(8)
الشيخ عامر السيد عثمان
(ت 1408هـ*)
العلامة الشيخ عامر السيد عثمان، شيخ المقارئ المصرية، ولد - رحمه الله بقرية "ملامس "، مركز منيا القمح محافظة الشرقية محافظات مصر - في شهر مايو سنة 1900م الموافق 17 محرم 1318هـ.
حفظ القرآن الكريم، ولم يتجاوز التاسعة من عمره، في مكتب الشيخ عطية سلامة، ثم أرسله والده إلى المسجد الأحمدي بطنطا، وتلقى القرآن بقراءة نافع من فم عالم القراءات الشيخ السعودي، وقد أوتي الشيخ عامر - في صباه - حظاً من حسن الصوت، وفي القاهرة أخذ في القراءة والتلقي والمشافهة والعرض والسماع، فتلقى القراءات العشر الصغرى من طريق الشاطبية والدرة على الشيخ حسن الجريسي الكبير، وهو العلامة المقرئ أحمد الدري التهامي.
ثم تلقى القراءات العشر الكبرى على الشيخ المقرئ علي عبد الرحمن سبيع، ولم يكمل، ثم شرع في ختمة جديدة على تلميذ الشيخ علي سبيع وهو الشيخ همام قطب - رحمه الله - فقرأ عليه ختمة كاملة بالقراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة بالتحرير والإتقان، ثم اتخذ لنفسه حلقة بالجامع الأزهر الشريف سنة 1353هـ* إقراءاً وتدريساً، وفي أثناء ذلك اطلع على مخطوطات القراءات بالمكتبة الأزهرية، ودار الكتب المصرية، يقرأ وينسخ ما شاء الله له، فظهر نبوغه واتسعت شهرته، واتصل به الشيخ علي محمد الضباع، شيخ عموم المقارئ المصرية آنذاك، واستعان به في تحقيقات القراءات العشر الكبرى، وكان – رحمه الله - حجة في رسم المصحف، شغل الشيخ بالإقراء أيامه كلها، فلم يجد وقتاً للتصنيف ولكن الله سبحانه يسر له أن يترك بعض الآثار العلمية في فن القراءات (1) حتى تكون باعثاً لمن يطالعها أن يدعو له بالمغفرة.
وقد شارك - رحمه الله - في تصحيح ومراجعة كثير من المصاحف، وحين أنشئ معهد القراءات التابع لكلية اللغة العربية بالأزهر كان على رأس مشايخه وأساتذته فتخرجت - على يديه - هذه الأجيال الكريمة من خدمة كتاب الله والعارفين بعلومه وقراءاته في مصر وفي خارجها. وتلامذة الشيخ كثيرون ممن قرؤوا عليه العشر الكبرى (الطيبة) منهم المشايخ: محمد الصادق قمحاوي، ومحمد سالم محيسن، وعبد الرؤوف سالم، وعبد المتعال منصور عرفة، وإبراهيم عطوة، وغالب عبد السلام، ومحمود سيبويه البدوي، ورزق خليل حبة، وعبد الفتاح السيد المرصفي، وعبد الحكيم عبد السلام خاطر، وغيرهم.
توفي رحمه الله مساء الخميس الخامس من شوال سنة ثمان وأربعمائة وألف من الهجرة.
__________
(1) منها: فتح القدير شرح تنقيح التحرير في القراءات العشر وكتاب كيف يتلى القرآن وتحقيق كتاب لطائف الإشارات لفنون القراءات للقسطلاني بالاشتراك مع د. عبد الصبور شاهين.
مقال للعلامة الدكتور/ محمود محمد الطناحي*
بجريدة المدينة العدد 7726
في 9 /11 /1408 ه
____________________
* للعلامة الطناحي مقال طويل في التعريف بهذا العلم الكبير "الشيخ عامر عثمان" نشر في مارس 1993، بمجلة "الهلال" تحت عنوان: "إقراء القرآن بمصر" وقد طبع ضمن مقالات الدكتور الطناحي (1/ 235 - 246).
*****
«عامر السيد عثمان»
ت 1408 هـ (1)
ولد «عامر السيد عثمان» ببلده «ملامس» مركز منيا القمح محافظة الشرقية بالديار المصرية، وذلك في سنة عشر من شهر مايو سنة ألف بعد التسعمائة ميلادية.
حفظ «شيخي» القرآن الكريم منذ باكورة حياته ببلدة «ملامس» على خيره العلماء وهو: الشيخ عطيّة بن سلامة.
كما تلقى «شيخي» القراءات القرآنية، وعلوم القرآن على خيرة علماء عصره مثل: الشيخ «عبد الرحمن سبيع» إلا أن الشيخ «عبد الرحمن سبيع» انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يتم شيخي «عامر السيد عثمان» القراءات القرآنية.
فالتقى بعلامة عصره الشيخ «همام قطب» فأخذ عنه القراءات العشر الصغرى بمضمّن: الشاطبية، والدرّة ثم طلب شيخي المزيد من القراءات، وعلوم القرآن، فالتقى بعلامة عصره الشيخ «إبراهيم البناسي» فأخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة.
ثم رحل شيخي «عامر السيد عثمان» إلى القاهرة فالتقى بالشيخ «علي سبيع» شيخ القراء، فقرأ عليه القراءات من أول القرآن الكريم إلى قوله تعالى:
وَقالَ ارْكَبُوا فِيها (2) ثم توفي الشيخ «علي سبيع» إلى رحمة الله.
