «أتت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن ترجع إليه. فقالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت. قال: " إن لم تجديني فأتي أبا بكر» ".
    وذكر [له] (1) سياقا آخر (2) وأحاديث أخر. قال: وذلك نص على إمامته ".

    (1) له: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) الحديث عن جبير بن مطعم - رضي الله عنه - في البخاري 5/5 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا من أمتي خليلا) 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) 9/110 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الأحكام التي تعرف بالدلائل. . .) ؛ مسلم 4/1856 - 1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/82 - 83.

    ****************************** *****
    قال: وحديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» " (1) .


    قال: (2) " وأسند البخاري، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (3) «بينا أنا نائم (4) رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها (5) ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له (6) ، ثم استحالت غربا فأخذها عمر بن الخطاب فلم أر عبقريا يفري فريه (7) ، حتى ضرب الناس بعطن» (8) " قال: " وذلك نص في الإمامة ".

    (1) جاء الحديث بهذا اللفظ أحيانا، وجاء أحيانا أخرى بلفظ: " إني لا أدري ما قدر بقائي فاقتدوا باللذين. . . . الحديث. والحديث عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/271 - 272 (كتاب المناقب، باب منه) ، وقال الترمذي: " وفي الباب عن ابن مسعود. هذا حديث حسن "؛ سنن ابن ماجه 1/37 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/382، 399، \ 402، وصحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 1/372.
    (2) قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: قال.
    (4) ن، م: بين النائم واليقظان.
    (5) ن: عنها.
    (6) ب (فقط) : والله يغفر له ضعفه.
    (7) أ، ب: فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر.
    (8) جاء هذا الحديث عن أبي هريرة وعن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - بألفاظ متقاربة في عدة مواضع من البخاري: 5/6 (كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي لو كنت متخذا من أمتي خليلا. . . .) ، 9/38 - 39 (كتاب التعبير، باب نزع الماء من البئر حتى يروى الناس، باب نزع الذنوب والذنوبين من البئر بضعف، باب الاستراحة في المنام) ، 9/139 (كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة. . . قول الله تعالى: تؤتي الملك من تشاء. .) ؛ مسلم 4/1860 - 1862 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر. .) ؛ سنن الترمذي 3/369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) الأرقام: 4814، 4972، 5629، 5817، 5859، 16/103 (رقم 8222) 17/9 - 10 (رقم 8794) ، المسند (ط. الحلبي) 2/450. وسيرد الحديث مرة أخرى في هذا الجزء (ص 511) . والقليب هي البئر. وفي فتح الباري 7/38 - 39: " أنزع منها: أي أملأ بالدلو. قوله: فنزع ذنوبا أو ذنوبين بفتح المعجمة وبالنون وآخره موحدة: الدلو الكبير إذا كان فيها الماء. . . . " قوله: وفي نزعه ضعف: أي أنه على مهل ورفق. . . قوله: فاستحالت في يده غربا. . . أي دلوا عظيمة. قوله: فلم أر عبقريا. . . المراد به كل شيء بلغ النهاية، وأصله أرض يسكنها الجن ضرب بها العرب المثل في كل شيء عظيم. . . قوله: يفري. . . فريه. . .: ومعناه يعمل عمله البالغ. . . قوله: حتى ضرب الناس بعطن. . .: هو مناخ الإبل إذا شربت ثم صدرت ".

    ****************************** *****
    قال: " ويدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن مالك، وروى عن مسند أحمد، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (1) ، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما: " «أيكم رأى رؤيا؟ " فقلت: أنا رأيت يا رسول الله كأن ميزانا دلي من السماء، فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر، ثم وزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر، ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان، ثم رفع الميزان. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك لمن (2) يشاء» (3) ".



    (1) ن (فقط) : عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو خطأ.
    (2) ن، م: من.
    (3) ورد هذا الحديث في سنن أبي داود مرتين عن أبي بكرة - رضي الله عنه - الأولى منهما رواية صحيحة أولها: " من رأى منكم رؤيا؟ ". . الحديث وهو في سنن أبي داود 4/289 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/368 - 369 (كتاب الرؤيا، باب ما جاء في رؤيا النبي. . .) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن صحيح ". وجاء الحديث أيضا في المستدرك للحاكم 3/70 - 71 (كتاب معرفة الصحابة) ، 4/394 (كتاب تعبير الرؤيا) وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه " والرواية الثانية أولها بلفظ " أيكم رأى رؤيا؟ " وفيها الزيادة التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء " وهي في الصفحة التالية في سنن أبي داود 4/290 وقال المحقق عن هذا الحديث إن فيه علي بن زيد وهو ابن جدعان ولا يحتج بحديثه. وجاء الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/44، 50. وانظر المسند (ط. الحلبي) 4/63، 5/376. وسيرد هذا الحديث مرة أخرى في هذا الجزء إن شاء الله (ص 513) .

    ***************************
    قال: " وأسند أبو داود، عن جابر الأنصاري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر. " قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل (2) الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» (3) .


    قال: " ومن ذلك حديث صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عروة، «عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله

    (1) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (2) الرجل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/290 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) وأوله: " أري الليلة رجل صالح. . . الحديث. وقال الأستاذ المحقق في تعليقه: إنه حديث منقطع. والحديث في المسند (ط. الحلبي) 3/355؛ المستدرك للحاكم 3/71 - 72 (كتاب معرفة الصحابة) وقال الحاكم: " ولعاقبة هذا الحديث إسناد صحيح عن أبي هريرة ولم يخرجاه ". وقال الذهبي في " تلخيص المستدرك " ذيل 3: صحيح. وضعف الألباني الحديث في " ضعيف الجامع الصغير وزيادته " 1/260 - 261. "

    ******************************
    عليه وسلم - اليوم الذي بدئ (1) به فيه، فقال: " ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا ". ثم قال: " يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر» ". وفي لفظ: " «فلا يطمع في هذا الأمر طامع» ". وهذا الحديث في الصحيحين (2) .


    ورواه من طريق أبي داود الطيالسي، عن ابن أبي مليكة، «عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر لأكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس " (3) . ثم قال: " معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر» (4) ". وذكر أحاديث

    (1) به: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: في الصحيح. وجاء هذا الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين وفي المسند في عدة مواضع، وأقرب الروايات الرواية المذكورة هنا هي في المسند (ط. الحلبي) 6/144 ونصها: " حدثنا عبد الله حدثني أبي. . . عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الذي بدئ فيه، فقلت: وارأساه. فقال: " وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك " قالت: فقلت غيرى: كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك. قال: " وأنا وارأساه ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن. قال: " وأنا أولى. ويأبى الله - عز وجل - والمؤمنون إلا أبا بكر ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في البخاري 7/119 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. . .) وقال ابن حجر في " فتح الباري " 10/125: " وزاد في رواية عبيد الله: " ثم بدئ في وجهه الذي مات فيه - صلى الله عليه وسلم -) 9/80 - 81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 4/1857 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر الصديق. .) ؛ المسند (ط. الحلبي) 6/47، 106 (وفيها: لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع. .) .
    (3) الناس: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) الحديث في مسند أبي داود الطيالسي (طبعة حيدر أباد، 1321) ، ص [0 - 9] 10 - 211. وفيه: ثم قال: دعيه معاذ الله. . . إلخ.

    ****************************
    تقديمه في الصلاة، وأحاديث أخر لم أذكرها لكونها ليست مما يثبته (1) أهل الحديث.


    [أدلة ابن حزم على أن الرسول نص على خلافة أبي بكر نصا جليا]
    وقال أبو محمد بن حزم في كتابه في (2) " الملل والنحل " (3) اختلف الناس في الإمامة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت (4) طائفة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحدا، ثم اختلفوا (5) فقال بعضهم: [لكن] (6) لما استخلف أبا بكر (7) على الصلاة كان ذلك دليلا على أنه أولاهم بالإمامة والخلافة على الأمر (8) . وقال بعضهم: لا، ولكن كان أبينهم (9) فضلا فقدموه لذلك.
    وقالت طائفة: بل نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استخلاف أبي بكر بعده على أمور الناس نصا جليا.
    قال أبو محمد: وبهذا نقول لبراهين، أحدها إطباق الناس كلهم،

    (1) ن (فقط) : يبينه.
    (2) في ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) الفصل في الملل والأهواء والنحل " والكلام التالي في 4/176 تحقيق د. محمد إبراهيم نصر، د. عبد الرحمن عميرة، ط. عكاظ، الرياض 1/402 \ 1982.
    (4) : ف الفصل: قد اختلف الناس في هذا فقالت. .
    (5) ثم اختلفوا: ليست في (ف) .
    (6) لكن: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) ف: أبا بكر - رضي الله عنه -
    (8) ف: الأمور.
    (9) أبينهم: كذا في (م) ، (ف) ، وفي (ن) ، (م) ، (أ) : أثبتهم.
    *****************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #73
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (71)
    صـ 494 إلى صـ 500

    وهم الذين قال الله فيهم: {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون} [سورة الحشر: 8] .
    فقد اتفق (1) هؤلاء الذين شهد الله لهم بالصدق وجميع إخوانهم من الأنصار - رضي الله عنهم - على أن سموه خليفة رسول - الله صلى الله عليه وسلم -.

    ومعنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه المرء لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه [هو] (2) ، لا يجوز غير هذا ألبتة في اللغة بلا خلاف. تقول: (3) استخلف فلان فلانا يستخلفه فهو خليفة (4) ومستخلفه، فإن قام مكانه دون أن يستخلفه (5) لم يقل إلا: خلف فلان فلانا يخلفه فهو خالف.

    قال (6) : " ومحال أن يعنوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضرورين: أحدهما: أنه لم (7) يستحق أبو بكر قط (8) هذا الاسم على


    (1) ف: أصفق، وهي بمعنى اتفق، انظر اللسان، مادة: صفق.
    (2) هو: ساقطة من (ن) ، (م) وهو في (ف) .
    (3) ن، أ: يقول؛ ب: يقال.
    (4) أ، ب: خليفته.
    (5) ف: يستخلفه هو.
    (6) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (7) م: لا، وهو خطأ.
    (8) قط: من (م) . وفي (ف) : رضي الله عنه قط.
    ****************************** **

    الإطلاق في حياة رسول الله (1) - صلى الله عليه وسلم -، وهو حينئذ خليفته [على الصلاة] (2) ، فصح [يقينا] (3) أن خلافته المسمى بها (4) هي غير خلافته على الصلاة.


    والثاني أن كل من استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته كعلي في غزوة تبوك، وابن أم مكتوم في غزوة الخندق، وعثمان بن عفان في غزوة ذات الرقاع، وسائر من استخلفه على البلاد باليمن والبحرين والطائف وغيرها، لم يستحق أحد منهم قط بلا خلاف بين أحد من الأمة (5) أن يسمى خليفة رسول الله [صلى الله عليه وسلم] (6) ، فصح يقينا بالضرورة التي لا محيد عنها أنها الخلافة (7) بعده على أمته.

    ومن المحال (8) أن يجمعوا على ذلك وهو (9) لم يستخلفه نصا، ولو لم يكن هاهنا (10) إلا استخلافه في الصلاة (11) لم يكن (12) أبو بكر أولى بهذه التسمية (13) من سائر من ذكرنا (14) ".

    (1) ن، أ، ب: النبي.
    (2) ن، م، أ، ب: وهو حينئذ خليفة، والصواب ما أثبته وهو الذي في (ف) .
    (3) يقينا: ساقطة من (ن) ، وهي في (ف) .
    (4) ف: هو بها.
    (5) ف 4/177: من أحد من الأمة؛ ن، م: بين أهل العلم.
    (6) ف:. . . . صلى الله عليه وسلم على الإطلاق. وسقطت " صلى الله عليه وسلم " من (ن) .
    (7) ف: للخلافة.
    (8) ف: ومن الممتنع.
    (9) ف: وهو عليه السلام.
    (10) ن، م: هنا.
    (11) ف: استخلافه إياه على الصلاة.
    (12) ف: ما كان.
    (13) ب: بهذا الاسم؛ أ: بهذا اسمه، وهو تحريف.
    (14) ف: من غيره ممن ذكرنا.
    ******************************

    قال (1) : " وأيضا فإن الرواية قد صحت «أن (2) امرأة قالت: يا رسول الله أرأيت إن رجعت فلم (3) أجدك؟ كأنها تعني (4) الموت. قال: فأتى أبا بكر» " قال (5) : " وهذا نص جلي على استخلاف أبي بكر ".


    قال (6) : " وأيضا فإن الخبر قد جاء من الطرق الثابتة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة (7) في مرضه الذي توفي فيه (8) : " لقد هممت أن أبعث إلى أبيك وأخيك، وأكتب كتابا وأعهد عهدا، لكيلا (9) يقول قائل: أنا أحق، أو يتمنى متمن، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» (10) .

    (* وروي (11) : «ويأبى الله ورسوله والمؤمنون [إلا أبا بكر» ] (12) *) (13) . وروي


    (1) بعد الكلام السابق في (ف) بجملة هي: " وهذا برهان ضروري نعارض به جميع الخصوم ".
    (2) ف: بأن.
    (3) ف: ولم.
    (4) ف: تريد.
    (5) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (6) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (7) ف: لعائشة - رضي الله عنها -.
    (8) توفي فيه عليه السلام.
    (9) ن، م: لئلا.
    (10) (10 - 10) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    (11) وروي: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (12) إلا أبا بكر: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (13) ما بين النجمتين ساقط من (ف) فقط.

    ***************************
    [أيضا] (1) : «ويأبى الله والنبيون إلا أبا بكر» " قال: (2) " فهذا نص جلي على استخلافه - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر على ولاية الأمة " بعده.

