المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد
محبة مجنون ليلى لليلى من أي أنواع المحبة؟
فهي قطعا ليست لله، فهل هذا شرك؟
اولا لابد من هذه المقدمة-
قال الشيخ صالح آل الشيخ في كفاية المستزيد شرح كتاب التوحيد:
العبد يجب أن يكون الله جل وعلا أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه، وهذه المحبة المراد منها محبة العبادة، وهي المحبة التي فيها تعلُّقٌ بالمحبوب بما يكون معه امتثال للأمر رغبة واختيارا، ورغب إلى المحبوب، واجتناب النهي رغبة واختيارا، فمحبة العبادة هي المحبة التي تكون في القلب، يكون معها الرغب والرهب، يكون معها الطاعة، يكون معها السعي في مراضي المحبوب والبعد عما لا يحب المحبوب، والموحد ما أتى للتوحيد إلا بشيء وقر في قلبه من محبة الله جل وعلا لأنه دلته ربوبية الله جل وعلا وأنه الخالق وحده وأنه ذو الملكوت وحده وأنه ذو الفضل والنعمة على عباده وحده من أنه محبوب، وأنه يجب أن يُحب، وإذا أحب العبد ربه فإنه يجب عليه أن يوحده بأفعال العبد، أن يوحد الله بأفعاله -يعني أفعال العبد- حتى يكون محبا له على الحقيقة.
لذلك نقول: المحبة التي هي من العبادة هي المحبة التي يكون فيها إتباع للأمر والنهي ورغب ورهب.
ولهذا قال طائفة من أهل العلم المحبة المتعلقة بالله ثلاثة أنواع:
( محبة الله على النحو الذي وصفنا، هذا نوع من العبادات الجليلة، ويجب إفراد الله جل وعلا بها.
( والنوع الثاني: محبة في الله وهو أن يحب الرسل في الله عليهم الصلاة والسلام، وأن يحب الصالحين في الله, يحب في الله وأن يبغض في الله.
( والنوع الثالث محبة مع الله وهذه محبة المشركين لآلهتهم؛ فإنهم يحبونها مع الله جل وعلا، فيتقربون إلى الله رغبا ورهبا نتيجة محبة الله، ويتقربون إلى الآلهة رغبا ورهبا نتيجة لمحبتهم لتلك الآلهة.
ويتضح المقام بتأمل حال المشركين وعبدة الأوثان وعبدة القبور في مثل هذه الأزمنة، فإنك تجد المتوجه لقبر الولي في قلبه من محبة ذلك الولي وتعظيمه ومحبة سدنة ذلك القبر ما يجعله في رغب ورهب وفي خوف وفي طمع وفي إجلال حين يعبد ذلك الولي أو يتوجه إليه بأنواع العبادة؛ لأجل تحصيل مطلوبه، فهذه هي محبة العبادة التي صرفها لغير الله جل وعلا شرك أكبر به؛ بل هي عماد الدين؛ بل هي عماد صلاح القلب، فإن القلب لا يصلح إلا بأن يكون محبا لله جل وعلا، وأن تكون محبته لله جل وعلا أعظم من كل شيء.
فالمحبة؛ محبة الله وحده هذه -يعني محبة العبادة- هذه من أعظم أنواع العبادات، وإفراد الله بها واجب.
والمحبة مع الله محبة العبادة هذه شركية، من أحب غير الله جل وعلا معه محبة العبادة فإنه مشرك الشرك الأكبر بالله جل وعلا.
هذه الأنواع الثلاثة هي المحبة المتعلقة بالله.
أما النوع الثاني من أنواع المحبة، وهي المحبة المتعلقة بغير الله من جهة المحبة الطبيعية، وهذا أذن فيه الشرع وجائز؛لأن المحبة فيها ليست محبة العبادة والرغب والرهب الذي هو من العبادة،وإنما هي محبة للدنيا، وذلك كمحبة الوالد لولده والولد لوالده والرجل لزوجته والأقارب لأقربائهم والتلميذ لشيخه والمعلم لأبنائه ونحو ذلك من الأحوال، هذه محبة طبيعية لا بأس بها؛ بل الله جل وعلا جعلهاغريزة." اهـ---------------تنقسم المحبّة إلى محبة خاصّة ومحبّة مشتركة والمحبّة الخاصّة تنقسم إلى محبّة
شرعية ومحبة محرمة .
