فلا زال الحديث مع الشيخ إسحاق رحمه الله تعالى مبيِّنًا لردّه على الشبهة التي ألصقت بالشيخ رحمه الله تعالى من أنه لا يُكفر المعين في من تلبّس بالشرك الأكبر محتجًا بقوله : أنه لا يكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر .
وقد عرفنا أن المصنف رحمه الله تعالى ذكر ثلاثة أجوبة على هذه الشبهة .
قال رحمه الله تعالى : ( فلنذكر من كلامه ما يُنبهك على الشّبه التي استدل بها من ذكرنا في الذي يعبد قبة الكواز ) أنه لا يكفرهم
( وأن الشيخ توقف في تكفيره ، ونذكر أولاً مساق الجواب ، وما الذي سيق لأجله ؟ وهو أن الشيخ محمد ومن حكى عنه هذه القصة يذكرون ذلك معذرة له عن ما يدَّعِيه خصومه عليه من تكفير المسلمين ) .
وقرأنا الرسالة بكاملها البارحة وعرفنا أنه رحمه الله تعالى أنه لا يمنع من تكفير المعين مطلقًا ،
وإن كان في آخر الرسالة ذكر هذه الجملة وتمسك بها من تمسك من أن الشيخ رحمه الله تعالى يمنع مطلقًا من تكفير المعين ،
بمعنى أن القاعدة العامة المطلقة دون تفصيل في الشرك وغيره أن من وقع في الكفر حينئذٍ لم يقع الكفر عليه ، حينئذٍ لا بد من ماذا ؟ لا بد من تحقق الشروط وانتفاء الموانع حتى في الشرك الأكبر ؟
قالوا : نعم حتى في الشرك الأكبر ولا فرق بين الشرك وغيره ،
وبيَّنَّا أن المصنف رحمه الله تعالى ذكر في أول الرسالة أن الأعداء على أربعة أنواع وكفرهم كلهم ، حكم عليهم بماذا ؟ بالتكفير والقتال ،
فحينئذٍ قرن بين الأمرين ، بل السؤال كان عن ما يكفر به وعن ما يقاتل عليه ، ولاسيما إذا جمع بين التكفير والقتال معناه أراد به الأشخاص ، ولا يتصور حينئذٍ أن يريد به ماذا ؟ النوع ، يعني الكفر النوعي لأن الكفر النوعي هذا قولٌ وفعل ، حينئذٍ كيف يقاتل ، وإنما يُنَزّل الحكم أولاً على الشخص فيقال كافر ، ثم بعد ذلك يقاتل .
إذًا المصنف رحمه الله تعالى حتى في الموضع الذي نقلوا عنه هذا النص قد كفّر أناسًابأعيانهم،حينئذٍ يجمع بين الأمرين،ولاسيماإذا جمعنا أقواله،وعرفناأنه رحمه الله تعالى أنه إذانفى التكفير لايعني إثبات الإسلام.[أحسنت]،إذانفى التكفير.قال:لاأكفر،ليسمعنا ماذا؟أنه مسلم،وليسمعنا أنه ينفي عنه ماذا؟الأحكام الدنيوية،وإنما لانكفر بمعنى لا نحكم عليه بكونه كافرًا باطنًا وظاهرًا ، وذلك التكفير يقتضي التعذيب ،
حينئذٍ هذا منفي لأن هذا معلقٌ بماذا ؟ بالحجة الرسالية لقوله تعالى : ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ﴾ [ الإسراء : 15].وما قال ماذا؟ وماكنا مسمين بالمشركين حتى نبعث رسولاً ،
وإنما قال : ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ﴾ فمتعلق الحكم حينئذٍ ما هو ؟ التعذيب . إذًا قيام الحجة
السؤال هنا : قيام الحجة هل هو لإثبات الاسم أو لإثبات الحكم في الآخرة ؟ لإثبات الحكم في الآخرة ،
هكذا تجيب بهذا السؤال الذي يحصر لك المسألة ،
هل قيام الحجة شرطٌ في تنزيل الاسم ؟ الجواب : لا .
لأن الاسم يثبت كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى :
فاسم الشرك ثبت قبل الرسالة وبعد الرسالة . إذًا ثبت قبل الرسالة
وهذا محل الشاهد مع الجهل والجاهلية المطبقة العامة سماهم مشركين ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَاللّهِ﴾ [ التوبة : 6] . إذًا قبل السماع ما أقيمت عليه الحجة وسماه ماذا ؟ سماه مشركًا بالنص ،
تكفي آية واحدة لإثبات وصف الشرك ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ﴾
ما بعد ( حتى ) مخالف لما قبل ( حتى ) هكذا في لسان العرب حينئذٍ ﴿ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ﴾ . إذًا سماه مشركًا ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ ﴾ وهو لم يسمع كلام الله . إذًا الاسم شيء والحكم شيءٌ آخر ،
لا بد من التفريق بين النوعين ، فقيام الحجة شرطٌ في الحكم الأخروي بمعنى أننا لا نحكم عليه بكونه خالدًا مخلدًا في النار حتى تقام عليه الحجة ، هذا الذي تنضبط به المسألة . فالمصنف رحمه الله تعالى يُفرق بين النوعين
فإذا قال : لا أكفر . حينئذٍ لم يحكم عليه بكونه مسلمًا ،
ثم متعلق التكفير عنده ماذا ؟ ما يتعلق بالآخرة لا بالدنيا .