    قال (3) : " واحتج من قال: لم يستخلف [أبا بكر] (4) بالخبر المأثور عن عبد الله بن عمر عن عمر (5) ، أنه قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني - يعني أبا بكر - وإلا أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبما روي عن عائشة [رضي الله عنها] (6) إذ (7) سئلت: من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا لو استخلف؟ (8) ".

    (1) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (3) بعد الكلام السابق (ف) بثلاثة أسطر.
    (4) (أبا بكر) ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) الحديث عن ابن عمر - رضي الله عنهما - في البخاري 9/81 (كتاب الأحكام، باب الاستخلاف) ؛ مسلم 3/1454 - 1455 (كتاب الإمارة، باب الاستخلاف وتركه) ؛ سنن أبي داود 3/184 (كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب الخليفة يستخلف) : سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث صحيح وقد روي من غير وجه عن ابن عمر "؛ المسند (ط. المعارف) 2/284، 323، 333.
    (6) رضي الله عنها: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (7) أ، ب: أنها.
    (8) هذا الأثر عن عائشة - رضي الله عنها - في مسلم 4/1856 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) وتمامه فيه:. . . قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر. ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا. والأثر بمعناه في المسند (ط. الحلبي) 6/63.
    ****************************** ***
    قال (1) " ومن المحال (2) أن يعارض إجماع الصحابة الذي (3) ذكرنا عنهم (4) ، والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لفظه، بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة (5) - رضي الله عنهما - (6) مما لا تقوم به (7) حجة ظاهرة (8) ، من أن (9) هذا الأثر خفي على عمر (10) كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالاستئذان (11)


    (1) بعد الكلام السابق مباشرة في (ف) .
    (2) ف: فمن المحال.
    (3) ن، م: الذين.
    (4) عنهم: ليست في (ن) .
    (5) ن، م: عائشة وعمر.
    (6) رضي الله عنهما: ليست في (أ) ، (ب) .
    (7) ن، ف: يقوم به.
    (8) ظاهرة: ساقطة من (ف) ، وبدلا منها عبارة زائدة وهي: " مما له وجه ظاهر ".
    (9) أ، ب: مع أن. والمثبت من (ن) ، (ف) 4/178. وسقطت (أن) من (م) .
    (10) ف: عمر - رضي الله عنه -.
    (11) في البخاري 8/54 - 55 (كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثا) عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور، فقال: استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، فقال: ما منعك؟ قلت: استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع ". فقال: " والله لتقيمن عليه بينة. أمنكم أحد سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك. وهذا الحديث في مسلم 3/1695 - 1696 (كتاب الآداب، باب الاستئذان) ؛ الموطأ 2/964 (كتاب الاستئذان، باب الاستئذان) بألفاظ متقاربة وجاء حديث بمعناه قبله مباشرة 2/963 عن أبي موسى الأشعري ونصه: " الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك فادخل، وإلا فارجع ".
    ***************************
    وغيره، أو أنه (1) أراد استخلافا بعهد مكتوب، ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر (2) لم يكن بعهد مكتوب (3) .

    وأما الخبر في ذلك عن عائشة (4) فكذلك أيضا (5) . وقد يخرج كلاهما (6) على سؤال سائل، وإنما الحجة في روايتهما لا في قولهما (7) . ".
    قلت: والكلام في تثبيت خلافة أبي بكر وغيره مبسوط في غير هذا الموضع، وإنما المقصود هنا البيان لكلام الناس في خلافته: هل حصل عليها نص جلي أو نص خفي؟ (8) وهل ثبتت بذلك أو بالاختيار من أهل الحل والعقد؟
    فقد تبين أن كثيرا من السلف والخلف قالوا فيها بالنص الجلي أو الخفي، وحينئذ فقد بطل قدح الرافضي في أهل السنة بقوله: إنهم يقولون: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينص على إمامة أحد، وأنه مات من غير وصية، وذلك (9) أن هذا القول لم يقله جميعهم، فإن كان

    (1) أ، ب: وأنه.
    (2) أ، ب: أن استخلافه.
    (3) ف: بكتاب.
    (4) أ، ب: عائشة - رضي الله عنها -.
    (5) ف: نصا، وهو خطأ.
    (6) ن، م: كل منهما؛ ف: كلامها.
    (7) ف، ن: في روايتها لا في قولها؛ م: في رواتها، وهو تحريف.
    (8) أ، ب: نص خفي أو جلي؟
    (9) أ، ب: وكذلك.
    *****************************
    حقا فقد قاله بعضهم، وإن كان الحق هو نقيضه فقد قال بعضهم ذلك. فعلى التقديرين لم يخرج الحق عن أهل السنة.

    [قول الراوندية بالنص على خلافة العباس]
    وأيضا فلو قدر أن القول بالنص هو الحق لم يكن في ذلك حجة للشيعة، فإن الراوندية (1) تقول بالنص على العباس كما قالوا هم بالنص على علي.

    قال القاضي أبو يعلى وغيره: " واختلف الراوندية فذهب جماعة منهم إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على العباس بعينه واسمه، وأعلن ذلك وكشفه وصرح به، وأن الأمة جحدت (2) هذا النص وارتدت وخالفت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) عنادا. ومنهم من قال: إن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة " (4) يعني هو نص خفي.

    فهذان قولان للراوندية كالقولين للشيعة، فإن الإمامية تقول: إنه نص على [علي بن أبي طالب]- رضي الله عنه - (5) من طريق التصريح والتسمية

    (1) سبقت الإشارة من قبل ص 14 ت 4 إلى الراوندية القائلين بإمامة العباس بن عبد المطلب وإلى ما ذكره الأشعري عنهم في المقالات 1/94، والرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين، ص 63. وسيرد بعد قليل كلام ابن حزم عنهم في الفصل 4/154.
    (2) أ، ب: كفرت.
    (3) أ، ب: أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
    (4) يقول القاضي أبو يعلى في كتابه " المعتمد في أصول الدين " ص 223: " وذهب قوم من الراوندية إلى أن النص على العباس وولده من بعده إلى أن تقوم الساعة ".
    (5) ن، م: علي - رضي الله عنه -، أ، ب: علي بن أبي طالب.
    ****************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #74
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (72)
    صـ 501 إلى صـ 507


    بأن هذا هو الإمام من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا. والزيدية (1) تخالفهم في هذا.
    ثم من الزيدية من يقول: إنما نص عليه بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» (2) ، «وأنت مني بمنزلة هارون من موسى» (3) ، وأمثال ذلك من النص

    (1) ن، م: والراوندية، وهو خطأ. وسبق الكلام على الزيدية (انظر مثلا: ص [0 - 9] 4 - 35؛ وانظر ت 9 ص 35) وانظر عنهم أيضا: مقالات الإسلاميين 1/129 - 141؛ الملل والنحل 1/137 - 143؛ الفرق بين الفرق، ص 19، 22 - 25.
    (2) الحديث في سنن الترمذي 5/297 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب. . .) ونصه: حدثنا محمد بن بشار. . قال: سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي سريحة أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ". قال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب. وروى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه. وأبو سريحة هو حذيفة بن أسيد صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - ". وصحح الألباني الحديث في تعليقه على " مشكاة المصابيح " للتبريزي 3/243، وعلق على عبارة، شك شعبة. بقول: " قلت: وهو في المسند عن زيد بدون شك ". كما صحح الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 5/353، والحديث عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في سنن ابن ماجه 1/45 (المقدمة، فضل علي. . .) ؛ المسند (ط. المعارف) عن علي - رضي الله عنه -: الأرقام: 641 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 950، 951، 952، 961، 964 (ضعف أحمد شاكر سنده) ، 1310، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، رقم 3062، (ط. الحلبي) عن البراء - رضي الله عنه - 4/281، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - 4/368، 370، 372، 372 - 372، عن بريدة - رضي الله عنه - 5/361، عن خمسة أو ستة من الصحابة 5/366، عن زيد بن أرقم 5/370، عن أبي أيوب الأنصاري مع طائفة من الأنصار 5/419، وجاء الحديث في كتاب " فضائل الصحابة " للإمام أحمد بن حنبل (تحقيق وصي الله بن محمد بن عباس) ، إصدار جامعة أم القرى 1403/1983) الأرقام: 947، 959، 1007، 1021، 1048، 1167، 1177، 1206.
    (3) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - في البخاري 5/19 (كتاب فضائل أصحاب النبي. . .، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ مسلم 4/1871 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب) ؛ سنن الترمذي 5/301 - 302 (كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب) ؛ سنن ابن ماجه 1/42 - 43، 45 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فضل علي بن أبي طالب. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 3/97. والحديث في " فضائل الصحابة " الأرقام: 954، 957، 1030، 1045، 1091، 1143، 1153.
    ******************************
    الخفي الذي يحتاج إلى تأمل لمعناه. وحكي عن الجارودية من الزيدية (1) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على علي بصفة لم تكن توجد إلا فيه، لا من جهة التسمية.

    فدعوى الراوندية في النص من جنس دعوى الرافضة، وقد ذكر في الإمامية أقوال أخر.
    قال [أبو محمد] بن حزم (2) " اختلف القائلون بأن الإمامة (3) لا تكون (4) إلا في صليبة قريش (5) ، فقالت طائفة: هي جائزة في


    (1) ن، م: الجارودية والزيدية. وهو خطأ. والجارودية هم من فرق الزيدية وينتسبون إلى من يعرف بأبي الجارود. انظر عن مذهبهم: مقالات الإسلاميين 1/133 - 135؛ الملل والنحل 1/140 - 141؛ الفرق بين الفرق، 22 - 24.
    (2) ن، م: ابن حزم. والكلام التالي في (ف) 4/154. وأوله في (ف) : واختلف.
    (3) ن: الإمامية، وهو تحريف.
    (4) ف: لا تجوز.
    (5) ف 4/154: صلبة؛ أ، ب: صبية، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) والمعنى أن الإمامة لا تكون إلا في قرشي خالص النسب. وفي " أساس البلاغة " للزمخشري، مادة: " صلب ": عربي صليب: خالص النسب.
    ****************************** ******
    جميع ولد فهر بن مالك بن النضر (1) ؛ وهذا قول أهل السنة وجمهور المرجئة (2) وبعض المعتزلة.

    وقالت طائفة: لا تجوز الخلافة إلا في ولد العباس [بن عبد المطلب] (3) ، وهم الراوندية (4) .

    وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (5) إلا في ولد علي بن أبي طالب (6) .

    وقالت طائفة: لا تجوز [الخلافة] (7) إلا في ولد جعفر بن أبي طالب (8) (* ثم قصروها (9) على عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب *) (10) . وبلغنا عن بعض بني الحارث بن عبد المطلب أنه كان


    (1) ف: فهر بن مالك فقط.
    (2) ن، م: جمهور أهل السنة والمرجئة.
    (3) بن عبد المطلب: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) ف: وهو قول الراوندية.
    (5) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
    (7) الخلافة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) ن، م: جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
    (9) ف: ثم قصورها، وهو تحريف.
    (10) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . وترجمة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في لسان الميزان 3/363 - 365، وفيها (ص 364) : قال أبو نعيم في تاريخه: قدم المداين متغلبا عليها أيام مروان بن محمد ومعه أبو جعفر المنصور، فبقي من سنة (28) إلى انقضاء سنة (29) ، ثم هرب إلى خراسان فسجنه أبو مسلم إلى أن مات مسجونا سنة إحدى وثلاثين ومائة. ثم نقل ابن حجر عن ابن حزم قوله: كان عبد الله بن معاوية ردي الدين معطلا يصحب الدهرية.
    **************************

    يقول: لا تجوز الخلافة إلا لبني (1) عبد المطلب خاصة، ويراها في جميع ولد (2) عبد المطلب، وهم: أبو طالب وأبو لهب والعباس والحارث (3) ".

    قال (4) : " وبلغنا (5) [عن رجل كان بالأردن يقول: لا تجوز الخلافة إلا في بني عبد شمس (6) ، وكان له (7) في ذلك تأليف مجموع ".

    قال (8) : " ورأينا (9) كتابا مؤلفا لرجل من ولد عمر بن الخطاب (10) يحتج فيه أن (11) الخلافة لا تجوز إلا في ولد أبي بكر وعمر خاصة (12) "، وسيأتي تمام الكلام على تنازع الناس في الإمامة إن شاء الله تعالى.

    والمقصود هنا أن أقوال الرافضة معارضة بنظيرها، فإن دعواهم النص على علي، كدعوى أولئك النص على العباس، وكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار، ولم يقل أحد من أهل العلم شيئا من هذين القولين،


    (1) ف: إلا في بني.
    (2) أ، ب: بني.
    (3) ف والحارث والعباس، وهم عموم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو طالب اسمه عبد مناف، وأبو لهب هو عبد العزى. . سيرة ابن هشام 1/113، طبعة مصطفى الحلبي، القاهرة، 1355/1936.
    (4) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (5) بعد كلمة " وبلغنا " يوجد سقط كبير في (ن) سنشير إلى نهايته فيما بعد إن شاء الله.
    (6) ف: إلا في بني أمية بن عبد شمس؛ م: إلا في أولاد عبد شمس.
    (7) عند عبارة " وكان له " يبدأ سقط كبير في (م) وينتهي مع نهاية سقط (ن) .
    (8) بعد الكلام السابق مباشرة.
    (9) ف: وروينا.
    (10) ف: بن الخطاب - رضي الله عنه -.
    (11) ف: بأن.
    (12) ف: إلا لولد أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
    ***************************
    وإنما ابتدعهما أهل الكذب كما سيأتي إن شاء الله تعالى بيانه؛ ولهذا لم يكن أهل الدين من ولد العباس وعلي يدعوان هذا ولا هذا، بخلاف النص على أبي بكر فإن القائلين به طائفة من أهل العلم، وسنذكر إن شاء الله تعالى فصل الخطاب في هذا الباب.

