فليحذر العبد من أعمال السوء
التي لا بد أن يحزن عليها أشد الحزن،
وليتركها وقت الإمكان قبل أن يقول:
{ يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله } ،
{ يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول
لو تُسوى بهم الأرض }،
{ ويوم يعض الظالم على يديه
يقول يا ليتني
اتخذت مع الرسول سبيلا
يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانًا خليلا }،
{ حتى إذا جاءنا
قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين
فبئس القرين }
فوالله لترك كل شهوة ولذة
وإن عسر تركها على النفس في هذه الدار
أيسر من معاناة تلك الشدائد
واحتمال تلك الفضائح،
ولكن العبد من ظلمه وجهله لا ينظر إلا الأمر الحاضر،
فليس له عقل كامل يلحظ به عواقب الأمور
فيقدم على ما ينفعه عاجلا وآجلا،
ويحجم عن ما يضره عاجلا وآجلا،
ثم أعاد تعالى تحذيرنا نفسه
رأفة بنا ورحمة
لئلا يطول علينا الأمد فتقسو قلوبنا،
وليجمع لنا بين الترغيب الموجب للرجاء والعمل الصالح،
والترهيب الموجب للخوف وترك الذنوب،
فقال
{ ويحذركم الله نفسه
والله رءوفٌ بالعباد }
فنسأله أن يمن علينا بالحذر منه على الدوام،
حتى لا نفعل ما يسخطه ويغضبه.