أثر القرآن الكريم في اللغة العربية والتحديات المعاصرة
الدكتور محمد يوسف الشربجي
إن هذا الشعور يأتي من الإحساس بالهزيمة النفسية التي يعاني منها الإنسان العربي في هذا العصر، والإعجاب المتنامي بصانع الحضارة المعاصرة الذي يمثل المنتصر والغالب، ومن البدهي أن يقلد المغلوب الغالب، في شعاره وزيه وسائر أحواله وعوائده.
ومعلوم أن اللغة العربية هي أكثر اللغات وفرة في المعاني والألفاظ والاشتقاق، ويوجد فيها من الحروف ما لا يوجد في غيرها، ومع ذلك فقد دخلت علينا ألفاظ ومصطلحات ألفنا النطق بها برغم أنها في الأصل غير عربية، مثل كلمة (سيدا) للتعبير عن السير باتجاه الأمام، و(بنّد) للتعبير عن الإغلاق، و(glass) للتعبير عن الكأس، وهكذا الكثير من المفردات المتداولة بين الشعوب العربية على الرغم من أن هذه الكلمات والألفاظ غير عربية، مع العلم أنه يوجد في لغتنا ما هو أسهل وأجمل، فبدل كلمة (تلفون) كلمة هاتف، وبدل كلمة (موبايل) نقال أو جوال أو المحمول أو الخلوي، وكلها ألفاظ عربية فصيحة لطيفة وخفيفة.
وإذا نظرنا إلى وضع اللغة العربية في سوق العمل نجد أن المبالغة في أهمية اللغة الإنكليزية واشتراط إجادتها كتابة وقراءة وتحدثاً من قبل الشركات الأجنبية وغيرها قد أصبح ظاهرة تستحق الوقوف عندها وتأملها بل وتأمل انعكاساتها على مصلحة الوطن وملامح الهوية، ومن المتوقع أن تزداد مزاحمة اللغة الأجنبية للعربية شراسة في سوق العمل مع استفحال ظاهرة العولمة، إذا ترك الحبل لهذه اللغات الأجنبية على الغارب.
يقول الدكتور أحمد الضبيب: "ويكفي أن نعرف أن اشتراط إجادة اللغة الإنكليزية –سواء كانت ضرورية للعمل أو لم تكن –قد وقف حائلاً أمام المواطن العربي في منطقتنا العربية دون الحصول على لقمة العيش، وفتح الباب على مصراعيه لأعداد غفيرة من الأجانب حلوا محل المواطنين، وكلف المواطن العربي الكثير كي يتعلم هذه اللغة ويجيدها من أجل أن ينافس العامل الأجنبي، ومن المنتظر أن تسهم هذه الشركات العالمية العابرة للحدود في تعميق هذا الوضع وجعله أشبه ما يكون بالأمر الواقع، مما يتسبب في استجلاب المزيد من العمالة الأجنبية، وسد الباب أمام المواطن العربي إلا إذا وفى بهذا الشرط المجحف، الذي لا يشترط في أي بلد متقدم" (28).
أقول: بل على العكس من ذلك، فإن من يقصد تلكم الدول المتقدمة يتعين عليه أن يتعلم لغة الدولة قبل الذهاب إليها.
وكان من نتيجة ذلك أن ارتفعت الأصوات التي تنادي بتعليم اللغة الأجنبية للأطفال منذ نعومة أظفارهم بادعاء أن إتقان اللغة الأجنبية إنما يتم في هذه المرحلة، حتى إن بعض المدارس أخذت تعلم بعض المواد العلمية للأطفال باللغة الأجنبية، على أساس أن يتعرف الطالب عليها منذ نعومة أظفاره لتسهل عليه دراستها في المراحل المتقدمة.
وذكر الدكتور الضبيب أن دراسات أجريت على طلاب فلبينيين يستخدمون اللغة الفلبينية في دراسة العلوم، تبين أنهم قادرون على فهم التعابير العلمية بشكل أفضل من الطلاب الذين يستخدمون اللغة الإنكليزية. (29).