    لكن المقصود أن لهم أدلة وحججا من جنس أدلة المستدلين في موارد النزاع، ويكفيك أن أضعف ما استدلوا به استدلالهم بتسميته خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه قد تقدم أن القائلين بالنص على أبي بكر منهم من قال بالنص الخفي، ومنهم من قال بالنص الجلي.
    وأيضا، فقد روى ابن بطة (1) بإسناده، قال حدثنا أبو الحسن بن أسلم الكاتب (2) ، حدثنا الزعفراني (3) ، حدثنا يزيد بن هارون (4) حدثنا المبارك بن فضالة (5) ، أن عمر بن عبد العزيز بعث محمد بن الزبير

    (1) المتوفى سنة 387، وسبق الكلام عليه (ص 61 ت [0 - 9] ) .
    (2) لم أجده فيما بين يدي من المراجع.
    (3) أبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني من أعيان أصحاب الشافعي وقد توفي سنة 249، انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 2/318 - 319؛ الأنساب للسمعاني، ص 274؛ اللباب في تهذيب الأنساب 1/502.
    (4) المتوفى سنة 206، وسبقت ترجمته (ص 60 ت 4) .
    (5) ترجمته في ميزان الاعتدال 3/5 - 6. وفيها: قال يحيى بن معين: صالح. وقال أبو داود: شديد التدليس، فإذا قال: حدثنا، فهو ثبت. وقال النسائي وغيره: ضعيف. . وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة، وتوفي سنة 164 أو 165 أو 166 على ثلاث روايات. وذكره ابن العماد (شذرات الذهب 1/259 - 260) في وفيات سنة 164. وذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 1/188.
    ****************************** *
    الحنظلي (1) إلى الحسن فقال: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر؟ فقال: أوفي شك صاحبك؟ نعم، والله الذي لا إله إلا هو استخلفه، لهو أتقى من أن يتوثب عليها. قال ابن المبارك: استخلافه هو أمره أن يصلي بالناس، وكان هذا عند الحسن استخلافا ".

    قال: " وأنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد (2) حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (3) ، حدثنا يحيى بن سليم (4) . حدثنا جعفر بن

    (1) محمد بن الزبير التميمي الحنظلي البصري: في ميزان الاعتدال 3/57: عن أبيه، والحسن، وعمر بن عبد العزيز. . . قال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي في حديثه إنكار، وقال البخاري: روى عن حماد بن زيد منكر الحديث وفيه نظر. وانظر ترجمته أيضا في تهذيب التهذيب 9/167؛ الخلاصة للخزرجي، ص 287.
    (2) عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم ابن بنت أحمد بن منيع البغوي، أورد الذهبي طعن ابن عدي وغيره فيه، ولكنه دافع عنه وقال في آخر ترجمته (ميزان الاعتدال 2) : قلت: الرجل ثقة مطلقا، وانظر لسان الميزان 3/338 - 341. وقد توفي البغوي سنة 317. وهو من شيوخ ابن بطة. انظر طبقات الحنابلة 1/190 - 192، 2/144.
    (3) زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي. ترجمته في تهذيب التهذيب 3/342 - 344، وفيها: وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وروى له النسائي. . مات سنة 234.
    (4) يحيى بن سليم الطائفي الحذاء الخزاز المتوفى سنة 195، وثقه البعض وضعفه آخرون، ترجمته في ميزان الاعتدال 3/292؛ تهذيب التهذيب 11/226 - 227. وقد يكون الصواب: يحيى بن سعيد، وهو يحيى بن سعيد القطان المتوفى سنة 143 أو 144 أو 146. ترجمته في تهذيب التهذيب 11/221 - 224. وفي ترجمة جعفر الصادق (تهذيب التهذيب 2) : وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من أقرانه. . . وقال يحيى بن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه فقال: في نفسي منه شيء ومجالد أحب إلي منه، قال: وأملى على جعفر الحديث الطويل، يعني في الحج
    ****************************** **
    محمد (1) - 105، وفيها أنه مات 148.، عن أبيه (2) ، عن عبد الله بن جعفر (3) قال: ولينا أبو بكر فخير خليفة أرحمه بنا وأحناه علينا (4) . قال: وسمعت معاوية بن قرة (5) يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر " (6) .

    ثم القائلون بالنص على أبي بكر من قال بالنص الجلي، واستدلوا على ذلك باتفاق الصحابة على تسميته خليفة رسول الله

    (1) جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الهاشمي أبو عبد الله، المعروف بجعفر الصادق. قال عنه الذهبي (ميزان الاعتدال 1/192) : أحد الأئمة الأعلام بر صادق كبير الشأن لم يحتج به البخاري. . . وقال أبو حاتم: ثقة لا يسأل عن مثله. وترجمته في تهذيب التهذيب 2
    (2) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو جعفر الباقر. . روى عن أبيه. . وروى عنه ابنه جعفر. . قال ابن سعيد: كان ثقة كثير الحديث وليس يروي عنه من يحتج به. . والأصح أنه مات سنة أربع عشرة (ومائة) - تهذيب التهذيب 9/350 - 352.
    (3) عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو محمد وأبو جعفر، وهي أشهر، مات سنة ثمانين. ترجمته في الإصابة لابن حجر 2/280 - 281.
    (4) هنا ينتهي سقط كبير في (ن) وهو الذي يبدأ بعد كلمة: وبلغنا (ص 504 س [0 - 9] ) . ويوجد بدلا منه في (ن) هذه الجملة: " قال: وبلغنا عن الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
    (5) معاوية بن قرة بن إياس بن هلال بن رباب المزني، أبو إياس البصري. ترجمته في تهذيب التهذيب 10/216 - 217، وفيها: عن يحيى بن معين: ثقة. وكذا قال العجلي والنسائي وأبو حاتم. وقال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مطر الأعنق عن معاوية بن قرة: لقيت من الصحابة كثيرا، منهم خمسة وعشرون من مزينة. قال خليفة وغيره: مات سنة ثلاث عشرة ومائة.
    (6) هنا ينتهي سقط (م) ويوجد بدلا منه: " وكان له في الحسن يحلف بالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلف أبا بكر ".
    ****************************** ***********



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #75
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (73)
    صـ 508 إلى صـ 514


    - صلى الله عليه وسلم - قالوا (1) : والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعتقدوا أن الفعيل بمعنى المفعول، فدل ذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف (2) على أمته.والذين نازعوهم في هذه الحجة قالوا: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره، ولمن خلف غيره فهو فعيل بمعنى فاعل، كما يقال: خلف فلان فلانا. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين (3) : " «من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا» " (4) . وفي الحديث الآخر: " «اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا» " (5) .


    (1) ن، م: قال.
    (2) ن، م: استخلفه.
    (3) أ، ب: في الحديث الصحيح.
    (4) الحديث عن زيد بن خالد - رضي الله عنه - في البخاري 4/27 (كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازيا) ؛ مسلم 3/1506 - 1507 (كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي. . . .) ؛ سنن أبي داود 3/18 (كتاب الجهاد، باب ما جاء فيمن جهز غازيا؛ المسند (ط. الحلبي) 4/115، 116، 117، 5/193.
    (5) أ، ب: أهلينا. والحديث بهذا اللفظ هو الجزء الأول من حديث عن عبد الله بن سرجس - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/161 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) وقال الترمذي: " وهذا حديث حسن صحيح ". وهو جزء من حديث آخر عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - في سنن الترمذي 5/165 (كتاب الدعوات، باب ما جاء فيما يقول إذا ركب دابة) وأول الحديث: عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سافر فركب راحلته كبر ثلاثا وقال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) . ثم يقول: اللهم إني أسألك في سفري هذا. . . الحديث. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن ". وهذا الحديث الآخر في المسند (ط. المعارف) 9/138 - 139. وجاء الجزء الأول من هذه العبارات وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل " في أحاديث كثيرة، منها حديث عن ابن عمر في مسلم 2/978 (كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره) ؛ المسند (ط. المعارف) 9/185. ومنها حديث عن أبي هريرة في سنن الترمذي 5/160 (كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا) ؛ المسند (ط. المعارف) 18/21 - 22، (ط. الحلبي) 2/433. ومنها حديث عن ابن عباس في مسند أحمد (ط. المعارف) 4/87،، 255.
    ****************************** ***

    وقال تعالى: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات} [سورة الأنعام: 165] . وقال تعالى: {ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون} [سورة يونس: 14] (1) وقال تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [سورة البقرة: 30] . وقال: {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} [سورة ص: 26] (2) ، أي خليفة عمن قبلك من الخلق، ليس المراد أنه (3) خليفة عن الله، وأنه من الله كإنسان العين من العين، كما يقول ذلك بعض الملحدين القائلين بالحلول والاتحاد، كصاحب " الفتوحات المكية "، وأنه الجامع لأسماء الله الحسنى، وفسروا بذلك قوله تعالى: {وعلم آدم الأسماء كلها} [سورة البقرة: 31] (4) وأنه مثل الله الذي نفي عنه


    (1) في (ن) ، (م) ورد جزء من ألفاظ الآيتين فقط.
    (2) في (ن) ، (م) جاء جزء من الآية حتى قوله تعالى. . في الأرض.
    (3) ن، م: ليس المراد به.
    (4) هذه الآراء يذكرها صاحب كتاب " الفتوحات المكية "، وهو ابن عربي في كتابه " فصوص الحكم "، تحقيق الدكتور أبي العلا عفيفي، ص 49 - 51، القاهرة، 1365/1946. حيث يقول: " فسمي هذا المذكور إنسانا وخليفة، فأما إنسانيته فلعموم نشأته وحصره الحقائق كلها، وهو للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذي يكون به النظر وهو المعبر عنه بالبصر؛ فلهذا سمي إنسانا. . فظهر جميع ما في الصورة الإلهية من الأسماء في هذه النشأة الإنسانية فحازت رتبة الإحاطة والجمع بهذا الوجود. . إلخ ".
    ****************************** ***
    الشبه (1) بقوله {ليس كمثله شيء} (2) ، [سورة الشورى: 11] ، إلى أمثال هذه المقالات التي فيها من تحريف المنقول (3) وفساد المعقول ما ليس هذا موضع بسطه (4) .

    والمقصود هنا أن الله لا يخلفه غيره، فإن الخلافة إنما تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره، وهو [سبحانه] (5) خالق الأسباب والمسببات جميعا، بل هو سبحانه يخلف عبده المؤمن إذا غاب عن أهله. ويروى (6) أنه قيل لأبي بكر: يا خليفة الله. فقال: بل أنا خليفة رسول الله، وحسبي ذاك.
    [الأحاديث الدالة على ثبوت خلافة أبي بكر]
    وقالت طائفة: بل ثبتت بالنص المذكور في الأحاديث التي تقدم

    (1) ن، م: الشبهة، وهو خطأ.
    (2) انظر كلام ابن عربي عن هذه الآية، وعن التشبيه والتنزيه في " فصوص الحكم " 1/68 - 71.
    (3) ن، م: القول.
    (4) ن، م: ما ليس هذا موضعه.
    (5) سبحانه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: وروي.

    ****************************** **
    [إيراد بعضها] (1) مثل قوله في الحديث الصحيح: «لما جاءته المرأة (2) تسأله عن أمر، فقالت: أرأيت إن لم أجدك؟ كأنها تعني الموت، فقال: " ائتي أبا بكر» " (3) . ومثل (4) قوله - صلى الله عليه وسلم - (5) في [الحديث] الصحيح لعائشة [رضي الله عنها] (6) : " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه الناس بعدي ". ثم قال: " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» " (7) .

    ومثله قوله في [الحديث] الصحيح (8) : " «رأيت (9) كأني على قليب أنزع منها، فأخذها ابن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين، وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم أخذها ابن الخطاب فاستحالت غربا فلم أر عبقريا [من الناس] (10) يفري فريه حتى ضرب (11) الناس بعطن» " (12) .

    (1) ن، م: في الأحاديث المتقدمة.
    (2) ن: امرأة.
    (3) ورد هذا الحديث من قبل مرتين (ص 488، 496) وسبق الكلام عليه (ص 488، ت [0 - 9] ) .
    (4) ن، م: ومثله.
    (5) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (6) ن، م: في الصحيح لعائشة.
    (7) ورد هذا الحديث من قبل (ص 492، 496) وسبق الكلام عليه (ص 492 ت [0 - 9] ) ، وورد مع اختلاف في اللفظ من رواية الطيالسي (ص 492) .
    (8) ن، م: ومثله في الصحيح؛ ب: ومثل قوله في الحديث الصحيح.
    (9) رأيت: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (10) من الناس: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (11) ن، م، أ: صدر.
    (12) سبق الكلام على هذا الحديث، ص [0 - 9] 89.
    *****************************

    ومثل قوله: " «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ". وقد روجع في ذلك مرة بعد مرة، فصلى بهم مدة مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - من يوم الخميس إلى يوم الخميس إلى يوم الاثنين، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة فصلى بهم جالسا، وبقي أبو بكر يصلي بأمره سائر الصلوات، وكشف الستارة يوم مات وهم يصلون خلف أبي بكر فسر بذلك (1) ، وقد قيل: إن آخر صلاة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت خلف أبي بكر، وقيل: ليس كذلك.

    ومثل قوله في [الحديث] (2) الصحيح على منبره: " «لو كنت متخذا من أهل (3) الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر» " (4) .

