بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد
تأليف : محمد بن عبد الوهاب
محتويات []
1 كتاب التوحيد الذي هو حق الله علي العبيد
2 باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
3 باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب
4 باب الخوف من الشرك
5 باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله
6 باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
7 باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
8 باب ما جاء في الرقي والتمائم
9 باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما
10 باب ما جاء في الذبح لغير الله
10.1 باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
10.2 باب من الشرك النذر لغير الله
10.3 باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
10.4 باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
10.5 باب قول الله تعالى : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً) الآية
10.6 باب قول الله تعالى : ( حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
10.7 باب الشفاعة
10.8 باب قول الله تعالى : ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية
10.9 باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
10.10 باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
10.11 باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثاناً تعبد من دون الله
10.12 باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك
10.13 باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان
10.14 باب ما جاء في السحر
10.15 باب بيان شيء من أنواع السحر
10.16 باب ما جاء في الكهان ونحوهم
10.17 باب ما جاء في النشرة
10.18 باب ما جاء في التطير
10.19 باب ما جاء في التنجيم
10.20 باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء
10.21 باب قول الله تعالى : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ) الآية
10.22 باب قول الله تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين)
10.23 باب قول الله تعالى : ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )
10.24 باب قول الله تعالى : ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )
10.25 باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله
10.26 باب ما جاء في الرياء
10.27 باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
10.28 باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أرباباً من دون الله
10.29 باب قول الله تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم ءامنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ...) الآيات
10.30 باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
10.31 باب قول الله تعالى : ( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون )
10.32 باب قول الله تعالى : ( فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون )
10.33 باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله
10.34 باب قول : ما شاء الله وشئت
10.35 باب من سب الدهر فقد آذى الله
10.36 باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه
10.37 باب احترام أسماء الله وتغيير الاسم لأجل ذلك
10.38 باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول
10.39 باب ما جاء في قول الله تعالى : ( ولئن أذقناه رحمةً منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي ) الآية
10.40 باب قول الله تعالى : ( فلما آتاهما صالحاً جعلا له شركاء فيما آتاهما ) الآية
10.41 باب قول الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه) الآية
10.42 باب لا يقال : السلام على الله
10.43 باب قول : اللهم اغفر لي إن شئت
10.44 باب لا يقول : عبدي وأمتي
10.45 باب لا يرد من سأل الله
10.46 باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة
10.47 باب ما جاء في الّلو
10.48 باب قول الله تعالى : ( يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله ) الآية
10.49 باب ما جاء في منكري القدر
10.50 باب ما جاء في المصورين
10.51 باب ما جاء في كثرة الحلف
10.52 باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه
10.53 باب ما جاء في الإقسام على الله
10.54 باب لا يستشفع بالله على خلقه
10.55 باب ما جاء في حماية النبي صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد، وسده طرق الشرك
10.56 باب ما جاء في قول الله تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة) الآية
[] كتاب التوحيد الذي هو حق الله علي العبيد
قال ابن مسعود رضي الله عنه : من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) - إلى قوله - ( وأن هذا صراطي مستقيماً..) الآية.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: ( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ) ، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) ، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: ( لا تبشرهم فيتكلوا ) . أخرجاه في الصحيحين.
وقول الله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ،
وقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطغوت) الآية ،
وقوله : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنا) الآية ،
وقوله : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) الآية ،
وقوله : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا) الآيات.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) – إلى قوله – ( وأن هذا صراطي مستقيماً..) الآية.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: ( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ) ، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) ، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: ( لا تبشرهم فيتكلوا ) . أخرجاه في الصحيحين.
فيه مسائل :
الأولى : الحكمة في خلق الجن والإنس.
الثانية : أن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه.
الثالثة : أن من لم يأت به لم يعبد الله، ففيه معنى قوله تعالى : ( ولا أنتم عابدون ما أعبد) .
الرابعة : الحكمة في إرسال الرسل.
الخامسة : أن الرسالة عمَّت كل أمة.
السادسة : أن دين الأنبياء واحد.
السابعة : المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت ، ففيه معنى قوله : ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله) الآية.
الثامنة : أن الطاغوت عام في كل ما عُبِد من دون الله .
التاسعة : عظم شأن ثلاث الآيات المحكمات في سورة الأنعام عند السلف. وفيها عشر مسائل، أولها النهي عن الشرك.
العاشرة : الآيات المحكمات في سورة الإسراء، وفيها ثماني عشرة مسألة، بدأها الله بقوله : ( لا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذولاً ) ، وختمها بقوله : ( ولا تجعل مع الله إلهاً آخر فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً) ، ونبهنا الله سبحانه على عظم شأن هذه المسائل بقوله : ( ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة) .
الحادية عشرة : آية سورة النساء التي تسمى آية الحقوق العشرة ، بدأها الله تعالى بقوله : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) .
الثانية عشرة : التنبيه على وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته.
الثالثة عشرة : معرفة حق الله تعالى علينا.
الرابعة عشرة : معرفة حق العباد عليه إذا أدوا حقه.
الخامسة عشرة : أن هذه المسألة لا يعرفها أكثر الصحابة.