أقول: وقد أثبتت الدراسات أيضاً –والواقع الذي لا يدع مجالاً للشك –أن طلابنا السوريين الذين تعلموا العلوم الطبية والهندسية باللغة العربية هم أقدر من غيرهم من الطلاب الذين تعلموا العلوم نفسها ولكن بغير لغتهم الأم.
ولقد رأيت الأستاذ الدكتور موفق دعبول (30) حفظه الله قد كفاني مؤونة إقامة الدليل على ما ذكرت فقال: "وأما عن استعمال اللغة العربية لغة للتدريس وأثر ذلك في التحصيل العلمي للطلبة، وهل صحيح أن اللغة العربية تقيد التطور العلمي والحضاري، وأنها تعرقل التواصل الحضاري مع العالم حولنا، أم أن العجز ليس في اللغة إنما في أهلها، فقد أثبتت اللغة العربية قدرتها على استيعاب جميع العلوم ردحاً طويلاً من الزمن، بل كانت لغة العلم وحدها، بل ما هو أكثر من ذلك: لقد فتنت هذه اللغة بعذوبة ألفاظها، وبلاغة إنشائها البشرية طوال قرون عديدة، وأقبل عليها شباب الغرب يتعلمونها ويستعملونها في مكاتباتهم ومحادثاتهم ويؤثرونها على اللاتينية، وكان بعضهم يفتخر باستعماله للتعابير العربية بين عباراته بلغته، تماماً كما يفعل الكثيرون منا الآن، وهم يستعملون العبارات الإنكليزية أو الفرنسية في ثنايا كلامهم ليدلوا بذلك على مستواهم الثقافي الرفيع! ومع أنه من الأمور المسلّم بها أن التعليم باللغة الأجنبية هو حكم بالموت على اللغة العربية وأن الأمة التي تهمل لغتها تحتقر ذاتها وتبيد ثقافتها، وتغدو تبعاً للأخرين، فإن التعليم باللغة العربية يعمل على نقل العلوم المختلفة إليها، وإن الكتابة باللغة الأجنبية وخاصة البحوث العلمية إنما تمثل في المقام الأول إضافة للثقافة الغربية والحضارة الغربية، وتجعل المتعلمين والباحثين كما يقول الدكتور نزار الزين يخدمون المجتمعات المتقدمة ولا يسهمون كثيراً في التنمية الشاملة في مجتمعهم (31)...
ومع كل ذلك أجريت تجارب عدة في تعليم مقررات على الطَّلبة من مستوى واحد باستعمال اللغة العربية في تدريس بعض هؤلاء الطلبة، وإحدى اللغات الأجنبية في تدريس بعضهم الآخر فكان البون كبيراً لمصلحة الفريق الأول.
وحاول بعضهم التشكيك في صلاح اللغة العربية للتعبير عن المحتوى العلمي لبعض مواد التدريس، وكان من بين هذه المحاولات تجربة قام بها أحد الخبراء الفرنسيين في تونس إذ اختار بعض النصوص العلمية باللغة الفرنسية ثم طلب من فريق من الأساتذة نقل هذه النصوص إلى اللغة العربية، ثم طلب من فريق آخر العودة بهذه النصوص إلى اللغة الفرنسية، وقام بمقابلة النصوص الأصلية بالنصوص الراجعة، وحكم بأن اللغة العربية لا يمكن أن تكون لغة علم، ولكننا لو طلبنا من هذا الخبير أن يجري العملية ذاتها ليحكم بصلاح لغة مثل اللغة الصينية أو اليابانية أو حتى الإنكليزية، ألا يصل إلى النتيجة ذاتها وخاصة إذا علمت أن الفرنسيين عندما ينقلون نصاً إلى لغتهم يتصرفون فيه كثيراً كما لاحظنا ذلك عند نقلهم لنصوص مجلة العلوم الأميركية إلى اللغة العربية.
ويتابع الدكتور دعبول قوله: ولقد اطلعت على دراسة لزملاء تونسيين حول تجربة هذا الخبير الفرنسي يشيرون إلى أن الفريق الثاني الذي اختاره لنقل النصوص من العربية إلى الفرنسية هو فريق يؤمن –مثله –سلفاً بعدم صلاح اللغة العربية لتكون لغة علم.
