"فقه السنة" محقق للشيخ الألباني وغيره
(120)
(4) عددُ ركعاتِ الوترِ:
قال الترمذي: روي عن النبي الوتر بثلاثَ عشرةَ ركعة، وإحدى عشرة ركعة، وتسع، وسبع، وخمس، وثلاث، وواحدة(1).
قال إسحق بن إبراهيم: معنى ما روي عن النبي كان يوتر بثلاث عشرة ركعة، أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، مع الوتر، يعني من جملتها الوتر، فنسبت صلاة الليل إلى الوتر.
ويجوز أداء الوتر ركعتين(2)، ثم صلاة ركعة بتشهد وسلام، كما يجوز صلاة الكل بتشهدين وسلام، فيَصِلُ الركعات بعضها ببعض، من غير أن يتشهد، إلا في الركعة التي هي قبل الأخيرة، فيتشهد فيها، ثم يقوم إلى الركعة الأخيرة، فيصليها، ويتشهد فيها ويسلم، ويجوز أداء الكل بتشهد واحد وسلام في الركعة الأخيرة، كل ذلك جائز وارد عن النبي .
وقال ابن القيم: ورَدت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة، في الوتر بخمس متصلة، وسبع متصلة؛ كحديث أم سلمة: كان رسول اللّه يوتر بسبع، وبخمس، لا يفصل بسلام، ولا بكلام(3). رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه بسند جيد...
وكقول عائشة: كان رسول اللّه يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة؛ يوتر من ذلك بخمس، لا يجلس إلا في آخرهن(4). متفق عليه.
وكحديث عائشة، أنه كان يصلي من الليل تسع ركعات، لا يجلس فيها، إلا في الثامنة، فيذكر اللّه، ويحمده، ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، ثم يقعد ويتشهد، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم، وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسنَّ رسول اللّه وأخذه اللحْمُ، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الأول.
وفي لفظ عنها: فلما أسن، وأخذه اللحم، أوتر بسبع ركعات، لم يجلس، إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة. وفي لفظ: صلى سبع ركعات لا يقعد، إلا في آخرهن(5). أخرجه الجماعة.
وكلها أحاديث صحاح صريحة، لا معارض لها سوى قوله : "صلاة الليل مثنى مثنى"(6). وهو حديث صحيح، لكن الذي قاله، هو الذي أوتر بالسبع والخمس، وسننه كلها حق يُصَدق بعضُها بعضاً، فالنبي أجاب السائل عن صلاة الليل، بأنها مثنى مثنى، ولم يسأله عن الوتر، وأما السبع، والخمس، والتسع، والواحدة، فهي صلاة الوتر، والوتر، اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس، والسبع، والتسع المتصلة، كالمغرب؛ اسم للثلاثة المتصلة؛ فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين، كالإحدى عشرة، كان الوتر اسماً للركعة المفصولة وحدها، كما قال : "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خَشِيَ الصبح، أوتر بواحدة، توتر له ما قد صلى"(7). فاتفق فعلُه ، وصدق بعضه بعضاً.
_____________________
- (1) الترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الوتر بسبع (2 / 320).
- (2) أي؛ يسلم على رأس كل ركعتين.
- (3) النسائي: كتاب قيام الليل - باب كيف الوتر بخمس، وذكر الاختلاف على الحكم في حديث الوتر (3 / 239) رقم (1715)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة - باب ما جاء في الوتر بثلاث، وخمس، وسبع (1 / 376) رقم (1192)، ومسند أحمد (6 / 321).
- (4) البخاري (2 / 64)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي (1 / 508)، برقم (123)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في صلاة الليل، برقم (1338)، (2 / 86)، والترمذي: أبواب الصلاة - باب ما جاء في الوتر (2 / 321) برقم (459).
- (5) البخاري: كتاب التقصير - باب إذا صلى قاعداً ثم صح... (2 / 60)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب جامع صـلاة الليل (1 / 513)، وأبو داود: كتاب الصلاة - باب في صلاة الليل (2 / 89) برقم (1343)، والنسائي: كتاب قيام الليل - باب قيام الليل (3 / 201) برقم (1601)، وابن ماجه: كتاب الإقامة - باب ما جاء في الوتر بثلاث، وخمس، وسبع، وتسع (1 / 376) برقم (1191)، ومسند أحمد (6 / 235)، والموطأ (1 / 157) ( ط صبيح).
- (6) البخاري: كتاب الوتر - باب ما جاء في الوتر (2 / 30)، ومسلم: كتاب صلاة المسافرين - باب صلاة الليل مثنى مثنى، رقم(145)، (1 / 516).
- (7) نفس التخريج السابق.