السادسة عشرة : جواز كتمان العلم للمصلحة.
السابعة عشرة : استحباب بشارة المسلم بما يسره.
الثامنة عشرة : الخوف من الاتكال على سعة رحمة الله.
التاسعة عشرة : قول المسؤول عما لا يعلم: الله ورسوله أعلم.
العشرون : جواز تخصيص بعض الناس بالعلم دون بعض.
الحادية والعشرون : تواضعه صلى الله عليه وسلم لركوب الحمار مع الإرداف عليه.
الثانية والعشرون : جواز الإرداف على الدابة.
الثالثة والعشرون : فضيلة معاذ بن جبل.
الرابعة والعشرون : عظم شأن هذه المسألة .
[] باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
وقول الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) الآية.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). أخرجاه.
ولهما في حديث عتبان: ( فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: يا موسى: قل لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله الله في كفة، مالت بهن لا إله الله) . رواه ابن حبان، والحاكم وصححه .
وللترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) .
فيه مسائل :
الأولى : سعة فضل الله .
الثانية : كثرة ثواب التوحيد عند الله .
الثالثة : تكفيره مع ذلك للذنوب .
الرابعة : تفسير الآية التي في سورة الأنعام .
الخامسة : تأمل الخمس اللواتي في حديث عبادة.
السادسة : أنك إذا جمعت بينه وبين حديث عتبان وما بعده تبين لك معنى قول: (لا إله إلا الله) وتبين لك خطأ المغرورين.
السابعة : التنبيه للشرط الذي في حديث عتبان.
الثامنة : كون الأنبياء يحتاجون للتنبيه على فضل لا إله إلا الله.
التاسعة : التنبيه لرجحانها بجميع المخلوقات، مع أن كثيراً ممن يقولها يخف ميزانه.
العاشرة : النص على أن الأرضين سبع كالسموات.
الحادية عشرة : أن لهن عماراً.
الثانية عشرة : إثبات الصفات، خلافاً للأشعرية.
الثالثة عشرة : أنك إذا عرفت حديث أنس، عرفت أن قوله في حديث عتبان: ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله ) أنه ترك الشرك، ليس قولها باللسان.
الرابعة عشرة : تأمل الجمع بين كون عيسى ومحمد عبدي الله ورسوليه.
الخامسة عشرة : معرفة اختصاص عيسى بكونه كلمة الله .
السادسة عشرة : معرفة كونه روحاً منه.
السابعة عشرة : معرفة فضل الإيمان بالجنة والنار.
الثامنة عشرة : معرفة قوله : (على ما كان من العمل).
التاسعة عشرة : معرفة أن الميزان له كفتان.
العشرون : معرفة ذكر الوجه.
[] باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب
وقول الله تعالى : ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفا ولم يك من المشركين) ،
وقال : ( والذين هم بربهم لا يشركون)
عن حصين بن عبد الرحمن قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة؟ فقلت: أنا، ثم قلت : أما إني لم أكن في صلاة، ولكني لُدِغت، قال: فما صنعت؟ قلت: ارتقيت قال: فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث حدثناه الشعبي، قال وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. قال: قد أحسن من انتهى إلى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي، فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ) ، ثم نهض فدخل منزله. فخاض الناس في أولئك، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئاً، وذكروا أشياء، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه فأخبروه، فقال: ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون) ، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: ( أنت منهم) ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. فقال : ( سبقك بها عكاشة) .
فيه مسائل :
الأولى : معرفة مراتب الناس في التوحيد.
الثانية : ما معنى تحقيقه.
الثالثة : ثناؤه سبحانه على إبراهيم بكونه لم يكن من المشركين.
الرابعة : ثناؤه على سادات الأولياء بسلامتهم من الشرك.
الخامسة : كون ترك الرقية والكي من تحقيق التوحيد.
السادسة : كون الجامع لتلك الخصال هو التوكل.
السابعة : عمق علم الصحابة لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعمل.
الثامنة : حرصهم على الخير.
التاسعة : فضيلة هذه الأمة بالكمية والكيفية.
العاشرة : فضيلة أصحاب موسى.
الحادية عشرة : عرض الأمم عليه، عليه الصلاة والسلام.
الثانية عشرة : أن كل أمة تحشر وحدها مع نبيها.
الثالثة عشرة : قلة من استجاب للأنبياء.
الرابعة عشرة : أن من لم يجبه أحد يأتي وحده.
الخامسة عشرة : ثمرة هذا العلم، وهو عدم الاغترار بالكثرة، وعدم الزهد في القلة.
السادسة عشرة : الرخصة في الرقية من العين والحمة.
السابعة عشرة : عمق علم السلف لقوله : قد أحسن من انتهى إلى ما سمع، ولكن كذا وكذا ، فعلم أن الحديث الأول لا يخالف الثاني.
الثامنة عشرة : بعد السلف عن مدح الإنسان بما ليس فيه.
التاسعة عشرة : قوله : ( أنت منهم ) علم من أعلام النبوة.
العشرون : فضيلة عكاشة.
الحادية والعشرون : استعمال المعاريض.