وإني أتساءل هل زملاؤنا الذين يلقون محاضراتهم باللغة الأجنبية ويؤلفون الكتب بها هل يجيدون ذلك؟ وهل يعطون الفكرة حظها من التوضيح؟
لقد أورد الأستاذ أحمد شفيق الخطيب في محاضرة له في مجمع اللغة العربية في مؤتمره الستين بالقاهرة صورة عن مقدمة بالإنكليزية لقاموس إنكليزي –عربي في علم الأجنة لعالم مصري ألف بالإنكليزية وعلم بها في كليتي طب عريقتين على مدى ثلث قرن أو أكثر. إن مستوى اللغة في هذه المقدمة (وهي ليست كتابة مرتجلة طبعاً) لا يمكن أن يكون مؤهلاً لا لمدرس ولا لطالب للتواصل والتفاهم بهذه اللغة، ولعلي لا أبتعد عن الحقيقة كثيراً إذا قلت: إن نسبة عالية من الأساتذة الذين يعلمون باللغة الأجنبية لا يتقنون اللغتين معاً.
ويقول الدكتور محمد هيثم الخياط نائب مدير المكتب الإقليمي لشرق البحر المتوسط: "لقد دفعني عملي الذي أطلع به حالياً إلى الإطلاع عن كثب على تعليم الطب في الجامعات المصرية (وسواها) فرأيت أستاذاً يستعمل لغة لا يعرفها لينقل العلم إلى طالب لا يعرف هذه اللغة أيضاً" ويقول: "وأوراق الامتحانات التي اطلعت عليها في بعض جامعاتنا التي تدرس بلغة أجنبية وينجح كاتبوها، لو أنها صححت في البلد الأصلي لهذه اللغة الأجنبية لكان إعطاؤها واحداً على عشرة صدقة من الصدقات (32)".
ومما يجدر ذكره في هذا المجال أن الاستعمال الرسمي هو الذي يكسب اللفظ العربي السيرورة، ويجعله راسخاً في الاستعمال الرسمي، ولذلك كانت سورية من البلدان العربية المبكرة التي التفتت إلى هذه الناحية، فعندما بدأت الحكومة العربية تمارس نشاطها ألفت لجنة لترجمة المصطلحات الحضارية الدخيلة من التركية والفرنسية.
وعندما أنشئ المجمع العلمي العربي في سورية سنة 1919م كان من بواكير أعماله دراسة الألفاظ الأجنبية الشائعة في دوائر الدولة، ووضع ألفاظ مقابلة لها، وألحت جامعة دمشق مع أخواتها من الجامعات السورية على التعليم باللغة العربية، وألزمت كل عضو هيئة تدريسية أن يؤلف أو يترجم كتاباً في كل مقرر يدرسه، وتجاوز عدد الكتب المطبوعة عدة آلاف، ويقوم طلاب السنة الأخيرة من كليات الطب بترجمة مئات الكتب والمراجع العلمية الطبية إلى اللغة العربية...
وهذه الخطوة الرائدة ينبغي أن لا تقف عند هذا الحد، بل يجب أن تتبعها خطوات إذ ما أردنا للغتنا النهوض وجعلها لغة الحياة العصرية المتطورة، وذلك بالاعتزاز بها وتفعيلها في مجالات الحياة كافة، أسوة ببقية الدول المتقدمة بلغتها، وحسناً ما فعلته بعض الجامعات التي سارت على النهج نفسه مثل جامعات العراق والسودان والجزائر.
إن الاعتزاز باللغة العربية لا يكون من خلال الخطب الرنانة والتعبيرات الشعرية والمديح المتكلف، وإنما يكون من خلال التطبيق العملي لإحلال هذه اللغة محلها اللائق في نفوس الصغار بحيث يُنَشّؤون على حبها والتعلق بها وجعلها سهلة ميسرة لهم والبعد بها عن التكلف وإشعارهم عملياً بقدرتها على استيعاب المنجزات الحضارية وتنمية المهارات اللغوية لدى هؤلاء الطلاب..
