السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فعلاً مشكلة !
هدانا الله إلى ما يحب ويرضى من القول والعمل .
هناك أمرين علينا الموازنة بينهما :
1) حرمة بيوت المسلمين .
2) صلة الرحم .
....
قطعاً على المضيفة أن تتصرف بهذا الشأن ولا تسكت .
إنما ليس بطريقة "كيف أتخلص من هذه الضيفة الثقيلة" !.
ولكن بطريقة "كيف أتعامل مع الموقف (الامتحان) بما يرضي الله تعالى" .
سأتخيل أني أنا المضيفة في هذا الامتحان
وبشكل أو بآخر تعرضت وأتعرض لمثل هكذا مواقف
أطفال غير مؤدبين يقتحمون حرمة بيتنا، مع سكوت أمهم عليهم
..
أتصور مع هكذا موقف، أني قد أحاول أن أتجرد من مشاعري وانفعالاتي الشخصية لدقائق لأتساءل عن حكمة الله تعالى في تقدير هذا الموقف ، ومراده مني .
ثم أحاول أن أفكر في حل يتضمن :
- المحافظة على حرمة بيتي .
- مساعدة زوجي في أن يصل رحمه بما يرضي الله تعالى .
- القيام بالمعروف على أكمل وجه .
- مساعدة أختي في الله (الضيفة الثقيلة) ، فأقول لنفسي لعل الله تعالى ساق هذه الأخت لي لأكون سبباً في توعيتها وتقديم العون لها .
بالتالي،
أفكر أولاً بطريقة تجعلني أشفق على حال أختي في الله هذه وأولادها ، حتى أقاوم غضبي واستيائي وحتى أطهِّر قلبي .
و
أتعامل معها ومع أولادها بأصل إظهار المحبة والرفق والحرص (هذا مهم حتى تتقبل توجيهاتي ونصائحي، وحتى أنشئ معهم علاقة جيدة) .
الآن،
إن كنت ممن يريدون رضوان الله تعالى فقطعاً أحاديثي مع أختي في الله ستدور حول هذا المحور ، بالتالي سيكون لدينا أحاديثنا عن ديننا ، اتباعنا سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وأمتنا ، وتكليفنا ، وعن الجيل الصالح الذي نطمع بتربيته وتأهيله ، وبالتالي عن أولادنـــا وتربيتهم على السنة النبوية .
وهذه أول خطوة من شأنها أن ترقى بمستوى وعي أختي في الله، الضيفة ، وتساعدني في مهمتي.
أما إن كانت أصلاً اهتماماتي دنيوية بالدرجة الأولى ، فهذا سينعكس على حالي وأحاديثي معها، ومستوى وعيها ووعيي، فتحصل التخبطات .
إن كنت أنا مربية صالحة ، وأربي أولادي على السنة النبوية فعلاً ، فبشكل طبيعي ستسمع الضيفة مني توجيهات مستمرة بهذا الشأن لأولادي ، وعندها إن شاء الله لن تنزعج من توجيهات طيبة النية مماثلة لأولادها ، بل ستشعر بأني صادقة في حرصي على تربية وصلاح وفلاح أولادها ، وهذا سيسعدها ويريحها ، فهي تعلم أني لا أستهدفها وأستهدف أولادها تحديداً .
أما إن كان حرصي شخصياً ومحدوداً وقاصراً فقط وفقط على ما يخصني (بيتي وأولادي وأغراضي ونظامي..إلخ)، ولا أعبأ بها ولا بأولادها ، فعندئذ ستكون توجيهاتي أنانية يظهر فيها التململ والاستثقال ، فتصلها الرسالة السلبية ، فإما أن تتضايق وتترك البيت ، وقد يؤدي هذا إلى قطع صلة الرحم ! أو قد تتجاهلني لتبدأ معي جولات الرد والصد ، وندخل في جولات ممجوجة من تبادل عبارات ملغومة ، ربما تتطور إلى عبارات مكشوفة ، تؤدي بالنتيجة إلى مواجهة عنيفة تنتهي بأن تترك البيت كذلك ، وتحصل قطيعة الرحم !
عندما يكون الضابط ديني في كل تصرفاتنا، مبني على إيماننا وعلى الشرع، فبعون الله تعالى الأمور تنتهي بخير .
...
