قَالَ السَّكَّاكِيُّ فِي (مِفْتَاحِ الْعُلُومِ) :
(( وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا تَلَقَّيْتَ مَا أَمْلَيْتُ عَلَيْكَ بِحُسْنِ التَّفَهُّمِ, وَاسْتَوْضَحْتَ لَطَائِفَهُ بِعَيْنِ التَّأَمُّلِ, وَجَذَبْتَ بِضَبْعِكَ فِي مَدَاحِضِهِ الِاخْتِصَارِيَ ّةِ اسْتِقَامَةَ طَبْعٍ, وَأَطْلَعَكَ عَلَى رُمُوزِهِ لِلتَّقَصِّي عَنِ الْمَضَايِقِ لَطَافَةَ تَمْيِيزٍ, ثُمَّ اسْتَعْرَضْتَ مَعَاجِمَ الْأَوَائِلِ فِي هَذَا الْفَنِّ بَعْدَ التَّتَبُّعِ لِمَآخِذِهَا وَالْعُثُورِ عَلَى مَجَارِيهَا مُسْتَطْلِعًا طَلْعَ الْمَقَاصِدِ فِي الْمَبَادِي وَالْغَايَاتِ, عَسَى أَنْ تَتَسَمَّحَ لِلْعَلِيِّ بِدُعَاءٍ يُسْتَجَابُ, وَلِلْمَلِيِّ بِثَنَاءٍ يُسْتَطَابُ ))[/size]
هذه قطعة من نظم ابن المرحل لفصيح ثعلب، يقول:
هُوَ فَـكَاكُ الرَّهْنِ تَعْنِي الْمَصْدَرَا ................. مِنْ فَـكَّهُ كَـذَاكَ فِيمَنْ أُسِـرَا
وَقَدْ جَرَى فِي الْقَوْلِ حَبُّ الْمَحْلَبِ ................. فِي الطِّيبِ نَبْتٌ فِي بِـلَادِ الْعَرَبِ
وَالْفَتْحُ فِي عِرْقِ النِّسَا وَفِي الرَّحَى ................. وَفِي رَخَـاءِ الْـعَيْشِ أَمْرٌ وَضَحَا
وَهْـوَ الرَّصَاصُ وَالصَّدَاقُ يَا فَتَى ................. هَذَا هُـوَ الْمُخْتَـارُ وَالْكَسْرُ أَتَى
وَإِنْ تَـشَأْ صَـدُقَـةٌ وَصَـدْقَةْ ................. وَقَدْ حَـكَى الزَّجَّاجُ أَيْضًا صُدْقَةْ
(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ فَحَسْبُ, وَلَمْ تُسْمَعْ مِنْهُمْ إِلَّا مَقْرُونَةً بِالْفَاءِ وَهِيَ زَائِدَةٌ لَازِمَةٌ, وَكَذَا فِي قَوْلِهِمْ فَحَسْبُ, قَالَهُ الش فِي حَوَاشِي التَّسْهِيلِ. وَفِي الْمُطَوَّلِ أَنَّ "قَطْ" مِنْ أَسْمَاءِ الْأَفْعَالِ بِمَعْنَى "انْتَهِ", وَكَثِيرًا مَا تُصَدَّرُ بِالْفَاءِ تَزْيِينًا لِلَّفْظِ, وَكَأَنَّهُ جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ. وَفِي كِتَابِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ السَّيِّدِ: "وَإِنَّمَا صَلَحَتِ الْفَاءُ فِي هَذِهِ لِأَنَّ مَعْنَى (أَخَذْتُ دِرْهَمًا فَقَطْ: أَخَذْتُ دِرْهَمًا فَاكْتَفَيْتُ بِهِ) انْتَهَى. وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهَا عَاطِفَةٌ, وَمِنَ الْمُطَوَّلِ أَنَّهَا فَصِيحَةٌ, وَلِكُلٍّ وُجْهَةٌ.