ولا أريد أن أخوض في الشبه التي يرددها أعداء العربية وأذنابهم من بني جلدتنا في أن العربية لا عهد لها بالمخترعات والمكتشفات الحديثة، وأن العربية لغة بداوة تفتقر إلى التجريد، ولا تستطيع حمل المصطلحات الحضارية، وهذه شبه واهية أوهى من بيت العنكبوت، تقوم على مقدمات تبين فسادها فالحضارة العربية والتاريخ يشهدان بعكس ذلك.
وقد نسي أو تناسى من يدعي جمود اللغة العربية عن مواكبة العصر، أن اللغة أي لغة لا تجمد بنفسها، ولا تتخلف بطبيعتها، كما أنها في المقابل لا تنمو وتزدهر منعزلة عن مجتمعها وما يجري فيه من أحداث.
يقول الدكتور كمال بشر: "إن جمود اللغة وتخلفها، ونموها وازدهارها، كل أولئك يرجع أولاً وأخراً إلى وضع أهليها، وإلى نصيبهم من التعامل والتفاعل مع الحياة، وما يجري، في العالم من أفكار وثقافات ومعارف جديدة ومتنامية، فإن كان لهم من ذلك كله حظ موفور انعكس أثره على اللغة، وإن قل هذا النصيب أو انعدم، بقيت اللغة على حالها دون حراك أو تقدم، اللغة لا تحيا ولا تموت بنفسها، وإنما يلحقها هذا الوجه أو ذاك بحسب الظروف والملابسات التي تحيط بها، فإن كانت الظروف فاعلة غنية بالنشاط العلمي والثقافي والفكري، كان للغة استجابتها الفورية ورد فعلها القوي تعبيراً عن هذه الظروف وأمارة ما يموج به المجتمع من ألوان النشاط الإنساني، وإن حرمت اللغة من هذا التفاعل ظلت على حالها وقدمت للجاهلين فرصة وصمها بالتخلف والجمود، في حين أن قومها هم الجامدون المتخلفون" (33).
ويرد على هذه الشبهة أيضاً الدكتور عبد الرحمن رأفت الباشا فيقول: "وأما قضية جمود اللغة وعدم تطورها مع الزمن كما يرجف المرجفون فتلك قضية باطلة ودعوة على ظاهرها ملامح الرحمة وتكمن في باطنها صنوف العذاب، فلقد أمضّ أعداء من هذه اللغة أن تكون اللغة الوحدة بين لغات الأرض التي اتصل تليد تراثها بطريفه خلال خمسة عشر قرناً امتدت منذ النابغة في الجاهلية إلى شوقي في العصر الحديث، والتي يستطيع الملايين من أبنائنا في العصر الحاضر تلاوة القرآن الكريم والحديث الشريف وأن يفقهوا معانيهما، وأن يدركوا هديهما، وأن يستشعروا عظمتها، وأن يتملوا مما حفلا به صلاح وإصلاح" (34).
وتشير طبيعة اللغة العربية في ألفاظها وتراكيبها ودلالاتها وظلالها إلى حضور القيم الدينية والروحية المستمدة من الدين الإسلامي فيها، فللعربية أبعاد دينية وثقافية واجتماعية تجعلها محل تقديس عند أبنائها، فهي العروة الوثقى التي شكلت ذلك الانسجام والتجانس بين أبناء الأمة الواحدة في الماضي، وهي التي مازالت محافظة على خصوصياتها الحضارية بالرغم من ضعف أبنائها وعجزهم في العصر الراهن، "وتشير الدلائل إلى أنه إذا نهضت الأمة من جديد، وتكاثرت عناصرها، قويت اللغة العربية وانتشرت واتسعت لها الآفاق، ورضيت بها النفوس" (35).
ويطرح الأستاذ شحادة الخوري في بحثه ((التعريب والمصطلح))(36) سؤالاً وهو: هل لغتنا العربية قادرة على أن تكون لغة معاصرة؟
ويجيب: "من أمعن النظر في اللغة العربية وقارنها باللغات الأخرى، تملكه العجب من فصاحة مفرداتها وعذوبة ألفاظها، وجزالة تراكيبها، ورقة عباراتها، وقدرتها على التعبير والتوليد وقابليتها للنماء والتطور، وحسبها أن تكون لغة القرآن الكريم بجلال معانيه، وبلاغة بيانه، وهو الذي زادها غنى ووسع لها في الأرض امتداداً، وفي الزمان بقاءً، ثم استطاعت أن تكون وعاء المعرفة البشرية قروناً متطاولة، ولا يشك في أنها قادرة على أن تكون لغة المستقبل بعلومه وآدابه وفنونه، محتفظة بعالميتها التي اكتسبتها منذ خمسة عشر قرناً إلى آخر الزمان".
