هبّت نسائمها..
تُسرع أيامُه نحو رحيله..
وما أسرع انقضاء ما كانت له مدة.. وفناء ما كانت له عِدة!!
أوشك الثلث الثاني على الرحيل.. ثم نقول:
لم يتبقَ إلا ثلثه الأخير.. وما أدراك ما ثلثه الأخير؟!
تلك الليالي العطرات..
هبت نسائمها المليئة بالخيرات..
لتُزيل الغبار عن قلوب غطتها أتربة الغفلة..
ولترفع الحُجُب عن صدور غلفتها أبخرة المعاصي..
.............. فهل من مغتنم؟
هذه رسالة
- لكل من قصر فيما مضى من رمضان..
- لكل من فرط في أيامه الخالية..
- لكل من ظن أنه قد فات الأوان وضاعت الفُرَص وتاهت الأعمال..
- لكل من سولت له نفسه أن من فاز فقد فاز، وأما هو فقد رجع بالخسارة والخيبة..
- لكل من بث الشيطانُ في نفسه رُوحَ اليأس وزين له أنه قد فرط في رمضان, وانتهى موسم الخيرات من دون تحصيل الحسنات..
نقول له:
عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر)), رواه مسلم.
وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور – أي يعتكف - في العشر الأواخر من رمضان ويقول: ((تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)), رواه البخاري.
والأحاديث في ليلة القدر وفضلها كثيرة..
فاستبشر:
يا من قصرتَ وفرطت.. قر عينا وارفع جناحيك لتحلق في سماء العفو وفضاء الرحمة.. ولا تقُل فات الأوان فتخسر ما فات وما هو آت!
أتظن أن العشر قليل؟
لا والله! ليست قليلة؛ فقد كان بعض السلف يختم القرآن فيها وحدها عشرين مرة!
وإن قدرت على نفسك بختمة كل ثلاث فقد وفقت للسنة وقد فزت بثلاث ختمات على الأقل..
حتى وإن كانت ليلة واحدة فقد توفق لعبادتها ويكون فيها عتقك من النار.
وفي الختام أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للخير، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال, وأن يكتب لنا في هذه الليالي العتق من النيران..
والحمد لله رب العالمين.