الثانية والعشرون : حسن خلقه صلى الله عليه وسلم .
[] باب الخوف من الشرك
وقول الله عز وجل : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، وقال الخليل عليه السلام : ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) .
وفي حديث : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ) ، فسئل عنه فقال : ( الرياء) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار) ، رواه البخاري .
ولمسلم عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار).
فيه مسائل :
الأولى : الخوف من الشرك.
الثانية : أن الرياء من الشرك.
الثالثة : أنه من الشرك الأصغر.
الرابعة : أنه أخوف ما يخاف منه على الصالحين.
الخامسة : قرب الجنة والنار.
السادسة : الجمع بين قربهما في حديث واحد.
السابعة : أنه من لقيه لا يشرك به شيئاً دخل الجنة. ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ولو كان من أعبد الناس.
الثامنة : المسألة العظيمة: سؤال الخليل له ولبنيه وقاية عبادة الأصنام.
التاسعة : اعتباره بحال الأكثر، لقوله: (رب إنهن أضللن كثيراً من الناس) .
العاشرة : فيه تفسير (لا إله إلا الله) كما ذكره البخاري.
الحادية عشرة : فضيلة من سلم من الشرك.
[] باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله الله
وقوله الله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) الآية.
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له : ( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله - وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله - فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) أخرجاه.
ولهما عن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ( لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله ) ، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال : ( أين علي بن أبي طالب؟) فقيل: هو يشتكي عينيه، فأرسلوا إليه، فأتى به فبصق في عينيه، ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية فقال : ( انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً، خير لك من حمر النعم ) -
يدوكون: يخوضون - .
فيه مسائل :
الأولى : أن الدعوة إلى الله طريق من اتبعه صلى الله عليه وسلم.
الثانية : التنبيه على الإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.
الثالثة : أن البصيرة من الفرائض.
الرابعة : من دلائل حسن التوحيد ، كونه تنزيهاً لله تعالى عن المسبة.
الخامسة : أن من قبح الشرك كونه مسبة لله.
السادسة : وهي من أهمها ، إبعاد المسلم عن المشركين لئلا يصير منهم ولو لم يشرك.
السابعة : كون التوحيد أول واجب.
الثامنة : أن يبدأ به قبل كل شيء، حتى الصلاة.
التاسعة : أن معنى ( أن يوحدوا الله )، معنى شهادة: أن لا إله إلا الله.
العاشرة : أن الإنسان قد يكون من أهل الكتاب، وهو لا يعرفها، أو يعرفها ولا يعمل بها.
الحادية عشرة : التنبيه على التعليم بالتدريج.
الثانية عشرة : البداءة بالأهم فالأهم.
الثالثة عشرة : مصرف الزكاة.
الرابعة عشرة : كشف العالم الشبهة عن المتعلم.
الخامسة عشرة : النهي عن كرائم الأموال.
السادسة عشرة : اتقاء دعوة المظلوم.
السابعة عشرة : الإخبار بأنها لا تحجب.
الثامنة عشرة : من أدلة التوحيد ما جرى على سيد المرسلين وسادات الأولياء من المشقة والجوع والوباء.
التاسعة عشرة : قوله ( لأعطين الراية ) إلخ ، علم من أعلام النبوة.
العشرون : تفله في عينيه علم من أعلامها أيضاً.
الحادية والعشرون : فضيلة علي رضي الله عنه.
الثانية والعشرون : فضل الصحابة في دوكهم تلك الليلة وشغلهم عن بشارة الفتح.
الثالثة والعشرون : الإيمان بالقدر، لحصولها لمن لم يسع لها ومنعها عمن سعى.
الرابعة والعشرون : الأدب في قوله (على رسلك).
الخامسة والعشرون : الدعوة إلى الإسلام قبل القتال.
السادسة والعشرون : أنه مشروع لمن دعوا قبل ذلك وقوتلوا.
السابعة والعشرون : الدعوة بالحكمة، لقوله ( أخبرهم بما يجب عليهم) .
الثامنة والعشرون : المعرفة بحق الله تعالى في الإسلام.
التاسعة والعشرون : ثواب من اهتدى على يده رجل واحد.
الثلاثون : الحلف على الفتيا.
[] باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله
وقول الله تعالى : ( أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب) الآيه ، وقوله : ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآءُ مما تعبدون * إلا الذي فطرني) الآية
وقوله : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) الآية ،
وقوله : ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله) الآية.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل).
وشرح هذا الترجمة : ما بعدها من الأبواب.
فيه أكبر المسائل وأهمها :
وهي تفسير التوحيد، وتفسير الشهادة، وبيَّنَها بأمور واضحة.
منها : آية الإسراء، بيَّن فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين، ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر.
ومنها : آية براءة، بيَّن فيها أن أهل الكتاب اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، وبين أنهم لم يؤمروا إلا بأن يعبدوا إلهاً واحداً، مع أن تفسيرها الذي لا إشكال فيه طاعة العلماء والعباد في المعصية، لادعائهم إياهم.