إن ما ذكرته عن اللغة الأجنبية لا يعني عدم فائدتها أو أهميتها ثقافياً وعلمياً، أو الدعوة إلى عدم تعلم اللغات الأجنبية، بل على العكس هذا شيء طيب، دعا إليه الإسلام، وحث عليه علماؤنا الكرام (37) إذ روي: "من تعلم لغة قوم أمن مكرهم" ولكن المهم أن تبقى اللغة الأجنبية في مكانها الطبيعي دون المبالغة بها، بحيث تنازع لغتنا الأم وتفرض نفسها عليها.
توصيات
1-غرس محبة اللغة العربية في نفوس الناشئة، باعتبار أنها لغة القرآن الكريم، الذي بفضله حفظ لنا لغتنا من الضياع، والبحث عن الوسائل التي ترغب الطلاب في تعلم اللغة العربية، وذلك من خلال تطوير المناهج، وتيسير القواعد.
2-بث الوعي اللغوي بين أبناء الأمة وإيقاظ غيرتهم من اللغة، وترميم ما تصدع من ثقتهم بها واعتزازهم بتراثها الحضاري والتاريخي بوصفها مقوماً مهماً من مقومات الشخصية العربية.
3-إعادة النظر في طريقة تعليم اللغة العربية في المدارس، والاستفادة من الوسائل الحديثة مثل الحاسوب والبرمجيات التعليمية.
4-الاستفادة من تجربة الجامعات السورية في تعريب التعليم في جميع مراحله، وقد أثبتت هذه التجربة نجاحها، وسارت بعض الجامعات في الوطن العربي على غرارها.
5-الاهتمام بتعلم اللغات الأجنبية وتطويرها، وعدم الدعوة إلى تهميشها، ولكن ضمن الحد المرسوم لها.
6-إنشاء مؤسسات متخصصة ترعى تكوين الأجيال، وتعمل على ترجمة الكتب والبحوث العلمية المختلفة مع التنسيق بين هذه المؤسسات وبين مراكز البحث العلمي والجامعات.
7-الاستفادة من أجواء العولمة المنفتحة والمتطورة التي يمكن أن تعين على إيجاد وسائل وآليات تستخدم في صالح اللغة العربية، سواء من حيث نشرها، أو سهولة التواصل بين الباحثين في قضاياها وبالتالي فإن لغتنا العربية كفيلة بما وهبها الله تعالى أن تُواكب المستجدات والتحديات في هذا العصر "عصر العولمة".
الخاتمة
إننا في هذا العصر الذي يبدو فيه زحف العولمة قادماً بما يحمله إلينا من معطيات تشمل الأدوات والمصطلحات والأفكار والتعبيرات والممارسات اللغوية، مطالبون بأن نقابل ذلك الزحف بتنقيح علمي يفيد من إيجابيات العولمة، ويؤمن بالتلاقح الحضاري والتفاعل الخير، ويدرأ الخطر عن ثقافة أمتّنا ولغتنا بخطط علمية، واستراتيجيات طويلة المدى، ووسائل تفيد من ثمرات العلم الحديث في هذا العصر وتختلف عن وسائلنا التقليدية القديمة، مستندين في ذلك إلى الثقة بأنفسنا، وبمقوماتنا الذاتية النابعة من مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف وإسهامات حضارتنا العريقة، وقدرات لغتنا العربية التي سبق لها أن دخلت المعترك الحضاري قديماً فانتصرت فيه، وكانت الوجه المشرق للهوية العربية على مر العصور.
وأختم بحثي بأبلغ عبارة قالها البيروني (ت 440ه*) عن اللغة العربية المقدسة:
"والهجو بالعربية أحب إلي من المدح بالفارسية".