فالمحبة الشرعية أقسام :
1- محبة الله وحكمها أنها من أوجب الواجبات وذلك لأن محبته سبحانه هي أصل دين الإسلام فبكمالها يكمل الإيمان . وبنقصها ينقص التوحيد
2- محبة الرسول وهي أيضاً واجبة من واجبات الدين ،
3- محبة الأنبياء والمؤمنين وحكمها واجبة لأن محبة الله تعالى تستلزم محبة أهل طاعته
المحبة المحرمة :
منها ما هو شرك : وهو أن تحب من دون الله شيئاً كما يحب الله تعالى فهو قد اتخذ نداً
ومنها ما هو محرّم دون الشرك : وذلك بأن يحب أهله أو ماله أو عشيرته وتجارته ومسكنه فيؤثرها أو بعضها على فعل ما أوجبه الله عليه من الأعمال كالهجرة والجهاد ونحو ذلك -------------
محبة النساء ونحوها مما زينه الله للإنسان، محبة لغيرها، وليس أحد يحب هذه الأشياء لذاتها، فهو إنما يحب الطعام والشراب لما يحصل له به من بقاء النفس، وكذا يحب النساء لما يحصل له به من بقاء النوع، ويحب ما يلتذ به لوجود الملاءمة للطبع، وحصول اللذة به، وليست هذه محبة شركية، ولا محبة مع الله تعالى، بل هي جائزة- كما ذكرت- إذا لم تفض لمحرم.
، يقول ابن القيم -رحمه الله-: وَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَحَبَّةِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا، وَإِنَّمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهَا:
أَحَدُهَا: مَحَبَّةُ اللَّهِ، وَلَا تَكْفِي وَحْدَهَا فِي النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَالْفَوْزِ بِثَوَابِهِ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَعُبَّادَ الصَّلِيبِ وَالْيَهُودَ وَغَيْرَهُمْ، يُحِبُّونَ اللَّهَ.
الثَّانِي: مَحَبَّةُ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُدْخِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَتُخْرِجُهُ مِنَ الْكُفْرِ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَقْوَمُهُمْ بِهَذِهِ الْمَحَبَّةِ، وَأَشَدُّهُمْ فِيهَا.
الثَّالِثُ: الْحُبُّ لِلَّهِ، وَفِيهِ، وَهِيَ مِنْ لَوَازِمِ مَحَبَّةِ مَا يُحِبُّ، وَلَا تَسْتَقِيمُ مَحَبَّةُ مَا يُحِبُّ إِلَّا فِيهِ، وَلَهُ.
الرَّابِعُ: الْمَحَبَّةُ مَعَ اللَّهِ، وَهِيَ الْمَحَبَّةُ الشِّرِكِيَّةُ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا مَعَ اللَّهِ، لَا لِلَّهِ، وَلَا مِنْ أَجْلِهِ، وَلَا فِيهِ، فَقَدِ اتَّخَذَهُ نِدًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَهَذِهِ مَحَبَّةُ الْمُشْرِكِينَ.
وَبَقِيَ قِسْمٌ خَامِسٌ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ: وَهِيَ الْمَحَبَّةُ الطَّبِيعِيَّةُ ، وَهِيَ مَيْلُ الْإِنْسَانِ إِلَى مَا يُلَائِمُ طَبْعَهُ، كَمَحَبَّةِ الْعَطْشَانِ لِلْمَاءِ، وَالْجَائِعِ لِلطَّعَامِ، وَمَحَبَّةِ النَّوْمِ، وَالزَّوْجَةِ، وَالْوَلَدِ، فَتِلْكَ لَا تُذَمُّ، إِلَّا إِذَا أَلْهَتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَشَغَلَتْ عَنْ مَحَبَّتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ {سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ :9}، وَقَالَ تَعَالَى: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ---------------------------------------------------------
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد
محبة مجنون ليلى لليلى من أي أنواع المحبة؟
------جواب هذا بالكلام على العشق -العشق مرض من أمراض القلب، وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله في الطب النبوي عند الحديث عن هديه صلى الله عليه وسلم في علاج العشق.
