تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مَن خَلَق الله؟!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,342

    افتراضي مَن خَلَق الله؟!



    مَن خَلَق الله؟! (1)









    كتبه/ إيهاب شاهين

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فمَن خلق الله؟!

    هل مثل هذا السؤال يقوله أحد أو يطرأ على ذهن عاقل؛ فضلًا أن يكون مسلمًا؟!

    الإجابة: نعم! بل قد جال بخاطر أفضل الناس بعد الأنبياء، وهم صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس طروء مثل هذا السؤال على الخاطر والبال بسبب عدم الإيمان أو نقصانه، بل قد يكون وسواسًا من الشيطان ليحزن العبد المؤمن؛ إذًا، مجرد إتيان السؤال على الخاطر ليس كفرًا ولا جرمًا، ولكن كيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يتعاملوا مع مثل هذه الوساوس؟


    تعالوا بنا نتعرف على قصة وروود هذا السؤال، وكيف وجَّه النبي صلى الله عليه وسلم الصحب الكرام للتعامل مع مثل هذا الوسواس:

    - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا: خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ *وَجَدَ *مِنْ *ذَلِكَ *شَيْئًا، *فَلْيَقُلْ: *آمَنْتُ *بِاللهِ"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: مَن خلق السماء؟ مَن خلق الأرض؟ فيقول: الله"، ثم ذكر بمثله وزاد: "ورسله". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: مَن خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: مَن خلق ربَّك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي العبد الشيطان فيقول: مَن خلق كذا وكذا؟".

    ففي هذه الأحاديث بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم مصدر هذا السؤال، وهو: الشيطان، وبيَّن علاجه، وهو كالآتي:

    1- أن ينتهي عن الانسياق وراء الخطرات وتلبيس الشيطان.

    2- أن يقول: "آمنتُ بالله ورسله".

    3- أن يستعيذ بالله من الشيطان.

    فبداية وجود هذا الخاطر على قلب الإنسان لا يدل على انعدام الإيمان أو نقصانه، فالاستعانة بالله والاستعاذة به يقضيان على هذا الوسواس، وهذا يكون من أهل الإيمان.

    أما أتباع الشيطان وأولياؤه من الملحدين والكافرين فإنهم يريدون للناس الاسترسال مع هذا السؤال، ويكثر الجدال بالباطل، وينشرون هذا السؤال ويبثونه بثًّا بين شباب المسلمين؛ بغرض تشكيكهم في دينهم، وزعزعة يقينهم بوجود ربهم، ومما يعينهم على ذلك: الجهل بالدين، وضعف العقيدة واليقين، ولكن من رحمة الله بعباده أن قيَّض لهذا الدِّين في كلِّ عصرٍ وحينٍ علماء راسخين، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويقفون لهم بالحجة والبرهان المبين.


    وهذا ما سنتناوله في المقال القادم بإذن الله.

    والحمد لله رب العالمين.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,342

    افتراضي رد: مَن خَلَق الله؟!

    مَن خَلَق الله؟! (2)



    كتبه/ إيهاب شاهين



    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فقبل أن نبدأ في الطريق الثاني للإجابة عن سؤال: مَن خلق الخالق؟ لا بد من بيان الإجابة عن سؤال هو أحد أهم الأسئلة الوجودية الكبرى التي تجول بخاطر الإنسان، وهو: مَن خلق هذا الكون؟! لأن الإجابة عن هذا السؤال هي التي جعلت الملحدين يطرحون سؤالهم: مَن خلق الخالق؟

    وسؤال: مَن خالق هذا الكون؟ الإجابة عليه فطرية، أي: مركوزة في نفس كل إنسان بموجب خلقته، فالفطرة هي الأساس التي تُبنَى عليه المعارف الإنسانية جميعها، وعلى رأسها: معرفة الخالق سبحانه، قال تعالى: "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة"، وفي رواية: "على هذه الملة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟!".

    وكذلك قد أخذ الله الميثاق على بني آدم قبل أن يخلقوا، كما قال تعالى: "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ . أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ".

    إن الاعتراف بربوبية الله وحده فطرة في الكيان البشري، فطرة أودعها الخالق في هذه الكينونة، وشهدت بها على نفسها، ولكن رحمته وحدها اقتضت ألا يكلهم إلى فطرتهم هذه، بل قد أرسل إليهم رسلًا يذكرونهم ويحذرونهم فقد تنحرف، وألا يكلهم كذلك إلى عقولهم التي أعطاها لهم فقد تضل، وأن يبعث إليهم رسلًا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.