لقد صدق فيما قال، ومن ذاق عرف، ومن عرف اغترف..
والحمد لله رب العالمين،،
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
المصادر والمراجع
(1)- الباشا، عبد الرحمن رأفت، العدوان على العربية عدوان على الإسلام.
(2)- الباقوري أحمد حسن، أثر القرآن الكريم في اللغة العربية، (ط. دار المعارف، مصر: 1969م).
(3)-بشر، د. كمال، اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم (ط. دار غريب، القاهرة: 1999م).
(4)- بن عيسى بالطاهر، الدور الحضاري للعربية في عصر العولمة (ط1، الشارقة: 2001م).
(5)-ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق البنا وآخرين، (ط. الشعب، مصر).
(6)- الثعالبي، فقه اللغة وسر العربية (ط. القاهرة: 1938م).
(7)- الجندي، أنور، اللغة العربية بين حُماتها وخصومها، (ط. مطبعة الرسالة، بيروت).
(8)- الحاكم، المستدرك (ط. بيروت، دار المعرفة).
(9)- الرافعي، تاريخ آداب العرب، (ط2، دار الكتاب العربي، بيروت: 1974م).
(10)- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرين (ط. دار إحياء الكتب العربية، مصر 1960).
(11)- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، تعليق د. مصطفى البغا (ط. بيروت).
(12)- السيوطي، المزهر في علوم اللغة العربية، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (ط. مصر).
(13)- الضبيب د. /أحمد، اللغة العربية في عصر العولمة ( ط1، مكتبة العبيكان، الرياض: 1422ه* /2002م).
(14)- د. عبد الجليل عبد الرحيم، لغة القرآن الكريم (ط. مكتبة الرسالة الحديثة، عمّان: 1981م).
(15)- د. عتر، القرآن الكريم والدراسات الأدبية (ط. جامعة دمشق: 1992م).
(16)- العسكري، أبو هلال، كتاب الصناعتين (ط. مصر).
(17)-الفراهي، دلائل النظام (ط2، الدائرة الحميدية الهندية: 1991م.
(18)- كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي.
(19)- المؤتمر العلمي الأول حول الكتابة العلمية باللغة العربية، واقع وتطلعات، بنغازي: 1990م.
(20)- مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق: المجلد 73، الجزء 4، 1997م.
(21)-ندوة اللغة العربية وتحديات القرن الحادي والعشرين، المنعقدة في البحرين: 1995م" (ط. المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس: 1996م).
(22)- الندوي، محمد أكرم، شبلي النعماني (ط1، دار القلم، دمشق: 2001م).
(23)- الهيتمي، مبلغ الأرب في فخر العرب، تحقيق مجدي السيد إبراهيم (ط. مكتبة القرآن، القاهرة: 1987م).
(1)-أستاذ في كلية الشريعة –جامعة الإمارات العربية المتحدة.
(2)-رواه الحاكم في المستدرك (ط. بيروت، دار المعرفة) 4 /87، وقال الهيتمي: "سنده ضعيف" انظر كتاب مبلغ الأرب في فخر العرب للهيتمي تحقيق مجدي السيد إبراهيم (ط. مكتبة القرآن، القاهرة: 1987 م) ص 20.
(3) - فقه اللغة وسرّ العربية الثعالبي: (ط. القاهرة: 1938م) ص1.
(4) - أثر القرآن الكريم في اللغة العربية، أحمد حسن الباقوري، (ط. دار المعارف، مصر: 1969م) ص 33.
(5) - تاريخ آداب العرب، الرافعي، (ط2، دار الكتاب العربي، بيروت: 1974م) 2 /74. والشيح والقيصوم نباتان من نبات البادية، يضرب بهما المثل، يقال: فلان يمضغ الشيح والقيصوم، إذا كان عربياً خالص البداوة. انظر لسان العرب: (شيح، قصم).
(6) - اللغة العربية بين حماتها وخصومها، أنور الجندي، (ط. مطبعة الرسالة، بيروت) ص 25.
(7) - لغة القرآن الكريم د. عبد الجليل عبد الرحيم، (ط. مكتبة الرسالة الحديثة، عمّان: 1981م) ص 585.