    (1) هذه الأخبار جاءت في كتب السيرة، انظر مثلا: سيرة ابن هشام 4/298 - 306؛ جوامع السيرة لابن حزم، ص 262 - 265، وجاءت بعض هذه الأخبار في كتب السنة في أحاديث عن عائشة وأنس - رضي الله عنهما -. انظر مثلا: البخاري 1/139 - 140 (كتاب الأذان، باب من أسمع الناس تكبير الإمام) ، 1/147 (كتاب الأذان، باب هل يلتفت لأمر ينزل به. . .) ، 2/63 (كتاب التهجد، باب من رجع القهقرى في صلاته) ، 4/149 - 150 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) ، 6/12 - 13 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 9/97 - 98 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والنزاع في العلم) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/361، 6/96.
    (2) الحديث: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) أهل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) جاء هذا الحديث في قسمه الأول إلى قول النبي: لاتخذت أبا بكر خليلا، في مواضع كثيرة عن عدد من الصحابة، وأما الحديث بهذه الألفاظ فقد جاء عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في البخاري 1/96 (كتاب الصلاة، باب الخوخة والممر في المسجد) وأوله: خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده. . . الحديث، وهو في البخاري 5/4 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب المهاجرين، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر) ؛ مسلم 4/1854 - 1855 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي بكر. .) ؛ سنن الترمذي 5/278 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي بكر الصديق) والحديث فيه عن عائشة. وقال الترمذي " وفي الباب عن أبي سعيد "؛ المسند (ط. الحلبي) 3/18. وفي " فتح الباري " 7/14؛ والخوخة طاقة في الجدار تفتح لأجل الضوء ولا يشترط علوها، وحيث تكون سفلى يمكن الاستطراق منها لاستقراب الوصول إلى مكان مطلوب ".
    ******************************
    وفي سنن أبي داود وغيره من حديث الأشعث، عن الحسن، عن أبي بكرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم: " من رأى (1) منكم رؤيا؟ " فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزانا نزل (2) من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت أنت بأبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر، ثم رفع الميزان. فرأيت الكراهية في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم» - " (3) .

    ورواه أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، فذكر مثله، ولم يذكر الكراهية. فاستاء لها (4) النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني ساءه ذلك - فقال: " «خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء» " (5) . فبين [النبي] (6)

    (1) ب: أي، وهو تحريف ظاهر.
    (2) أ، ب: أنزل.
    (3) ورد هذا الحديث من قبل (ص 490) .
    (4) ن: قال فاشتكاها، وهو تحريف.
    (5) مضى هذا الحديث من قبل، ص 490.
    (6) النبي: زيادة في (أ) ، (ب) .
    ******************************
    - صلى الله عليه وسلم - أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة (1) ، ثم بعد ذلك ملك، وليس فيه ذكر علي؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه بل كانوا مختلفين، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك.

    وروى أبو داود أيضا من حديث ابن شهاب، عن عمرو بن أبان، عن جابر أنه كان يحدث «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أري (2) الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونيط عمر بأبي بكر، ونيط عثمان بعمر ". قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما المنوط بعضهم ببعض، فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه» " (3) .
    وروى أبو داود أيضا من حديث حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة بن جندب، «أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلوا أدلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها (4) فشرب شربا ضعيفا، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها (5) فشرب حتى تضلع،

    (1) نبوة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: رأى.
    (3) سبق الكلام على هذا الحديث ص 491 وهو في سنن أبي داود 4/290، وفيها: وأما تنوط. . وفي " النهاية في غريب الحديث " لابن الأثير 4/182 (ط. القاهرة، 1311) : نيط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي علق (بضم العين وتشديد اللام وكسرها) .
    (4) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
    (5) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
    ****************************** ****

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #76
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (74)
    صـ 515 إلى صـ 521


    ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها (1) فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها (2) فانتشطت فانتضح عليه منها شيء» (3) .
    وعن سعيد بن جهمان، عن سفينة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء» ". أو [قال] (4) : " الملك ". قال سعيد: قال لي سفينة: [أمسك] ، مدة (5) أبي بكر سنتان (6) ، وعمر عشر، وعثمان اثنتا عشرة (7) ، وعلي كذا. قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن عليا لم يكن بخليفة. قال: كذبت أستاه بني الزرقاء، يعني بني مروان (8) . و [أمثال]


    (1) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
    (2) ن: بعراقتها؛ أ: بعراقها.
    (3) الحديث في سنن أبي داود 4/290 - 291. وفي النهاية لابن الأثير 3/88: العراقي جمع عرقوة الدلو وهي الخشبة المعروضة على فم الدلو وهما عرقوتان كالصليب. . . تضلع (النهاية 3/23) : أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه وأضلاعه. وفي اللسان، مادة: نشط، نشط الدلو من البئر صعدا بغير قامة وهي البكرة. . . ويقال: نشطت وانتشطت: أي انتزعت.
    (4) قال: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن: قال لي بنفسه: مدة. وسقطت " مدة " من (م) .
    (6) ن، م، أ: سنتين، وهو خطأ.
    (7) ن، م: اثنا عشر؛ أ: اثني عشر.
    (8) الحديث في سنن أبي داود 4/293 (كتاب السنة، باب في الخلفاء) ؛ سنن الترمذي 3/341 (كتاب الفتن، باب ما جاء في الخلافة) وقال الترمذي: " هذا حديث حسن قد رواه غير واحد عن سعيد بن جهمان ولا نعرفه إلا من حديثه) ؛ المستدرك للحاكم 3/71. وأستاه جمع است، وفي اللسان، مادة: سته: " الجوهري: والاست العجز، وقد يراد بها حلقة الدبر، وأصله سته على فعل بالتحريك، يدل على ذلك أن جمعه أستاه مثل جمل وأجمال. . ويقال لأرذال الناس: هؤلاء الأستاه. والمراد بعبارة سفينة التحقير ". وتكلم الأستاذ محب الدين الخطيب (المنتقى من منهاج الاعتدال، ص 57 ت [0 - 9] ) على سند الحديث وبين ضعفه وأشار إلى عدم تصحيح ابن العربي له في " العواصم من القواصم "، ص 201، القاهرة، 1371، ولكن الألباني صحح الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 3/118.
    ****************************** *
    هذه (1) الأحاديث ونحوها مما يستدل بها من قال: إن خلافته ثبتت بالنص. والمقصود هنا أن كثيرا من أهل السنة يقولون (2) : إن خلافته ثبتت بالنص، وهم يسندون ذلك إلى أحاديث معروفة صحيحة. ولا ريب أن قول هؤلاء أوجه من قول من يقول: إن خلافة علي أو العباس ثبتت بالنص، فإن هؤلاء ليس معهم إلا مجرد الكذب والبهتان، الذي يعلم بطلانه بالضرورة كل من كان عارفا بأحوال الإسلام، أو استدلال بألفاظ لا تدل على ذلك، كحديث استخلافه في غزوة تبوك ونحوه مما سنتكلم عليه إن شاء الله تعالى.

    فيقال لهذا: إن وجب أن يكون الخليفة منصوصا عليه، كان القول بهذا النص أولى من القول بذاك (3) ، وإن لم يجب هذا، بطل ذاك.
    والتحقيق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دل المسلمين على استخلاف أبي بكر، وأرشدهم إليه بأمور متعددة من أقواله وأفعاله، وأخبر بخلافته إخبار راض بذلك حامد له، وعزم على أن يكتب بذلك عهدا، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه فترك الكتاب اكتفاء بذلك، ثم عزم على ذلك في مرضه يوم الخميس، ثم لما حصل لبعضهم (4) شك: هل

    (1) ن، م: وهذه.
    (2) ن، م: تقول.
    (3) أ، ب: بذلك.
    (4) ن، م: لهم.
    ****************************** **
    ذلك القول من جهة المرض، أو هو قول يجب اتباعه؟ ترك الكتابة اكتفاء بما علم أن الله يختاره والمؤمنون من خلافة أبي بكر [رضي الله عنه] (1) .

    فلو كان التعيين مما يشتبه على الأمة، لبينه النبي (2) - صلى الله عليه وسلم - بيانا قاطعا للعذر، لكن لما دلتهم (3) دلالات متعددة على أن أبا بكر هو المتعين (4) وفهموا ذلك، حصل المقصود (* والأحكام يبينها - صلى الله عليه وسلم - تارة بصيغة عامة (5) وتارة بصيغة خاصة *) (6) ولهذا قال عمر [بن الخطاب] (7) في خطبته التي خطبها بمحضر من المهاجرين والأنصار: " وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل (8) أبي بكر " رواه البخاري ومسلم (9) .

    (1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) . وخبر مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخميس وعزمه على الكتابة واختلاف الصحابة حوله وعدوله عن ذلك مروي عن ابن عباس في عدة مواضع في صحيح البخاري انظر: 1 (كتاب العلم، باب كتابة العلم) ، 4/99 (كتاب الجزية، والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب) ، 6/9 - 10 (كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته) ، 7/120 (كتاب المرضى، باب قول المريض: إني وجع. .) ، 9/111 - 112 (كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب كراهية الخلاف) .
    (2) أ، ب: رسول الله.
    (3) أ، ب: دلهم.
    (4) ن، م: المعين.
    (5) ن: تامة، والمثبت من (م) .
    (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
    (7) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) ن، م: غير.
    (9) هذه جملة من خطبة طويلة لعمر - رضي الله عنه - وقد وردت في البخاري 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت) ؛ ابن هشام: (السيرة النبوية) 4/309، القاهرة، 1355/1936؛ المسند (ط. المعارف) ج [0 - 9] ، الأثر 391 (ص [0 - 9] 26) . وقد وجدت في صحيح مسلم 3/1317 (كتاب الحدود، باب رجم الثيب من الزنى) قطعة من خطبة عمر ولكن ليس فيها هذه الجملة، وانظر جامع الأصول لابن الأثير 4/480. ويشرح ابن حجر (فتح الباري 12/125) معنى الجملة فيقول: " قال الخطابي: يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر. . . وعبر بقوله: تقطع الأعناق، لكون الناظر إلى السابق تمتد عنقه لينظر، فإذا لم يحصل مقصوده من سبق من يريد سبقه، قيل: انقطعت عنقه ".
    ***************************
    وفي الصحيحين [أيضا] (1) عنه أنه قال يوم السقيفة بمحضر من المهاجرين والأنصار: " أنت (2) خيرنا وسيدنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) " ولم ينكر ذلك منهم منكر، ولا قال أحد من الصحابة: إن غير أبي بكر من المهاجرين أحق بالخلافة منه، ولم ينازع أحد في خلافته إلا بعض الأنصار طمعا في أن يكون من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، وهذا مما ثبت بالنصوص المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلانه، ثم الأنصار جميعهم بايعوا أبا بكر (4) إلا سعد بن عبادة لكونه هو الذي كان يطلب الولاية (5) .


    (1) أيضا: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: أنه.
    (3) الحديث في البخاري 5/7 (كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب مناقب أبي بكر الصديق) ، 8/168 - 171 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى. .) ؛ المسند (ط. المعارف) 1/323 - 327.
    (4) موقف الأنصار واجتماعهم إلى سعد بن عبادة وطلبهم أن يكون منهم أمير ومن المهاجرين أمير، توضحه الأحاديث المشار إليها في التعليقين السابقين. وانظر سيرة ابن هشام 4/307 - 310؟
    (5) م: هو الذي طلب الولاية، وموقف سعد بن عبادة من بيعة أبي بكر يرويه ابن سعد: الطبقات الكبرى، ج [0 - 9] ، ق [0 - 9] ، ص 144 - 145، ط. ليدن، 1321/1904. وانظر ما ذكره ابن كثير من قبول سعد فيما بعد لخلافة أبي بكر في البداية والنهاية 5/247، القاهرة، 1351/1932. وسيرد بعد قليل ما نقله ابن تيمية عن مسند أحمد بهذا الصدد.
    ****************************** ***
    ولم يقل [قط] (1) أحد من الصحابة: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على غير أبي بكر - رضي الله عنه - (2) : لا على العباس ولا على علي ولا على (3) غيرهما، ولا ادعى العباس ولا علي -[ولا أحد] (4) ممن يحبهما - الخلافة لواحد منهما، ولا أنه منصوص عليه. بل ولا قال أحد من الصحابة: إن في قريش من هو أحق بها من أبي بكر: لا من بني هاشم، ولا من غير بني هاشم (5) . وهذا كله مما يعلمه (6) العلماء العالمون (7) بالآثار والسنن والحديث، وهو معلوم عندهم بالاضطرار.

    وقد نقل عن بعض بني عبد مناف، مثل أبي سفيان وخالد بن سعيد (8) ، أنهم أرادوا أن لا تكون الخلافة [إلا] (9) في بني عبد مناف،

    (1) قط: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) رضي الله عنه: زيادة في (ن) ، (م) .
    (3) على: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (4) ولا أحد: ساقطة من (ن) فقط.
    (5) ن، م: ولا من غيرهم.
    (6) ن: يعلم.
    (7) أ، ب، م: العاملون.
    (8) خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، أبو سعيد. يقال: إنه خامس من أسلم من الصحابة، واختلف في تاريخ وفاته - رضي الله عنه - فقيل: استشهد يوم مرج الصفر، وقيل: يوم أجنادين. انظر: الإصابة لابن حجر 1/406؛ أسد الغابة لابن الأثير 2/97 - 98.
    (9) إلا: ساقطة من (ن) ، (م) .
    ****************************** ***
    وأنهم ذكروا ذلك لعثمان وعلي (1) فلم يلتفتا (2) إلى من قال ذلك، لعلمهما وعلم سائر المسلمين أنه ليس في القوم مثل أبي بكر.

    ففي الجملة جميع من نقل عنه من الأنصار وبني عبد مناف (3) أنه طلب تولية غير أبي بكر، لم يذكر حجة دينية شرعية، ولا ذكر أن غير أبي بكر أحق وأفضل من أبي بكر، وإنما نشأ كلامه عن حب لقومه وقبيلته، وإرادة منه أن تكون الإمامة (4) في قبيلته.

