قولهم منقول .. عبرة ومَعَرَّة ،،،
الحمد لله القائل
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا
وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) النمل .
وبعد
قال القرطبي في تفسيره
عِبْرَةٌ أَيْ فِكْرَةٌ وَتَذْكِرَةٌ وَعِظَةٌ .
قال صاحب البحر المحيط أبو حيان محمد بن يوسف بن حيان
الْمَعَرَّةُ الْمَكْرُوهُ وَالْمَشَقَّةُ اللَّاصِقَةُ
وقد عُلم هذا أقول
قرأت يوماً كتاباً لشيخ وضع كتاباً لمقرر في الجامعة الإسلامية في المدينة النبوية
وأنا سعيد برؤية شيخ يكتب كالعلماء القدامى .
وتنتهي مقدمته ويبدأ استيائي استياءً عارماً بقوله في الحاشية
أنها مقدمة للشيخ الفلاني من كتابه الفلاني .
وما كان يضيره بإعلام القارئ من مبتدأ الكلام بأن هذا ليس له .
أرجل يضع مقرراً دراسياً لجامعة علمية شرعية ويعلن هذا الخبر في حاشية الصفحة .
وحسن ظني به أيذهب في شرع الله سدى بوضعي في شئ
يشعرني أنه له . وفجأة يخبرني أنه ليس من قلمه وجهده وعرقه .
أليس هذا من المكروه والمشقة اللاصقة .
أليس هذا من الغرر ومن مستقبح الشرر به توغر قلبه عليك وتنقص في عينه .
أيأتي رجل ويضع في يد مسكين صدقة وهو بعلم علم اليقين بأنه فقير أو مسكين
ثم يقول له أعطه لجارك أبا عرفة .
وهذه السعادة التي أثلجت صدر المسكين لما رأى رزقة الله له ودعوته لصاحب الصدقة
وبدون مقدمات تسلبه هذه السعادة وتجلب عليه الضيق والحزن .
ورجل على مقربة من صاحب الصدقة يقول له اتق الله هلا أخبرته من البداية بأنها ليست له .
فيرد عليك بلا عقل ولا نقل المهم أنه علم أنها ليست له .
أيوجعه قاض لو وصلت قضية كهذه في مجلسه . أيوبخه أو يعاتبه على أقل تقدير .
فليعلم المؤمن أن هناك منقول مقبول ومنقول يُبقي المرء سجين نفسه وسجين الجهل والتعالم .
باعتقاد أن من المنقول من يأثم المرء بطرحه . وأن من المنقول من يهون الناقل في أعين الناس .
ومن المنقول شهواهد والشواهد تاج الكلام كما يقال .
ومن المنقول ما يُعلم القارئ أن المنقول أعلم منه وكلامه أسد وأحسن .
والموفق من يوفقه الله للموازنة لإرضاء ربه .
والعبرة هي بتبليغ العلم للناس وليس العبرة بتبليغ الناس اسم صاحب المنقول لشهرة ومكانة ستكون بين الناس له حاشا حالات يعلم أهل العلم
أن إشهاره كان لنشر فضائله وفضيلة وسنة وآية محكمة
ليعم السلام والسنة كل مكان .
وربي إني لأعجب من إخوة أحدثهم عن أمانة العلم وبركته وأقول لهم بما نقله القرطبي في تفسيره
يُقَالُ مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَافَ الْقَوْلُ إِلَى قَائِلِهِ . انتهى
وقبل هذا شرط شرطه
وَشَرْطِي فِي هَذَا الْكِتَابِ إِضَافَةُ الْأَقْوَالِ إِلَى قَائِلِيهَا وَالْأَحَادِيثِ إِلَى مُصَنِّفِيهَا
فَإِنَّهُ يُقَالُ مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ أَنْ يُضَافَ الْقَوْلُ إِلَى قَائِلِهِ. انتهى .
أقول لهم هذا ولا يعيرون الأمر اِهتماماً ولا اِلتفاتاً .
تبدأ بعلم . إذا اِنسبه لصاحبه والمصدر الذي نقلت منه اِبتداءً
يبارك لك الله إن شاء الله . وتكبر في عين خلقة .
إلا تفعلوه تنقص في قلوب طلبة العلم بخاصة الشرفاء منهم .
ومن الناس من ينقل العلم ويخبرك بأنه في الكتاب الفلاني
ولا يخبرك أنه نقل عن ناقل يقول هذا . فهذا ليس من أمانة العلم .
اكتب للناس وقيل أنه في صحيح البخاري
حاشا إن نقلت عن ثقة يعلم ما يقول .
وفي ديننا الحنيف لا يجوز للمؤمن أن يضع نفسه في موطن شبهة ولا في موطن ينقص فيه قدره .
ليقبى قوله عليه الصلاة والسلام قائماً من حديث حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ
وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى .انتهى .
مُتَّفق عَلَيْهِ .
ليبقى الدين قائماً معظماً مبجلاً في الناس . آمناء صلحاء يُصلح الله بهم العباد والبلاد .
إن عنَّ لي شيئاً عدت وذكرته بعون الله . أما الآن فهذا ما عندي .
وفقكم الله وهدانا إلى صراط مستقيم ،،،