(8) - تاريخ الأدب العربي كارل بروكلمان، 1/ 23.
(9) -هو العلامّة عبد الحميد الفراهي، عالم الهند في زمانه، ولد سنة 1280 ه* وتوفي سنة 1349ه*، له الكثير من المؤلفات أهمها (نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان) انظر ترجمته في مقدمات كتبه بقلم تلميذه العلاّمة السيد سليمان الندوي.
(10) -دلائل النظام (ط2، الدائرة الحميدية الهندية: 1991م) ص 77.
(11) -من كلام عتبة بن ربيعة عندما قرأ عليه رسول الله ( أوائل سورة فصلت، انظر تفسير ابن كثير (ط. الشعب، تحقيق البنا وآخرين)
(12)- القرآن الكريم والدراسات الأدبية د. عتر، (ط. جامعة دمشق: 1992م) ص 359.
(13)-على سبيل المثال كان الفائز الأول في جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم هذا العام (2002) من تشاد، والثاني من تركيا.
(14)-أثر القرآن الكريم في اللغة العربية ص 49.
(15) انظر تفصيلات الرواية في البخاري 6/ 183- 184.
(16) انظر البرهان في علوم القرآن للزركشي، تح. محمد أبو الفضل وآخرين 236 والاتقان للسيوطي، تعليق د. مصطفى البغا
1/60.
(17) -القرآن الكريم والدراسات الأدبية، ص 361.
(18) - المزهر في علوم اللغة العربية، السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، (ط. مصر) 1 /129.
(19) - كتاب الصناعتين أبو هلال العسكري، (ط. مصر) ص2.
(20) -أثر القرآن في اللغة العربية ص 75.
(21) -أثر القرآن في اللغة العربية، ص 75.
(22) -المرجع السابق: ص 75.
(23) - المرجع السابق: 77.
(24) - المرجع السابق: 42.
(25) - المرجع السابق: 46.
(26) - صدام الحضارات، صامويل هنتغتون، نقلا من كتاب اللغة العربية في عصر العولمة د. أحمد الضبيب، (ط1، مكتبة العبيكان، الرياض:
1422ه* /2001م) ص 13.
(27) -المرجع السابق، ص15.
(28) -اللغة العربية في عصر العولمة، ص 20 –21.
(29) -المرجع السابق: 26.
(30) -رئيس تحرير مجلة جامعة دمشق، ووكيل جامعة دمشق للشؤون العلمية (سابقاً).
(31) -المؤتمر العلمي الأول حول الكتابة العلمية باللغة العربية، واقع وتطلعات، بنغازي: 1990.
(32) -من بحث أد. موفق دعبول، العربية ولغة العلم: الماضي والحاضر والمستقبل "ضمن ندوة اللغة العربية وتحديات القرن الحادي والعشرين، المنعقدة في البحرين: 1995م" (ط. المنطقة العربية للتربية والثقافة والعلوم، تونس: 1996م) ص 184 –186 (باختصار يسير جداً).
(33) - اللغة العربية بين الوهم وسوء الفهم د. كمال بشر (ط. دار غريب، القاهرة: 1999م) ص54.
(34) -العدوان على العربية عدوان على الإسلام، ص 133.
(35) - الدور الحضاري للعربية في عصر العولمة د. بن عيسى باطاهر، (ط1، الشارقة: 2001م) ص 38.
(36) - انظر مجلة مجمع اللغة العربية، دمشق،: المجلد 73، الجزء 4، 1997م، ص 799.
(37)-من هؤلاء الذين كانوا يرون ضرورة إدخال اللغة الإنكليزية في مناهج التعليم علاّمة الشرق الشيخ شبلي النعماني رحمه الله، وكان يرى في ذلك خدمة للدعوة الإسلامية، وقد أدخلها فعلاً عندما استلم عمادة الشؤون التعليمية لدار العلوم لندوة العلماء سنة 1905م، انظر: شبلي النعمان علاّمة الهند الأديب انظر محمد أكرم الندوي، (ط1، دار القلم، دمشق: 2001م) ص 139 وما بعدها.