    ومعلوم أن مثل هذا ليس من الأدلة الشرعية ولا الطرق الدينية، ولا هو مما أمر الله (5) ورسوله المؤمنين باتباعه، بل هو شعبة (6) جاهلية، ونوع عصبية للأنساب (7) والقبائل. وهذا مما بعث الله محمدا (8) [صلى الله عليه وسلم] (9) بهجره وإبطاله.
    وفي الصحيح عنه أنه (10) قال: " «أربع من أمر الجاهلية في أمتي لن يدعوهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والنياحة على الميت، والاستقاء بالنجوم» " (11) .

    (1) وعلي: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (2) ن، م: فلم يلتفت، وهو خطأ.
    (3) أ، ب: من بني عبد مناف.
    (4) ن. الإمارة.
    (5) ن، م: أمر الله به. . .
    (6) ن، م: شيعة.
    (7) ن، م: للإنسان؛ أ: الإنسان. والمثبت من (ب) .
    (8) ن، م: الله به محمدا. . .
    (9) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (10) أ، ب: وثبت عنه في الصحيحين أنه. .
    (11) الحديث مع اختلاف في الألفاظ عن أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه - في مسلم 2/644 (كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة) ؛ المسند (ط. الحلبي) 5/342، 343، 344؛ المستدرك للحاكم 1/383؛ الأحاديث الصحيحة للألباني 2/299 حديث رقم 734.
    ****************************** *****
    وفي المسند عن أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: " «من سمعتموه يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أمه ولا تكنوا» (1) ".

    وفي السنن عنه أنه قال: " «إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، الناس رجلان: مؤمن تقي، وفاجر شقي» " (2) .
    وأما كون الخلافة في قريش، فلما كان هذا من شرعه ودينه (3) ، كانت النصوص بذلك معروفة منقولة مأثورة يذكرها الصحابة. بخلاف

    (1) الحديث في المسند (ط. الحلبي) 5/136 عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -. وفي النهاية لابن الأثير 4/256: " ومنه الحديث: من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا. أي قولوا له: عض أير أبيك ". وفي اللسان: " هن المرأة: فرجها ".
    (2) الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - في سنن أبي داود 4/450 (كتاب الأدب، باب في التفاخر بالأحساب) ونصه: " إن الله - عز وجل - قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام، إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ". وفي اللسان (مادة: عبب) : " والعبية والعبية: الكبر والفخر. . . " وعبية الجاهلية نخوتها. وفي الحديث: إن الله وضع عنكم عبية الجاهلية وتعظمها بآبائها: يعني: الكبر ". وقال شارح سنن أبي داود: " والجعلان: جمع جعل - بزنة صرد - وهي دويبة سوداء تدير الخراء بأنفها ". والحديث - مع اختلاف في الألفاظ - في سنن الترمذي 5/390 - 391 (كتاب المناقب، باب في ثقيف وبني حنيفة) . وقال الترمذي: هذا حديث حسن؛ المسند (ط. المعارف) 16/300 (وصححه أحمد شاكر - رحمه الله -) وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 2/119.
    (3) م: من دينه وشرعه.
    ****************************** *


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #77
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (75)
    صـ 522 إلى صـ 528


    كون الخلافة في بطن من قريش أو غير قريش، فإنه لم ينقل أحد من الصحابة فيه نصا، بل ولا قال أحد: إنه [كان] في قريش (1) من هو أحق بالخلافة في دين الله وشرعه من أبي بكر.
    ومثل هذه الأمور كلما تدبرها العالم، وتدبر (2) النصوص الثابتة وسير (3) الصحابة، حصل له علوم ضرورية لا يمكنه دفعها عن قلبه أنه كان من الأمور المشهورة عند المسلمين أن أبا بكر مقدم على غيره، وأنه كان عندهم أحق بخلافة النبوة، وأن الأمر في ذلك بين ظاهر عندهم، ليس فيه اشتباه عليهم؛ ولهذا قال [رسول الله] (4) - صلى الله عليه وسلم -: " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ".

    ومعلوم أن هذا العلم الذي عندهم بفضله وتقدمه، إنما استفادوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمور سمعوها وعاينوها، [و] حصل (5) بها لهم من العلم ما علموا [به] (6) أن الصديق أحق الأمة بخلافة نبيهم، وأفضلهم عند نبيهم وأنه ليس فيهم من يشابهه حتى يحتاج في ذلك إلى مناظرة.


    (1) ن، م: أحد أن في قريش.
    (2) أ، ب: تدبرها العالم تدبر.
    (3) أ، ب: وسائر.
    (4) رسول الله: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (5) ن، م: وعاينوها حصل.
    (6) به: زيادة في (أ) ، (ب) .
    *****************************

    ولم يقل أحد من الصحابة قط (1) : إن عمر [بن الخطاب] (2) ، أو عثمان، أو عليا، [أو غيرهم] (3) أفضل من أبي بكر، أو أحق بالخلافة منه. وكيف يقولون (4) ذلك، وهم دائما يرون من تقديم النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر على غيره، وتفضيله له، وتخصيصه بالتعظيم، ما قد ظهر للخاص والعام؟ ! حتى أن أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين وأهل الكتاب والمنافقين، يعلمون أن لأبي بكر من الاختصاص ما ليس لغيره.


    كما ذكره أبو سفيان بن حرب يوم أحد. قال: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثا. ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ [أفي القوم ابن أبي قحافة] (5) ؟ ثم قال (6) أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ [أفي القوم ابن الخطاب؟] (7) وكل ذلك يقول لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (8) : " «لا تجيبوه» " أخرجاه في الصحيحين (9) كما سيأتي ذكره بتمامه إن شاء الله تعالى (10) .

    (1) قط: زيادة في (ن) ، (م) .
    (2) بن الخطاب: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) أو غيرهم: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: يقول.
    (5) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) ثم قال: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ما بين المعقوفتين زيادة في (أ) ، (ب) .
    (8) صلى الله عليه وسلم: ساقطة من (ن) .
    (9) الحديث عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - في البخاري 4/65 - 66 (كتاب الجهاد والسير، باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب) ، 5/94 (كتاب المغازي، باب غزوة أحد) ؛ المسند (ط. الحلبي) 4/293، ولم أجد الحديث في مسلم. وانظر: جامع الأصول لابن الأثير 9/176 - 178.
    (10) أ، ب: كما سيأتي إن شاء الله بتمامه.

    ******************************
    حتى إني أعلم طائفة من حذاق المنافقين ممن يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجلا عاقلا أقام الرياسة بعقله وحذقه، يقولون: إن أبا بكر كان مباطنا له على ذلك يعلم أسراره على ذلك، بخلاف عمر وعثمان وعلي.


    فقد ظهر لعامة الخلائق أن أبا بكر [رضي الله عنه] (1) كان أخص الناس بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فهذا النبي وهذا صديقه، فإذا كان محمد أفضل النبيين فصديقه أفضل الصديقين.

    فخلافة أبي بكر الصديق دلت النصوص الصحيحة على صحتها وثبوتها ورضا الله ورسول [الله صلى الله عليه وسلم] له (2) بها، وانعقدت بمبايعة المسلمين له واختيارهم إياه اختيارا استندوا فيه إلى ما علموه من تفضيل الله ورسوله، وأنه أحقهم بهذا الأمر عند الله ورسوله، فصارت ثابتة بالنص والإجماع جميعا.
    ولكن النص دل على رضا الله ورسوله بها (3) ، وأنها حق، وأن الله أمر بها وقدرها، وأن المؤمنين يختارونها، وكان هذا أبلغ من مجرد العهد بها؛ لأنه حينئذ كان يكون طريق ثبوتها مجرد العهد.
    وأما إذا كان المسلمون قد اختاروه من غير عهد، ودلت النصوص على صوابهم فيما فعلوه، ورضا الله ورسوله بذلك، كان ذلك دليلا على

    (1) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) ن، م: ورسوله بها.
    (3) ن (فقط) : على رضا الله عنه ورسوله بها.
    ****************************** ***

    أن الصديق كان (1) فيه من الفضائل التي بان بها عن غيره، ما علم المسلمون به أنه أحقهم بالخلافة، وأن (2) ذلك لا يحتاج فيه إلى عهد خاص.


    كما قال (3) النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يكتب لأبي بكر، [فقال لعائشة: " «ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب لأبي بكر كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا أولى، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» ". أخرجاه في الصحيحين. وفي البخاري: " «لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون، ويدفع الله ويأبى المؤمنون» " (4) .

    فبين صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يكتب كتابا خوفا، ثم علم أن الأمر واضح ظاهر ليس مما يقبل النزاع فيه، والأمة حديثة عهد بنبيها، وهم خير أمة أخرجت للناس، وأفضل قرون هذه الأمة، فلا يتنازعون في هذا الأمر الواضح الجلي، فإن النزاع إنما يكون لخفاء العلم أو لسوء القصد، وكلا الأمرين منتف، فإن العلم بفضيلة أبي بكر جلي، وسوء القصد لا يقع من جمهور الأمة الذين هم أفضل القرون] (5) ؛ ولهذا قال (6) : " «يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر» "، فترك ذلك لعلمه بأن [ظهور] (7)


    (1) ن، م: كانت.
    (2) أ، ب: فإن.
    (3) ن: كما أن.
    (4) سبقت الإشارة إلى الحديث من قبل. انظر: ص 511 ت 7.
    (5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (6) ن، م: ثم قال.
    (7) ظهور: ساقطة من (ن) .
    ****************************** ***

    فضيلة [أبي بكر] الصديق (1) واستحقاقه (2) لهذا الأمر يغني عن العهد فلا يحتاج إليه، فتركه لعدم الحاجة وظهور فضيلة الصديق واستحقاقه، وهذا أبلغ من العهد.[فصل بطلان مزاعم ابن المطهر عن بيعة أبي بكر]فصلوأما قول [الرافضي] (3) .
    إنهم يقولون: إن (4) الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر، بمبايعة عمر، برضا أربعة (5) .
    فيقال له: ليس (6) هذا قول أئمة أهل (7) السنة، وإن كان بعض أهل الكلام يقولون: إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة، كما قال بعضهم: تنعقد ببيعة



    (1) ن، م: فضيلة الصديق.
    (2) أ، ب: واستخلافه.
    (3) ن، م: وأما قوله.
    (4) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (5) انظر ما سبق ص 126. وفي هامش (م) أمام هذا الموضع كتب: " بحث متى يصير الإمام إماما ".
    (6) ن، م: فليس.
    (7) أهل: زيادة في (ن) فقط.
    *************************

    اثنين، وقال بعضهم: تنعقد ببيعة واحد، فليست هذه أقوال أئمة السنة (1) .


    بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها، ولا يصير الرجل إماما حتى يوافقه أهل الشوكة عليها (2) الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما.

    ولهذا قال أئمة السلف (3) : من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما (4) مقصود الولاية، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله، فالإمامة ملك وسلطان، والملك لا يصير ملكا بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكا بذلك. وهكذا كل أمر يفتقر إلى المعاونة عليه لا يحصل إلا بحصول من يمكنهم التعاون عليه؛ ولهذا لما بويع علي - رضي الله عنه - (5) وصار معه شوكة صار إماما.
    ولو كان جماعة في سفر فالسنة أن يؤمروا أحدهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمروا

    (1) انظر الكلام عما يصح به عقد الإمامة في الأحكام السلطانية لأبي الحسن الماوردي، ص [0 - 9]- 7، القاهرة، 1298؛ الفصل لابن حزم 5/13 - 18؛ مقالات الإسلاميين، 2/133، أصول الدين، ص 280 - 281.
    (2) عليها: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: أئمة السنة.
    (4) ن، م، أ: به.
    (5) ن، م: علي - عليه السلام -.

    ******************************
    واحدا منهم» (1) " فإذا أمره أهل القدرة منهم صار أميرا. فكون الرجل أميرا وقاضيا وواليا وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان، متى حصل ما يحصل به من القدرة والسلطان حصلت وإلا فلا؛ إذ المقصود بها عمل أعمال لا تحصل إلا بقدرة، فمتى حصلت القدرة التي بها يمكن تلك الأعمال (2) كانت حاصلة وإلا فلا.


    وهذا مثل كون الرجل راعيا للماشية، متى سلمت إليه بحيث يقدر أن يرعاها، كان راعيا لها وإلا فلا، فلا (3) عمل إلا بقدرة عليه، فمن لم يحصل له القدرة على العمل لم يكن عاملا.
    والقدرة على سياسة الناس إما بطاعتهم له، وإما بقهره لهم، فمتى

    (1) الحديث بلفظ مقارب جزء من حديث طويل عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - في المسند (ط. المعارف) 10/174 - 176 وأوله: " لا يحل أن ينكح المرأة بطلاق أخرى. . الحديث، وفيه:. . ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمروا عليهم أحدهم ". وصحح الشيخ أحمد شاكر الحديث. وجاء الحديث في سنن أبي داود 3
    (كتاب الجهاد، باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم) عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وفي نفس الكتاب والباب عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". وذكر الشيخ أحمد شاكر الحديثين وقال: إن إسنادهما صحيح (المسند في الموضع السابق) ، كما أشار إلى أن الحاكم روى في مستدركه 1/443 - 445 الحديث بمعناه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال الحاكم: " حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي. وانظر أيضا: نيل الأوطار للشوكاني 9/157 - 158، القاهرة، 1344.
    (2) ن، (فقط) : فمتى حصلت القدرة التي يحصل بها يمكن بها تلك الأعمال. . . إلخ.
    (3) فلا: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
    ****************************** ******
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #78
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (76)
    صـ 529 إلى صـ 535


    صار قادرا على سياستهم بطاعتهم أو بقهره، فهو ذو سلطان مطاع، إذا أمر بطاعة الله.
    ولهذا قال أحمد في رسالة عبدوس بن مالك العطار (1) : " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إلى أن قال: " ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين، فدفع الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا ".

