شكراً لك أبا مالك حفظك الله .
كثيراً ما تجيء الأول التي ذكرت في المنظومات ومنها المنظومات الشنقيطية ، وأنا في بحثي عن مثال تذكرت مثالاً طريفاً ، إن لايكن فيه تأصيل لهذه اللغة ففيه فائدة وعجب .
يذكر الشناقطة قصة عن شاعر كبير فيهم اسمه (محمد بن أحمد يُورَ) -ببناء الراء على الفتح- وهو شاعر ظريف وعالم كبير ، يذكرون عنه أنه زاره محمد عالي بن عبد الودود (والد الشيخ العلامة محمد سالم بن عبد الودود ) وهو قامة علمية سامقة في موريتانيا في حياته ، وفي أحد مجالسهم أنشد ابن أحمد يورَ نادِيَهُ قصيدة استسقائية ، والناس لكون الرجل اشتهر بالشعر والأدب لم يعُدْ يلفت انتباههم أن ينشد جديداً من شعره ، لذا لم يظهر أحد من أهل المجلس استحسانا بقصيدة الشيخ ولا طربوا لها ولا استعادوه بيتاً منها ، ثم إن انادي تفرق أهله ، وبعد ساعات قال أولاد الشيخ إنهم يجب أن يكتبوا القصيدة من والدهم لئلا تضيع ، فقصدوه فوجدوه غضبانَ ممتلئاً غيظاً من إعراضهم عن قصيدته وتجاهلهم لإنشاده ، فسألوه أن يكتبوا القصيدة من عنده فحلف من غضبه بأيمان الطلاق لا سمِعها أحد منه أبداً ، فسُقِط في أيدي القوم وندموا وانصرفوا عنه ؛ ثم إنهم تذاكروا من حضر المجلس إذ ألقى الشيخ قصيدته فذُكِرَ أن محمد عالي قد حضره فأتوه وأخبروه الخبرَ ، فأنشدهم القصيدة من حفظه من سماع واحد ، وشاعت القصيدة واشتهرت برواية محمد عالي لها -حصريّاً (ابتسامة) - ، والقصيدة هذه :
هذا العيالُ وإن طغى في فسقه = من ذا الذي يسقيه إن لم تسقه
ياربنا وإلهنا يا شاملا = كل العباد برفقه وبرزقه
عجِّلْ على " ذي الْمُزْن " مزنا جاعلا = "بئر السبيل" طريقةً من طُرْقِه
وعلى "العجائز " تستهل كعابه = فينال حظاً وافراً من وَدْقِه
متتبعا آبارنا فكأنما = فَهِمَ الحقيقة وحده من حِذْقِه
ونرى ثراه الجعدَ غِبَّ سمائه = يُخفي الذراعَ المستطيلَ بعُمْقِه
ونرى الرباب على السحائب ضمنا = أن لانراع برعده وببرقه
ونرى الرياض وقد تفاوح زهرها = فوحان مسك ضائعٍ من حُقِّه
ونرى الزمان وكان قبل مغاضبا = يلقى الورى ببشوش وجهٍ طلقِه
يارب صل على بعيثك آخرا = وهو الأوَلُّ لفضله و لسبقه
..........
تحياتي لك يا أبا مالك