نسخ الفعل قبل التمكن:
[المتن]:
[ويجوز قبل التمكن من الامتثال(1)].
[الشرح]:
(1) (ويجوز قبل التمكن من الامتثال):
النسخ له حالتان:
* قد يكون بعد التمكن من الامتثال، يُؤمرون بالتوجه إلى الشام في الصلاة؛ إلى بيت المقدس، تمكنوا وامتثلوا، ثم جاء الناسخ.
* أو تُشرع العبادة، وقبل أن يتمكنوا من الامتثال يرد النسخ.
لم يذكر الحالة الأولى؛ لأنها هي الكثيرة، وهي الأصل، إذا ورد النسخ انصرف إلى هذا المعنى.
لكن هل يشرع الرب -جل وعلا- عبادة، ثم يَدخلُ وقتُها، وقبل أن يتمكن المكلف من الامتثال تُرفَع العبادة؟
نعم يجوز، قال:
(ويجوز قبل التمكن): يعني يجوز النسخ ويقع قبل تمكن المكلف من الامتثال بمدلول الخطاب؛ أي قبل وقت الفعل، وهذا قول الجمهور؛ بدليل قصة إبراهيم -عليه السلام- أنه أُمر بذبح ابنه إسماعيل -عليه السلام-، ولكن هل تمكن من الفعل؟
الجواب: لا، {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: 103-105]، ثم قال: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ}[الصافات: 106]، إذًا حصل النسخ قبل التمكن، كذلك ما تواتر من نسخ فرض خمسين صلاة في السماء إلى خمس قبل الفعل، وإذا وقع دل على الجواز، الوقوع يكون دائما دليلا على الجواز، ولا إشكال في ذلك.
ما هي الحكمة في مثل هذا؟
الابتلاء؛ أن يكون الإنسان مُبتلى؛ لأن العبادة لها جهتان:
* قد يُؤمَر العبد بعبادة فيمتثل، فيكون المراد بها الامتثال، حصول الشيء.
* أو يُبتلى بأنه يُكلَّف بالشيء، ثم قبل فعله يُنسخ، ووجهه حينئذ يكون من باب هل أخذ في الأسباب أو لا؟ هل انقاد عندما سمع الخطاب أو لا؟ هذا بناء على أن الحكمة في العبادة هي الابتلاء والامتثال.
أو بينه والابتلا تَرَدَّدا ..................
يعني الحكمة في شرع العبادة بعضهم قال: الامتثال فقط، وبعضهم قال: لا، الامتثال هذا هو الأكثر، وقد يكون المراد به الابتلاء، وفائدته حينئذ زيادة الثواب؛ لأنه يعزم على الفعل، ويقول: سمعنا وأطعنا، ثم إذا أراد أن يفعل لا يُمكَّن، هذا الأمر ليس إليه.