72 - قال محمد بن الحسين-الآجُري- موضحًا خلاف ما قالته القدرية من كلام الأنبياء-: (ثم نذكر ما قالته الأنبياء عليهم السلام خلاف ما قالته القدرية قال نوح عليه السلام لقومه لما قالوا: {يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} وقال شعيب لقومه: قال الله تعالى: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا} الآية وقال شعيب أيضًا لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88] وقال تعالى في قصة يوسف عليه السلام: {ولقد همت به، وهم بها، لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء، إنه من عبادنا المخلصين} [يوسف: 24] وقال يوسف عليه السلام: {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن، وأكن من الجاهلين} [يوسف: 33] قال الله عز وجل: {فاستجاب له ربه، فصرف عنه كيدهن، إنه هو السميع العليم} [يوسف: 34] وقال إبراهيم عليه السلام: {رب اجعل هذا البلد آمنا، واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [إبراهيم: 35] وقال موسى عليه السلام لما دعا على قومه فقال: {ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما} [يونس: 89] وقال تعالى فيما أخبر عن أهل النار: {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21]
قال محمد بن الحسين: فقد أقر أهل النار أن الهداية من الله لا من أنفسهم.(صـ 151 - 152).