كنت أقرأ اليوم في كتاب ((الأدب المفرد)) للإمام البخاري رحمه الله، طبعة دار السلام تحقيق أحمد عبد الرزاق البكري، وذكر الإمام البخاري حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: نَزَلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ . . . وَالرَّابِعَةُ: إِنِّي شَرِبْتُ الْخَمْرَ مَعَ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَضَرَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْفِي بِلَحْيي جَمَلٍ . . .
فقال المحقق في الهامش: ((قوله: بلحيي جمل) موضع بطريق مكة احتجم فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هي عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا))اهـ.
قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ رجل تصدر لتحقيق الكتب العلمية، ثم هو لا يستطيع أن يفرق بين (لَحْيُ الجمل) الذي هو اسم مكان، وبين (لحيي الجمل) الذي هو في رأس الجزور؛ وذلك مع أن سياق الرواية التي في الأدب المفرد واضح جدًا أنه يقصد لحيي الجزور، ولو قلنا بأن فيها لبسًا، فإن طرق الحديث الأخرى - ومنها ما هو في صحيح مسلم - تُبيِّن المراد؛ ففي لفظ مسلم: (فَإِذَا رَأْسُ جَزُورٍ مَشْوِيٌّ عِنْدَهُمْ، وَزِقٌّ مِنْ خَمْرٍ. قَالَ فَأَكَلْتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ، قَالَ فَذَكَرْتُ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرِي نَ عِنْدَهُمْ. فَقُلْتُ: الْمُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ. قَالَ فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ فَضَرَبَنِي بِهِ فَجَرَحَ بِأَنْفِي).