    وقال في رواية إسحاق بن منصور (2) ، وقد سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - " «من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية» " (3) ما معناه؟ فقال: تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون، كلهم يقول: هذا إمام؛ فهذا معناه

    (1) عبدوس بن مالك أبو محمد العطار، من أئمة الحنابلة، وكانت له منزلة عند الإمام أحمد. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/241 - 246. وانظر: " مناقب الإمام أحمد " لابن الجوزي، ص 137، 616، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، 1399/1979.
    (2) ن، م: إسحاق بن إبراهيم، وهو خطأ. وإسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي المتوفى سنة 251. سمع من سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن الجراح، وروى عن أحمد، وأخرج عنه البخاري ومسلم. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/113 - 115؛ مناقب الإمام أحمد، ص 129، 615؛ تذكرة الحفاظ 2/524؛ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 6/362 - 364، القاهرة، 1349/1931.
    (3) الحديث عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - في المسند (ط. الحلبي) 4/96 ولفظه: " من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ".
    *********************

    والكلام هنا في مقامين: أحدهما: في كون أبي بكر كان هو المستحق للإمامة، وأن مبايعتهم (1) له مما يحبه الله ورسوله، فهذا ثابت بالنصوص والإجماع.

    والثاني: أنه متى صار إماما، فذلك بمبايعة أهل القدرة له. وكذلك عمر لما عهد إليه أبو بكر، إنما صار إماما لما بايعوه وأطاعوه، ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر ولم يبايعوه لم يصر إماما، سواء كان ذلك جائزا أو غير جائز.
    فالحل والحرمة متعلق بالأفعال، وأما نفس الولاية والسلطان فهو عبارة عن القدرة الحاصلة، ثم قد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله، كسلطان الخلفاء الراشدين، وقد تحصل على وجه فيه معصية، كسلطان الظالمين.
    ولو قدر أن عمر وطائفة معه بايعوه، وامتنع سائر الصحابة عن البيعة، لم يصر إماما بذلك، وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الصحابة، الذين هم أهل القدرة والشوكة. ولهذا لم يضر تخلف سعد بن عبادة؛ لأن ذلك [لا] (2) يقدح في مقصود الولاية، فإن المقصود حصول القدرة والسلطان اللذين بهما تحصل (3) مصالح الإمامة، وذلك قد حصل بموافقة الجمهور على ذلك.

    (1) ن، م: متابعتهم.
    (2) لا: ساقطة من (ن) ، (م) ، وبها يتم المعنى.
    (3) ن، م: الذي به يفعل. . . إلخ.
    ***********************

    فمن قال إنه يصير إماما بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة، وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة، فقد غلط؛ كما أن من ظن أن تخلف الواحد أو الاثنين والعشرة يضره، فقد غلط.


    وأبو بكر بايعه المهاجرون والأنصار، الذين هم بطانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذين بهم صار للإسلام قوة وعزة، وبهم قهر المشركون، وبهم فتحت جزيرة العرب، فجمهور الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم الذين بايعوا أبا بكر. وأما كون عمر أو غيره (1) سبق إلى البيعة، فلا بد في كل بيعة (2) من سابق، ولو قدر أن بعض الناس كان كارها للبيعة، لم يقدح ذلك في مقصودها، فإن نفس الاستحقاق لها ثابت بالأدلة الشرعية الدالة على أنه أحقهم بها، ومع قيام الأدلة الشرعية لا يضر من خالفها، ونفس حصولها ووجودها ثابت بحصول القدرة والسلطان، بمطاوعة (3) ذوي الشوكة.

    فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر، كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب} [سورة الحديد: 25] (4) .

    (1) ن، م: عمر وغيره.
    (2) أ: في كل بيعة فلا بد؛ ب: ففي كل بيعة لا بد.
    (3) ن، م: بطاعة.
    (4) ن، م: للناس الآية.
    *************************
    فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه، والسيف ينصر ذلك ويؤيده.

    وأبو بكر ثبت بالكتاب والسنة أن الله أمر بمبايعته، والذين بايعوه كانوا أهل السيف المطيعين لله في ذلك، فانعقدت خلافة النبوة في حقه بالكتاب والحديد.
    وأما عمر (1) فإن أبا بكر عهد إليه وبايعه المسلمون بعد موت أبي بكر، فصار إماما لما حصلت له القدرة والسلطان بمبايعتهم له (2) .
    وأما قوله: ثم عثمان [بن عفان] (3) بنص عمر على ستة هو أحدهم، فاختاره بعضهم (4) .
    [كانت بيعة عثمان بإجماع المسلمين]
    فيقال أيضا: عثمان لم يصر إماما باختيار بعضهم، بل بمبايعة الناس له، وجميع المسلمين بايعوا عثمان [بن عفان] (5) ، ولم يتخلف (6) عن بيعته أحد.
    قال الإمام أحمد في رواية حمدان بن علي (7) : " ما كان في القوم

    (1) انظر كلام ابن مطهر فيما سبق، ص 126.
    (2) له: زيادة في (ن) فقط.
    (3) بن عفان: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (4) انظر ما سبق، ص 126 - 127.
    (5) بن عفان: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) أ، ب: بن عفان لم تتخلف. . .
    (7) حمدان بن علي، أبو جعفر الوراق، وهو محمد بن علي بن عبد الله بن مهران بن أيوب الجرجاني الأصل، البغدادي المنشأ، قال أبو بكر الخلال لما ذكره: رفيع القدر، كان عنده عن أبي عبد الله مسائل حسان. وقد توفي حمدان سنة 272. ترجمته في طبقات الحنابلة 1/308 - 310؛ تاريخ بغداد 3/61 - 62.
    ****************************** ***
    أوكد بيعة من عثمان (1) كانت بإجماعهم " فلما بايعه ذوو الشوكة والقدرة صار إماما، وإلا فلو قدر أن عبد الرحمن بايعه، ولم يبايعه علي ولا غيره من الصحابة أهل الشوكة لم يصر إماما.

    ولكن عمر لما جعلها شورى في ستة: عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف، ثم إنه خرج طلحة والزبير وسعد باختيارهم، وبقي عثمان وعلي وعبد الرحمن [بن عوف] (2) ، واتفق الثلاثة باختيارهم على أن عبد الرحمن [بن عوف] (3) لا يتولى ويولي أحد الرجلين، وأقام عبد الرحمن ثلاثا حلف أنه لم يغتمض فيها بكبير نوم يشاور السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان، ويشاور أمراء الأنصار، وكانوا قد حجوا مع عمر ذلك العام، فأشار عليه المسلمون بولاية عثمان، وذكر (4) أنهم كلهم قدموا عثمان فبايعوه، لا عن رغبة أعطاهم إياها، ولا عن رهبة أخافهم بها.

    ولهذا قال غير واحد من السلف والأئمة كأيوب السختياني (5) وأحمد

    (1) ب: ما كان في القوم من بيعة عثمان. . إلخ.
    (2) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (3) بن عوف: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) ن، م: وذكروا.
    (5) أيوب بن أبي تميمة كيسان السختياني، أبو بكر البصري، مولى عنزة، ويقال: مولى جهينة. قال ابن سعد والنسائي وغيرهما: كان ثقة ثبتا، وقال البخاري عن ابن المديني: مات سنة 131. زاد غيره: وهو ابن ثلاث وستين. . ويقال: مات سنة 125، وقيل: قبلها بسنة. ترجمته في تهذيب التهذيب 1/397 - 399.
    ***************************

    [بن حنبل] (1) ، والدارقطني (2) ، وغيرهم (3) : من لم يقدم عثمان على علي (4) فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار. وهذا من الأدلة الدالة على أن عثمان أفضل لأنهم قدموه باختيارهم واشتوارهم.

    [اتفاق المسلمين على بيعة أبي بكر أعظم من اتفاقهم على بيعة علي]
    وأما قوله: " ثم علي بمبايعة الخلق له " (5) .

    فتخصيصه عليا بمبايعة الخلق له، دون أبي بكر وعمر وعثمان، كلام ظاهر البطلان. وذلك أنه من المعلوم لكل من عرف سيرة القوم أن اتفاق الخلق ومبايعتهم لأبي بكر وعمر وعثمان، أعظم من اتفاقهم على بيعة علي رضي الله [عنه] وعنهم أجمعين، (6) وكل أحد يعلم أنهم اتفقوا على [بيعة] (7) عثمان أعظم مما اتفقوا على [بيعة] (8) علي. والذين بايعوا عثمان في أول الأمر أفضل من الذين بايعوا عليا، فإنه بايعه علي وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير] وعبد الله] بن مسعود والعباس

    (1) بن حنبل: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (2) والدارقطني: ساقطة من (ن) ، (م) . وهو أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي، البغدادي، الحافظ الشهير، صاحب السنن. . . قال القاضي أبو الطيب الطبري: أمير المؤمنين في الحديث. وقد توفي الدارقطني سنة 385. ترجمته في تذكرة الحفاظ 3/991 - 995 ابن خلكان 2/459 - 460.
    (3) ن، م: وغيرهما.
    (4) أ، ب: من قدم عليا على عثمان.
    (5) انظر ما سبق ص 127.
    (6) ن: رضي الله عنهم أجمعين؛ م: رضي الله عنه (سقطت عبارة: وعنهم أجمعين) .
    (7) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    (8) بيعة: ساقطة من (ن) ، (م) .
    *****************************

    [بن عبد المطلب] وأبي (1) بن كعب وأمثالهم، مع سكينة وطمأنينة، بعد (2) مشاورة المسلمين ثلاثة أيام.

    وأما علي [رضي الله عنه] (3) فإنه بويع عقيب (4) قتل عثمان [رضي الله عنه] (5) والقلوب مضطربة مختلفة، وأكابر الصحابة متفرقون، وأحضر طلحة إحضارا حتى قال من قال: إنهم جاءوا به مكرها، وأنه قال، بايعت واللج - أي السيف - (6) على قفي.
    وكان لأهل الفتنة بالمدينة شوكة لما قتلوا عثمان، وماج الناس لقتله موجا عظيما. وكثير من الصحابة لم يبايع عليا، كعبد الله بن عمر وأمثاله، وكان الناس معه ثلاثة أصناف: صنف قاتلوا معه، وصنف قاتلوه، وصنف لم يقاتلوه ولم يقاتلوا معه. فكيف يجوز أن يقال في علي: بمبايعة الخلق له، ولا يقال مثل ذلك في مبايعة (7) الثلاثة ولم يختلف عليهم (8) أحد؟ بل (9) بايعهم (10) الناس كلهم لا سيما عثمان.


    (1) ن، م: وابن مسعود والعباس وأبي. . .
    (2) أ، ب: وبعد.
    (3) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) أ، ب: عقب.
    (5) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) عبارة " أي السيف ": ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (7) ن (فقط) : مبايعته، وهو تحريف.
    (8) ن، م: عليه، وهو خطأ.
    (9) أ، ب: لما.
    (10) ن: تابعهم.
    *****************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #79
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (77)
    صـ 536 إلى صـ 542



    وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَتَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَتِهِ سَعْدٌ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَيَّنُوهُ لِلْإِمَارَةِ (1) فَبَقِيَ فِي نَفْسِهِ مَا يَبْقَى فِي نُفُوسِ الْبَشَرِ. وَلَكِنْ هُوَ مَعَ هَذَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُعَارِضْ، وَلَمْ يَدْفَعْ حَقًّا وَلَا أَعَانَ عَلَى بَاطِلٍ. [بَلْ قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُسْنَدِ الصِّدِّيقِ، عَنْ عَفَّانَ (2) ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ (3) ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ الْحِمْيَرِيُّ - فَذَكَرَ حَدِيثَ السَّقِيفَةِ، وَفِيهِ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ: " «قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ، فَبَرُّ النَّاسِ تَبَعٌ لِبَرِّهِمْ، وَفَاجِرُهُمْ تَبَعٌ لِفَاجِرِهِمْ» " قَالَ: فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: صَدَقْتَ نَحْنُ الْوُزَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْأُمَرَاءُ. فَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ (4) وَلَعَلَّ حُمَيْدًا أَخَذَهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا ذَلِكَ، وَفِيهِ فَائِدَةٌ
    (1) ن، م: لِلْإِمْرَةِ.
    (2) أ، ب: عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ: ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18؛ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِابْنِ كَثِيرٍ 5/247، الْقَاهِرَةُ، 1351 1932.
    (3) أ، ب: أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَفِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمَا فِي التَّعْلِيقِ السَّابِقِ، وَنَصُّهُمَا: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ:. . . إِلَخْ.
    (4) قَالَ الْأُسْتَاذُ أَحْمَد شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ (الْمُسْنَدَ، ج [0 - 9] ، الْحَدِيثُ 18، ص [0 - 9] 64) : " إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِانْقِطَاعِهِ، فَإِنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيَّ التَّابِعِيَّ الثِّقَةَ يَرْوِي عَنْ أَمْثَالِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ هُنَا بِمَنْ حَدَّثَهُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ وَفَاةَ رَسُولِ اللَّهِ وَحَدِيثَ السَّقِيفَةِ وَبَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي " صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ " وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: " حم (أَحْمَدُ) عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ". وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ
    ***************************
    جَلِيلَةٌ (1) جِدًّا، وَهِيَ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ نَزَلَ عَنْ مَقَامِهِ الْأَوَّلِ فِي دَعْوَى الْإِمَارَةِ، وَأَذْعَنَ لِلصِّدِّيقِ بِالْإِمَارَةِ، فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ] (2) .
    وَلِهَذَا اضْطَرَبَ النَّاسُ فِي خِلَافَةِ عَلِيٍّ عَلَى أَقْوَالٍ:
    [أقوال الناس في خلافة علي]
    فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّهُ إِمَامٌ وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ إِمَامٌ، وَإِنَّهُ يَجُوزُ نَصْبُ إِمَامَيْنِ [فِي وَقْتٍ] (3) إِذَا لَمْ يُمْكِنِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا يُحْكَى عَنِ الْكَرَّامِيَّة ِ وَغَيْرِهِمْ.
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِمَامٌ عَامٌّ، بَلْ كَانَ زَمَانَ فِتْنَةٍ، وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الْبَصْرِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ. وَلِهَذَا لَمَّا أَظْهَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ التَّرْبِيعَ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يُرَبِّعْ بِعَلِيٍّ فِي الْخِلَافَةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، أَنْكَرَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَقَالُوا: قَدْ أَنْكَرَ خِلَافَتَهُ مَنْ لَا يُقَالُ: هُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ، يُرِيدُونَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَلَى خِلَافَةِ عَلِيٍّ بِحَدِيثِ سَفِينَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «تَكُونُ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ تَصِيرُ مُلْكًا» "، [وَ] (4) هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ كَأَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ (5) .
    وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: بَلْ عَلِيٌّ هُوَ الْإِمَامُ، وَهُوَ مُصِيبٌ فِي قِتَالِهِ لِمَنْ قَاتَلَهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَاتَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ مُجْتَهِدُونَ


