بهذا أخبرني القلم
سمير بن الضو













إذا رزقني الله قبسًا من إلهام، حينها تتنزَّلُ عليَّ الحروفُ كأنها مُذَهَّبة الجبين، فأصوغها في بيتٍ من الشِّعر، فتتمثَّل لي السعادةُ كلُّها في ذلك البيت الواحد، لا أقول: إنَّ مُلكَ الرشيد أو مال قارون قد يُسعدانني، ولكنَّ ذلك البيتَ اليَتيمَ وحده مَن يستطيع أن يجلب إلى ربوع قلبي السعادة والغبطة، فأجدني في بعض الأحايين أُصفِّق بيدي من دون داعٍ، وأُتمتِم بشفتيَّ من غير حاجةٍ، وأفحص برجلي سرورًا وجذلًا، حتى يحسَبني بعض الناس مُصابًا باللمَم والجنون، وما أنا بمجنون، ولكنَّ سِحْر الشعر أَخَّاذٌ للألباب، سلَّابٌ للعقول.







الكثير من الأدباء حينما يدخلون إلى دار الشُّهرة تجدهم في بداية الأمر يَهَشُّونَ ويَبَشُّون، وعلى أوجههم الكثير من صدقات الابتسامة، وتراهم في بعض الأوقاتِ يُطيِّبون خاطر زَيْدٍ تارةً، ويُمَلِّسون على رأس عُبَيدٍ تارةً أخرى، وأيضًا يمدُّون بعض الدُّرَيْهمات إلى عمرو أو عمر تارةً ثالثة، ولكنهم حين يحُطُّون رحالهم ويضربون في جوف الأرض أوتادَهم؛ يُصبح شعارُهم في الحياة هو التعاليَ والغرورَ والتكبُّر؛ بل يقولُ لسانُ حالِهم: أنا رسولُ الأدب الخاتَم، ثمَّ يتنكَّرون لمَن يَرون فيهم قدوةً، أو مَن يُريدون منهم مساعدةً تُعينهم على سلكِ الطريق الذي سَلكوا، ويُقابلونهم بالجفاء والتراتبيَّة، وتكادُ أحاديثهم لا تَخْلُو مِن كلمة "أنا"، وكأنهم لا يَدرون أنَّ هذه الكلمة هي مفتاحُ باب الشهرة الخلفيِّ إن لم يعقلوا، وهذا ليس حسنًا؛ بل قبيحٌ كلَّ القُبحِ، ومعيبٌ عند معشرِ الأدباء، فما كان أروعهم لو اجتنَبوه!