السؤال

يقوم المسلمون الجدد بعمل قنوات علي اليوتيوب للتعريف بتجربتهم مع الدين الإسلامي، ويطلبون من المتابعين على قنواتهم بالتبرع إذا أمكن عبر موقع باترون، فهل يمكن حساب هذه الأموال المتبرع بها من ضمن زكاة المال؛ على أساس أنها تندرج تحت مصرف تأليف القلوب؟

الجواب

المحتويات


حكم طلب المسلم الجديد التبرعات عبر موقع باتريون
شروط دفع الزكاة من سهم المؤلفة قلوبهم


الحمد لله.
أولا:
لا حرج في عمل المسلمين الجدد قنوات على اليوتيوب للتعريف بقصص هدايتهم، وفي ذلك نفع كبير للمسلمين وتشجيع لغيرهم على الدخول في الإسلام.
ثانيا:
حكم طلب المسلم الجديد التبرعات عبر موقع باتريون

طلب التبرعات عبر موقع باتريون فيه تفصيل:
1 - فإن كان صاحب القناة ينتفع بذلك ماديا، فإن ما يقوم به يدخل في سؤال الناس المذموم شرعا، إلا إذا كان مضطرا لذلك، بحيث لا يجد مصدرا للمال لينفق على نفسه من عمل أو حرفة إلا بهذه الطريقة .
روى البخاري (1475)، ومسلم (1040) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ).
وروى الترمذي (650)، وأبو داود (1626)، والنسائي (2592)، وابن ماجه (1840) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَأَلَ النَّاسَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَسْأَلَتُهُ فِي وَجْهِهِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا يُغْنِيهِ ؟ قَالَ: خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ).
ولا تحل مسألة الناس إلا في حالات ضيقة؛ لما ما روى مسلم (1044) عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ قَالَ : " تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْأَلُهُ فِيهَا فَقَالَ أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا قَالَ ثُمَّ قَالَ: (يَا قَبِيصَةُ ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا)" .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " مسألة المخلوق: محرمة في الأصل، وإنما أبيحت للضرورة، وفي النهي عنها أحاديث كثيرة في الصحاح والسنن والمسانيد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/ 182).
2 - وإن كان صاحب القناة لا يستفيد من ذلك ماديا، وإنما هدفه نشر الإسلام، والدعوة إلى الله تعالى، فينتج مقاطع دعوية، ويطلب الدعم للقيام بذلك، فهذا محل نظر، والأفضل تركه؛ لأن سؤال الناس الأصل فيه الذم، ولما فيه من إذلال النفس، والتهمة له، واحتمال الطمع والتعدي على المال.
فإن وجد في نفسه الأمانة، ولم يلح في السؤال، ولم يلحقه مذلة فلا حرج؛ لأنه يسأل لغيره ولا يسأل لنفسه، وفي هذه المواقع نفع عام للمسلمين.
قال ابن مفلح رحمه الله: " وإن سأل لرجلٍ محتاج في صدقة أو حج أو غزو، فنقل محمد بن داود [أي عن الإمام أحمد]: لا يعجبني أن يتكلم لنفسه؛ فكيف لغيره! التعريض أعجب إلي.
ونقل المروذي وجماعة: لا، ولكن يعرّض، ثم ذكر حديث الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، وحث على الصدقة، ولم يسأل، زاد في رواية محمد بن حرب: ربما سأل رجلا فمنعه، فيكون في نفسه عليه.
ونقل المروذي أنه قال لسائل: ليس هذا عليك. ولم يرخص له أن يسأل.
ونقل حرب وغير واحد أنه رخص في ذلك. وقال صاحب المحرر: هل يكره أن يسأل للمحتاج أم لا؟ على روايتين" انتهى من "الفروع" (4/ 318).
وقال المرداوي في "تصحيح الفروع" : " قلت: الصواب إن علم حاجة من طلب لأجله، أو غلب على ظنه ذلك: لم يكره السؤال له , والتعريض لا يكفي , خصوصا في هذه الأزمنة , لا سيما إن كان المحتاج لا يقدر على الطلب، من الحياء أو غيره , والله أعلم .
والرواية الثانية: يكره ، ولكن يعرّض. " انتهى.
ثالثا:
شروط دفع الزكاة من سهم المؤلفة قلوبهم

لا يجوز دفع الزكاة لهؤلاء المسلمين الجدد من سهم المؤلفة قلوبهم؛ لأن هؤلاء ليسوا ضعاف الإيمان يرجى تثبيتهم، بل يدخلون الإسلام عن قناعة، ويأخذون به بقوة، ولا يرجى بعطيتهم إسلام غيرهم، بمعنى أنه لن يفكر كافر في الدخول في الإسلام لأجل أن من أسلم يُتبرع له عبر باتريون!
فانتفى المعنى الذي قد يعطى هؤلاء لأجله من سهم المؤلفة، مع انتفاء المعاني الأخرى التي يذكرها الفقهاء.
قال في"كشاف القناع" (2/ 278): "(الرابع المؤلفة قلوبهم) للنص (وحكمهم باق) ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة من المسلمين والمشركين، فيُعْطَوْن عند الحاجة. ويُحمل ترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم، على عدم الحاجة إلى إعطائهم في خلافتهم، لا لسقوط سهمهم، فإن الآية من آخر ما نزل، وأعطى أبو بكر: عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر.
ومنعُ وجود الحاجة على ممر الزمان، واختلاف أحوال النفوس في القوة والضعف: لا يخفى فساده.
(وهم رؤساء قومهم) وكذا في المقنع وغيره، وهم السادة المطاعون في عشائرهم، فمن لم يكن كذلك لا يعطى من الزكاة للتأليف، وإن خشي شره بانضمامه إلى ظالم؛ لعدم تناول اسم المؤلف له .
(من كافر يرجى إسلامه، أو كف شره) ؛ لما روى أبو سعيد قال بعث علي وهو باليمن بذهبية فقسمها النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن حصن الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب، وزيد الخير الطائي ثم أحد بني نبهان، فغضبت قريش وقالوا: تعطي صناديد نجد وتدعنا؟ فقال: إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم متفق عليه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وإنما الذي يؤخذ من أموال أهل اليمن: الصدقة.
(و) مِن (مسلم يرجى بعطيته قوة إيمانه) لما روى أبو بكر في كتاب التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى والمؤلفة قلوبهم [التوبة: 60] قال: هم قوم كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضخ لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم من الصدقات قالوا: هذا دين صالح، وإن كان غير ذلك عابوه " أو (يرجى بعطيته إسلام نظيره)؛ لأن أبا بكر أعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما، رجاء إسلام نظرائهما.
(أو) يرجى بعطيته (نصحه في الجهاد أو) في (الدفع عن المسلمين) بأن يكونوا في طرف بلاد الإسلام، وإذا أعطوا من الزكاة دفعوا الكفار عمن يليهم من المسلمين، وإلا فلا .
(أو كف شره، كالخوارج ونحوهم، أو قوة على جباية الزكاة ممن لا يعطيها) بأن يكونوا إذا أعطوا من الزكاة جبوها ممن لا يعطيها" انتهى.
والله أعلم.


https://islamqa.info/ar/answers/3472...8A%D9%88%D9%86