ومنها : قول الخليل عليه السلام للكفار: ( إنني برآء مما تعبدون * إلا الذي فطرني ) ، فاستثنى من المعبودين ربه، وذكر سبحانه أن هذه البراءة وهذه الموالاة هي تفسير شهادة أن لا إله إلا الله ، فقال : ( وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون)
ومنها : آية البقرة في الكفار الذين قال الله فيهم: ( وما هم بخارجين من النار) ، ذكر أنهم يحبون أندادهم كحب الله، فدل على أنهم يحبون الله حباً عظيماً، ولم يدخلهم في الإسلام، فكيف بمن أحب الند أكبر من حب الله؟! فكيف لمن لم يحب إلا الند وحده، ولم يحب الله؟!.
ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم: ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله) ، وهذا من أعظم ما يبيِّن معنى (لا إله إلا الله) فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها مع لفظها، بل ولا الإقرار بذلك، بل ولا كونه لا يدعو إلا الله وحده لا شريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله، فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه ، فيالها من مسألة ما أعظمها وأجلها، وياله من بيان ما أوضحه، وحجة ما أقطعها للمنازع.
[] باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
وقول الله تعالى : ( قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادنيَ الله بضر هل هن كاشفات ضره)الآية.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال : ( ما هذه ؟) ، قال: من الواهنة. فقال: ( انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبداً ) رواه أحمد بسند لا بأس به ، وله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً: ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له) وفي رواية : ( من تعلق تميمة فقد أشرك) ، ولابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله: ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) .
فيه مسائل :
الأولى : التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك.
الثانية : أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح. فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
الثالثة : أنه لم يعذر بالجهالة.
الرابعة : أنها لا تنفع في العاجلة بل تضر، لقوله: (لا تزيدك إلا وهناً).
الخامسة : الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك.
السادسة : التصريح بأن من تعلق شيئاً وكل إليه.
السابعة : التصريح بأن من تعلق تميمة فقد أشرك.
الثامنة : أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك.
التاسعة : تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر، كما ذكر بن عباس في آية البقرة.
العاشرة : أن تعليق الودع عن العين من ذلك.
الحادية عشرة : الدعاء على من تعلق تميمة، أن الله لا يتم له، ومن تعلق ودعة، فلا ودع الله له، أي لا ترك الله له .
[] باب ما جاء في الرقي والتمائم
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أحمد وأبو داود ،
وعن عبد الله بن عكيم مرفوعاً : ( من تعلق شيئاً وكل إليه ) رواه أحمد والترمذي.
التمائم : شيء يعلق على الأولاد من العين، لكن إذا كان المعلق من القرآن، فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه.
والرقى : هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة.
والتولة : شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته.
وروى أحمد عن رويفع قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا رويفع! لعل الحياة تطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمداً بريء منه ).
وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه، قال: ( من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة) رواه وكيع ، وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن وغير القرآن.
فيه مسائل :
الأولى : تفسير الرقي والتمائم.
الثانية : تفسير التولة.
الثالثة : أن هذه الثلاثة كلها من الشرك من غير استثناء.
الرابعة : أن الرقية بالكلام الحق من العين والحمة ليس من ذلك.
الخامسة : أن التميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف العلماء هل هي من ذلك أم لا؟.
السادسة : أن تعليق الأوتار على الدواب عن العين، من ذلك.
السابعة : الوعيد الشديد على من تعلق وتراً.
الثامنة : فضل ثواب من قطع تميمة من إنسان.
التاسعة : أن كلام إبراهيم لا يخالف ما تقدم من الاختلاف، لأن مراده أصحاب عبد الله بن مسعود .
[] باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما
وقول الله تعالى : ( أفرأيتم الَّلات والعزى) الآيات.
عن أبي واقد الليثي، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الله أكبر! إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون) ، لتركبن سنن من كان قبلكم). رواه الترمذي وصححه.
فيه مسائل :
الأولى : تفسير آية النجم.
الثانية : معرفة صورة الأمر الذي طلبوا.
الثالثة : كونهم لم يفعلوا.
الرابعة : كونهم قصدوا التقرب إلى الله بذلك، لظنهم أنه يحبه.
الخامسة : أنهم إذا جهلوا هذا فغيرهم أولى بالجهل.
السادسة : أن لهم من الحسنات والوعد بالمغفرة ما ليس لغيرهم.
السابعة : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعذرهم، بل رد عليهم بقوله: ( الله أكبر إنها السنن، لتتبعن سنن من كان قبلكم) فغلظ الأمر بهذه الثلاث.
الثامنة : الأمر الكبير، وهو المقصود: أنه أخبر أن طلبتهم كطلبة بني إسرائيل لما قالوا لموسى : ( اجعل لنا إلهاً ) .
التاسعة : أن نفي هذا معنى (لا إله إلا الله)، مع دقته وخفائه على أولئك.
العاشرة : أنه حلف على الفتيا، وهو لا يحلف إلا لمصلحة.
الحادية عشرة : أن الشرك فيه أكبر وأصغر، لأنهم لم يرتدوا بهذا.
الثانية عشرة : قولهم : ( ونحن حدثاء عهد بكفر ) فيه أن غيرهم لا يجهل ذلك.
