خطبة : " وقفات مع السمت الصالح "
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
( أما بعد : فيا عباد الله )
حسن هيئة الإنسان وملبسه ، وحسن كلامه وصمته ، وحسن حركته وسكونه ، وحسن دخوله وخروجه " هذا ما يسمى بـ ( السمت الصالح ) الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، بل جعله من أخلاق الأنبياء ، قال صلى الله عليه وسلم كما في المسند وسنن أبي داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة )
هذا السمت الصالح دعا إليه الإسلام في ثنايا العطاس ، إذا عطس أخوك المسلم تشمِّته تقول ( يرحمك الله ) وكما يسمى بالتشميت يسمى أيضا بـ ( التسْميت ) فالعاطس يشمَّت ويُسمَّت ، فقول المسلم لأخيه المسلم إذا عطس ( يرحمك الله ) تدعو له ألا يقع في وقيعة يشمت فيه بها أعداؤه . وأما ( التسميت ) فإن أعضاء بدنه تتحرك وتضطرب فتدعو له بالسمت ، بأن يعيد الله إليه سكونه وحركته إلى المعتاد. [ السمت الصالح يظهر في اللبس من حيث موافقته للشريعة ]
قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد عند أبي داود : ( أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقه ، ولا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ، وما كان أسفل ففي النار)
إذاً سمْتُك أخي في ملبسك يكون باتباع الشريعة وعدم مخالفتها في هذا اللباس ، فما ظنُّكم بمن يلبس لباسا يخالف الشرع ، إما بالإسبال إلى ما تحت الكعبين ، أو بمشابهة أعداء الله عز وجل ، وبمشابهة الكفار والفساق من حيث ارتداء بعض الملابس التي يلبسونها أو بعض الأربطة أو بعض الحِلَق التي كما أنها محرمة من حيث التشبه ، أيضا فيها ما يخل بعقيدة المسلم وبعقيدة هؤلاء الشباب من حيث لا يشعرون . [ السمت الصالح يظهر في اللباس من حيث قيمته ومكانته عند الناس ]
بحيث لا يكون متجاوزا أكثر من الناس ولا يكون دون ، ولذلك في المسند وسنن أبي داود والنسائي من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب دون ، فقال يا عوف أليس لك مال ؟! فقال رضي الله عنه عندي من الإبل والغنم والخيل والرقيق ، فقال صلى الله عليه وسلم إذا أتاك الله مالا فليُر أثر نعمة الله عليك وكرامته )
[ السمت الصالح في اللباس يظهر من حيث نظافته ]
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود والنسائي من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه : ( أنه أتى رجل وعليه ثياب وسخة ، فقال صلى الله عليه وسلم أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ؟ )
[ السمت الصالح يظهر في لون لباس المسلم ]
يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم ، وكفِّنوا فيها موتاكم )
[ السمت الصالح يظهر في شعر الإنسان ]
النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : ( أنه رأى رجلا ثائر الرأس ، فقال صلى الله عليه وسلم أما كان هذا يجد ماء يُسكِّن به شعره )
وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه كما في سنن أبي داود : ( من كان له شعر فليكرمه )
يعني يقوم على تنظيفه ، فهذا من السمت الصالح ، فما ظنكم ببعض الشباب ممن يفعل بشعره الأفاعيل مما يشابه الكفار من هذه القصَّات التي وردت إلينا بأشكال متنوعة ومختلفة ، فأنت يا شاب لك شخصيتك كمسلم ويحرم عليك أن تتتبع آثار وسنن هؤلاء الكفار ، لا في ملبسك ولا في شعرك ولا في حركاتك ولا في سكونك ، فأعظم قدوة هو النبي صلى الله عليه وسلم . [ السمت الصالح أكثر ما يظهر في المسلم في يوم الجمعة ]
النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا )
بل حثَّ صلى الله عليه وسلم أن ُيخصّص المسلم ثياباً ليوم الجمعة لا يلبسها إلا ليوم الجمعة من غير الثياب التي يلبسها لمهنته ولشغله ، قال صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن سلام : ( ما على أحدكم أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته )
[ السمت الصالح أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وطبَّقه ]
يقول جابر بن سمرة رضي الله عنه كما عند الترمذي : ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة أُضْحِيان ) يعني في ليلة مقمرة ( وعليه حُلَّة حمراء ، فجعلت أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى القمر فرأيته أحسن من القمر ) بل إنه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين : ( يكره أن توجد منه الرائحة الخبيثة )
بل جاء عند ابن سعد وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف بريح العود إذا أقبل )
يعني إذا مرَّ صلى الله عليه وسلم بطريق قيل مرَّ به عليه الصلاة والسلام ، لأنه كان حريصا على مظهره وعلى سمته [ السمت الصالح – ولعل ما أذكرهه هو ما دعاني إلى أن أتحدث عنه في هذا اليوم – أوجب وأعظم ما يظهر السمت الصالح عندما تتغير أحوال الناس ، ولذلك ما غفل عن ذلك الصحابة رضي الله عنهم ، عند تغير الزمن هنا تأتي المحنة والابتلاء والاختبار ، أيسير المسلم حيث يسير الناس ؟ أيذهب حيث يذهب الناس ؟ في ملبسه وحركاته وذهابه ومنطقه وغيرها ؟ يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما في الأدب المفرد ، وحسَّنه ابن حجر رحمه الله في الفتح ، قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إنكم في زمن كثير فقهاؤه ) يحدِّث من هو في زمنه ( إنكم في زمن كثير فقهاؤه ، قليل خطباؤه ، قليل سُؤَّاله ، كثير مُعْطُوه ، العمل فيه قائد للهوى ) الهوى يحكم بالعمل الصالح ( وإنه سيأتي زمان قليل فقهاؤه ، كثير خطباؤه ، كثير سؤَّاله ، قليل معطوه ، الهوى فيه قائد للعمل ) يعني الهوى مقدَّم على العمل ، ثم قال ( واعلموا أن حسن الهدي خير من بعض العمل ) حسن الهدي والسمت أحسن من بعض الأعمال الصالحة التطوعية ، لأنه من أخلاق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
يتبع....