المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي
فالله مع ظهوره وعلوه على كل مخلوق , ليس دونه شيء , وهذا هو معنى الباطن
فهو يدل على القرب والدنو ,
ولما كان الباطن فيه معنى الاحتجاب والاستتار أردفه بعبارة (ليس دونه شيء)
فاذا كان السقف مثلا يحجب ويستر الشمس , كان هو دونها , أي أنه أقرب الينا منها ,أي أنه أبطن , فهو الباطن
وكانت الشمس محجوبة مستورة به عنا , وهي الظاهرة العلية عليه
لكن الله تعالى هو الظاهر ومع ذلك فليس شيء أبطن منه
فالظاهر يستلزم كمال العلو
والباطن يستلزم كمال القرب والدنو
-اذا يبقى السؤال ما هو القرب والدنو-- الاجابة --يقول ابن القيم في (مدارج السالكين): أما ما ذكرتم من القرب، فإن أردتم عموم قربه إلى كل لسان من نطقه وإلى كل قلب من قصده، فهذا لو صح لكان قرب قدرة وعلم وإحاطة لا قربا بالذات والوجود،فإنه سبحانه لا يمازج خلقه ولا يخالطهم ولا يتحد بهم .. وإن أردتم القرب الخاص إلى اللسان والقلب، فهذا قرب المحبة وقرب الرضا والأنس، كقرب العبد من ربه وهو ساجد وهو نوع آخر من القرب لا مثال له ولا نظير، فإن الروح والقلب يقربان من الله وهو على عرشه والروح والقلب في البدن .. فإن قيل: فكيف تصنعون بقوله تعالى: (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) قيل: هذه الآية فيها قولان للناس، أحدهما: أنه قربه بعلمه، ولهذا قرنه بعلمه بوسوسة نفس الإنسان .. والقول الثاني: أنه قربه من العبد بملائكته الذين يصلون إلى قلبه فيكون أقرب إليه من ذلك العرق، اختاره شيخنا ـ يعني ابن تيمية ـ اهـ. ----ثم يجب التنبه إلى القول بأن الله تعالى قريب بذاته، وأنه سبحانه مع كل أحد بذاته، إنما هو من أقوال الجهمية، وهذا هو المذهب الذي بنى عليه أهل الاتحاد والحلول أفكارهم.--------------------------------------------------------------------فائدة--يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله--إن الإنسان الذي يقول الله في كل مكان بذاته يلزمه أحد أمرين لا ثالث لهما
إما أن يعتقد أن الله متعددٌ بحسب الأمكنة
وإما أن يعتقد أنه أجزاءٌ بحسب الأمكنة وحاشاه من ذلك لا هذا ولا هذا
إنني أدعو كل مؤمنٍ بالله أن يعتقد اعتقاداً جازماً بأن الله تبارك وتعالى
في السماء لا يحصره مكان
وإني أخشى من لم يعتقد ذلك أن يلقى الله تعالى وهو يعتقد أن الله في كل مكان أخشى أن يلقى الله على هذا الحال فيكون مجانباً للصواب
والصراط المستقيم عباد الله لا تلفظوا بأقوال من أخطئوا من أهل العلم اقرءوا القرآن بأنفسكم واعتقدوا ما يدل عليه هل يمكن أن يقرأ قارئ (وهو العلي العظيم) (وهو القاهر فوق عباده) (سبح اسم ربك الأعلى)
ثم يعتقد أنه في المكان الذي هو فيه يعني الذي الإنسان فيه لا يمكن أبداً وأما قول هؤلاء الذين أخطئوا وجانبوا الصواب وخالفوا الصراط
إن المراد بذلك علو المكانة فكلا واللهإن هؤلاء أنفسهم إذا دعوا الله يرفعون أيديهم إلى السماء إلى من دعوا وهل هذا إلا فطرة مفطورٌ عليها كل الخلق العجوز في خدرها تؤمن بأن الله تعالى فوق كل شئ فالفطرة إذاً دالة على علو الله تعالى نفسه فوق كل شئ العقل كذلك يدل على هذا فإنه من المعلوم أن العلو صفة كمال وأن السفول صفة نقص وأيهما أولى أن نصف رب العالمين بصفة الكمال أو بصفة النقص كل مؤمن يقول له صفة الكمال المطلق ولا يمكن أن يوصف بالنقص بأي حالٍ من الأحوال
إذا علمت ذلك فقد يتراءى لك أن هذا ينافي قول الله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فأقول لك أيها الأخ المسلم إنه لا ينافيه لأن الله سبحانه وتعالى ليس كعباده ليس كالمخلوق ليس كمثله شئ وهو السميع البصير وهو أعلى وأجل مما يتصوره الإنسان ولا يمكن أن يحيط الإنسان بالله علماً كما قال عن نفسه (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً) فهو وإن كان في السماء فوق كل شئ فهو مع العباد لكن ليس معناه أنه في أمكنتهم بل هو محيطٌ بهم علماً وقدرةً وسلطاناً وغير ذلك من معاني ربوبيته فإياك يا أخي المسلم أن تلقى الله على ضلال
اقرأ قول الله تعالى (وهو القاهر فوق عباده) ثم اقرأ (وهو معكم أينما كنتم) ثم آمن بهذا وهذا واعلم أنه (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)
فيجب على الإنسان أن يؤمن بأن الله فوق كل شئ بأن الله نفسه فوق كل شئ بأنه ليس حالاً في الأرض ولا ساكناً فيها ثم يؤمن مرةً أخرى بأنه تعالى له عرشٌ عظيم قد استوى عليه أي علا عليه علواً خاصاً غير العلو المطلق علواً خاصاً يليق به جل وعلا--
الا إن الأمر خطير ولأنه قد ضلت فيه أفهام وزلت فيه أقدام فعليك بمذهب من سلف ودع عنك من أخطأ ممن خلف أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للصواب وأن يتوفانا على العقيدة السليمة الخالصة من كل شوب.