الثالثة عشرة : التكبير عند التعجب، خلافاً لمن كرهه.
الرابعة عشرة : سد الذرائع.
الخامسة عشرة : النهي عن التشبه بأهل الجاهلية.
السادسة عشرة : الغضب عند التعليم.
السابعة عشرة : القاعدة الكلية، لقوله ( إنها السنن).
الثامنة عشرة : أن هذا عَلم من أعلام النبوة، لكونه وقع كما أخبر.
التاسعة عشرة : أن كل ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنه لنا.
العشرون : أنه متقرر عندهم أن العبادات مبناها على الأمر، فصار فيه التنبيه على مسائل القبر. أما (من ربك)؟ فواضح، وأما (من نبيك)؟ فمن إخباره بأنباء الغيب، وأما (ما دينك)؟ فمن قولهم: ( اجعل لنا إلهاً ) إلخ.
الحادية والعشرون : أن سنة أهل الكتاب مذمومة كسنة المشركين.
الثانية والعشرون : أن المنتقل من الباطل الذي اعتاده قلبه لا يُؤمن أن يكون في قلبه بقية من تلك العادة لقولهم : ( ونحن حدثاء عهد بكفر ) .
[] باب ما جاء في الذبح لغير الله
وقول الله تعالى : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شر يك له) الآية، وقوله: ( فصل لربك وأنحر) .
عن علي رضي الله عنه قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات : ( لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن ووالديه. لعن الله من آوى محدثاً، لعن الله من غير منار الأرض) رواه مسلم .
وعن طارق بن شهاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب ) قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟! قال: ( مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما قرب ، قال: ليس عندي شيء أقرب ، قالوا له : قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة) رواه أحمد .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير ( إن صلاتي ونسكي ).
الثانية : تفسير ( فصل لربك وأنحر).
الثالثة : البداءة بلعنة من ذبح لغير الله.
الرابعة : لعن من لعن والديه، ومنه أن تلعن والدي الرجل فيلعن والديك.
الخامسة : لعن من آوى محدثاً وهو الرجل يحدث شيئاً يجب فيه حق لله فيلتجيء إلى من يجيره من ذلك.
السادسة : لعن من غير منار الأرض، وهي المراسيم التي تفرق بين حقك في الأرض وحق جارك، فتغيرها بتقديم أو تأخير.
السابعة : الفرق بين لعن المعيّن، ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم.
الثامنة : هذه القصة العظيمة، وهي قصة الذباب.
التاسعة : كونه دخل النار بسبب ذلك الذباب الذي لم يقصده، بل فعله تخلصاً من شرهم.
العاشرة : معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين، كيف صبر ذلك على القتل، ولم يوافقهم على طلبتهم، مع كونهم لم يطلبوا منه إلا العمل الظاهر.
الحادية عشرة : أن الذي دخل النار مسلم، لأنه لو كان كافراً لم يقل: ( دخل النار في ذباب).
الثانية عشرة : فيه شاهد للحديث الصحيح ( الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك).
الثالثة عشرة : معرفة أن عمل القلب هو المقصود الأعظم حتى عند عبدة الأوثان.
[] باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله
وقول الله تعالى : ( لا تَقُم فيه أبداً ) الآية.
عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، قال : نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( هل كان
فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد)؟ قالوا: لا. قال: ( فهل كان فيها عيد من أعيادهم)؟ قالوا: لا. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: ( أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم ) رواه أبو داود، وإسنادها على
شرطهما .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير قوله : ( لا تَقُم فيه أبداً ) .
الثانية : أن المعصية قد تؤثر في الأرض، وكذلك الطاعة.
الثالثة : رد المسألة المشكلة إلى المسألة البيِّنة ليزول الإشكال.
الرابعة : استفصال المفتي إذا احتاج إلى ذلك.
الخامسة : أن تخصيص البقعة بالنذر لا بأس به إذا خلا من الموانع.
السادسة : المنع منه إذا كان فيه وثن من أوثان الجاهلية ولو بعد زواله.
السابعة : المنع منه إذا كان فيه عيد من أعيادهم ولو بعد زواله.
الثامنة : أنه لا يجوز الوفاء بما نذر في تلك البقعة، لأنه نذر معصية.
التاسعة : الحذر من مشابهة المشركين في أعيادهم ولو لم يقصده.
العاشرة : لا نذر في معصية.
الحادية عشرة : لا نذر لابن آدم فيما لا يملك.
[] باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى : ( يوفون بالنذر) ، وقوله : ( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) .
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن
يعصي الله فلا يعصه ).
فيه مسائل :
الأولى : وجوب الوفاء بالنذر.
الثانية : إذا ثبت كونه عبادة لله فصرفه إلى غيره شرك.
الثالثة : أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به.
[] باب من الشرك الاستعاذة بغير الله
وقول الله تعالى : ( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) .
وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من نزل منزلاً فقال: أعوذ
بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك) رواه مسلم .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير آية الجن.
الثانية : كونه من الشرك.
الثالثة : الاستدلال على ذلك بالحديث، لأن العلماء استدلوا به على أن كلمات الله غير مخلوقة، قالوا: لأن الاستعاذة بالمخلوق
شرك.