بعد ذلك تفرغ «عامر السيد عثمان» لتحفيظ القرآن الكريم والقراءات القرآنية، وأقبل عليه الكثيرون من الطلاب ثم ذاع صيته في جميع الأرجاء واحتل [ص: 335] مكانة سامية نظرا لعلمه وأمانته ودقته وشدّة تفانيه في أن يكون طلابه على أحسن ما يكون عليه طلاب القرآن جودة، وإتقانا.
بعد ذلك عرف «عامر السيد عثمان» لدى الخاص والعام فتم تعيينه رسميا من قبل مشيخة المقارئ المصرية قارئا بمسجد السلطان الحنفي، ثم نقل بعد ذلك إلى أن يكون شيخا إلى مقرأة الإمام الشافعي رحمه الله.
بعد ذلك أصبح «لعامر السيد عثمان» المكانة المرموقة والشهرة الطيبة الكريمة، وأصبحت الأضواء كلها مسلطة عليه، وأصبح وكأنه القارئ الذي لا يتقدم عليه أحد نظرا لإلمامه وحفظه لجميع القراءات والروايات الصحيحة التي نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
بعد ذلك أخذ «عامر السيد عثمان» يشغل الكثير من المناصب الهامة المتصلة بالقرآن الكريم وعلوم القرآن. فعيّن أستاذا بالأزهر لتعليم الطلاب القراءات القرآنية،
وتجويده، ورسمه، وضبطه، وعدّ آية.
كما وقع الاختيار عليه من قبل مشيخة الازهر ليكون عضوا بلجنة تصحيح المصاحف، ومراجعتها بالأزهر. ثم اختير ليكون عضوا ضمن اللجنة العلمية التي تختار القراء بالإذاعة المصرية.
وفي نهاية المطاف عين «عامر السيد عثمان» شيخا لعموم القراء، والمقارئ، بالقاهرة.
وقد تتلمذ على «عامر السيد عثمان» عدد كثير بلغ الآلاف وفي مقدمتهم:
«محمد سالم محيسن» مؤلف هذا الكتاب.
وقد تلقيت عليه ولله الحمد والشكر جميع القراءات التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونقلت إلينا بطريق التواتر، وقد قرأت عليه ختمتين كاملتين [ص: 336] للقرآن الكريم مشافهة حرفا حرفا، وكلمة كلمة من أول القرآن الكريم إلى آخره، وذلك بالأزهر بالقاهرة: وكانت الختمة الاولى بالقراءات العشر الصغرى، بمضمّن: الشاطبية للإمام الشاطبي، والدرّة، للإمام «ابن الجزري». وكانت الختمة الثانية بالقراءات العشر الكبرى بمضمن طيّبة النشر للإمام «ابن الجزري» أيضا.
ومن الذين أخذوا القراءات القرآنية على «عامر السيد عثمان» عبد المتعال منصور عرفة، ورزق خليل حبّة، ومحمد عبد المتعال الشرقي، وإبراهيم عطوة عوض، وغير ذلك كثير.
واستمر «عامر السيد عثمان» يعلم القرآن الكريم والقراءات القرآنية حتى انتقاله الى رحمة ربّه الكريم.
ونظرا لمكانته السامية، وشهرته العلمية في جميع أنحاء العالم الإسلامي فقد تم اختياره ليقوم بتصحيح ومراجعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية بمجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المفدى حفظه الله لطباعة القرآن الكريم بالمدينة المنورة كما يقوم «عامر السيد عثمان» بالإشراف على تسجيل القرآن الكريم لحفاظ القرآن الكريم وفي مقدمتهم الدكتور/ علي الحذيفي الأستاذ بالجامعة الإسلامية، وإمام المسجد النبوي الشريف، وأحد المدرسين به.
كما انتدب «عامر السيد عثمان» إلى بعض البلاد الإسلامية للإشراف على مسابقات القرآن الكريم، وليكون عضوا ضمن لجنة التحكيم، من هذه البلاد: «اندونسيا».
ومع أن وقت «عامر السيد عثمان» كان مبذولا في تعليم القرآن، فقد رأيته يستمع إلى بعض طلابه، وهو يسير معهم في الطريق ينتقل من مكان إلى مكان ليكون في حلقات درسه، لأن الحلقات التي كان يعقدها يوميا متعددة، وفي أماكن متفرقة. [ص: 337]
مع كثرة هذه المشاعل إلّا أن «عامر السيد عثمان» زود المكتبة الإسلامية ببعض مؤلفاته المفيدة منها:
- كتاب: كيف يتلى القرآن الكريم.
- وكتاب: فتح القدير شرح تنقيح التحرير.
وهذا الكتاب يعتبر فريدا في نوعه حيث عالج موضوعا علميا هامّا إلا وهو بيان الصحيح من وجوه القراءات التي وقع فيها الخلاف بين طرق الروايات، وإيضاح الممنوع من هذه الوجوه وتوضيح المقيدات، وبيان ما يترتب على تحرير الطرق والروايات.
توفي بالمدينة المنورة يوم الجمعة الخامس من شوال سنة 1408 هـ أسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يسكنه فسيح جنانه إنه سميع مجيب.
__________
(1) هذه ترجمة شيخى الذي تلقيت عليه القراءات وقد ذكرتها هنا ضمن هذه التراجم وفاء له.
(2) سورة هود الآية 41
معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ
محمد محمد محمد سالم محيسن
(1/ 334 - 337)