قال : ( معذرة له عن ما يدَّعِيه خصومه عليه من تكفير المسلمين ) وهكذا إذا كفَّر المشركين كأن الناس لم يكون حينئذٍ في كل زمان إلا وهم ماذا ؟ إلا وهم عُبّاد قبور ، فإذا كفّرهم فقد كفر ماذا ؟ المسلمين هكذا ادُّعي عليه رحمه الله تعالى
فأجاب بهذا الجواب الذي ذكرناه بالأمس . ( وإلا ) هذا أمرٌ ثاني ( فهي نفسها دعوى لا تصلح أن تكون حجة بل تحتاج لدليل وشاهد من القران والسنة ) يعني قوله : لا أكفر من عبد الصنم .. إلى آخره هذه دعوى ، كلام بشر ، وكلام البشر هذا يحتاج إلى ماذا ؟ يحتاج إلى شاهد ، يحتاج إلى دليلٍ من كتابٍ أو سنة ،
فإذا لم يأت عليه بدليل ولو كان الشيخ محمد رحمه الله تعالى حينئذٍ لا يقبل ، هو ومن هو أكبر منه ، صحيح أو لا ؟ حينئذٍ هذه مجرد دعوى ، يعني حكمٌ لا بد له من ماذا ؟ من دليل ، لو قال قائل في مسألة ما : هذه حرام ، يكفي ؟ قل : هذه دعوى ، أنت ادَّعَيْت أن هذا الفعل أو هذا القول أو هذا المشروط أو هذا المأكول أنه حرام ، يحتاج إلى ماذا ؟ هكذا نأخذ حرام ونمشي ؟ نقول : لا ، لا بد من دليلٍ يدل عليه من كتابٍ أو سنة ، فإذا لم يأت بدليل ؟ قلنا : هذه مجرد دعوى . إذًا إذا حكم دون دليل قلنا : هذه دعوى وتفتقر إلى دليل ، وهذه التي معنا لو سلَّمنا جدلاً أن الشيخ رحمه الله تعالى عناها معنًى وحكمًا ، بمعنى أنه قصد بالفعل أنه لم يكفر مطلقًا لا ظاهرًا ولا باطنًا ، قلنا : هذا لم يذكر له دليلاًَ ، حينئذٍ نحتاج إلى ماذا ؟ إلى دليل ، ونزن هذا القول كما نزن أقوال سائر العلماء بماذا ؟ بالكتاب والسنة هو الميزان ، فإذا جاء بدليل حينئذٍ قُبِلَ وإلا رُدّ عليه . قال : ( ومن فتح الله بصيرته وعوفي من التعصب )
والهوى ولم يكن شيءٌ في نفسه من أجل أن يتصيد ماذا ؟ المتشابه من كلام أهل العلم ، لأن المتشابه من كلام أهل العلم كثير ، وإذا أراد أصحاب الهوى أن يجدوا من كلام أهل العلم ما يُؤيد بدعتهم فسيجدون الكثير والكثير ،
فإذا سَلِمَ من التعصب والهوى حينئذٍ عرف كيف يُجيب عن هذه الإشكالات التي ترد على كلام الأئمة على جهة العموم .
قال:( وكان ممن اعتنى ) برسائل الشيخ ومصنفاته عَلِمَ علمًا يقينًا أن الشيخ ( بين هذه المسألة بيانًا شافيًا وجزم بكفر المعين في جميع مصنفاته ، ولا يتوقف في شيءٍ منها ) يعني يُفَسَّر هذا القول بسائر أقواله ، وهذا الأصل المطرد عند أهل العلم الراسخين في العلم أنهم إذا أرادوا أن يُحقِّقُوا مذهب علمٍ من العلماء جمعوا بين أقواله ، ولا يجعلون ماذا ؟ أقواله متضاربة متناقضة ،
وإنما يأتون بالمحكم فيجعلونه أصلاً ، وهو الواضح البين ، ثم ما وقع فيه شيءٌ من التشابه : -
إما أن يحمل على المحكم إن أمكن . - وإلا طرح لا يلتفت إليه . ثم قال رحمه الله تعالى : ( ولنرجع إلى مساق الجواب الذي أشرنا إليه . قال الشيخ عبد اللطيف ، على قول العراقي : قد كفَّرتم الحرمين وأهلها )
يعني من الشّبه التي أوردها هذا العراقي على أئمة الدعوة ودعوة الشيخ رحمه الله تعالى أنه قد كفّر الحرمين يعني مكة والمدينة ( وأهلها ، فذكر كلامه وأجاب عنه إلى أن قال : قال العراقي : ومن المعلوم أن المنع من تكفير المسلمين الذين تكلموا في هذا الباب وإن أخطئوا من أحق الأغراض الشرعية ، وهو ) أي العالم ( إذا اجتهد فله أجران إن أصاب ، وإن أخطأ فله أجرٌ واحد )
وأخذ يأتي بماذا ؟ بكلامٍ للشيخ ابن تيمية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يُؤيد ذلك ، وابن تيمية رحمه الله تعالى إنما يتكلم عن مطلق الاجتهاد ، ويتكلم عن بعض المسائل التي وقع فيها نزاع سواء كان بين السلف أو عند الخلف،فحينئذٍلاينبغي أن يُكفِّربعضهم بعضًا لمجرد النزاع، ولم يكن حديثه حينئذٍ عن ماذا؟عمايتعلق بالشّرك، ابن تيمية وغيره من أهل العلم يُفرقون بين ذنبين : - الذنب الأول الشرك الأكبر ، وله أحكامٌ خاصةٌ تتعلق به لا يستوي معه ذنبٌ آخر البتة . - وما عدا الشرك . حينئذٍ النظر فيما عدا الشرك يكون بحسبه ، فإذا تكلم ابن تيمية رحمه الله تعالى عن بعض المسائل أن هذا من الاجتهاد ، ولا ينبغي أن يُكفِّر بعضهم بعضًا ، والمجتهد مأجور .. إلى آخره لا يعني به أنه إذا اجتهد فاختار الشرك وتلبّس به يكون مأجورًا ، هذا نقضه في مواضع عديدة وحكا الإجماع على بطلانه ،
ولذلك قال : من دعا عليًّا فقد كفر ،ومن شكّ في كفره فهو كافر . صحيح أو لا ؟ و
حكى إجماعات كثيرة تتعلق بهذه المسألة ، حينئذٍ [ إذا عنى ] إذا أطلق هذه الجمل فيما يتعلق بالاجتهاد وإثبات الاجتهاد والأجر ونحو ذلك إنما يريد به ما يَسُوغ فيه الاجتهاد ،
وأما ما لا يسوغ فيه الاجتهاد فهذا لا يقال بأنه ماذا ؟ بأنه مأجور ؛ لأنه بَيَّنَ رحمه الله تعالى في مواضع أن الشرك الأكبر يُنافي الإسلام ،
ومرّ معنا الإشراك يُنافي الإسلام ، والاستكبار ينافي الإسلام ، يعني لا يجتمعان . إذا قيل : الإشراك الشرك بالله تعالى ينافي الإسلام ،
معناه ماذا ؟ يجتمعان ؟ لا يجتمعان البتة ، فدل ذلك على أنه لم يقصد بمثل هذه العبارات أنه يُنَزّل كلامه على الشرك بالله تعالى . قال هنا:(انتهى كلام العراقي.والجواب أن يُقال:هذاالكلام من جنس تحريفه)تحريفه هو،هوحرّف كثيرًا ألّف رسالةً وجمع فيها أكثرمن خمسين قولاًل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وابن القيم كلها تدل على ماذا ؟ على أن المجتهد إذا اجتهد فأخطأ
وأدخل ماذا ؟ عُباد القبور والمستغيثين بغير الله تعالى .. إلى آخره
أدخلهم في هذا الكلام ، وزعم أن ابن تيمية رحمه الله تعالى لا يُكفر هذا النوع ، وأنه مجتهد ، بل هو مأجورٌ ،
هذه الجاحظية التي ذكرناه سابقًا .