الرابعة : فضيلة هذا الدعاء مع اختصاره.
الخامسة : أن كون الشيء يحصل به مصلحة دنيوية من كف شر أو جلب نفع – لا يدل على أنه ليس من شرك.
[] باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره
وقوله تعالى : ( ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا
كاشف له إلا هو) الآية ، وقوله: ( فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ) الآية ، وقوله : ( ومن أضل ممن يدعوا من دون
الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة) الآيتان ، وقوله : ( أمن يجيب ا لمضطر إذا دعاه ويكشف السوء) .
وروي الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين، فقال بعضهم: قوموا بنا نستغيث برسول
الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله عز
وجل).
فيه مسائل :
الأولى : أن عطف الدعاء على الاستغاثة من عطف العام على الخاص.
الثانية : تفسير قوله : ( ولا تدع من دون ا لله ما لا ينفعك ولا يضرك) .
الثالثة : أن هذا هو الشرك الأكبر.
الرابعة : أن أصلح الناس لو يفعله إرضاء لغيره صار من الظالمين.
الخامسة : تفسير الآية التي بعدها.
السادسة : كون ذلك لا ينفع في الدنيا مع كونه كفراً.
السابعة : تفسير الآية الثالثة.
الثامنة : أن طلب الرزق لا ينبغي إلا من الله، كما أن الجنة لا تطلب إلا منه.
التاسعة : تفسير الآية الرابعة.
العاشرة : أنه لا أضل ممن دعا غير الله.
الحادية عشرة : أنه غافل عن دعاء الداعي لا يدري عنه.
الثانية عشرة : أن تلك الدعوة سبب لبغض المدعو للداعي وعداوته له.
الثالثة عشرة : تسمية تلك الدعوة عبادة للمدعو.
الرابعة عشرة : كفر المدعو بتلك العبادة.
الخامسة عشرة : أن هذه الأمور سبب كونه أضل الناس.
السادسة عشرة : تفسير الآية الخامسة.
السابعة عشرة : الأمر العجيب وهو إقرار عبدة الأوثان أنه لا يجيب المضطر إلا الله ، ولأجل هذا يدعونه في الشدائد مخلصين له
الدين.
الثامنة عشرة : حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد والتأدب مع الله عز وجل .
[] باب قول الله تعالى : ( أيشركون مالا يخلق شيئاً وهم يخلقون * ولا يستطيعون لهم نصراً) الآية
وقوله : ( والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير) الآية . وفي الصحيح عن أنس قال: شُجَّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وكسرت رباعيته، فقال: ( كيف يفلح قوم شَجُّوا نبيهم )؟
فنزلت: ( ليس لك من الأمر شيء ) ، وفيه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا
رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر: ( اللهم العن فلاناً وفلاناً ) بعدما يقول: ( سمع الله لمن حمده، ربنا
ولك الحمد) فأنزل الله تعالى: ( ليس لك من الأمر شيء ) الآية ، وفي رواية : يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن
عمرو والحارث بن هشام، فنزلت ( ليس لك من الأمر شيء) ، وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام رسول الله صلى
الله عليه وسلم حين أنزل عليه: ( وأنذر عشيرتك الأقربين) قال: ( يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم، لا
أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني
عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ).
فيه مسائل :
الأولى : تفسير الآيتين.
الثانية : قصة أحد.
الثالثة : قنوت سيد المرسلين وخلفه سادات الأولياء يؤمنون في الصلاة.
الرابعة : أن المدعو عليهم كفار.
الخامسة : أنهم فعلوا أشياء ما فعلها غالب الكفار. منها: شجهم نبيهم وحرصهم على قتله، ومنها: التمثيل بالقتلى مع أنهم بنو
عمهم.
السادسة : أنزل الله عليه في ذلك ( ليس لك من الأمر شيء) .
السابعة : قوله : ( أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) فتاب عليهم فآمنوا.
الثامنة : القنوت في النوازل.
التاسعة : تسمية المدعو عليهم في الصلاة بأسمائهم وأسماء آبائهم.
العاشرة : لعنه المعين في القنوت.
الحادية عشرة : قصته صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) .
الثانية عشرة : جدّه صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، بحيث فعل ما نسب بسببه إلى الجنون، وكذلك لو يفعله مسلم الآن.
الثالثة عشرة : قوله للأبعد والأقرب: ( لا أغني عنك من الله شيئاً ) حتى قال: ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من
الله شيئاً) فإذا صرح صلى الله عليه وسلم وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى
الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس الآن ، تبين له التوحيد وغربة الدين .
[] باب قول الله تعالى : ( حتى إذا فُزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير )
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت
الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك. حتى إذا فُزِّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها عن لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء ).
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم
بالوحي أخذت السماوات منه رجفة - أو قال رعدة - شديدة خوفاً من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا
وخروا سجداً. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء سأله
ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل. فينتهي جبريل
بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل ) .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير الآية.
الثانية : ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصاً من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل : إنها تقطع عروق شجرة
الشرك من القلب.