قال ابن القيم: هذا مرض من أمراض القلب، مخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه، وإذا تمكن واستحكم، عز على الأطباء دواؤه، وأعيى العليل داؤه… إلى أن قال: وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف:24]
فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ولهذا قال بعض السلف، العشق حركة قلب فارغ، يعني: فارغاً مما سوى معشوقه…
والعشق مركب من أمرين : استحسان للمعشوق، وطمع في الوصول إليه، فمتى انتفى أحدهما انتفى العشق، وقد أعيت علة العشق على كثير من العقلاء، وتكلم فيها بعضهم بكلام يرغب عن ذكره إلى الصواب، ثم قال: والمقصود أن العشق لما كان مرضاً من الأمراض، كان قابلاً للعلاج، وله أنواع من العلاج، فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه شرعاً، فهو علاجه، كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء -------العشق مرض من أمراض القلب ولا بد من علاجه.
- من طرق العلاج للعشق بين الرجل والمرأة الزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج وأنفعه.
إن لم يزل مرض العشق مع اليأس فقد انحرف الطبع انحرافاً شديداً فينتقل إلى علاج آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوع من الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقة بالصعود إليها، والدوران معها في فلكها، وهذا معدود عند جميع العقلاء في زمرة المجانين-------------------------------------------من اسباب وقوع العشق--فراغ القلب من الإيمان بالله وعبادته وكما قال الشاعر
اتانى هواها قبل أن اعرف الهوى *** فصادف قلبا خاليا فتمكن ----------------------------------------- عواقب العشق-الانشغال بحب المعشوق وذكره عن حب الله تعالى وذكره... لقد اخبرنا ابن القيم رحمه الله... ( لا يمكن أن يجتمع فى القلب حب الرحمن الأعلى وعشق الصور بل هما ضدان لا يتلاقيان).---عذاب قلب العاشق بمعشوقه:- ولقد قال احد أهل العلم ( من أحب شيئا غير الله عذب به ولابد... والعشق أن استلذ به صاحبه فهو اشد درجات عذاب القلب... بدليل إننا نسمع عن من جلس طوال الليل قلقا على معشوقه لأنه لم يراه او يسمع صوته... وكثيرا ما نسمععن الذى لم يذق طعم النوم لأنه حبيبته هجرته وغير ذلك
-
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد بن عبدالله بن محمد
م، فهل هذا شرك؟
التعلق بغير الله تعالى درجات متفاوتة؛ بعضها طبعي مباح؛ كمحبة الطعام، والشراب، والنكاح، وبعضها فسق محرم؛ كمحبة السماع المحرم، والنظر المحرم، والوطء المحرم، والكسب المحرم، وبعضها ينقض أصل التوحيد، ويوقع في شرك المحبة؛ كما يقع لبعض العشاق المفتونين الذين تجاوز عشقهم المتعة الحسية، حتى نفذ إلى سويداء القلب، واستولى عليها. وقد وصف ابن القيم -رحمه الله- هذه الحال الخطيرة بعبارات كاشفة، وعلامات فارقة.. فقال: (وهو –والله- الداء العضال، والسم القتال، الذي ما علق بقلب إلا وعز على الورى استنقاذه من إساره، ولا استعلت نار في مهجة، إلا وصعب على الخلق تخليصها من ناره، وهو أقسام. وهو تارة يكون كفراً لمن اتخذ معشوقه نداً يحبه كما يحب الله، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟! فهذا عشق لا يغفر لصاحبه، فإنه من أعظم الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك. وعلامة هذا العشق الشركي الكفري: أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه. وإذا تعارض عنده حق معشوقه، وحقه، وحق ربه، وطاعته، قدَّم حق معشوقه على حق ربه، وآثر رضاه على رضاه، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه، وبذل لربه -إن بذل- أردى ما عنده، واستفرغ وسعه في مرضات معشوقه، وطاعته، والتقرب إليه، وجعل لربه -إن أطاعه- الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته.. ولا ريب أن هذا العشق من أعظم الشرك، وكثير من العشاق يصرح بأنه لم يبق في قلبه موضع لغير معشوقه البتة، بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله، فصار عبداً مخلصاً من كل وجه لمعشوقه. فقد رضي هذا من عبودية الخالق جل جلاله، بعبودية المخلوق مثله؛ فإن العبودية هي كمال الحب والخضوع، وهذا قد استغرق قوة حبه، وخضوعه، وذلة لمعشوقه. فقد أعطاه حقيقة العبودية) الجواب الكافي (1/149-150).