    إنّ الإنسان لو ترك وذاته بدون معلم أو مربٍّ؛ فإنه يشعر في أعماق نفسه، وبما أودعه الله في خلقته بأن لهذا الكون خالقًا خلقه، ومكوِّنًا كوَّنه، ومبدعًا أبدعه، ومدبرًا دبَّره؛ هذا الشعور نابع من فطرته وذاته، وليس مما تعلمه من والديه وأهله، يولد معه، وينمو معه، ويبقى معه لا يتغير بتغير الظروف، ولا يمكن انتزاعه من نفسه؛ لأنه جزء لا يتجزأ منها، فكما أن غرائز الإنسان ذاتية له، لا يمكن فصلها عنه ولا تحتاج إلى تعليم معلم، وكما أن عواطف الإنسان وأحاسيسه جزءٌ من خلقته وكيانه البشري، فإن شعوره الفطري الذاتي يدفعه دائمًا إلى الإيمان بأن لهذا الكون خالقًا ومدبِّرًا وربًّا.

    وفي بحث أجراه البروفسور جستِن باريت Justin Barrett في جامعة أوكسفورد حيث طبَّق دراسته على أطفال في أعمار مبكرة طوال سنوات، خرج بنتيجة تؤكد أن الأطفال لديهم القابلية المُسبقة للإيمان بـ"كائن متفوق"؛ وذلك لأنهم يعتبرون أن كلَّ ما في هذا العالم مخلوق لسبب، وعبَّر عن ذلك بقوله: "إننا إذا وضعنا مجموعة من الأطفال على جزيرة لينشأوا بمفردهم؛ فأعتقد أنهم سيؤمنون بالله".

    ووضع باريت نتائج أبحاثه في كتاب نُشِر عام 2012 بعنوان: "مؤمنون بالفطرة"، كما نشرت عدة وسائل إعلام تقارير عن أبحاثه، ومنها صحيفة تليغراف البريطانية في نوفمبر 2008، بينما قال لإذاعة بي.بي.سي في حوار إذاعي: "إن غالبية الأدلة العلمية في السنوات العشر الماضية أظهرت أن الكثير من الأشياء تدخل في البنية الطبيعية لعقول الأطفال بشكل مختلف عما ظننا مسبقًا، مِن ضمنها: القابلية لرؤية العالم الطبيعي على أنه ذو هدف، ومصمم بواسطة كائن ذكي مُسبِّب لذلك الهدف".

    وقد انضم إلى البروفسور باريت باحث آخر، هو البروفسور جوناثان لانمان Jonathan A. Lanman من جامعة أكسفورد، الذي وضع بحثًا بعنوان: "علم الإيمان الديني" The Science of Religious Beliefs، وتساءل فيه: "إذًا مِن أين جاءت هذه الاعتقادات الفطرية بوجود الخالق؟ فنحن لا نستطيع القول بأنهم (الأطفال) تعلموها من المجتمع؛ وذلك لأنها اعتقادات فطرية، وكذلك الدراسات أكدت أنها لا تعتمد على ضغوطات المجتمع وهي مشتركة بين مختلف الثقافات".

    وبالطريقة نفسها، تقول الباحثة في علم نفس النمو والأديان بجامعة أكسفورد أوليفيرا بيتروفيتش Olivera Petrovich في كتابها: "نظرية الطفل عن العالم" Childs Theory of World: "إن الإيمان بالله ينمو طبيعيًّا؛ أما الإلحاد فهو بالتأكيد موقف مكتسب".

    وهو ما يؤكِّد المقولة الشهيرة المنسوبة إلى المؤرخ الإغريقي بلوتارخ، عندما قال: "لو سافرنا خلال العالم، فمِن الممكن أن نجد مدنًا بلا أسوار، بلا حروف، بلا ملوك، بلا ثروات، بلا عملات، بلا مدارس ومسارح، ولكن أن نجد مدينة بلا معبد، وبلا ممارسات وعبادة وصلاة، ونحوه؛ فلم يرَ أحدٌ ذلك قط!".