الثالثة : تفسير قوله : ( قالوا الحق وهو العلي الكبير) .
الرابعة : سبب سؤالهم عن ذلك.
الخامسة : أن جبريل هو الذي يجيبهم بعد ذلك بقوله : ( قال كذا وكذا).
السادسة : ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل.
السابعة : أن يقول لأهل السماوات كلهم، لأنهم يسألونه.
الثامنة : أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم.
التاسعة : ارتجاف السماوات لكلام الله.
العاشرة : أن جبريل هو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.
الحادية عشرة : ذكر استراق الشياطين.
الثانية عشرة : صفة ركوب بعضهم بعضاً.
الثالثة عشرة : إرسال الشهب.
الرابعة عشرة : أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه.
الخامسة عشرة : كون الكاهن يصدق بعض الأحيان.
السادسة عشرة : كونه يكذب معها مائة كذبة.
السابعة عشرة : أنه لم يصدق كذبه إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء.
الثامنة عشرة : قبول النفوس للباطل، كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمائة؟!.
التاسعة عشرة : كونهم يلقي بعضهم إلى بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها. العشرون : إثبات الصفات خلافاً للأشعرية المعطلة. الحادية والعشرون : التصريح بأن تلك الرجفة والغشي كانا خوفاً من الله عز وجل. الثانية والعشرون : أنهم يخرون لله سجداً.
[] باب الشفاعة
وقول الله تعالى : ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ) ، وقوله : ( قل لله
الشفاعة جميعاً) ، وقوله : ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) ، وقوله : ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم
شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى ) ، وقوله: ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في ا
لسموات ولا في الأرض) الآيتين.
قال أبو العباس : نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه، أو يكون عوناً لله، ولم يبق
إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب، كما قال تعالى : ( ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ) ، فهذه الشفاعة التي
يظنها المشركون، هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده، لا يبدأ
بالشفاعة أولاً، ثم يقال له: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تُعط، واشفع تُشفع. وقال له أبو هريرة : من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: ( من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه) ، فتلك الشفاعة
لأهل الإخلاص بإذن الله، ولا تكون لمن أشرك بالله. وحقيقته : أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع، ليكرمه وينال المقام
المحمود. فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم
أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه.
فيه مسائل :
الأولى : تفسير الآيات.
الثانية : صفة الشفاعة المنفية.
الثالثة : صفة الشفاعة المثبتة.
الرابعة : ذكر الشفاعة الكبرى، وهي المقام المحمود.
الخامسة : صفة ما يفعله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يبدأ بالشفاعة أولاً، بل يسجد، فإذا أذن الله له شفع.
السادسة : من أسعد الناس بها؟.
السابعة : أنها لا تكون لمن أشرك بالله.
الثامنة : بيان حقيقتها.
[] باب قول الله تعالى : ( إنك لا تهدي من أحببت ) الآية
وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: ( لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبد الله
بن أبي أمية وأبو جهل، فقال له: ( يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله) ، فقالا له: أترغب عن ملة عبد
المطلب؟ فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فأعادا ، فكان آخر ما قال : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا
الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) ، فأنزل الله عز وجل( ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ) الآية. وأنزل الله في أبي طالب: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) .
فيه مسائل :
الأولى : تفسير قوله: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) .
الثانية : تفسير قوله : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) الآية.
الثالثة : وهي المسألة الكبرى – تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: ( قل: لا إله إلا الله) بخلاف ما عليه من يدعي
العلم.
الرابعة : أن أبا جهل ومن معه يعرفون مراد النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال للرجل: ( قل لا إله إلا الله ). فقبح الله من
أبو جهل أعلم منه بأصل الإسلام.
الخامسة : جدّه صلى الله عليه وسلم ومبالغته في إسلام عمه.
السادسة : الرد على من زعم إسلام عبد المطلب وأسلافه.
السابعة : كونه صلى الله عليه وسلم استغفر له فلم يغفر له، بل نهي عن ذلك.
الثامنة : مضرة أصحاب السوء على الإنسان.
التاسعة : مضرة تعظيم الأسلاف والأكابر.
العاشرة : الشبهة للمبطلين في ذلك، لاستدلال أبي جهل بذلك.
الحادية عشرة : الشاهد لكون الأعمال بالخواتيم، لأنه لو قالها لنفعته.
الثانية عشرة : التأمل في كبر هذه الشبهة في قلوب الضالين، لأن في القصة أنهم لم يجادلوه إلا بها، مع مبالغته صلى الله عليه وسلم
وتكريره، فلأجل عظمتها ووضوحها عندهم، اقتصروا عليها.
[] باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين
وقول الله عز وجل : ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) .
وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى : ( وقالوا لا تذرُنَّ آلهتكم ولا تذرُنَّ وداً ولا سواعاً ولا يغوث
ويعوق ونسراً ) ، قال: ( هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى
مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم، عبدت). وقال ابن القيم: قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد
الله ورسوله) أخرجاه . وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو). ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( هلك المتنطعون) قالها ثلاثاً.