    (1) أ: جَلِيَّةٌ.
    (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
    (3) فِي وَقْتٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
    (4) ن، م: مُلْكًا هَذَا.
    (5) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْحَدِيثِ (ص 515 ت [0 - 9] )
    **************************
    مُصِيبُونَ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، كَقَوْلِ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ : [أَبِي الْهُذَيْلِ] (1) وَأَبِي عَلِيٍّ، وَأَبِي هَاشِمٍ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّة ِ: كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي حَامِدٍ (2) ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ [أَبِي الْحَسَنِ] الْأَشْعَرِيِّ (3) . وَهَؤُلَاءِ [أَيْضًا] (4) يَجْعَلُونَ مُعَاوِيَةَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي قِتَالِهِ، كَمَا أَنَّ عَلِيًّا مُصِيبٌ.
    وَهَذَا قَوْلُ طَائِفَةٍ [مِنَ الْفُقَهَاءِ] (5) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، ذَكَرَهُ [أَبُو عَبْدِ اللَّهِ] (6) بْنُ حَامِدٍ، ذَكَرَ [لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ] (7) فِي الْمُقْتَتِلِين َ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: (8) كِلَاهُمَا مُصِيبٌ، وَالثَّانِي: الْمُصِيبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَمَنْ خَالَفَهُ مُخْطِئٌ. وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ (9) أَنَّهُ لَا يُذَمُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ (10) وَأَنَّ عَلِيًّا أَوْلَى بِالْحَقِّ [مِنْ غَيْرِهِ] (11) . أَمَّا تَصْوِيبُ الْقِتَالِ فَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، بَلْ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّ تَرْكَهُ كَانَ أَوْلَى.


    (1) أَبِي الْهُذَيْلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) .
    (2) وَهُوَ الْغَزَالِيُّ.
    (3) ن، م: عَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
    (4) أَيْضًا: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
    (5) مِنَ الْفُقَهَاءِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
    (6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
    (7) لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
    (8) ن، م، أ: أَحَدُهُمَا، وَهُوَ خَطَأٌ.
    (9) أ، ب: وَأَئِمَّةِ السُّنَّةِ.
    (10) ن، م: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَحَدَهُمْ.
    (11) مِنْ غَيْرِهِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب)
    *****************************
    وَطَائِفَةٌ رَابِعَةٌ تَجْعَلُ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامَ، وَكَانَ مُجْتَهِدًا مُصِيبًا فِي الْقِتَالِ، وَمَنْ قَاتَلَهُ (1) كَانُوا [مُجْتَهِدِينَ] (2) مُخْطِئِينَ، وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ (3) ، مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.
    وَطَائِفَةٌ خَامِسَةٌ تَقُولُ: إِنَّ عَلِيًّا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ خَلِيفَةً وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ (4) تَرْكُ الْقِتَالِ أَوْلَى، وَيَنْبَغِي الْإِمْسَاكُ عَنِ الْقِتَالِ لِهَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا (5) خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي» " (6) . وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ عَنِ الْحَسَنِ: " «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ،


    (1) ن: وَمَنْ قَاتَلُوهُ.
    (2) مُجْتَهِدِينَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
    (3) أ، ب: الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ.
    (4) ن، م: وَكَانَ.
    (5) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) ، (ب) .
    (6) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 4/198 - 199 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ) وَنَصُّهُ فِيهِ: " سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفُ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ 9/51 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ تَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ) ؛ مُسْلِمٍ 4/2211 - 2212 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ نُزُولِ الْفِتَنِ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ؛ الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/207 - 208. وَجَاءَ الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/29 (وَصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مَعَ زِيَادَةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي كِتَابِ " الِاسْتِقَامَةِ " 2/341 وَتَكَلَّمْتُ هُنَاكَ عَلَى مَكَانِهَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ ِ وَالْمُسْنَدِ
    ***********************
    وَسَيُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ (1) عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» " (2) . فَأَثْنَى عَلَى الْحَسَنِ بِالْإِصْلَاحِ، وَلَوْ كَانَ الْقِتَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا، لَمَا مُدِحَ تَارِكُهُ.
    قَالُوا: وَقِتَالُ الْبُغَاةِ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ، بَلْ قَالَ [تَعَالَى] (3) {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 9] ، فَأَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ، فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [عَلَى الْأُخْرَى] (4) قُوتِلَتْ.
    قَالُوا: وَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ بِالْقِتَالِ مَصْلَحَةٌ، وَالْأَمْرُ الَّذِي يَأْمُرُ اللَّهُ بِهِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مَفْسَدَتِهِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، أَنْبَأَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ

    (1) أ، ب: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحَسَنِ.
    (2) أ، ب: الْمُؤْمِنِينَ. وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْبُخَارِيِّ 3/186 (كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ. . .) ، 4/204 - 205 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ) ، 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ، 9/56 - 57 (كِتَابُ الْفِتَنِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ. . .) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ:. . . وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ. وَفِي لَفْظٍ: بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/299 - 300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فِي الْفِتْنَةِ) ؛ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/323 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. . .) ؛ سُنَنِ النَّسَائِيِّ 3/87 - 88 (كِتَابُ الْجُمُعَةِ، بَابُ مُخَاطَبَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ) .
    (3) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
    (4) عَلَى الْأُخْرَى: زِيَادَةٌ فِي (م) .
    ****************************
    سِيرِينَ، قَالَ: «قَالَ حُذَيْفَةُ: مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ تُدْرِكُهُ الْفِتْنَةُ إِلَّا أَنَا أَخَافُهَا عَلَيْهِ إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ (1) ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " لَا تَضُرُّكَ الْفِتْنَةُ» " (2) .


    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ، [عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضُبَيْعَةَ، قَالَ: دَخَلْنَا (3) عَلَى حُذَيْفَةَ فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ رَجُلًا لَا تَضُرُّهُ الْفِتَنُ شَيْئًا. قَالَ: فَخَرَجْنَا فَإِذَا فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ، فَدَخَلْنَا (4) فَإِذَا فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ] (5) ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ يَشْتَمِلَ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْ أَمْصَارِكُمْ (6) حَتَّى تَنْجَلِيَ عَمَّا انْجَلَتْ (7) .
    فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ لَا تَضُرُّهُ الْفِتْنَةُ، وَهُوَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُقَاتِلْ لَا مَعَ عَلِيٍّ


    (1) مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ، شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا تَبُوكَ، وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ 46 أَوْ 47، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْإِصَابَةِ لِابْنِ حَجَرٍ 3/363 - 364؛ الِاسْتِيعَابِ (بِهَامِشِ الْإِصَابَةِ) 3/315 - 317؛ أُسْدِ الْغَابَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (ط. الشَّعْبِ) 5/112 - 113.
    (2) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) .
    (3) م، أ: دَخَلْتُ.
    (4) فَدَخَلْنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، (أ) .
    (5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَي ْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.
    (6) ن، م، أ: أَمْصَارِهِمْ.
    (7) الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/300 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابُ النَّهْيِ عَنْ سَبِّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)
    *****************************
    وَلَا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَمَا اعْتَزَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ (1) ، وَأَبُو بَكْرَةَ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَكْثَرُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.
    وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قِتَالٌ وَاجِبٌ وَلَا مُسْتَحَبٌّ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُ ذَلِكَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُلُ، بَلْ كَانَ مَنْ فَعَلَ الْوَاجِبَ أَوِ الْمُسْتَحَبَّ (2) أَفْضَلَ مِمَّنْ تَرَكَهُ، وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقِتَالَ قِتَالُ فِتْنَةٍ.
    كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: " «سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ [فِيهَا] (3) خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، وَالسَّاعِي خَيْرٌ مِنَ الْمُوضِعِ» " (4) - 31.، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ [أَئِمَّةِ] (5) أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالثَّوْرِيِّ (6) وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ.

    (1) ن: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ.
    (2) ن، م: الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ.
    (3) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .
    (4) الْحَدِيثُ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (ص [0 - 9] 39 ت [0 - 9] ) . وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، انْظُرْ: ج [0 - 9] ، رَقْمُ 1446، 1609 ج [0 - 9] ، رَقْمُ 4286، ج [0 - 9] 4 رَقْمُ 7783، وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ الرِّوَايَةَ. انْظُرْ شَرْحَ الْحَدِيثِ فِي فَتْحِ الْبَارِي 13
    (5) أَئِمَّةِ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .
    (6) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعْدِ بْنِ مَسْرُوقِ بْنِ حَبِيبٍ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ. كَانَ إِمَامًا فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِين َ. تُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 161، وَقِيلَ سَنَةَ 162. تَرْجَمَتُهُ فِي وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ 2/127 - 128؛ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/250 - 251
    ******************************



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #80
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,179

    افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


    منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
    أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
    المجلد الاول
    الحلقة (78)
    صـ 543 إلى صـ 549



    وَهَذِهِ أَقْوَالُ مَنْ يُحْسِنُ الْقَوْلَ فِي عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَمُعَاوِيَةَ، وَمَنْ سِوَى هَؤُلَاءِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ فَمَقَالَاتُهُم ْ فِي الصَّحَابَةِ لَوْنٌ آخَرُ، فَالْخَوَارِجُ تُكَفِّرُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَمَنْ وَالَاهُمَا (1) ؛ وَالرَّوَافِضُ تُكَفِّرُ جُمْهُورَ (2) الصَّحَابَةِ كَالثَّلَاثَةِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَتُفَسِّقُهُمْ (3) ، وَيُكَفِّرُونَ مَنْ قَاتَلَ
    (1) ذَكَرَ ابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 45) : " وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ: الَّذِي يَجْمَعُهَا " فِرَقُ الْخَوَارِجِ " إِكْفَارُ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَأَصْحَابِ الْجَمَلِ وَالْحَكَمَيْنِ ، وَمَنْ رَضِيَ بِالتَّحْكِيمِ وَصَوَّبَ الْحَكَمَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا ". وَيَذْكُرُ الْأَشْعَرِيُّ (مَقَالَاتِ الْإِسْلَامِيِّ ينَ 2/126) أَنَّ بَعْضَ الْخَوَارِجِ يَرَوْنَ أَنَّ كُفْرَ عَلِيٍّ وَالْحَكَمَيْنِ هُوَ كُفْرُ شِرْكٍ، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَقُولُونَ إِنَّهُ كُفْرُ نِعْمَةٍ وَلَيْسَ بِكُفْرِ شِرْكٍ. وَانْظُرِ: الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/106، 107، 109، وَقَارِنْ مَا وَرَدَ فِي ص [0 - 9] 18. وَانْظُرْ أَيْضًا: أُصُولَ الدِّينِ لِابْنِ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيِّ ، ص [0 - 9] 86 - 287؛ الِانْتِصَارَ لِلْخَيَّاطِ، 102.
    (2) أ، ب: جَمِيعَ.
    (3) يَذْكُرُ الْخَيَّاطُ (الِانْتِصَارَ، ص [0 - 9] 04) : " وَأَمَّا قَوْلُهُ: " أَيِ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ ": إِنَّهُ لَيْسَ فِي الشِّيعَةِ مَنْ يُجَوِّزُ اجْتِمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْكُفْرِ؛ فَإِنَّ الرَّافِضَةَ بِأَسْرِهَا قَدْ زَعَمَتْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهَا قَدْ كَفَرَتْ وَأَشْرَكَتْ إِلَّا نَفَرًا يَسِيرًا خَمْسَةً أَوْ سِتَّةً، وَشُهْرَةُ قَوْلِهَا بِذَلِكَ تُغْنِي عَنِ الْإِكْثَارِ فِيهِ ". وَانْظُرْ: ص [0 - 9] 00، 101 - 102 - 103. وَيَذْكُرُ الِاسْفَرَايِين ِيُّ (التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ ص [0 - 9] 4) بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مَا يَلِي: " وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ ذَكَرْنَاهُمْ مِنْ فِرَقِ الْإِمَامِيَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَكْفِيرِ الصَّحَابَةِ ". وَحَتَّى الْجَارُودِيَّة ِ مِنَ الزَّيْدِيَّةِ يَقُولُونَ بِتَكْفِيرِ كُلِّ الصِّحَابِ لِتَرْكِهِمْ بَيْعَةَ عَلِيٍّ، وَانْظُرِ: التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ، ص [0 - 9] 6؛ الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/140. وَنَجِدُ فِي كُتُبِ الشِّيعَةِ مِصْدَاقَ ذَلِكَ (انْظُرْ مَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ: أَحْمَد أَمِين: ضُحَى الْإِسْلَامِ 3/249 - 250) . وَفِي كِتَابِ " مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ " يُحَاوِلُ الْمُؤَلِّفُ التَّدْلِيلَ عَلَى جَوَازِ سَبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ثُمَّ يَقُولُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 1) : ". . . فَاسْتَبَاحَا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنَ الْعِتْرَةِ وَتَقَدَّمَا عَلَيْهِمَا، فَهَذِهِ أَدِلَّةُ السَّابِّ، وَهِيَ أَدِلَّةٌ ثَابِتَةُ الصِّحَّةِ عِنْدَ مَنْ تَابَعَهَا وَلَيْسَ لَهَا مُعَارِضٌ، بَلْ لَهَا مَا يُعَضِّدُهَا مِمَّا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنَ الْمُخَالَفَاتِ لِلشَّرِيعَةِ وَالْمُشَاقَّات ِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ حَسْبَمَا يَأْتِي الْبَيَانُ. فَمَنْ فَسَّقَ مَنْ سَبَّهُمْ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ لِدُخُولِهِ فِي خَبَرِ: وَقَاضٍ قَضَى بِجَوْرٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فَهُوَ فِي النَّارِ؛ لِعِلْمِ الْمُفَسِّقِ بِأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلسَّبِّ بِالسُّنَنِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا. وَيَذْهَبُ الْمُؤَلِّفُ (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 8) إِلَى أَنَّ " مَسْأَلَةَ تَفْضِيلِ طَبَقَةِ مُؤْمِنِي الصَّحَابَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الطَّبَقَاتِ مِنَ الْبُهْتَانِ الْبَيِّنِ "، ثُمَّ يَقُولُ: " فَإِنَّهُ يُعْلَمُ يَقِينًا بِأَنَّ أَخْبَارَهُمْ قَدِ اسْتَفَاضَتْ وَدَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ الطَّفِّ (يَاقُوتٌ: أَرْضٌ مِنْ ضَاحِيَةِ الْكُوفَةِ) بَيْنَ يَدَيْ رَيْحَانَةِ الرَّسُولِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّحَابَةِ الْمُسْتَشْهِدِ ينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَغَيْرِهِ
    ******************************