قال رحمه الله تعالى : ( والجواب أن يُقال : هذا الكلام من جنس تحريفه الذي قرّرناه ، فإن في هذا تحرفين ، أحدهما أنه أسقط السؤال ) يعني الاعتراض ، أورد هذا الاعتراض ( وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها خلافٌ ونزاعٌ بين أهل السنة والجماعة )
يعني ثَمَّ فرقٌ بين مسائل وقع الإجماع عليها لاسيما في مقامنا هذا ونحن نبحث في الشرك بالله تعالى ،
وبين غيرها من المسائل ،
فحينئذٍ خلط بين الأمرين ،
فكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إذا نظرت إليه لاسيما فيمن يستدل بالمتشابه ، ارجع مباشرة إلى الكلام الذي قبله والكلام الذي بعده ، حينئذٍ تنظر في أي سياقٍ ذكر هذا الكلام ، هل هو يتحدث عن الفرق والبدع والمقالات الخفية ؟ أو يتحدث عن الشرك بالله تعالى ؟ لا بد من النظر في ما قبل الكلام المنقول وبعده ؛ لأن هذا هو الذي يُبين لك ماذا ؟ يبين لك أو يكشف لك حقيقة هذا الكلام المجمل الذي ذكره ،
لأنك إذا اقتصصت كلمةً من ضمن كلامٍ أو جملة أو جمل أو أسطرًا حينئذٍ قد تكون مجمّلة ، وقد يكون فيها شيءٌ من التشابه ،
حينئذٍ المرجع يكون إلى معرفة ما قبله وما بعده .
قال : ( وفرضه في التكفير في المسائل التي وقع فيها خلافٌ ونزاعٌ بين أهل السنة والجماعة والخوارج والروافض ، فإنهم كفروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه ) الخوارج والروافض يُؤصلون أصولاً مبتدعة ،
يعني من عند أنفسهم على وفق أهوائهم ، ثم من لم يوافقهم فهو كافر ، فردّ ابن تيمية رحمه الله تعالى عليهم هذه البدعة ، وبيَّن أن ثَمّ أصولاً قد يقع فيها تنازع بين السلف ،
وإنما نقول : أصولاً لا باعتبار الأصول المطلقة العامة في باب المعتقد .
قال : ( فإنهم كفّروا المسلمين وأهل السنة بمخالفتهم فيما ابتدعوه وما أصَّلوه ووضعوه ، وذهبوا إليه وانتحلوه ، فأسقط هذا خوفًا من أن يقال دعاء أهل القبور وسؤالهم والاستغاثة بهم ليست من هذا الباب ، ولم يتنازع في هذه المسألة المسلمون ، بل هي مجمع على أنها من الشرك الْمُكَفِّر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ) .
إذًا هذه المسألة لم يقع فيها نزاع ، وأنت نقلت عن ابن تيمية رحمه الله تعالى في مسائل وقع فيها ماذا ؟ وقع فيها نزاع ،
وهو قد حكى الإجماع على أن الشرك بالله تعالى إذا تلبّس به متلبسٌ فهو كافرٌ مشركٌ هذا باعتبار الدنيا ،
فحينئذٍ هذا وفاقٌ مجمعٌ عليه فناقضت بين قوليه .
قال رحمه الله تعالى : ( ولم يتنازع في هذه المسألة المسلمون ، بل هي مجمع على أنها من الشرك الْمُكَفِّر كما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وجعلها مما لا خلاف في التكفير بها ) وله نصوصٌ عديدة في هذا الباب .
قال : ( فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ) . إذًا إذا نقل عنه أنه لا ينبغي التكفير في مسائل وقع فيها نزاع ... إلى آخره ،
وأن السلف قد اختلفوا في كذا وكذا ، حينئذٍ قل : هذا الكلام كله - وهو كثير جدًا رحمه الله تعالى له في هذا المقام -
لا يجوز حمله على الشرك بالله ، لماذا ؟ لأن له نصوصًا أخرى تدل على أن المتلبّس بالشرك الأكبر فهو مشركٌ كافر ،
وحكى الإجماع على ذلك . إذًا إذا حكى خلافًا في موضع وحكى إجماعًا في موضعٍ آخر وأطلق الذنب ،
حينئذٍ نفصل بينهما أو نسوي بينهما ؟ لا شك أننا نفصل بينهما ، ونُفصّل في القول ، ولا نجعل مراده فيما تنزاع فيه هو بعينه ما حكى عليه الإجماع ، وإلا صار ماذا ؟ صار تناقضًا ، صار هذا القول مختلفًا مع القول الآخر .
قال رحمه الله تعالى : ( فلا يصح حمل كلامه هنا على ما جزم هو بأنه كفر مجمع عليه ، ولو صح حمل هذا العراقي لكان قوله قولاً مختلفًا ) . يعني متناقضًا،وهو كذلك، لو كان كلام العراقي الذي أورده أن ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر أن المجتهد له أجر إن أصاب ، والسلف قد تنازعوا في مسائل عديدة هكذا بهذا الإطلاق،وقدحكى الإجماع في مواضع عديدة على الشرك الأكبر صار كلامه ماذا؟متناقضًا،صار حينئذٍ السلف أجمعوا على أن الشرك مكفر،وكذلك اختلفوا فيه ، صحيح أو لا ؟ حينئذٍ كيف يُنظر إلى هاتين المسألتين ، ولا شك أن العالم إذا كان له قولان لو ثبت ، لو ثبت عنه قولان وكان أحد القولين بدعة مثلاً حينئذٍ لا بد من حمل كلامه على ما يُوافق السنة ،
ويُطرح القول الثاني ، هذا لو سُلِّم بأن له ماذا ؟ بأن له قولين ، وكيف وليس له إلا قولٌ واحدٌ .
قال : ( وقد نزّهه الله وصانه عن هذا ) . يعني لعلمه ومكانته رحمه الله تعالى ، وإلا هو بشر ليس بالمعصوم ، قد يقع عنده شيء من التعارض ، لكن في هذا المقام وما حكاه من الشرك الأكبر وأنه مجمع عليه لا إشكال فيه .
قال : ( فكلامه متفق يشهد بعضه لبعض . إذا عرفت هذا ، عرفت تحريف العراقي في إسقاطه بعض الكلام وحذفه ، وأيضًا فالحذف لأصل الكلام يُخرجه عن وجهه وإرادة المقصود ) . الحذف لأصل الكلام بماذا ؟ بمعنى أنه لا يأتي بأوله وآخره ، وإنما يُفسر الكلام بأوله وآخره ، ففصلٌ عقده في المقالات الخفيّة ،
وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى معروف في أسلوبه ماذا ؟ كثير الاستطراد ، يأتي إلى مسائل ثم يخرج تجد عشرين صفحة أحيانًا خرج عن ماذا ؟ عن المقصود ، ثم يقول : والمقصود كذا . يرجع ، فيأتيك من هذه العشرين صفحة التي خرج فيها فيأتي ببعض الأقوال ، وهذا وجدته بالفعل يأخذ بعض الأقوال من هذه للاستطراد ، ويرجع يقول هذا الأصل مختلف فيه ، وهو مجمع عليه فيما ذكره أولاً .
[ ( التحريف الثاني ) ] إذًا قصد بالأول أن ابن تيمية رحمه الله تعالى له كلام لا يتعلق بالشرك الأكبر ، وإنما يتعلق بماذا ؟ بما وقع فيه نزاع بين السلف أو بين الخلف ، ولا يصل إلى حد الكفر والتكفير ، حينئذٍ لا ينبغي أن يُكفّر بعضهم بعضًا ، وهذا حقٌّ أم لا ؟ هذا حقٌّ ، إسقاط هذا الكلام على مسألة الشرك هذا باطل ، تسوية بين النقيضين
. ( التحريف الثاني أن الشيخ رحمه الله قال ) يعني ابن تيمية ( أصل التكفير للمسلمين ) هكذا عبارته ، أصل التكفير للمسلمين ، وعُباد القبور تقرر ماذا ؟ أنهم ليسوا مسلمين . إذًا ليست عبارته في ماذا ؟ في المسلمين ، أليس كذلك ؟ قال : ( أصل التكفير للمسلمين ) . وابن تيمية لا يُسميهم ماذا ؟ لا يُسميهم مسلمين ، بل يُسميهم مشركين في مواضع عديدة لا حصر لها ، ابن تيمية رحمه الله تعالى لا يُسمي هؤلاء ، أو لا يصفهم بوصف الإسلام ، وإنما يُعبر بالشرك كما مر معنا في كلام الشيخ كذلك محمد بن عبد الوهاب أنه إذا نفى التكفير لا يلزم منه إثبات وصف الإسلام ، فإذا قال : لا نكفر من عبد الصنم . سماه عبد الصنم ،ولم يسمه مسلمًا ،وحينئذٍ نقول:فرقٌ بين الحكم وبين الوصف،(أن الشيخ)يعني ابن تيمية (رحمه الله تعالى قال:أصل التكفير للمسلمين.وعبارات الشيخ)
يعني ابن تيمية ( أَخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين ) .
إذًا البحث ليس في الشرك الأكبر ، وإنما هو فيما إذا كان ثَمَّ ذنبٌ أو بدعة لا تُخرج صاحبها عن الإسلام .
إذًا بحث في هذا النوع ، ( وعبارات الشيخ أَخرجت عباد القبور من مسمى المسلمين ، كما سننقل )
لك جملة ( من عباراته كلامه في الحكم عليهم بأنهم لا يدخلون في المسلمين في مثل هذا الكلام ) ،
وقد سبق في أول الرسالة كذلك ، لاسيما فيما يتعلق بأهل الفترة ، أنهم بالإجماع لا يُسمون مسلمين ، وإنما يُسمون مشركين ،
لماذا ؟ لعدم قيام حقيقة الإسلام بهم،
وكل من فقد حقيقةالإسلام فهو كافر مشرك ليس بمسلم،
وإنما لا بد من ماذا ؟ لا بد من أن تقوم به حقيقة الإسلام ، عبادة الله تعالى وحده وتوحيده وطاعة رسوله r . قال:(بأنهم لايدخلون في المسلمين فيمثل هذا الكلام ) .
إذا قال : ( أصل التكفير للمسلمين).إذًالم يعنِ به المشركين ، وإنما خصّ الحكم بالمسلم ، والمسلم لا يجوز تكفيره ، صحيح أو لا ؟ المسلم الذي لم يرتكب ناقضًا من نواقض الإسلام وبقي على وصف الإسلام لا يجوز تكفيره ، وهذا محل وفاق .
قال : ( فذكر كلامًا ) . ( فذكر ) أي الشيخ عبد اللطيف ، ( كلامًا ) أي لابن تيمية رحمه الله تعالى في أثناء كلام له في النهي عن التفرق والاختلاف وترك التعصب لمذهبٍ أو قبيلة أو طريقة ونحو ذلك .
قال : ( كلامًا فيمًا ) ( فيمَا ) . هكذا ( فيمًا ) ( فيمَا أخطأ من المسلمين في بعض الفروع ) يعني سياق كلامه ليس في الشرك الأكبر ،
وإنما هو فيما أخطأ أو فيمن أخطأ من المسلمين في بعض الفروع ، حينئذٍ لا يُكفر ، لا يُكفر ،
إذا بحث المسألة ونظر في الأدلة ، وخرج أن تارك الصلاة كسلاً لا يكفره ، نكفره ؟ لا نكفره ، لا أحد من أهل العلم يقول بماذا ؟ بأننا نكفره . إذًا هذه المسائل التي هي قابلة للنزاع أو قابلة للأخذ والعطاء لا نكفر أحدًا بمجرد المخالفة ،
( إلى أن قال ) يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى بعد أن بيّن أن من أخطأ من المسلمين في الفروع أنه لا يُكفر ختم كلامه بقوله : ( فمن اعتقد في بشرٍ أنه إله ، أو دعا ميتًا وطلب منه الرزق والنصر والهداية ، أو توكل عليه وسجد له ، فإنه يستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه . انتهى ) .
هذا يدل على ماذا ؟ على أنه يفرق بين البابين ، تكلم : أولاً : فيما يتعلق بمن أخطأ من المسلمين في الفروع لا في الأصول .
ثانيًا : ختم كلامه بماذا ؟ بمن تلبّس بالشرك وذكر ما يتعلق بأنه اعتقد في بشر أنه إله ، أو دعا ميتًا ، حينئذٍ ما حكمه ؟
قال : ( يستتاب ، فإن تاب وإلا ضُربت عنقه ) . يستتاب الشخص ذاته ، الفاعل القائل ذاته ، المعتقِد ، المشرك نفسه ، الكافر نفسه هو الذي يستتاب ، ( وإلا ضُربت عنقه ) ردّة عن الإسلام ،
وانتبه هنا الاستتابة ليست لإثبات الوصف ، وإنما للقتل ، من أجل أن يُقال له ماذا ؟ ارجع إلى الإسلام هكذا الاستتابة ، ترجع وإلا قتلناك ، لا نقول له : تخرج . وإلا ما قُتل ، لو لم يخرج ما قتل ، وإنما متى يُقتل إذا خرج عن الإسلام ، صحيح أو لا ؟ فيقال له ماذا ؟ ارجع إلى الإسلام وإلا قتلناك ، فإن لم يرجع قتلناه على أنه مرتد ، وإلا لو كان مسلمًا ما قتلناه ، يبقى على ماذا ؟ على أصله .
قال رحمه الله تعالى:(وإلاضُربت عنقه).(فبطل استدل الالعراقي وانهدم من أصله).
إذًافرق بين المسألتين ،
ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يُقرر أولاً قال : فليس كل من أخطأ يكون كافرًا ، ولا فاسقًا ، ولا عاصيًّا ،
بل قد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان..إلى آخر كلامه،وهذا كلام كثير يردده رحمه الله تعالى،أن ليس كل من أخطأ حينئذٍ يكون كافرًا أو فاسقًا أو عاصيًّا إلى آخره ، ليس مطلقًا هذا ، مقيد ، هذا مقيد بماذا ؟ بكونه [ ليس في أو ] فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، إن شئت أن تُعبر بهذا ، فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، أو التأويل ونحو ذلك ، أما ما لا يسوغ فيه الاجتهاد فحينئذٍ لا بد من تنزيل الحكم وهو إما أن يكون كافرًا أو فاسقًا أو عاصيًّا . قال:(فبطل استدل الالعراقي وانهدم من أصله،كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين متناولاً لمن يدعوا لصالحين ويستغيث بهم مع الله).إذا قال ابن تيمية:لا نكفر،لا ينبغي ، لا يجوز أن تكفر المسلمين فتدخل حينئذٍ ماذا ؟ عُباد القبور ، لا يجوز ، لماذا ؟ لأنه إذا قيل : لا تُكفر المسلمين . وأدخلت عباد القبور إذًا أدخل اليهود والنصارى ، لا فرق بين هذا وذاك ،
لا فرق بين اليهود والنصارى والمشركين ،
فحينئذٍ إذا نهى عن تكفير المسلمين وأدخل عباد القبور وهم مشركون ليسوا مسلمين كمن أدخل اليهود والنصارى .
قال : لا تكفر المسلمين ، واليهود مسلمون ، والنصارى مسلمون . قل : هذا يعتبر باطلاً .
قال رحمه الله تعالى : ( لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله ، ويصرف لهم من العبادات ما لا يستحقه إلا الله ، وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة . ومن عجيب جهل العراقي ) هو جاهل ( أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى )
هذا من عجيب صنيع العراقي ،
وكذلك حتى المعاصرون اليوم ، أنه يأتي بالكلام مطلقًا هكذا دون دليل من الكتاب والسنة ويجعله حجة .
قال : ابن تيمية يعذر بالجهل . ويأتي بنصوص لابن تيمية رحمه الله تعالى . هذه وحي ؟ ليست بوحي . إذًا لابد من ماذا؟لابد من شاهدٍ من كتاب أو سنة،وإل الايقبل، لا لابن تيمية ولا لغيره ، لا من فوقه ولا من تحته ، لا بد من أن تُثْبَت هذه الدعاوى بدليلٍ من كتابٍ أو سنة ، وكلّ من يستدل بكلام ابن تيمية فإذا به على هذا النحو . قال : ( ومن عجيب جهل العراقي أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى ، والدعوى لا تصلح دليلاً ) . الكلام نفسه ذاته لا يصلح أن يكون ماذا ؟ أن يكون دليلاً ، لا يجوز لك أن تكفر من عبد الصنم ، لماذا ؟ لأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قال : لا أكفر من عبد الصنم . هكذا ؟ يصح هذا استدلال ؟ لا يصح ، وهذا الذي عناه رحمه الله تعالى .
قال : ( والدعوى لا تصلح دليلاً ، فإن دعوى العراقي لإسلام عُبَّاد القبور تحتاج دليلاً قاطعًا على إسلامهم ) .
أثبت أولاً أنهم مسلمون ثم بعد ذلك قل : لا يجوز تكفير المسلمين . صحيح أو لا ؟ عندنا أصل وعندنا فرع ،
عندما تقول : لا يجوز تكفير المسلمين . هذا فرع ،
وكون عُباد القبور كونهم مسلمين يحتاج إلى ماذا ؟ هذا أصلٌ ويحتاج إلى دليل من كتابٍ أو سنة ،
فأثبت أولاً أنهم مسلمون ، وبعد ذلك نبحث هل هم كفار أم لا ؟ صحيح أو لا ؟ [ هل ، لا ، ليس كفار أو لا ] ،
وبعد ذلك نبحث هل يجوز تكفيرهم أم لا ؟ لأنه جعل قول ابن تيمية رحمه الله تعالى تكفير ، [التكفير]لايجوز تكفيرالمسلمين جعل عباد القبور داخلين تحت هذا الوصف ،
حينئذٍ نطالبه بماذا ؟ نطالبه بأن يجعل أولاً أنهم يستحقون وصف الإسلام ، ثم بعد ذلك ينظر في تكفيرهم .
قال رحمه الله تعالى : ( فإن دعوى العراقي لإسلام عُبَّاد القبور تحتاج دليلاً قاطعًا على إسلامهم ، فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم ) . إذًا نمنع متى ؟ إذا ثبت أنهم مسلمون ، وأما قبل ذلك فنحتاج إلى أن يُثبت هل هم مسلمون أو لا ؟
ولذلك قلت لك : البحث هذا يُشير إلى المسألة السابقة ،
أئمة الدعوة رحمهم الله تعالى يجمعون بين المسألتين ، ولا غضاضة في ذلك .
المسألة الأولى : ما يتعلق بتحقيق الأسماء .
المسألة الثانية : ما يتعلق بالأحكام . يجمعون بينهما ،
وهنا فرَّق ،
فدل ذلك على ماذا ؟ على أن وصف الإسلام إنما يثبت بالبحث في حقيقة الإسلام وحقيقة الشرك ،
لا علاقة بمسألة العذر بالجهل هنا ، وإنما نبحث في ماذا ؟ هل تحقّق به وصف الإسلام ؟
وما هو الإسلام أصلاً ؟ ما حقيقة الإسلام ؟ وما حقيقة الشرك ؟ ومتى نحكم على الرجل أو العبد بأنه مسلم أو أنه كافر ؟ هذا أولاً ، ثم بعد ذلك نتكلم هل يُعذر أو لا يعذر ؟ فهنا قال رحمه الله تعالى
أولاً يحتاج هذا العراقي إلى دليل قاطع يثبت أنهم ماذا ؟ أنهم مسلمون ،
ثم بعد ذلك نبحث أنهم مسلمون فلا يجوز حينئذٍ تكفيرهم .
قال : ( فإذا ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم ، والتفريع ليس مشكلاً ) .
هذا اقتباس من كلام الإمام مالك رحمه الله تعالى .(إياي)هذاالأصل،(إياي)،( إيانا ) ، ( إياكَ ) ، ( إياكِ ) ، ( إياكما ) ، ( إياكم ) ، ( إياكنَّ ) ، هذا تفريع أم لا ؟ تفريع على ( إياي ) . قال رحمه الله تعالى : ( ومعلوم أن من كَفَّر المسلمين لمخالفة رأيه وهواه كالخوارج والرافضة ) . يعني ليس من شأن أهل العلم والراسخين ، وليس من مذهب أهل السنة والجماعة أن يكفر من كفّره ، أو أن يكفر لمجرد ماذا ؟ هواه ، يعني يُكفر بغير مكفّر هكذا النتيجة ، أن يكفر بغير مكفر ، وأما إذا كفر بمكفر فهو على الأصل،إن أصاب فهو مأجور ، أليس كذلك ؟ هذا الأصل فيه ، ( أن من كَفَّر المسلمين لمخالفة رأيه وهواه كالخوارج والرافضة ) أي تكفير هؤلاء بالهوى،(أو كَفَّر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً وفروعًا ) وكذلك ، يعني مما يتعلق بماذا ؟ أنه قد يكون بدعة قد يصل إلى البدعة ، خالف في كون الإيمان يزيد وينقص كافر ؟ ليس بكافر ، صحيح أو لا ؟ مع كونه قد خالف في أصلٍ من أصول أهل الجماعة لا يكفر ، صحيح أو لا ؟ لا يكفر .
وذو انتصاب في انفصال جعلا( إياي والتفريع ليس مشكلا(
قال رحمه الله تعالى : ( أو كَفَّر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً وفروعًا ، فهذا ونحوه ) يعني المكفِّر بغير مكفر ( مبتدع ضالٌّ ) وهو كذلك ، من كفَّر بغير مكفر فهو مبتدع ضالٌّ إن لم يكن خارجيًّا فهو أقرب إليهم . قال : ( مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين ، ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب)رحمه الله تعالى(لايكفّر أحدًا بهذا الجنس ) شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى الذي اتهم أنه كفر الحرمين وأهلهاحينئذٍ لايُكفر بهذاالنوع،يعني مما لايصل إلى حد التكفير،يعني لايكفر إلا بمكفِّر، وبحثه كما عرفنا مرارًا دعوة الشيخ رحمه الله تعالى إنما يبحث لم يكن جدال مع الجهمية ولا المعتزلة ولا الأشاعرة ولا غيره من أهل البدع ، وإنما بحثه مع المشركين،ولذلك يسميهم علماء المشركين ،هذابحثه فيمايتعلق بالشرك الأكبر .
قال رحمه الله تعالى : ( ومثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ) رحمه الله تعالى ( لا يكفر أحدًا بهذا الجنس ، ولا من هذا النوع ، وإنما يُكفر من نطق بتكفيره الكتاب العزيز وجاءت به السنة الصحيحة ، وأجمعت على تكفيره الأمة ) .
قال هنا : قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى : أجمع العلماء سلفًا وخلفًا من الصحابة والتابعين والأئمة وجميع أهل السنة أن المرء لا يكون مسلمًا إلابالتجرد من الشرك الأكبر والبراءة منه وممن فعله وبغضهم ومعاداتهم . يعني لا بد أن يتحقق بماذا ؟ بالكفر بالطاغوت ، هكذا ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ ﴾ [ البقرة : 256] ، لا بد أن يتجرد عن الشرك الأكبر ، وإلا صار كافرًا ، صار مشركًا ، إن لم يتجرد عن الشرك الأكبر فهو مشرك ، وكذلك لو تجرد عن الشرك الأكبر لم يكفر لكن لم يعادِ ، لم يبغض المشركين ، حينئذٍ يُلحق بهم لعدم كفره بالطاغوت . قال رحمه الله تعالى : ( وأجمعت على تكفيره الأمة ، كمن بدل دينه ) . فصار يهوديًّا ، كمن بدل دينه فصار نصرانيًّا ، كمن بدل دينه فصار مشركًا ، لا فرق بين هذه الملل الثلاثة ، الشرك ملة كما أن النصرانية ملة واليهودية ملة ، ( كمن بدل دينه وفعل فعل الجاهلية الذين يعبدون الأنبياء والملائكة والصالحين ويدعونهم ) مع الله ( فإن الله كفرهم ) كفرهم في مواضع عديدة منالقرآن، كفرهم بمعنى حكم بماذا ؟ بكفرهم ، ولا فرق بين متقدم ومتأخر ، لا فرق بين قبل البعثة وبعد البعثة ، فالفعل هو الفعل ، وإنما ينتفي ماذا ؟ ما يتعلق بالتعذيب، لمابعث النبيr
حينئذٍ لم يكن ثَمَّ جهلٌ انتهت الجاهلية . قال : (فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره، نبيًّا ) كان ذلك المعبود (أووليًّا أو صنمًا)لافرق بين هذا وذاك،(لافرق في الكفر بينهم)يعني الكفر ملل وملة كذلك،يجوز الوجهان. قال:(كما دل عليه الكتاب العزيز و السنة المستفيضة،وبَسْطُ هذا يأتيك مفصلاً).ذكره في((منهاج التأسيس))(وقد مر بعضه) .
( وقال ) الشيخ عبد اللطيف كذلك ( وقد سئل عن مثل هؤلاء الجهّال فقرر أن من قامت عليه الحجة ، وتأهل لمعرفتها يَكفر بعبادة القبور ) . تأهل بمعنى أنه ماذا ؟ صار ذا أهلية ، عنده عقل ، أما المجنون والصبي الذي لا يُميز فهذا ليس أهلاً ، حينئذٍ كيف تقام عليه الحجة ، فلا يُكفّر ، لكنه يكون ماذا ؟ يكون مشركًا ، نحكم عليه بكونه مشركًا ، وتنزل عليه الأحكام بحسب ماذا ؟ بحسب حاله ، بمعنى أنه لا يُصلى عليه ، لو وجد مشرك وهو مجنون يفعل الشرك ، ما حكمه ؟ مشرك ، يُصلى عليه لو مات ؟ لا يُصلى عليه ، لماذا ؟ لأن الحكم كما ذكرنا بالأمس ، الأحكام الشرعية هذه المبنية على وصف الإسلام تسقط بسقوط الأصل ، ما هو الأصل ؟ وصف الإسلام ، فإذا انتفى الإسلام سقطت ، لا نحكم عليه بكونه مسلمًا لكونه تلبس بالشرك الأكبر . إذًا هل نصلي عليه ؟ هل يُورث ؟ هل يُترحم عليه ؟ هل يبقى النكاح ؟ إلى آخر الأحكام الشرعية المبنية على هذا الأصل ، فإذا سقط الوصف الأصل الإسلام سقطت جميع الأحكام المتعلقة به ، ولو كان مجنونًا ؟ ولو كان مجنونًا ، ولو كان صبيًّا لا يميز ؟ ولو كان صبيًّا لا يميز . قال رحمه الله تعالى : ( وقد سُئل عن مثل هؤلاء الجهال فقرر أن من قامت عليه الحجة ، وتأهل لمعرفتها يَكفر بعبادة القبور ) . كفّار ، ( وأما من أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله ) ، توقف ، هذا لا بأس به ، يعني لا يكون مُشكلاً ، قد تأتي عبارة لبعض أهل العلم بأنه توقف في نوعٍ في شخصٍ فلا إشكال فيه ، لا نقول بمعنى أنه يكفر .. إلى آخره ، إنما نقول : الأصل المطرد عند الشيخ رحمه الله تعالى أن من تلبّس بالشرك فهو ماذا ؟ فهو كافر ، لكن ثَمَّ نوع من الناس أو شخص من الناس أو طائفة توقف فيهم لأمر ما ، لشبهةٍ عنده .. إلى آخره ، لا نقول بأنه ماذا ؟ لم يكفر بالطاغوت . قال:(وقد سبق من كلامه) .يعني الشيخ محمد رحمه الله تعالى(مافيه كفاية،مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفِّرة إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته ) جزم يعني قطع بكفرهم في الدنيا والآخرة ، وجعل هذا التكفير مرتبًا عليه الحكم بماذا ؟ بدخول النار ، متى ؟ إذا تمكنوا ، بمعنى أنهم على قدرة أن يتعلموا ، على قدرة أن يسألوا عن الدين . قال رحمه الله تعالى : ( مع أن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى جزم بكفر المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة ) . لاسيما فيما يتعلق بالشرك الأكبر ، متى ؟ ( إذا تمكَّنوا من طلب الحق ومعرفته ) ، فجعل الحكم معلَّقًا ، وكلامه في (( طريق الهجرتين )) في طبقات المكلّفين ، الطبقة السابعة عشرة ، وسيأتي نصّها جزم بماذا ؟ بأن من تمكّن ، فعلّق الحكم كما ذكرنا سابقًا كشيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى علّق الحكم بماذا ؟ بالإمكان ، العلم نوعان : - علم بالفعل ، أن يصل إليه ماذا ؟ القرآن . -علمبالقوة،يعنييمكنهلوأراد أن يتعلم تعلم ، لكنه أعرض لأي أمرٍ كان . هذا والأول سيان في الحكم ، لا فرق بينهما البتة ، وإنما العاجز الذي لو أراد أن يتعلم لم يتمكن حينئذٍ هذا له نظرٌ آخر ، لا نحكم عليه في الآخرة ، لأنه يمتحن ، وأما في الدنيا فعلى حسب ما تلبّس به ، فهو مشرك كافر . قال رحمه الله تعالى : ( إذا تمكنوا من طلب الحق ومعرفته ، وتأهَّلوا لذلك وأعرضوا ولم يلتفتوا ) . هذا يُسمى كفر إعراض ، ما بلغه شيء ، ومع ذلك هو كافر ، صحيح أو لا ؟ كيف قامت عليه الحجة ؟ كفّره ابن القيم أو لا ؟ كفّره ، بمعنى أنه معرضٌ لم يلتفت ، يسمع بأن ثَمَّ قرآنًا وثَمَّ رسولاً لكنه لم يسأل لا يعنيه لا يهمه شيء من ذلك ، واشتغل بدنياه وهواه ، حينئذٍ كافر هذا أم لا ؟ كافر ، [ كفره ] وهو جاهل ، كفره حينئذٍ يعتبر كفر إعراض ، لأنه معرض عن الشرع،ولايُسمى في الشرع بماذا ؟ لا يُسمى جاهلاً ، هذا الأصل ، وإنما الجاهل هو الذي يعجز عن العلم ، هذا الذي يُناط به الحكم ،
وقد نصّ ابن القيم رحمه الله تعالى كما سيأتي على ذلك .
قال:(وأعرضوا ولم يلتفتوا،ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ماجاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ) . انتبه ،
قسّم الطائفة هنا إلى نوعين : - نوع تمكن . - ونوع لم يتمكن . من تمكّن جزم بماذا ؟ بكفره ، ما مراده بأنه جزم بكفره ؟ بمعنى أنه اعتقد أنه كافر باطنًا ظاهرًا ، فيُحكم عليه في الآخرة بماذا ؟ بكونه خالدًا مخلدًا في النار ، إذا علمنا أن هذا بهذا الوصف حينئذٍ لم نحكم عليه بماذا ؟ بالكفر باطنًا وظاهرًا ، فنحكم عليه ونعتقد أنه خالد مخلد في النار ، وأما من لم يتمكن العاجز ، الذي يُسميه بعض المعاصرين اليوم بالجهل الْمُعْجِز ، هذا ابن القيم رحمه الله تعالى جعله من جنس أهل الفترات ، وما الحكم في أهل الفترات ؟ كفار ومشركون في الدنيا ، وفي الآخرة يُمتحنون . إذًا النتيجة ما هي ؟ أنهم في الدنيا كفار مشركون،وهذا الذي يعنينا،
أما يدخلون النار لا يدخلون هذا ليس من شأننا ، إن ظهر أنه متمكن لأنه قد يلتبس أنت ترى شخصًا ما حينئذٍ وتحكم عليه تلبّس بالشرك ، تلبس بالشرك فهو مشرك كافر ، وتترتب عليه ماذا ؟ الأحكام ، أما كونه قامت عليه الحجة ، أو كونه متمكنًا أو غير متمكن قد يخفى عليك ، حينئذٍ تتوقف فيما يتعلق بالآخرة ، أليس كذلك ؟ لا تدري عن كل شخصٍ ، تسمع بعباد قبور في بلدٍ ما و.. إلى آخره فحينئذٍ تحكم عليهم بأنهم مشركون كفار ، لكن بأعيانهم هل هم في النار أم لا ؟ الله أعلم بذلك ، وإنما تحكم على من علمت بحاله ، بمعنى أنه تمكن وبلغته الحجة ، صحيح أو لا ؟ إذًا النظر يكون باعتبار الدنيا وباعتبار الآخرة ،
فابن القيم رحمه الله تعالى فصل بين النوعين ، فمن تمكّن جزم بكفره ، بمعنى أنه خالد مخلد في النار ، ومن لم يتمكن جعله من جنس أهل الفترات ، في الدنيا مشركون وفي الآخرة يمتحنون . قال رحمه الله تعالى:( ومن لم يتمكن ولم يتأهل لمعرفة ما جاءت به الرسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممن لم تبلغه دعوة رسول من الرسل ، وكلا النوعين لا يُحكم بإسلامهم ) . كلا النوعين ، تمكن أو لم يتمكن ، لماذا ؟ لتلبّسهم بالشرك ، القاعدة المطردة كل من تلبّس بالشرك فهو مشرك ، بلغته الدعوة ما بلغته هذه مسألة أخرى ، البحث في الاسم لا يتعلق ببلوغ الدعوة ، وإنمابمجردتلبّسهبالشركالأكبر، فنحكم عليه بأنه مشرك ، هذا لا إشكال فيه ، الكلام لابن القيم رحمه الله تعالى ليس كلام الدكتور فلان ولا المعيد فلان ، أليس كذلك ؟ واضح بيّن لا إشكال فيه ، يفرق بين النوعين .