فيه مسائل :
الأولى : أن من فهم هذا الباب وبابين بعده، تبين له غربة الإسلام، ورأى من قدرة الله وتقليبه للقلوب العجب.
الثانية : معرفة أول شرك حدث على وجه الأرض أنه بشبهة الصالحين.
الثالثة : أول شيء غيّر به دين الأنبياء، وما سبب ذلك مع معرفة أن الله أرسلهم.
الرابعة : قبول البدع مع كون الشرائع والفطر تردها.
الخامسة : أن سبب ذلك كله مزج الحق بالباطل، فالأول: محبة الصالحين، والثاني: فعل أناس من أهل العلم والدين شيئاً أرادوا
به خيراً، فظن من بعدهم أنهم أرادوا به غيره.
السادسة : تفسير الآية التي في سورة نوح.
السابعة : جبلة الآدمي في كون الحق ينقص في قلبه، والباطل يزيد.
الثامنة : فيه شاهد لما نقل عن السلف أن البدعة سبب الكفر.
التاسعة : معرفة الشيطان بما تؤول إليه البدعة ولو حسن قصد الفاعل.
العاشرة : معرفة القاعدة الكلية، وهي النهي عن الغلو، ومعرفة ما يؤول إليه.
الحادية عشرة : مضرة العكوف على القبر لأجل عمل صالح.
الثانية عشرة : معرفة النهي عن التماثيل، والحكمة في إزالتها.
الثالثة عشرة : معرفة عظم شأن هذه القصة، وشدة الحاجة إليها مع الغفلة عنها.
الرابعة عشرة : وهي أعجب وأعجب ، قراءتهم إياها في كتب التفسير والحديث، ومعرفتهم بمعنى الكلام، وكون الله حال بينهم وبين
قلوبهم حتى اعتقدوا أن فعل قوم نوح هو أفضل العبادات، واعتقدوا أن ما نهى الله ورسوله عنه، فهو الكفر المبيح للدم والمال.
الخامسة عشرة : التصريح أنهم لم يريدوا إلا الشفاعة.
السادسة عشرة : ظنهم أن العلماء الذين صوروا الصور أرادوا ذلك.
السابعة عشرة : البيان العظيم في قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم) فصلوات الله
وسلامه على من بلغ البلاغ المبين.
الثامنة عشرة : نصيحته إيانا بهلاك المتنطعين.
التاسعة عشرة : التصريح بأنها لم تعبد حتى نسي العلم، ففيها بيان معرفة قدر وجوده ومضرة فقده. العشرون : أن سبب فقد العلم موت العلماء.
[] باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتها في أرض الحبشة وما فيها
من الصور. فقال: ( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور
أولئك شرار الخلق عند الله) ، فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين، فتنة القبور، وفتنة التماثيل . ولهما عنها قالت: لما نُزل برسول الله
صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك : ( لعنة الله على اليهود
والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً . أخرجاه .
ولمسلم عن جندب بن عبد الله قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: ( إني أبرأ إلى الله أن
يكون لي منكم خليل، فإن الله قد اتخذني خليلاً، كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلاً، ألا وإن
من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك).
فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم إنه لعن - وهو في السياق - من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يُبْنَ مسجد، وهو معنى
قولها: خشي أن يتخذ مسجداً، فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجداً، بل
كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ). ولأحمد بسند جيد
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: ( إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد)
رواه أبو حاتم في صحيحه .
فيه مسائل :
الأولى : ما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن بنى مسجداً يعبد الله فيه عند قبر رجل صالح، ولو صحت نية الفاعل.
الثانية : النهي عن التماثيل، وغلظ الأمر في ذلك.
الثالثة : العبرة في مبالغته صلى الله عليه وسلم في ذلك. كيف بيّن لهم هذا أولاً، ثم قبل موته بخمس قال ما قال، ثم لما كان في
السياق لم يكتف بما تقدم. الرابعة : نهيه عن فعله عند قبره قبل أن يوجد القبر.
الخامسة : أنه من سنن اليهود والنصارى في قبور أنبيائهم.
السادسة : لعنه إياهم على ذلك.
السابعة : أن مراده صلى الله عليه وسلم تحذيره إيانا عن قبره.
الثامنة : العلة في عدم إبراز قبره.
التاسعة : في معنى اتخاذها مسجداً.
العاشرة : أنه قرن بين من اتخذها مسجداً وبين من تقوم عليهم الساعة، فذكر الذريعة إلى الشرك قبل وقوعه مع خاتمته.
الحادية عشرة : ذكره في خطبته قبل موته بخمس: الرد على الطائفتين اللتين هما شر أهل البدع، بل أخرجهم بعض السلف من
الثنتين والسبعين فرقة، وهم الرافضة والجهمية. وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور، وهم أول من بنى عليها المساجد.
الثانية عشرة : ما بلي به صلى الله عليه وسلم من شدة النزع.
الثالثة عشرة : ما أكرم به من الخلّة.
الرابعة عشرة : التصريح بأنها أعلى من المحبة.
الخامسة عشرة : التصريح بأن الصديق أفضل الصحابة.
السادسة عشرة : الإشارة إلى خلافته.