للبيوت حرمة، لهذا شُرع الاستئذان والاستئناس قبل الزيارة ، وشرعت الآداب .
حتى بعد أن يؤذَن لنا وندخل بيت المضيف ، فيجب أن نعلَم ونعلِّم صغارنا بأنّ هذا الإذن بالدخول لبيت المضيف ليس إذناً مطلقاً ، وله حدود مناطة بما يحدده المضيف ، وأنّ هناك حرمة لباقي الغرف ، وحرمة للأشياء ، وللخصوصيات ، ولاستخدام الأغراض . ويتم شرحها للطفل بأسلوب مبسّط ، بل يتم تعليمها للطفل في بيت أهله وعند القيام بالزيارات دائماً نشرح للأطفال ، بأننا اتصلنا واستأذنـّا قبل الزيارة، ونشرح لماذا نقف في طرف الباب وليس بالمواجهة.. وهكذا طوال الوقت وبأسلوب محبب وصادق وطبيعي غير متكلف، نشرح نلقي البذور...
يجب أن نكرر على مسامع الطفل بأنّ هذا من شرع الله تعالى وسنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، ليفهم بالمحصلة بأننا نتصرف وفق منهج واضح ومحدد وليس وفق أهوائنا وتقديراتنا الشخصية .
الآن،
إن كنا نحن نعرف ونفهم معنى حرمة البيوت
وكان منطلقنا ديننا وشرعنا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام
فستكون مهمتنا أسهل بإذن الله تعالى في التعامل مع الضيوف الذين لا يفقهون هذا المعنى .
وأنا قبل أن أكون مضيفة
فأنا مسلمة
عليّ أن أتحلى بالحياء الذي يمنعني أن أطرد أحداً بشكل مباشر أو غير مباشر من بيتي
لا سيما إن كان هذا الضيف يمر بظرف يحتم عليه المكوث عندنا لمدة
-الضرر المترتب من أطفال الضيف على بيتي أقل من الضرر المترتب من قطيعة الرحم، هذا مع وجود أساليب حقيقة للحدّ من هذا الضرر-
وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يستحيي من الصحابة الذين يمكثون طويلاً عنده
ولم يحاول أن يتخلص منهم، وهذه نقطة مهمة .
في الحقيقة
هذا امتحان لي ولهذه الضيفة
ومن الفوقية والكبر بمكان أن أظن بأني خير منها
في حين أني متوترة ولا أفكر فيه إلا بكيفية التخلص منها
أي فضل لي وأي خيرية في إظهار الفضل لأهل الفضل ؟!
الخيرية الحقيقية والفضل الحقيقي يتجلى مع أمثال هذه الضيفة وأولادها
الآن كربّة أسرة
عليّ أن أُبدي حرصاً غير متكلف في أن يستمر أولادي على نفس النظام من حيث صحوهم، نومهم، عاداتهم.. إلخ دون أن أفرض نظامي على أولاد ضيفتي
وممكن أن أنصحها بمودة واهتمام وحكمة، بأن أخبرها بمزايا النظام الذي أتبعه
إن حاول ابن الضيفة أن يذهب لغرفة طفلي
أتصرف بشكل طبيعي فأخبره بأن طفلي يجب أن ينام الآن ، وأنه يستطيع أن يراه ويلعب معه في صباح اليوم التالي (بمودة وحزم).
ثم أنطلق في الحديث مع الطفل وأبين له أثر النوم باكراً الإيجابي
وأحفزه ليفعل مثل طفلي
إن تدخلت الضيفة لتقول اسمحي له
أو تجاوزي
أخبرها عن أهمية التزام الأطفال بنظامهم ، وأثره على شخصياتهم وطباعهم
وأشرح لها الأثر السلبي للتغاضي لا سيما إن لم يكن هناك حالة تستدعي
وكيف أني تعبت حتى وصلت لهذه المرحلة
ولا أجعل الحديث شخصي
بل انتقل للحديث عن المبدأ
كل ما يلزم أن أكون صادقة وودودة
وأن أشرح لها باهتمام صادق لأبيّن لها وأشاركها النفع، لا لأفحمها وأسكتها
نيتي من شأنها أن تؤثر على أسلوبي
وبالتالي تلقي كلامي من طرفها
الأسلوب الحسن والصادق النابع من حسن نية له أثر طيب جداً
بإذن الله تعالى
عندها ستترك زمام الأمور لي وهي مرتاحة معي ولي
وبعدها.. أحدثها عن أهمية أن يكون لها نظام حياتي منضبط ولأولادها
بالمختصر
أحدثها كما أحادث أختي في الرحم
بنفس الحب، ونفس الحرص ونفس الصدق
أبين لها أني مستعدة أن أساعدها
بل
أريحها لي -بمودتي وحرصي- لدرجة أن تطلب مساعدتي فعلاً
فهي متخبطة ، جاهلة ، لا تعلم ماذا تصنع
ولو علمت ما كان هذا حالها ولا حال أولادها
لذا ، إن أشعرتها بالراحة وكنت صادقة فعلاً ستكون سعيدة لأنها
وجدت من يتعاطف معها وصادق معها ويريد لها الخير فعلاً
فتعطيني عندئذ الضوء الأخضر من كل قلبها
فأبدأ بإعطائها توجيهات عملية تطبيقية أثناء الشهر
وأخبرها بالصعوبات التي واجهتني من قبل وتواجهني
وطالما ستراني محبة وعطوفة مع أولادها ومهتمة فعلاً
فلن تمانع أن أضع قوانين وأعطي نصائح وتوجيهات وأكون حازمة عندما يلزم
طالما ستكون سنة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هي مرجعي
فهي ستود أن تطبق ما أقول
فنعمل سوياً خلال هذا الشهر
كذلك كمضيفة وأم
عليّ أن أهيئ مجالاً للعب
وأبادر بدعوة الأطفال ليلعبوا
وأبين لأطفالي وأطفالها ما الحدود
وما المسموح وما هو غير المسموح وما العواقب
لأني إن تجاهلت هذه المسألة فسيحاول الأطفال أن يتصرفوا من تلقاء أنفسهم
وعندها تحدث المشاكل
فقد أؤدب أطفالي وأحسن تربيتهم ثم أذهب في زيارة
ويجلس اطفالي بجانبي لوقت من الزمن
ولكنهم كأطفال سيودوا أن ينهضوا ويتحركوا
لذا من المتوقع من المضيفة إن كانت واعية
أن تدعو هي أطفالي للعب مع أطفالها أو للعب في مكان ما
أو تحضر لهم شيئاً يقومون به
وهذا متوقع مني عندما تزورني ضيفة معها أطفال
إذن،
المودة والحرص الصادقان على مصلحة هذه الأخت في الله لهما مفعول عجيب
بإذن الله تعالى
وهو ليس بسحر
ولكن توفيق من الله تعالى لذوي القلوب الواسعة
لكل من يدفع السيئة بالتي هي أحسن
ولكل من يحرص على شرع الله عز وجل وعلى الموازنة بين أوامره عز وجل
ولكل من لا تغلب مصلحته الشخصية ورغباته على المصلحة العامة
وبالنتيجة، فهذه الزيارة مؤقتة
أما صلة الرحم فحتى يوم القيامة
وأنا هنا -حتى لا يفهم كلامي خطأ- لا أقول حرمة بيتي لا تهم!
لا
ولكني أقول أن هناك طريقة بعون الله تعالى للحفاظ على حرمة بيتي وفي ذات الوقت كسب قلب الضيفة (أختي في الله) فأتصرف مع أولادها كما أتصرف مع أولادي نسبياً
ليس فقط في الحزم والأوامر والنواهي
ولكن ابتداء في المحبة والشفقة والعطف والاهتمام الصادق
لأنهم جزء من جيل الأمة الذي نحرص على أن يكون صالحاً
فعلي أن لا أنسى بأني داعية إلى الله
وعندئذ تمر الأمور بخير إن شاء الله تعالى
ولا يحصل زعل ولا قطيعة رحم
وقد أكون سبباً في مساعدة أخت في الله وزوجها وأسرتها
وأنال أنا وزوجي وأولادي بفضل الله وبرحمته رضاه عز وجل
وتزيد محبة زوجي لي وتقديره
بالتوفيق إن شاء الله تعالى
بارك الله فيك أختنا الفاضلة الأمل الراحل على هذه الموضوع الجميل، وبارك الله في الأخوات جميعاً اللاتي قدمن حلولا متنوعة لم تخلُ من فوائد ومن خير.