اقتباسات من كلمات نيرات كتبها الأخ الفاضل " هانىء "حفظه الله تعالى ،
عن سماحة شيخه ووالده الشيخ الفاضل " أبي هانىء " رحمه الله تعالى ، وأسكنـه الفردوس الأعلى
منقولة من أحد المنتديات :
قال الأخ هاني ، حفظه الله تعالى :
أنا حين أردت أن أتكلم عن شيخي وحبيبي ووالدي وأول من عرفني طريق المسجد وأول من صليت خلفه وأول من خشع قلبي وبكت عيني لقراءته ، حين أردت الحديث عنه لم أتحدث عنه لأرفع من قدره ، بل لأقدم شيئا من بر الولد للوالد والتلميذ للشيخ والمربَّى للمربِّي .
بدأت أعرف القرآن الكريم حين عرفت الشيخ رحمه الله ، إذ أول ما بدأت قدمي تحطو نحو المسجد – مسجد العلم والإيمان – استمعت للقرآن الكريم من الشيخ رحمه الله فتذوقت حلاوته وكنت أبكي حين أستمع لهذه التلاوة الخاشعة مهما قرأ الشيخ ، بل إنني والله ذكرت لبعض الناس أن اثنين من المشايخ أبكي من قراءتهما حتى وإن سمعتهما يقرآن في آايات المواريث ، إذ لا رغبة ولا رهبة : الشيخ مصطفى رحمه الله والشيخ طارق الذي صلى الجنازة على الشيخ مصطفى .
غير هذا
كان الشيخ نعم الوالد لأولاده جميعا .. أولاد النسب وأولاد المسجد
لم يفرق يومًا بين هؤلاء وأولئك .. بل الكل عنده سواء
كان رفيقًا شديد الرفق .. رحيمًا شديد الرحمة .. حنونًا فياض الحنان .. على الجميع
كنا جميعًا نغضب .. وكان كاظمًا دائمًا .. يعلمنا كظم الغيظ .. والرفق واللين ...
كان منفقًا في السراء والضراء سرًّا وعلانية
وقف يومًا في المسجد وقال : المسجد يحتاج للنفقة ، وأنا أقف الآن أمامكم وأتصدق بكذا فهلموا .. فزادت الصدقات عن حاجة المسجد بفضل من الله عز وجل ، ثم بحَثِّ الشيخ وتربيته .
كان كلما رآني يقول لي : ها .. حفظت لغاية فين يا واد ؟ فإذا قلت إلى كذا قال لي : طب قول كده قول الله عز وجل كذا ، فإذا أخطأت ردني .. وكأن القرآن جميعه في قلبه جملة واحدة لا ينساها أبدًا .
سبحان الله ..
كان متعلقًا بالمسجد أشد ما تجد من التعلق
ما رأيته تخلف عن صلاة أبدًا
حتى في شدة مرضه .. كان يبكي بكاء مريرًا لفوات صلاة الجماعة وعدم ذهابه للمسجد الذي عشقه وتنسم عبيره أكثر من أي شيء .
بل كان إذا خرج من المستشفى لا يخرج إلى بيته ، بل إلى المسجد
فسبحان الله ..
لم يذكِّره أحد بالشهادة في مرضه الأخير إلا ورددها كثيرًا كثيرًا
كان يحيا على لا إله إلا الله – أحسبه – فلما كنت الوفاة كانت لا إله إلا الله
***
وأما بعد الوفاة فحدث ولا حرج
كل الناس يريدون أخذ الشيخ عندهم
الإخوة يريدون الدفن عندهم في مقابرهم الشرعية
وأهله يريدون أن يكون عندهم ، بل كاد أن يحدث الاقتتال على ذلك حتى يسر الله عز وجل وتم الدفن في المقابر الشرعية بفضل الله عز وجل
وأما عن الجنازة فحدث ولا حرج عن كم المشايخ الذي حضر .. شيء كثير لا يحصى .. ولما قدموا أحمد أكبر أبنائه ليصلي نظر خلفه فإذا الشيخ طارق إبراهيم والشيخ مسعد أنور ، فقام على الفور وقدم الشيخ طارق الذي كان يحب الشيخ حبًّا جمًّا ويجله ويقدره فصلى بالناس الجنازة .
وأما عن الصلاة فكانت مشهودة .. صلى القوم في الطريق ، وانسد الطريق بالناس ، وصلت النساء خلف الرجال .. وكان الناس أفواجًا أفواجًا ..
تلقف الناس جثمان الشيخ
كلٌّ يريد الحمل والوداع
الكل يريد أن يظفر بآخر مرة يودع فيها الشيخ
رحم الله الشيخ رحمة واسعة
كانت آخر صلاة صليته خلفه في رمضان ، وكانت صلاة الفجر ..
وقرأ فيها :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
فسبحان الله ..
يالها من خاتمة
كنت أظن أني سأستطيع أن أكتب عن الشيخ كل شيء
فإذا بي لم أكتب شيئًا ..
سبحان الله
أسأل الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه
وأن يرفع درجته في المهديين
اللهم اغفر لعبدك مصطفى وارحمه وارفع درجته في المهديين
وتقبله عندك في الشهداء .. فمن مات ببطن فهو شهيد
اللهم تقبله عندك في الشهداء
اللهم أبدله دارًا خيرًا من داره
وأهلاً خيرًا من أهله
اللهم أنر له قبره ووسع له فيه
واجعله مد البصر
اللهم عافه واعف عنه
وأكرم نزله
ووسع مدخله
واغسله بالماء والثلج والبرد
ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
وجازه بالحسنات إحسانًا
وبالسيئات عفوًا وغفرانًا
اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده
واغفر اللهم لنا وله
----
* أعدت النقل لحدوث خلل في تنسيق التعليق السابق .