-------
ما معنى (الش)؟ هل فيها سقط أو سبق القلم؟
وَاتْرُكِ الْغَادَةَ لَا تَحْفِلْ بِهَا ................. تُمْسِ فِي عِزٍّ رَفِيعٍ وَتَجَلّْ
وَاهْجُرِ الْخَمْرَةَ إِنْ كُنْتَ فَتًى ................. كَيْفَ يَسْعَى فِي جُنُونٍ مَنْ عَقَلْ
صَدِّقِ الشَّرْعَ وَلَا تَرْكَنْ إِلَى ................. رَجُلٍ يَرْقُبُ فِي اللَّيْلِ زُحَلْ
فِي ازْدِيَادِ الْعِلْمِ إِرْغَامُ الْعِدَى ................. وَجَمَالُ الْعِلْمِ إِصْلَاحُ الْعَمَلْ
جَمِّلِ الْمَنْطِقَ بِالنَّحْوِ فَمَنْ ................. يُحْرَمِ الْإِعْرَابَ بِالنُّطْقِ اخْتَبَلْ
مَاتَ أَهْلُ الْفَضْلِ لَمْ يَبْقَ سِوَى ................. مُقْرِفٌ أَوْ مَنْ عَلَى الْأَصْلِ اتَّكَلْ
لَيْسَ مَا يَحْوِي الْفَتَى مِنْ عَزْمِهِ ................. لَا وَلَا مَا فَاتَ يَوْمًا بِالْكَسَلْ
قَدْ يَسُودُ الْمَرْءُ مِنْ غَيْرِ أَبٍ ................. وَبِحُسْنِ السَّبْكِ قَدْ يُنْفَى الدَّغَلْ
اُكْتُمِ الْأَمْرَيْنِ فَقْرًا وَغِنًى ................. وَاكْسِبِ الْفَلْسَ وَحَاسِبْ مَنْ بَطَلْ
لَيْسَ يَخْلُو الْمَرْءُ مِنْ ضِدٍّ وَلَوْ ................. حَاوَلَ الْعُزْلَةَ فِي رَأْسِ الْجَبَلْ
إِنَّ مَنْ يَطْلُبُهُ الْمَوْتُ عَلَى ................. غِرَّةٍ مِنْهُ جَدِيرٌ بِالْوَجَلْ
قالَ المرعشيُّ في تقدمةِ ترتيبُ العلومِ:
(( اعلموا ... أنه كان يوجد في كل قرن من القرون الماضية من هذه الأمة طائِفَةٌ من العلماء المؤلفين والأعلام المحققين، وخلا الآن من أمثالهم الجوانب، وخلَفَ الأُسُودَ في غاباتِها الأرانبُ، أَتَرَوْنَ أن ذا من خواص الأزمنة وغلبة البلادة على طباع أواخر هذه الأمة، بل المنقول من سيرهم والمتبادر من كلماتهم في مؤلفاتهم أنهم تناولوا متون الفنون المعتبرة وهي مسائلها المشهورة ... فسال إلى تجاويف صدورهم من كل فَنٍّ جَدْوَلٌ، فصار ملتقى الجداول بحرا، وما زالوا يزيدون إلى الفنون فوائد، فأنشأوا شروحا لها وأدرجوا تلك الفوائد، ومتونا طويلة وجعلوا للشروح حَوَاشِيَ دقيقة، حتى صار لبعض المتون حاشية على حاشية على شرحه، ونظم أصحابهم كثيرا من تلك المتون والشروح والحواشي في سَلْكِ المذاكرة، فثقل الحِمْلُ وطالت المسافة حين قل الزاد وَهَزِلَتْ الراحلة، فآل أمر الطلبة إلى أن تركوا بعض الفنون المعتبرة رأسا ومن بعضها ثلثا أو نصفا، والباقي يريدون تناوله أولا مع الشروح والحواشي، فلا تَفْرُغُ أذهانهم من تخيل المباحث المتشعبة والاحتمالات المُشَتِّتَةِ والأقوال المضطربة لفهم المسائل المشهورة وجمعها في الخَزَانَةِ، وهذا خلاف ما عليه السلف )).
وفقك الله وسدد خطاك
ولعلك تراجع هذه الكلمات: (ترتيب) (سلك) (هزلت) (خزانة)
جزاك الله خيرا وأحسن إليك
كله صحيح ما عدا (هزلت) ، فالصواب (هُزِلَت)
جزانا وإياك, ليتك توضح لي - فضلا:
لماذا (هُزِلَتْ)؟
هذا هو المشهور في كلام العرب؛ كما قال في موطأة الفصيح:
وهُزِلَ الرجل فهو يُهزَل ... وغيرُه فالجسم منه ينحل
ولذلك يقولون: رجل مهزول، ولا يقولون: هازل، إلا في المزاح.
فما يكون معنى ( هَزِلَتْ), و هل (هَزُلَتْ) صحيحةً باعتبار أن يُراد بها معنىً آخر؟
هزُل لا أعرفها
أما هزِل فهي لغة في هزَل، بمعنى مزح.
أما (هَزُلَتْ) فقد سمعتها كثيرا وكنت أظنها من الفصحى, وقد تكون مما لحن فيه العامّة.
جزاك الله خيرا مباركا شيخ مالك.
أبو مالك العوضي :هذا هو المشهور في كلام العرب؛ كما قال في موطأة الفصيح:
وهُزِلَ الرجل فهو يُهزَل ... وغيرُه فالجسم منه ينحل
ولذلك يقولون: رجل مهزول، ولا يقولون: هازل، إلا في المزاح.
أبو مالك العوضي :
هزُل لا أعرفها
أما هزِل فهي لغة في هزَل، بمعنى مزح.قال صاحب القاموس : " والهزال بالضم : نقيض السمن " .
ألا يصحُّ أن تكون الصيغة التي أوردها ابن المرحل مبنية للمجهول ( هُزِلَت ) وغيرها ( هَزُلَت ) صحيح ؟
أم أن الأولى أولى وأفصح ؟
جزاكم الله خيرا شيخ أبا مالك وكل مشارك
معذرة لم أنتبه لسؤالكم إلا الآن
الفعل (هَزُل) غير موجود في اللغة العربية أصلا ، بحسب اطلاعي .
واللغة مبنية على النقل والسماع ، وإنما القياس يكون في القوانين الكلية المستخرجة من استقراء كلام العرب
أما الألفاظ الجزئية فلا قياس فيها إلا ما تعلق منها بالقوانين الكلية السابق ذكرها.
ألا من تتمة في هذا الموضوع الماتع جزاكم الله خيرا