    عليا ويقولون: هو إمام معصوم (1) ، وطائفة من المروانية تفسقه وتقول: إنه ظالم معتد (2) ، وطائفة من المعتزلة تقول: قد فسق إما هو وإما من قاتله، لكن لا يعلم عينه، وطائفة أخرى منهم تفسق معاوية وعمرا دون طلحة والزبير وعائشة (3) .

    (1) يذكر الأشعري (المقالات 1/122) أن فرقة من الشيعة تكفر من حارب عليا وتضلله، والفرقة الثانية منهم يزعمون أن من حارب عليا فاسق ليس بكافر، إلا أن يكون حارب عليا عنادا للرسول - صلى الله عليه وسلم - وردا عليه فهم كفار. وفي " منهاج الشريعة في الرد على ابن تيمية " يحاول المؤلف البرهنة على أن كل من حارب عليا - رضي الله عنه - في موقعتي الجمل وصفين لا يعد مسلما، ومن قوله في ذلك (ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 3) : " وخبر: وانصر من نصره، واخذل من خذله، دليل على نفاق حتى من لم يحارب معه ولم يحاربه، فإن من خذله الله ليس بمسلم، فعلم مخالفتهم وتركهم لهذه السنن جميعا في حكمهم بأن من حارب عليا مسلم ".
    (2) معتد: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (ن) : متعد. والمثبت من (م) .
    (3) في كتاب " أصول الدين لابن طاهر البغدادي، ص [0 - 9] 90 - 291: " وقال واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد والنظام وأكثر القدرية: نتولى عليا وأصحابه على انفرادهم، ونتولى طلحة والزبير وأتباعهما على انفرادهما، ولكن لو شهد علي مع رجل من أصحابه قبلت شهادتهما ولو شهد طلحة أو الزبير مع واحد من أصحابه قبلت شهادتهما، ولو شهد علي مع طلحة على باقة بقل لم نحكم بشهادتهما: لأن أحدهما فاسق، والفاسق مخلد في النار، وليس بمؤمن ولا كافر ". وذكر الأشعري (المقالات 2/130) أن النظام كان ممن يقول بأن عليا كان مصيبا، في حين أن طلحة والزبير وعائشة ومعاوية كانوا مخطئين. وقال ضرار وأبو الهذيل ومعمر: نعلم أن أحدهما مصيب والآخر مخطئ، فنحن نتولى كل واحد من الفريقين على الانفراد، وأنزلوا الفريقين منزلة المتلاعنين الذين يعلمون أن أحدهما مخطئ، ولا يعلمون المخطئ منهما. هذا قولهم في علي، وطلحة، والزبير، وعائشة؛ فأما معاوية فهم له مخطئون غير قائلين بإمامته. وانظر أيضا: الانتصار للخياط، ص 97 - 98؛ الفرق بين الفرق، ص [0 - 9] 1 - 73؛ الملل والنحل 1/52 - 53.
    ******************************
    والمقصود أن الخلاف في خلافة علي وحروبه (1) كثير منتشر (2) بين السلف والخلف، فكيف تكون مبايعة الخلق له أعظم من مبايعتهم للثلاثة قبله، [رضي الله عنهم أجمعين؟] (3) .


    فإن قال: أردت بقولي (4) أن أهل السنة يقولون: إن خلافته انعقدت بمبايعة الخلق له لا بالنص.
    فلا ريب أن أهل السنة وإن كانوا يقولون: إن النص على أن عليا من الخلفاء الراشدين، لقوله: " «خلافة النبوة ثلاثون سنة» "، فهم يروون (5) النصوص الكثيرة في صحة خلافة غيره.
    وهذا أمر معلوم عند أهل العلم بالحديث (6) ، يروون في صحة خلافة الثلاثة نصوصا كثيرة، بخلاف خلافة علي فإن نصوصها قليلة، فإن الثلاثة اجتمعت (7) الأمة عليهم فحصل بهم مقصود الإمامة، وقوتل بهم


    (1) ن، م: وجوده، وهو تحريف.
    (2) أ: منذ شهر (وهو تحريف) ؛ ب: مشتهر.
    (3) رضي الله عنهم أجمعين: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (4) بقولي: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) .
    (5) ن: يرون، وهو تحريف.
    (6) أ، ب: أهل الحديث.
    (7) ن، م: أجمعت.
    **************************
    الكفار، وفتحت بهم الأمصار. وخلافة علي لم يقاتل فيها كفار (1) ، ولا فتح مصر، وإنما كان السيف بين أهل القبلة.


    وأما النص الذي تدعيه الرافضة، فهو كالنص الذي تدعيه الراوندية على العباس (2) ، وكلاهما معلوم الفساد بالضرورة عند أهل العلم، ولو لم يكن في إثبات خلافة علي إلا هذا لم تثبت له إمامة قط، كما لم تثبت للعباس إمامة بنظيره.
    [التعليق على ما نسبه ابن المطهر إلى أهل السنة من أقوال عن الإمامة بعد علي]
    وأما قوله: " ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إن الإمام بعده الحسن، وبعضهم قال: إنه معاوية (3) ".
    فيقال:. أهل السنة لم يتنازعوا في هذا، بل هم يعلمون أن الحسن بايعه أهل العراق مكان أبيه، وأهل الشام كانوا مع معاوية قبل ذلك.

    وقوله: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية ثم في بني العباس (4) ".

    (1) أ، ب: كافر.
    (2) انظر أيضا عن الراوندية ونصهم على العباس: أصول الدين، ص 281.
    (3) انظر ما سبق، ص 127.
    (4) نص كلام ابن المطهر، كما ورد من قبل ص 127: " ثم ساقوا الإمامة في بني أمية إلى أن ظهر السفاح من بني العباس، فساقوا الإمامة إليه، ثم انتقلت الإمامة إلى أخيه المنصور، ثم ساقوا الإمامة في بني العباس إلى المستعصم.
    *****************************

    فيقال: أهل السنة لا يقولون إن الواحد من هؤلاء كان هو الذي يجب أن يولى دون من سواه، ولا يقولون إنه تجب طاعته في كل ما يأمر به، بل أهل السنة يخبرون بالواقع ويأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع (1) ، ويأمرون بما أمر الله (2) ورسوله، فيقولون: هؤلاء هم الذين تولوا، وكان لهم سلطان وقدرة يقدرون بها على مقاصد الولاية: من إقامة الحدود، وقسم الأموال، وتولية الولايات (3) ، وجهاد العدو، وإقامة الحج والأعياد والجمع، وغير ذلك من مقاصد الولايات (4) .


    ويقولون: إن الواحد من هؤلاء ونوابهم وغيرهم لا يجوز أن يطاع في معصية الله، بل يشارك فيما يفعله من طاعة الله: فيغزى معه الكفار، ويصلى معه الجمعة والعيدان، ويحج معه، ويعاون في إقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمثال ذلك، فيعاونون على البر والتقوى، ولا يعاونون على الإثم والعدوان.
    ويقولون: إنه قد تولى غير هؤلاء: تولى بالغرب طائفة من بني أمية وطائفة من بني علي (5) ، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة، وأنه لو تولى من هو دون هؤلاء من الملوك الظلمة لكان ذلك خيرا من

    (1) ن، م: فيشهدون بالواقع.
    (2) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
    (3) أ، ب: الولاية.
    (4) أ، ب: الولاية.
    (5) أ، ب: تولى غير هؤلاء بالغرب من بني أمية ومن بني علي.
    ************************
    عدمهم، كما يقال: ستون سنة مع إمام جائر، خير من ليلة واحدة بلا إمام.


    ويروى عن علي - رضي الله عنه - (1) أنه قال: لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة. قيل له: هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة؟ قال: يؤمن بها السبيل، ويقام به الحدود، ويجاهد به العدو، ويقسم بها الفيء. ذكره علي بن معبد في كتاب " الطاعة والمعصية " (2) .
    وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة: إنه الخلف الحجة، فإن هذا لم يحصل بإمامته شيء من المصلحة لا في الدنيا ولا في الدين أصلا، فلا فائدة في إمامته إلا الاعتقادات الفاسدة والأماني الكاذبة [والفتن بين الأمة] (3) وانتظار من لا يجيء، فتطوى الأعمار ولم يحصل من فائدة هذه الإمامة شيء.
    والناس لا يمكنهم بقاء أيام قليلة بلا ولاة أمور، بل كانت تفسد أمورهم (4) ، فكيف تصلح أمورهم إذا لم يكن لهم إمام إلا من لا يعرف ولا يدري ما يقول، ولا يقدر على شيء من أمور الإمامة بل هو معدوم؟


    (1) ن، م: علي - عليه السلام -.
    (2) في كتب الرجال يذكر اثنان باسم علي بن معبد، الأول: علي بن معبد بن شداد العبدي أبو الحسن، ويقال: أبو محمد الرقي المتوفى 218. والثاني هو: علي بن معبد بن نوح المصري الصغير أبو الحسن البغدادي المتوفى سنة 259، ولم أتبين أيهما المقصود، ولم أجد أي ذكر لكتاب " الطاعة والمعصية ". انظر: تهذيب التهذيب 7/384 - 386؛ ميزان الاعتدال 2/238؛ تاريخ بغداد 12/109 - 110.
    (3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
    (4) أ، ب: أمورهم تفسد.
    ****************************** *
    وأما آباؤه فلم يكن لهم قدرة ولا سلطان (1) الإمامة، بل كان لأهل العلم والدين منهم إمامة أمثالهم من جنس الحديث والفتيا ونحو ذلك، لم يكن لهم سلطان الشوكة؛ فكانوا عاجزين عن الإمامة، سواء كانوا أولى بالإمامة (2) أو لم يكونوا أولى.


    فبكل حال ما مكنوا ولا ولوا ولا كان يحصل لهم (3) المطلوب من الولاية لعدم القدرة والسلطان، ولو أطاعهم المؤمن لم يحصل له بطاعتهم المصالح التي تحصل بطاعة الأئمة: من جهاد الأعداء وإيصال الحقوق إلى مستحقيها - أو بعضهم - وإقامة الحدود.
    فإن قال القائل: إن الواحد من هؤلاء أو من غيرهم إمام، أي ذو سلطان وقدرة يحصل بهما مقاصد الإمامة (4) ؛ كان هذا مكابرة للحس، ولو كان [ذلك] (5) كذلك، لم يكن هناك متول يزاحمهم ولا يستبد بالأمر دونهم، وهذا لا يقوله أحد.
    وإن قال: إنهم أئمة بمعنى أنهم هم الذين كانوا (6) يجب أن يولوا، وأن الناس عصوا بترك توليتهم، فهذا بمنزلة أن يقال: فلان كان يستحق أن يولى (7 إمامة الصلاة وأن يولى 7) (7) القضاء، ولكن لم يول ظلما وعدوانا.


    (1) أ، ب: قدرة وسلطان.
    (2) أ، ب: بالولاية.
    (3) ب (فقط) : بهم.
    (4) ن، م: تحصل بها مقاصد الأئمة.
    (5) ذلك: زيادة في (أ) ، (ب) .
    (6) كانوا: ساقطة من (أ) ، (ب) . وفي (م) : كان.
    (7) (7 - 7) : ساقط من (أ) ، (ب) .
    ****************************** **




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •