بارك الله فيكم..
الجواب عن السؤال: لا، لم يوافق الشيخ المتكلِّمين في مسألة أول واجبٍ على المكلَّف.
فما ذكره الشيخ المجدِّد محمَّد بن عبدالوهَّاب رحمه الله لا علاقة له بالمسألة التي يلهج بها المتكلِّمون.
فالشيخ رحمه الله قال في الأصول الثلاثة: «اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل: المسألة الأولى: العلم: وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة..».
ثم فصَّل الكلام عن المسألة الأولى فقال: «اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، تعلم هذه الثلاث مسائل، والعمل بهن:
الأولى:أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولًا، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار..». انتهى كلامه رحمه الله.
وهذا القدر من الكلام لا علاقة له بمسألة أول واجب على المكلَّف.
وبمعرفة مراد القولين يتَّضح بُعْد هذا عن هذا، والفارق بينهما.
فأمَّا قول المتكلِّمين فإنَّما هو في توحيد الربوبيَّة، وهو غاية التَّوحيد عند كثير منهم، كما يظهر من كتبهم، والواجب عندهم في ذلك: المعرفة أوالشك أوالقصد إلى الشك!
وأمَّا مراد الشيخ رحمه الله فهو لم يقل إنَّ هذه المسائل الأربع هي أول واجب، بل قال إنَّ تعلُّمها واجبٌ، وكلامه عن معرفة الله تعالى فصَّله بعد ذلك ببيان توحيد الألوهيَّة بقوله: «بل أرسل إلينا رسولًا، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار».
وأمَّا ذكره لتوحيد الربوبيَّة بقوله: «أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا» فهذا ليس إيجابًا لتعلُّمه، فهو مغروس في الفِطَر لا حاجة للتدليل عليه عند سليم الفطرة؛ بل مراده إلزام العباد بتوحيد الألوهيَّة لإقرارهم بتوحيد الربوبية، وهي طريقة الرسل والقرآن: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾، ﴿كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم..﴾.
وهذا هو الفارق بين توحيد أهل السُّنَّة الذي كان عليه السلف، ودعا إليه الأنبياء، والعلماء = وبين توحيد أهل الكلام الرَّادِّين على المتفلسفة القائلين بقدم العالم.
وأما مسألة معرفة دين الإسلام بالأدلة فلا علاقة لها بمسألتنا.