أهــل الجمعــة



من نعم الله العظيمة على هذه الأمة يوم الجمعة، وكثير من الناس لا يقدر هذه النعمة قدرها، وانتشر في هذا الزمان إرسال (جمعة مباركة) من خلال وسائل الاتصال؛ مما أدى إلى السؤال عن حكم هذه التهنئة، وبيان أنها ليست من آداب الجمعة ولا سننها.
- هل تعلم أجمل ما قرأت عن فضل يوم الجمعة؟
- هات ما عندك!
- حديث ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححه الألباني: إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها، ويبعث يوم الجمعة زهراء منيرة، أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها، تضيء لهم، يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضا، وريحهم تسطع كالمسك، يخوضون في جبال الكافور، ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجبا، حتى يدخلوا الجنة، لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون.
- هذه أول مرة أسمع هذا الحديث.
- لقد قلت ذات العبارة عندما اطلعت على الحديث بواسطة الحاسوب، إنها باب آخر لدخول الجنة أن يكون المرء من (أهل الجمعة).
استغرب صاحبي.
- وما (أهل الجمعة)؟
- ألم يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث عن الجمعة: «أهلها يحفون بها»، هم أهل الجمعة.
- لم أنتبه إلى هذه الجزئية في الحديث.
- وماذا عن المنهيات أو الأمور التي تضيع أجر الجمعة؟
- كثيرة، منها المشاحنة والمقاطعة بين المسلمين، التأخر عن الصلاة حتى يصعد الإمام، الحديث أثناء الخطبة، أو العبث بأي شيء ، تخطي الرقاب لأجل الوصول إلى الصف المقدم، والأحاديث في ذلك كثيرة، منها: عن عبدالله بن بسر - رضي الله عنهما - قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجلس فقد آذيت وآنيت» (صححه الألباني)، وحديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب، فقد لغوت»، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادَّهن أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرق بين اثنين، فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى»، وعن أبي هريرة مرفوعاً: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصا فقد لغا» (مسلم).
بل هي الأهم (أهل الجمعة) عند الفقهاء هم الذين تجب عليهم الجمعة، المسلم البالغ، الرجل المقيم الصحيح... إلخ. أما الحديث فإن (أهل الجمعة) هم الذين اعتنوا بصلاة الجمعة في دنياهم، فحافظوا على آدابها وسننها، وحرصوا عليها واستمروا على ذلك، فكانوا أهلها.
والله لقد ضيعنا (جمعاً) كثيرة، بالكاد نذهب قبل الخطبة، قالها صاحبي مظهراً شيئاً من الحسرة الآنية.
- إن يوم الجمعة (منة) من الله على هذه الأمة، ضل عنها اليهود والنصارى، وهدانا الله لها، وهي من البشارات لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، كما في الحديث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم يعني يوم الجمعة فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، والناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد».
والبشارة أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أول الأمم دخولاً الجنة يوم القيامة.
- وكيف يكون المرء من (أهل الجمعة)؟
- بالاغتسال للصلاة، وإحسان الوضوء، والتطيب، والتبكير إلى المسجد، وذكر الله أو الصلاة حتى يجلس الإمام على المنبر، والإنصات للخطبة، وعدم العبث بشيء، وقراءة سورة الكهف، والمحافظة على ذلك والمداومة عليه، ودعاء الله عز وجل بإخلاص أن ينال هذه الميزة.



اعداد: د. أمير الحداد