    ولذلك كان وجود الله من الأمور المركوزة في الفِطَر البشرية؛ فإن كل إنسان يشعر مِن نفسه بأن له ربًّا وخالقًا، ويحس بعظيم الحاجة إليه، فيتجه بيديه وعينيه وقلبه إلى السماء، لطلب الغوث من ربه؛ ولذلك وبعد بيان هذه الحقيقة يحاول الملحدون مقابلة هذه الإجابة الفطرية بسؤالهم: إذا كنتم تقولون: إن لهذا الكون خالقًا، وهو الله، وكل خالق له مَن خلقه! إذًا مَن خلق الله؟!


    وفي المقال القادم إن شاء الله ندلف إلى الطريق الثاني للإجابة عن هذا السؤال وهو طريق المنطق.

    والحمد لله رب العالمين.




    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    178

    افتراضي رد: مَن خَلَق الله؟!

    أشكرك أخي على نقولاتك، غير أن هذا العنوان مزعج جدا، ولو كان صاحب المقالة يغيره لكان أحسن.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,342

    افتراضي رد: مَن خَلَق الله؟!

    نفس الشعور عندى لذا كنت متردد فى وضعه هنا
    بارك الله فيكم

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,342

    افتراضي رد: مَن خَلَق الله؟!



    مَن خلق الله؟! (3)









    كتبه/ إيهاب شاهين

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    قدَّمنا في المقال السابق أن سؤال الملحدين: مَن خلق الله؟ جاء كردِّ فعلٍ لأحد الأسئلة الوجودية الكبرى: مَن خلق الكون؟

    والإجابة الفطرية البديهية: أن خالق الكون هو الله؛ مما حدا بالملحدين لتجاوز هذه الإجابة البديهية حتى يؤسسوا لقاعدة ينطلقون من خلالها إلى سؤال يقض مضاجع أهل الإيمان (زعموا!): إذا كان الخالق هو الله إذًا فلكل موجود خالق، والله موجود؛ إذًا مَن خلق هذا الخالق؟!

    فنقول: أولًا: هذه القاعدة بهذا اللفظ: أن لكلِّ موجود خالقًا غير صحيحة، بل الصحيح أن لكل شيء حادثًا مسببًا.

    ثانيًا: هذا السؤال يخالف قاعدة منطقية شهيرة تقول: التسلسل في الفاعلين يؤدي بالضرورة إلى عدم حدوث الفعل، وهذا مستحيل عقلًا.

    ومما يوضح أن التسلسل في الفاعلين يؤدي بالضرورة إلى عدم وقوع الأفعال: أننا لو افترضنا أن مجرمًا حكم عليه بالقتل، فقال الجندي: لا يمكن أن أضرب عنقه حتى يأمرني مَن هو أعلى مني رتبة، وقال مَن هو أعلى منه: لا يمكن أن آمر بذلك حتى يأمرني من هو أعلى مني رتبة، وقال من هو أعلى منه مثل قوله، فإننا إذا افترضنا أن السلسلة لا تنتهي إلى قائد لا ينتظر الأمر ممَّن هو أعلى منه؛ فإنه لا يمكن أن يقتل ذلك المجرم، وإذا وجدناه مقتولًا فإننا نعلم بالضرورة أن السلسة منتهية إلى حدٍّ معينٍ بالضرورة. .

    وفي سلسلة الفاعلين أو الخالقين لا بد أن نصل إلى علة غير معلولة أو حادث غير محدث، أو خالق غير مخلوق، وهو الله تعالى كما قال تعالى: "وأن إلى ربك المنتهى"؛ ولذلك فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن"، بقوله: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، ومعنى الأول الذي لا بداية له فلم يسبقه شيء".

    وبهذا التفسير يصبح سؤالهم كالتالي: ما الشيء الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟! أو ما بداية الشيء الذي لا بداية له؟ وهذا سؤال غاية في السخف والسقوط!

    إذًا سؤال مَن خلق الخالق يخالف العقل والمنطق؛ فضلًا عن أن طرحه بداية خطأ فادحًا، كمَن يقول: إذا أنجب الرجل: هل المولود ذكر أم أنثى؟

    نقول له: لا يوجد عاقل يسأل هذا السؤال، والسؤال خطأ، لكننا تنزلنا مع هؤلاء الملحدين في سؤالهم: "مَن خلق الله!"؛ لنبيِّن سفاهة عقولهم وسقوط منطقهم.

    والحمد لله رب العالمين.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •